محمد عطية : أحد رواد إصلاح التعليم في تونس.
مواليد هذا اليوم 3 نوفمبر سنة : 1903 – محمد عطية، أحد رُوّاد إصلاح التعليم في تونس.
- محمد عطية : ولد في 3 نوفمبر 1903 – توفي في 19 ماي 1987، (84 سنة).
- ولد بمدينة سوسة حيث أحرز الشهادة الابتدائية، وانتقل بعد ذلك إلى تونس حيث التحق بالمدرسة الصادقية، حيث زاول دراسته الثانوية في هذه المدرسة العريقة مدة ستّ سنوات إلى أن حصل على دبلوم الصادقية والجزء الأوّل من شهادة الباكالوريا. ثم انتقل إلى معهد كارنو حيث أنهى دراسته الثانويّة بتفوق ونال الجزء الثاني من الباكالوريا. تحوّل بعد ذلك إلى باريس حيث زاول دراسته العليا في كلية الآداب التابعة لجامعة السوربون إلى أن أحرز الإجازة في الآداب واللّغة العربية. ونجح في مناظرة التبريز بامتياز في جوان سنة 1932، فكان بهذا النجاح أوّل تونسي يحصل على هذه الدرجة، وفتح باب التبريز في وجه مواطنيه ابتداء من ذلك التاريخ.
- ولما رجع محمد عطيّة إلى تونس عيّنته إدارة العلوم والمعارف أستاذا بالمدرسة الصادقية.
- لم يلبث إلا قليلا حتّى عيّن سنة 1934 مديرا مساعدا للمدرسة الصادقية إثر إحالة مديرها على التقاعد، في حين عُيّن موظف فرنسي مديرا للصادقية. وقد حاول العودة إلى المقصد الذي أراده لها مؤسسها “خير الدين”، وهي مهمّة صعبة للغاية في مثل تلك الفترة التي كانت فيها السلطة الفرنسيّة تسعى إلى فرنسة البلاد التونسية ومسخ ذاتيتها.
- ولمّا عيّن مدير الصادقية “قسطون” على رأس إدارة العلوم والمعارف في سنة 1944، قرّرت الحكومة الفرنسية المؤقتة بالجزائر تعيين محمد عطية مديرا للمدرسة الصادقية، وذلك لترضية التونسيين وتهدئة الخواطر بعد خلع المنصف باي، رغم معارضة الغُلاة من الاستعماريين لهذا التعيين. فواصل محمد عطية تطبيق برنامجه الرامي إلى الرّفع من شأن المدرسة وتطوير برامجها حتى تكون مواكبة لروح العصر مع الحفاظ على الأصالة العربية الإسلاميّة. فأضاف إلى برامج التعليم بالصادقية مواد جديدة مثل التاريخ التونسي والفلسفة الاسلاميّة واللغات اللاتينيّة واليونانيّة والألمانيّة، وأنشأ شُعبا جديدة، وأحدث سنة سابعة لاعداد تلامذة الصادقية للحصول على الجزء الثاني من الباكالوريا، بعد أن كانوا مجبرين على الانتقال إلى معهد كارنو لهذا الغرض. وشجّع الصادقيين على متابعة دراستهم العليا بفرنسا، فأسند إليهم منحا دراسية من ميزانية الصادقية وتدخّل لدى إدارة العلوم والمعارف لتمكينهم من قروض شرفية.
- ومن غيرته على الصادقية قام بإنشاء معهد تابع لها هو معهد خزندار الذي فتح أبوابه في أكتوبر 1951، وكان مخصّصا لتلامذة الصادقية المقيمين ونصف المقيمين والخارجيين القاطنين في الضواحي الغربية. وبذلك ازدادت طاقة الايواء في الأصل والفرع، وارتفع عدد التلامذة الصادقيين ارتفاعا ملحوظا.
- وقد يكون موقف محمّد عطية من وجوب ابتعاد التلامذة عن النشاط السياسي، سببا فيما تعرّض له إثر حصول تونس على الاستقلال الداخلي، إذ قررت الحكومة التونسية في أكتوبر 1955 إعفاءه من إدارة المدرسة الصادقية وأحيل على المحاكمة في 11 أوت 1958 بتهمة التواطئ مع المحتل واختلاس الأموال..! فقد انتظمت المحاكمة لغرض واحد، مقاضاته كعميل لسلطة الاحتلال، وهو الذي خضّد شوكة هذه السلطة على امتداد ثلاثين سنة، بما قام به من مقاومة في كلّ حين، فنقل الصراع مع المستعمر إلى ميدان التعليم، وبتكوين إطارات تونس المستقلّة في اللغتين العربيّة والفرنسيّة. ومع ذلك، واصلت السلطة ملاحقته من خلال أفراد أسرته الذين دعوا قسرا إلى دفع كراءٍ للدولة مقابل سكنى البيت الذي كان على ملكهم!”
- وقد صدر في شأنه حكم بخمس سنوات سجنا ومصادرة كلّ أملاكه وتجريده من الجنسيّة التونسية لمدّة 10 سنوات، قبل أن يصدر العفو التشريعي العام، وقرار
باسترجاع أملاكه، وهذا ما تمّ فعلا فيما بعد. - بعد خروجه من السجن تفرغ الأستاذ محمد عطية إلى الاهتمام بشؤونه الخاصة إلى أن توفي في 19 ماي 1987.
- أخيرا، تجدر الملاحظة أنّ مسيرة الأستاذ محمد عطية تؤكّد من دون شكّ نزاهته وتفانيه في خدمة القطاع التربوي، مثلما تثبت أنّ مظلمة صارخة لحقت بالرجل وبعائلته.
- منقول بتصرّف من :
- الموسوعة التونسية.
- مقال للأستاذ عبد الحفيظ الهرقام من مجلة ليدرز العربية (2015).
- كما اعتمدت على بعض المعلومات، أمدني بها والدي (رحمه الله) والذي واكب محاكمة الأستاذ محمد عطيّة في أوت 1958.
أسامة الراعي
متحصل على :
شهادة الأستاذية في التاريخ.