محمد البشروش، أديب تونسي.
– محمد البشروش : ولد في 21 أفريل 1911 – توفي في 20 نوفمبر 1944، (33 سنة).
– هو محمّد بن محمّد بن حمدة بن محمّد البشروش. ولد بدار شعبان، زاول تعلّمه بالكتّاب ثمّ بالمدرسة الفرنكو- عربيّة بمسقط رأسه، وحصل على الشّهادة الابتدائيّة سنة 1925 والتحق بجامع الزّيتونة بتونس. ولم يبق برحابه إلاّ سنتين ليدخل سنة 1927 مدرسة ترشيح المعلّمين. وتخرّج منها سنة 1930.
– انضمّ إلى سلك التّعليم الابتدائيّ متنقّلا من بلدة إلى أخرى إلى أن بلغ به المطاف مدينة حمّام الأنف حيث تغلّب عليه المرض، فنقل إلى مسقط رأسه وتوفّي يوم 20 نوفمبر 1944.
– كان محمد البشروش كاتبا موسوعيا فنظم الشعر وكتب القصة والمقال الصحفي والمقال النقدي وأرّخ للأدب التونسي ونقل الأدب الغربي إلى العربية، وكان رائدا من رواد القصة القصيرة في تونس.
– من أشهر قصص (محمد عبد الخالق) وهو الاسم المستعار الذي عرف به في الصحافة التونسية :” البرية” و”زوجة أحمد شرودة” و”علي العياري” و”من تكون هذه الساحرة” و” فنان”.
– ولكن قوّته كانت في النقد أكثر، كما كانت لرسائه مع الشابي ومحمد الحليوي إحدى العتبات المهمة لقراءة أدب المرحلة وخاصة أدب الشابي الذي كان متعلقا به ويجلّه كبير الاجلال حتى أن صديقهما الحليوي كان يتهمه بتقليد الشابي حتى في اكتئابه وتوجعه وحيرته الوجودية الدائمة.
– في جانفي سنة 1938 أطلق البشروش العدد الأول من مجلته “مباحث” وهي مجلة تُعنَى بالأدب والفن والتاريخ والفلسفة وكتب في عددها الأول نخبة المشهد الثقافي التونسي وأولهم أبوالقاسم الشابي الذي وقّع مقالته “الفن والنفس العربية”
– عرفت المجلة صعوبات كبيرة في البداية فتوقفت عن الصدور، الا ان البشروش بروحه “السيزيفية” أعاد اطلاقها سنة 1944 لتلتحق به نخبة جديدة من النقاد والمبدعين مثل محمود المسعدي والصادق مازيغ والرسام الشهير حاتم المكي. وهكذا تحولت المجلة من مشروع فردي يطغى عليه انتاج مؤسسها في نسختها الأولى إلى مشروع جامع يلتفّ حوله عدد كبير من المثقفين التونسيين (كما بيّن ذلك عبد الحميد سلامة في بحثه حول البشروش : “محمد البشروش حياته وآثاره”).
– ورحل محمد البشروش في نفس العام لتعيش المجلة سنوات بعده بادارة محمود المسعدي قبل أن يؤسس “مجلة الحياة الثقافية”.
– دعا محمد البشروش في جريدة “النهضة” سنة 1930 إلى انشاء أدب قومي تونسي خالص باسلوبه ومناخاته مقتديا بدعوة بعض النخبة المصريين لأدب قومي مصري. وقد لاقت تلك الدعوة هوى عند بعض الأدباء ورفضها البعض الآخر، لكن البشروش الذي عُرف بعناده تمسك بذلك الخيار واعتبره أحد أشكال المقاومة الحقيقية للمستعمر بابراز الخصوصية الثقافية للشعب التونسي، ومن أبرز من أيّده الشاعر محمد الحليوي. غير أن الفكرة اصطدمت بمعوقات كثيرة أكبرها اللغة واعتبر أن محاولة تمصيرها أو تونستها قد تؤذي الإسلام وقد تؤدي الى”القضاء على القرآن” وهنا دخلت النقاشات مرحلة السجالات حيث وقف الكاتب زيد العابدين السنوسي معارضا لهذه الفكرة ووصفها ب”الشعبوية”.
– وتمسك البشروش بحلم تونسة الادب وظل ينظر له ويعتبر أن التمسك بالأساليب القديمة اجرام في حق الأدب وأن على الأدب أن يكون ابن بيئته أسلوبا ومتنا. وانتصر بعد ذلك للكتابة بالعامية التي سبق أن كتب بها محمد العريبي وعلي الدوعاجي ووجدت عند جماعة تحت السور مناخا ملائما لترعرعها .
– لقد كان محمد البشروش عصبيّا وحاد الطباع وسريع الغضب يخاصم ويشن الحروب الأدبية على خصومه مؤمنا بأصدقائه المبدعين وخاصة الشابي الذي رفض البشروش كتابة مقدمة لديوانه الشهير “أغاني الحياة” على الرغم من الحاح الشابي على ذلك. فقد رأى البشروش انه سيكون أفضل للشابي أن يقدمه “أبو شادي” مؤمنا أن شعر الشابي تجربة فنية تستحق شخصية أهم منه لتقديمها. كان لموت الشابي أثر كبير على البشروش ورغم ذلك ظل يعرّف بتجربة صاحب “أغاني الحياة” حتى التحق به بعد سنوات قليلة.
# أسامة الراعي#