أشغال المدرسة الصيفية حول الصحة النفسية والعقلية تتواصل لتطوير قدرات الإطارات الطبية والشبه طبية الأطباء في القطاعين العام والخاص لتعزيز توفّر خدمات الصحة النفسية في الخط الأول
تتواصل أشغال المدرسة الصيفية حول الصحة النفسية والعقلية التي تنظمها وزارة الصحة، بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية بتونس وسفارة اليابان ومعهد نبراس والجمعية التونسية للطب العام والأسرة، من 18 إلى 24 جويلية الجاري بياسمين الحمامات لفائدة أكثر من 400 طبيب و ممرض و إطار شبه طبي و تهدف المدرسة الصيفية إلى تطوير قدرات الأطباء والممرضين والمساعدين الطبيين في القطاعين العام والخاص لتعزيز توفّر خدمات الصحة النفسية في خدمات الخط الأول. وتمثّل الغاية من هذه المبادرة في المساعدة على تقليل الفجوة في الوصول إلى الرعاية الصحية النفسية
والعقلية في جميع أنحاء البلاد وذلك بإتاحة إمكانية الحصول على الرعاية ل 15000 نسمة
ولقد كان إطلاق البرنامج برعاية كل من وزير الصحة ، و ممثل منظمة الصحة العالمية بتونس
وسفير اليابان بتونس كما كان إنطلاق الورشات مع فرق طبية وشبه طبية من ولايات قفصة و توزر و مدنين و قبلي وقابس و تطاوين و اطارات وزارة الصحة و الصندوق الوطني للتأمين على المرض و إدارة الرعاية الصحية الأساسية وتتوالى مشاركة فرق بقية الجهات خلال هذه الأيام إذ تشارك حاليا فرق طبية و شبه طبية من ولايات القيروان و القصرين و سيدي بوزيد و سوسة و المنستير و المهدية و بنزرت و تونس و منوبة و اريانة و بن عروس و نابل و زغوان و اطارات إدارة الرعاية الصحية الأساسية و إدارة الطب المدرسي و الجامعي.
خدمات الصحة النفسية في الهياكل المختصة في تونس:
توفّر خدمات الصحة النفسية في الهياكل المختصة، مقابل عدم توفّرها في مراكز الصحة الأساسية . وهو ما يدعو ضرورة إلى تعزيز العمل على تلبية الاحتياجات الصحية للسكان الذين يعانون من مشاكل مرتبطة بالصحة النفسية.كذلك عدم كفاية عدد أخصائيي الصحة النفسية حيث يبلغ عدد الأطباء النفسيين في تونس 338 (بنسبة 2,9 طبيب نفسي لكل 100000 نسمة)، في حين توصي منظمة الصحة العالمية بـ 10 أطباء نفسيين لكل 100000 نسمة.إضافة إلى تركيز نظام رعاية صحية من الدرجة الأولى يغطي مختلف جهات الجمهوريّة بالاعتماد على الهياكل الطبية وشبه الطبية من أطباء وممرضات ومساعدين الطبيين.
مبادرة المدرسة الصيفية:
يتمّ خلال هذه الدورة العمل على بناء القدرات وتعزيز المهارات لفريق متعدد التخصصات (الأطباء
والممرضات و المساعدين الطبيين) من أجل تيسير إتاحة الخدمات الصحية النفسية وتوفير الرعاية في جميع أنحاء البلاد، مع تلبية الاحتياجات في الخطوط الأمامية، لاسيّما في ظل جائحة كورونا، حيث وجب الترصد المبكر للمرضى، وإجراء تشخيص لتجنّب تسجيل مضاعفات لدى المرضى المعنيين.
هذا ويستند التدريب على دليل منظمة الصحة العالمية mhGAP (برنامج العمل العالمي للصحة النفسية)،والذي يركز على الأمراض الأكثر شيوعًا وتلك الناتجة حاليًا عن فيروس كورونا.
الصحة النفسية في العالم اليوم:
وبإعتبارا أن الصحة النفسية هي المحور الأساسي لموضوع المدرسة الصيفية في دورتها الحالية فمن المفيد الإشارة إلى أن الصحة النفسية تعني سلامة الحالة العقلية للأفراد، أي القدرة على التصرف الطبيعي في المجتمع وفي وقائع الحياة اليومية، والصحة العقلية تشمل الصحة النفسية والصحة النفسية تشمل الصحة العقلية ومن الصعب الفصل بينهما.كما أن هنالك علاقة تكاملية وتبادلية بين الصحة الجسدية والصحة النفسية، ولهذا كانت الحكمة تقول: العقل السليم في الجسم السليم،
فالصحة النفسية الجيدة تدعم تكوين علاقات اجتماعية جيدة، كما تتيح للشخص خيارات جيدة للحياة مما يساعده على التعامل الفعال مع تقلبات الحياة. وهو الأمر الذي يدعم ويصون جهازه المناعي الذي يمثل الحارس الأمين على الصحة الجسدية والنفسية.
