الجنرال حسين، عسكري وإصلاحي وسياسي تونسي من أصل شركسي.

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

توفي في مثل هذا اليوم 17 جويلية من سنة : 1887 – الجنرال حسين، عسكري وإصلاحي وسياسي تونسي من أصل شركسي.

– الجنرال حسين : ولد سنة 1828 – توفي في 17 جويلية 1887، (59 سنة).
– لا يعرف له نسب إلا اسمه. كل ما نعلم أنه مملوك شركسي بِيعَ صغيرا في أسواق الرقيق بإسطنبول لمبعوث حسين بن علي (1824-1835) الذي جلبه إلى البلاط الحُسيني وسنّه دون العشر سنين.
– اصطفاه حسين باي وأدخله الكتّاب الخاص لمزاولة القراءة والكتابة ومبادئ علوم الدين؛ ثم التحق بمدرسة باردو التي أسّسها المشير أحمد باي سنة 1840 حيث تعرّف إلى الشيخ سالم بوحاجب وتتلمذ له.
– وتعلّم أيضا اللّغة الفرنسية لغة التّدريس والمعارف العسكريّة، ودرس مبادئ الحساب والجغرافيا وسائر العلوم المطلوبة للتّكوين العسكري.

– ظهرت مبكّرا نجابته وبرز على أصحابه وخاصّة في تحصيل اللّغات والاغتراف من مناهل الأدب. وكان لقاؤه بالشيخ قابادو في تلك المدرسة قد دفعه إلى تعريب الكتب التي كانت تدرس بالفرنسية وساعده على ذلك القائم مقام لويجي كاليڤاريس (Luigi Calligaris) الايطالي ومدير مدرسة باردو العسكرية فتكفّل الملازم حسين بتعريب كتاب في أصول الحرب بمساعدة زميلين من زملائه، قدّم له قابادو وصحّح تراكيبه وانتقى عباراته.

– التحق بعد ذلك بالجيش وتدرّج في الرّتب العسكرية فصار أميرآلاي في عهد أحمد باي، ثمّ تدرّج إلى رتبة أمير لواء في عهد محمد باي وتوطّدت صلته بخير الدّين التونسي الذي رُقّي أمير لواء الخيّالة (جنرال) سنة 1852. وصحبه في مهمّة المتابعة لقضيّة ابن عيّاد في فرنسا ومكث بالخارج زهاء خمس سنوات. فخبر الحياة الأوروبية وتعمّقت معرفته المباشرة بالمَدَنيّة الغربيّة وتفتّقت مواهبه الاصلاحيّة.

– يعدّ الجنرال حسين رجل الاصلاح التحديثي الثّاني بعد خير الدّين إذ تولّى مناصب حكوميّة مهمّة. تميّز بثقافته الواسعة حيث كان القناصل الأجانب يسمونه “الفيلسوف”، كما تميز بذكائه ودبلوماسيته واتّساع معارفه في المهام التي أوكلت إليه.

– عُيّن أول رئيس مجلس بلدي في تونس سنة 1858. وعندما منح الصّادق باي امتيازا للانجليزي “ريشارد هولت” لإنشاء المطبعة الرسمية وجريدة “الرائد التونسي”، نصّ الاتفاق المؤرّخ في 6 جانفي 1860 على أن يشرف رئيس المجلس البلدي على تأسيس المطبعة الرسمية وإصدار أوّل جريدة عربية في تونس. ولم تكن هذه المهمّة سهلة إذ كان على الجنرال أن يراعي في إصدار هذه الجريدة الحساسيات السّياسية الدّاخلية والخارجيّة وألاّ يُدخل تونس بهذه الجريدة في متاهات المطامع الأجنبية وألاّ يجعل منها مرآة للصّراعات السّياسيّة.
– وكان ريشارد هولت قد بدأ بالفعل في إصدار جريدة بالايطالية أثارت بعض الحساسيات فعمل الجنرال حسين على انتزاع الامتياز منه حتى تصبح الجريدة تونسيّة تخضع للاشراف الكلّي للدّولة التّونسية.

– وواجه الجنرال حسين بالخصوص المشكلات المالية في تسيير المطبعة والجريدة، وضحّى بأمواله الخاصّة في سبيل تسديد الدّيون المتخلّدة والمتعلّقة بجلب حروف الطّباعة العربية ولانشاء محلّ خاصّ بهذه المطبعة، كما بذل جهدا كبيرا لتوفير وسائل التّمويل اللاّزمة للجريدة ففرض على أعوان الدّولة الاشتراك في “الرائد” إلاّ أنّ أغلب المشتركين لم يكونوا دائما أوفياء لتعهّداتهم. واهتمّ أيضا بمحتوى الجريدة فسعى إلى تجنيد نخبة من المثقّفين التّونسيين للاسهام في إنجاز الجريدة. وكان أستاذه في المدرسة الحربية بباردو الشيخ محمود قابادو كاتب أوّل افتتاحية ب “الرّائد” في العدد الأوّل الصّادر يوم 22 جويلية 1860 خصّصها لابراز أهمّية الطّباعة والصّحف في رقيّ الأمم.

