محمد المهدي بن الناصر، أحد رواد الإصلاح بتونس في النصف الأول من القرن العشرين.
توفي في مثل هذا اليوم 17 جويلية من سنة : 1967 – محمد المهدي بن الناصر، أحد رواد الإصلاح بتونس في النصف الأول من القرن العشرين.
– محمد المهدي بن الناصر : ولد سنة 1897 – توفي في 17 جويلية 1967، (70 سنة).
– ولد ببلدة سيدي علي بن عون في ولاية سيدي بوزيد الحالية، ونشأ في مدينة قفصة حيث كان والده الحاج عبد اللّ بن الناصر الهمّامي قاضيا شرعيّا.
– زاول دراسته بالمدرسة الفرنسيّة العربيّة بڤفصة، إلى أن أحرز الشهادة الابتدائية. ثم تحوّل إلى مدينة تونس حيث التحق بجامع الزيتونة في أواخر نوفمبر 1913، وانتقل بنجاح من رتبة إلى رتبة إلى أن نجح في آخر المطاف في شهادة التطويع في سبتمبر 1920.
– وإلى جانب دراسته بالجامع الأعظم تابع محمد المهدي بن الناصر دروس الحقوق التونسيّة، وهو ما مكّنه من اجتياز مناظرة الحاكمّية بنجاح في سنة 1921.
– عيّن في أوّل الأمر قاضي تحقيق لدى المجلس العدلي بقابس من 1921 إلى 1926، ثم نقل في الخطّة نفسها إلى المجلس العدلي بالكاف.
– وفي سنة 1928 استقال من القضاء ليتفرّغ للمحاماة بصفة وكيل لدى المحاكم التونسيّة بالعاصمة. وقد اضطلع بمهامّه بكلّ كفاية وإخلاص إلى أن توفّي في 17 جويلية 1967.
– انضمّ محمد المهدي بن الناصر إلى جمعيّة “الوكلاء” (أي المحامين) التونسيّين لدى المحاكم التونسيّة منذ إنشائها في سنة 1929، وانتخب عضوا بهيأتها في السنة القضائية 1936-1937، وقد كان على رأسها عهدئذ عبد الرحمان الكعّاك (رئيس الجمعية الخلدونيّة).
– كما عرف، بالاضافة إلى نشاطه في حقل المحاماة، بانتمائه إلى عدد من المنظّمات الاجتماعية والنقابيّة والسياسيّة، إذ كان من المؤسّسين لجمعيّة مقاومة الأُميّة ونشر التعليم بين العروش القبليّة التي استهلّت نشاطها في شهر جوان 1949 برئاسة القايد المعروف نصر بن سعيد. وتولّى محمد المهدي بن الناصر أمانتها العامّة طوال عدّة سنوات وأسهم إسهامًا فعّالا في نجاحها وإشعاعها.
– ومن المعروف عنه أنّه كان من المناضلين في صفوف الحزب الحرّ الدستوري التونسي، كما أسهم في سنة 1950 في تأسيس الاتحاد العام للفلاحة التونسيّة، وكان أحد قادته البارزين.
– لكنّه اشتهر بالخصوص لدى الأوساط الثقافية بنشاطه في الميدان الصحفي، لا سيّما إثر الحرب العالميّة الثانية، حين سخّر قلمه للدفاع عن القضيّة التونسيّة بوجه خاصّ، وقضايا المغرب العربي بوجه عام. فأسهم في تحرير عدد كثير من الصحف والدوريّات التونسية، خاصّة منها الناطقة بلسان الحزب الدستوري الجديد (الديوان السياسي) أو القريبة منه، رغم أنه كان لا يعترف بانقسام الحزب الحرّ الدستوري التونسي إلى شقّين : “قديم” و”جديد”، بل كان يقرّ بوجود حزب وطني وحيد، هو “حزب الأمّة العتيد”، على حدّ تعبيره.
– نشر فصوله ودراساته وبحوثه بالخصوص في الصحف الموالية للديوان السياسي، وهي:
* الزهرة (يوميّة) : 1950-1951.
* الحريّة (أسبوعيّة لسان حال الحزب الدستوري الجديد) منذ صدورها في 28 فيفري 1948 إلى احتجابها في آخر مارس 1951.
* لواء الحريّة، التي عوّضت الحريّة، منذ ظهورها في أوّل أفريل 1951 إلى تعطيلها في 18 جانفي 1952 إثر اندلاع المعركة التحريريّة الحاسمة.
* الزيتونة: سنة 1954.
– كما أسهم أيضا في تحرير صحف أخرى غير تابعة أو موالية للحزب الدستوري الجديد، مثل:
* النهضة (يوميّة مستقلّة لصاحبها الشاذلي القسطلّي) سنة 1944.
* لسان العرب (أسبوعيّة لصاحبها عبد العزيز الشابّي المحامي) : 1947-1948.
* البلاغ (أسبوعيّة لصاحبها عثمان القيطوني) سنة 1954.
* الأرض (لسان حال الاتحاد العام للفلاحة التونسية) سنة 1956.
* الاصلاح (أسبوعيّة كانت تصدر بالجزائر) سنة 1947.
– عالج محمد المهدي بن الناصر في مقالاته وبحوثه المنشورة في الصحف المشار إليها عدّة قضايا تتعلّق بالقضية التونسيّة، وقضايا المغرب العربي، والوحدة العربيّة، ومقاومة الاستعمار والصهيو*نيّة، والمطالبة باستقلال الشعوب المولّى عليها.
– كما نادى بالنهوض بالاقتصاد الوطني وبالخصوص بالفلاحة التونسيّة وطالب بالاصلاح الزراعي والعقاري وتطوير نظام الأراضي الجماعيّة القبلية، ونشر التعليم بالأرياف والبوادي ومقاومة الأميّة وإصلاح التعليم الزيتوني وتجديد طرق التعليم بوجه عام.
– وقد عدّه الشيخ محمد الفاضل بن عاشور من الكتّاب التونسيّين الستّة الذين “سمَا فنّ المقال السياسي على مطايا أقلامهم”، وهم : سليمان الجادوي، محمد بن الحسين، أحمد توفيق المدني، محمد المنصف المنستيري، محمد محيي الدين القليبي، ومحمد المهدي بن الناصر.
– كان محمد المهدي بن الناصر غزير الانتاج في المجال الصحفي، بحيث يصعب على الباحث جمع كلّ ما نشر من فصول ومقالات ودراسات على صفحات الصحف والمجلاّت والدوريات طوال حياته وإحصاؤها. ومع ذلك فقد جُمع ما أمكن جمعه من إنتاجه المتناثر في الصحف، ونشر في كتاب مستقلّ يحمل عنوان : “فصول ومقالات صحفيّة”. تونس، 1998.
# أسامة الراعي #
متحصل على :
شهادة الأستاذية في التاريخ.