ثم ان مفهوم الصحة النفسية يتداخل مع مفاهيم عديدة منها: الصحة العقلية، الصحة السلوكية، وسايكولوجيا الصحة ( Psycologyof Health) و هو يعد سايكولوجيا الصحة المفهوم الأحدث في دراسة الأبعاد النفسية للصحة و هو يعني بالعمليات النفسية و السلوكية المتصلة بالصحة و المرض و الرعاية الصحية، و كيفية مساهمة العوامل النفسية و السلوكية المتصلة في الصحة و المرض البدني أو الجسدي.
ضرورة تلبية الاحتياجات الصحية للسكان الذين يعانون من مشاكل مرتبطة بالصحة النفسية :
و تقدم منظمة الصحة العالمية تعريفا حديثا للصحة العقلية بأنها الحالة التي يتحقق فيها الشخص من قدراته العقلية و يمكنه التأقلم مع عوائق و عثرات الحياة اليومية وإمكانية القيام بالعمل المنتج و المهام الإيجابية في مجموعة.إذن، فإن العمل على تلبية الاحتياجات الصحية للسكان الذين يعانون من مشاكل مرتبطة بالصحة النفسية أمر ضروري.
وقد دعت منظمة الصحة العالمية في التقرير العالمي عن الصحة النفسية لسنة 2022 إلى إحداث تحول في الصحة النفسية لصالح الجميع وفي كل مكان. فالإحتياجات شديدة في مجال الصحة النفسية، ولكن الاستجابات غير كافية. إذ تنتشر اعتلالات الصحة النفسية انتشارا ًكبيراً في جميع البلدان. ويتعايش شخص واحد تقريباً من كل ثمانية أشخاص في العالم مع اضطراب نفسي ما.
وفي تونس، تتوفر خدمات الصحة النفسية في الهياكل المختصة. لكنها غير متوفرة في مراكز الصحة الأساسية . ويختلف انتشار الاضطرابات النفسية باختلاف النوع الإجتماعي والعمر. وتشكل إضطرابات القلق و الاضطرابات الاكتئابية أكثر ً الإضطرابات شيوعا لدى الذكور والإناث على حد سواء ؛ وبالإضافة إلى انتشار اعتلالات الصحة النفسية وتكلفتها الباهظة، فهي لا تحظى أيضا إلى حد بعيد بالخدمات الكافية. فحسب التقرير العالمي عن الصحة النفسية لمنظمة الصحة النفسية لسنة 2022، ترصد البلدان، في المتوسط، أقل من 2 ٪من ميزانيات الرعاية الصحية للصحة النفسية. ويعيش حوالي نصف سكان العالم في بلدان لا يوجد فيها سوى طبيب نفسي واحد لخدمة 000 200 شخص أو أكثر
تنامي الضغط النفسي على المدى القصير والطويل يؤدي إلى الإضرار بالصحة النفسية :
وحسب التقرير العالمي عن الصحة النفسية لمنظمة الصحة النفسية لسنة 2022، تسجّل الأمراض النفسيّة انتشارا كبيراً في جميع البلدان. حيث يعاني شخص واحد تقريباً على كل ثمانية أشخاص في العالم من اضطراب نفسي ما.ويذكر انّ انتشار الاضطرابات النفسية تتفاوت حسب الجنس والعمر. كما تشكل أمراض القلق والاكتئاب أكثرها شيوعا وذلك لدى الذكور والإناث على حد سواء.
ويؤثّر الانتحار على الأشخاص وأسرهم في جميع البلدان والظروف وكل الاعمار. فعلى الصعيد العالمي، قد تحدث 20 محاولة انتحار لكل حالة وفاة واحدة، ومع ذلك يمثل الإنتحار أكثر من حالة واحدة من كل 100حالة وفاة. ويشكل أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في صفوف الشباب.
وترتبت على جائحة كوفيد-19 انعكاسات عديدة من بينها حدوث أزمة عالمية على مستوى الصحة النفسية،حيث أدى تنامي الضغط النفسي على المدى القصير والطويل إلى الإضرار بالصحة النفسية لملايين الأشخاص. وعلى سبيل المثال، تشير التقديرات إلى ارتفاع نسبة كل من القلق والإكتئاب بأكثر من 25 خلال السّنة الأولى من الجائحة. كما سجّلت خدمات الصحة النفسية في الوقت نفسه،
اضطرابات مع تزايد العجز في تقديم الخدمات والعلاج.