– وأسهم الجنرال حسين أيضا في التّحرير. فكتب أوّل تحقيق (Reportage) في الصّحافة التّونسية، تعلّق بمرافقته سنة 1860 محمّد الصادق باي إلى الجزائر لملاقاة نابليون الثّالث. وأعدّ وصفا دقيقا لمختلف أطوار تلك الرّحلة أرسله إلى صديقه خير الدّين ونشرته جريدة “الرائد” في صفحتين ونصف بتاريخ 4 أكتوبر 1860 (العدد الثامن – السنة الأولى).

– كما اعترضت الجنرال حسين مشكلة دقيقة تتعلّق بموقف الجريدة من انتفاضة علي بن غذاهم سنة 1864. فكان نشر أخبار تلك الانتفاضة دليلا على موضوعيته في تحرير “الرّائد” ولكنّه أثار حساسيات سياسيّة داخلية وخارجية كبيرة.

– وإثر فشل انتفاضة 1864، أُبعد الجنرال حسين. فاغتنم الفرصة لزيارة عدّة أقطار أجنبيّة منها ألمانيا، السويد، الدانمارك، بلجيكا، هولاندا، فرنسا، إيطاليا، انقلترا، الاستانة، الجزائر، المغرب الأقصى، إسبانيا، روسيا، النّمسا، الولايات المتحدة الأمريكية، مصر والحجاز.

– ولم يتولّ حسين منصبا حكوميا إلاّ بعد سقوط خزنه دار وتولّى خير الدين الوزارة الكبرى سنة 1873، فأوكلت إليه مهمّات التّعليم والأشغال العامّة، وصار يلقّب بوزير “المعارف”. وبمقتضى خطّته الجديدة أشرف سياسيا على الاصلاحات التعليمية مثل إصلاح التعليم الزّيتوني وتأسيس المدرسة الصّادقية.

– وبعد سقوط وزارة خير الدين (1878)، اضطرّ الجنرال حسين إلى الاغتراب والاستقرار في إيطاليا. ورافقه في هجرته شيخه وصديقه سالم بوحاجب فاتّخذه كاتبا ورفيقا كما ارتبط بأبناء الشّيخ، لا سيما منهم عمر بوحاجب، بعلاقات صداقة متينة فأوصاه برعاية ابنته عندما داهمه المرض في جويلية 1887 بمدينة فلورانس حيث توفّي.

– وقد قضّى حسين سنواته الأخيرة في ضيق مادي. فقد غدر به وكيل أملاكه في تونس بتأثير من الوزير الأكبر مصطفى بن اسماعيل ثم حكومة الحماية. فاضطرّ إلى التّداين من أحد المرابين الايطاليين معترفا له بدين قيمته خمسة وأربعون ألف فرنك اقتطعت من تركته بعد وفاته في سنة 1887، حسب الوثائق التّونسية. وقد تدخّل صديقه خير الدّين لدى السّلط العثمانية لنقل جثمانه إلى إسطنبول حيث دفن.

– من آثاره :

* تحقيق صحفي عن زيارة الصّادق باي للجزائر لملاقاة الامبراطور نابليون الثالث، صدر ب”الرائد”، العدد الثّامن، السّنة الأولى.

* رسالة في عتق العبيد حرّرها سنة 1862 جوابا على سؤال وجّهه القنصل الأمريكي بتونس ونشرته “الجوائب” سنة 1877 وأعيد نشره في “كنز الرغائب” الجزء السادس.

* تعليق سياسي على الأوضاع العامّة بتونس وهو تفسير رسمي لانتفاضة 1864، صدر بالرائد التونسي عدد24 / 5 بتاريخ 24 رجب 1280 / 24 ديسمبر 1864 ونقلته عنها “الجوائب”.

* تقرير عن التّعليم بجامع الزّيتونة سنة 1871 نشر في جريدة “الرائد”.

* حسم الإلداد في نازلة بن عياد، وهو تعريب للكتاب الفرنسي بتصرّف. طبع في الاسكندرية، سنة 1875، كما حقّقه فتحي القاسمي والشيباني بن بلغيث وصدر بتونس سنة 2002.

* القسطاس المستقيم في اختلال الحكم بنفي جنسية القائد نسيم. طبع في المطبعة الرسمية، تونس، 1878.

# أسامة الراعي #

Loading

أسامة الراعي

متحصل على : شهادة الأستاذية في التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *