اختتام الملتقى الدراسي حول “الطفولة فاقدة للسند : من أجل رؤية جديدة للتعهّد والإدماج”، إنجاز منظومة معلوماتيّة لحوكمة التصرف في المؤسسات الرعائية
انّ لحظة اصلاح المنظومة الرعائية المؤسساتية للطفولة الفاقدة للسند قد دقّت وحان ميعادها وأنّ مسار إصلاح المراكز المندمجة للشباب والطفولة انطلق وفق مقاربة قائمة على المصلحة الفضلى للطفل والحوكمة الناجعة لمنظومة الرعاية ككلّ.ذلك ما أشارت إليه وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ، السيدة آمال بلحاج موسى أمس الأول ، لدى إفتتاحها الملتقى الدراسي حول الطفولة فاقدة للسند “من أجل رؤية جديدة للتعهّد والإدماج” .معتبرة أنّ عمليّة الإصلاح انطلقت بعد التّقييم الأوّليّ لعمل هذه المؤسّسات، مضيفة أنّ التقييم شمل مؤشرات النّتائج المدرسيّة ومدة إقامة الطّفل بالمؤسّسة والاندماج في المجتمع وانفتاح المؤسّسة على محيطها الخارجي وكفايات الإطار التّربوي والمختصّ إلى جانب البنيّة التّحتيّة للمؤسّسة والإطار القانونيّ المنظّم للفئة المستهدفة بالتّدخل، ناهيك ضرورة مراجعة خطّة المربّي الداخلي.
بدائل للرعاية المؤسّساتية من خلال مزيد التشجيع على الإيداع العائليّ للأطفال:
وأكّدت أنّ الايداع في مؤسّسات الرّعاية لا يمكن أن يكون إلاّ ملجأ أخيرا اقتضته مصلحته الفُضلى بعد استيفاء جميع الحلول الممكنة لإبقائه في وسطه الأسري الطّبيعي أو البديل، مبرزة أنّ الوزارة تعمل بالتوازي على إيجاد بدائل للرعاية المؤسّساتية من خلال مزيد التشجيع على الإيداع العائليّ للأطفال الفاقدين للسند وتعزيز الإطار البشريّ المختصّ داخل مؤسسات الرعاية، إلى جانب العمل وفق مقاربة تشاركيّة بين مؤسّسات الدّولة وهياكل المجتمع المدنيّ على حماية الأسرة من التّفكك من خلال البرامج الّتي تُعنى بالقضاء على العنف والتّمكين الاقتصاديّ للأسر وبرنامج الوالديّة الإيجابيّة والوساطة العائليّة.
حوكمة المراكز المندمجة للشباب و الطفولة و التعهد بالوضعيات الصعبة:
وقد توج الملتقى الدراسي حول الطفولة الفاقدة للسند الذي نظمته وزارة الأسرة و المرأة و الطفولة و كبار السن يومي 6 و 7 جوان 2023 تحت شعار من أجل رؤية جديدة للتعهد و الإدماج، بتقديم رؤية إصلاحية من أجل حوكمة المراكز المندمجة للشباب و الطفولة و التعهد بالوضعيات الصعبة مع تطوير مقاربة التعهد و الانفتاح على التجارب المشابهة من خلال تجربة الأم الحاضنة.
و قد جاءت التوصيات و المقترحات بعد الاستماع إلى عدة مداخلات تركزت على مختلف المراحل التي شهدتها التجارب السابقة وتقدمها من خلال مسيرة المراكز المندمجة أكثر من 65 سنة من الخدمات الموجهة للطفولة الفاقدة للسند و عرض الموازنات المخصصة للمراكز المندمجة النصيب الأوفر من من الاعتمادات و الموارد البشرية و دور مؤسسة مندوب حماية الطفولة و المراكز المندمجة واقع العلاقة و تطلعات المستقبل و البحث في بدائل الرعاية المؤسساتية من خلال إعطاء الأولوية للعائلة و تبقى المؤسسة الملاذ الأخير.
كما تم البحث عن حلول مستقبلية من أجل مراكز مندمجة مستدامة و صديقة للطفل و البيئة مع تقديم للرؤية الإصلاحية لبعض المراكز المندمجة و التعهد النفسي للأطفال بين اكراهات الواقع و رهانات الجودة كذلك ركز المشاركون في الندوة على العمل الداخلي بين الأداء الحالي و الاستجابة للحاجيات المتجددة للطفل.
و نظرا لأهمية هذا الملتقى و الذي يأتي في إطار الجهود المبذولة من طرف وزارة الأسرة و المرأة و الطفولة و كبار السن لإعطاء مزيد الرعاية و الإحاطة بمختلف مكونات المجتمع و خاصة حماية الطفل و تمكينه من فرص التربية في وسط يضمن له الحياة الكريمة.
فقد صدرت عديد التوصيات و المقترحات بالسعي إلى تفعيل مخرجات الملتقى من خلال برامج عمل هادفة تعتمد على أسس علمية و تقنية من ذلك تكوين لجنة فنية قيادية لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات والمخرجات و العمل على تنقيح الأوامر المنظمة لإحداث المراكز المندمجة بما يضمن تطوير الكفاءات و فتح الآفاق لضمان جودة الخدمات المسداة كذلك حوكمة رشيدة للامكانيات المادية و البشرية المتاحة بما يضمن الجودة و تعزز الإنتماء لدى الأطفال المكفولين مع ضرورة تشريك المجتمع في الرعاية البديلة.
المراهنة على خيار الإيداع العائلي للطفولة فاقدة السند والعمل على تحسين شروطه المادية:
وقد حرصت الوزيرة على متابعة ميدانية لهذا اللقاء وفتح حوار مباشر مع المشاركين والمشاركات وتقييم مختلف الأوضاع والإستماع للمتدخلين وحثهم على العمل والإبداع لإنجاح مهامهم لمزيد الإحاطة وتأطير الفئة الهشة بوضع برنامج تنفيذي لتخصيص مركز نموذجي أوّل من نوعه للتعهّد بالأطفال ذوي الوضعيّات الصعبة وتعزيزه بالإطارات المتمكّنة من آليّات التعامل مع الأطفال ذوي السلوكيّات المحفوفة بالمخاطر.وأكّدت الوزيرة المراهنة على خيار الإيداع العائلي للطفولة فاقدة السند والعمل على تحسين شروطه المادية.مشددة أن هذا الملتقى الدراسي خلص إلى مؤشرات تقييمية ومقترحات سيتم تعميق الاشتغال عليها خلال ورشات عمل قادمة بهدف ضبط الإجراءات والتدابير العمليّة التي سيتمّ إقرارها لتعزيز القدرات الوطنيّة في مجال رعاية الطفولة الفاقدة للسند وضبط الأولويّات في مجال حوكمة التصرف في شبكة المراكز المندمجة للشباب والطفولة ومزيد تجويد خدماتها لفائدة مكفولي الدولة وتحويل المراكز ذات النشاط المحدود إلى مؤسسات للطفولة والطفولة المبكّرة وللاستقبال والتوجيه حسب الحاجة على المستويات الجهويّة والاقليميّة.
ضرورة الارتقاء بقدرات العاملين بدور الرعاية وتدعيمها:
وبخصوص تجربة المربّي الداخلي بالمراكز المندمجة للشباب والطفولة أشارت إلى أنها تحتاج إلى المراجعة وأن هنالك حاجة ملحّة لاعتماد رؤية جديدة، معلنة عن إحداث لجنة تفكير تجمع مختلف الاختصاصات على غرار الطب النفسي و التربية المختصة والخبرات الضروريّة في المجال لدراسة ملامح خطة ملائمة لرعاية الأطفال فاقدي السند تضمن المصلحة الفضلى للطفل وتراعي تغيّر ملمح هذا الطفل واحتياجاته الناشئة وضرورة الارتقاء بقدرات العاملين بدور الرعاية وتدعيمها.
وشدّدت الوزيرة على ضرورة استكمال صياغة مشروع دليل الاجراءات في المراكز المندمجة للشباب والطفولة وإنجاز منظومة معلوماتيّة لحوكمة التصرف في هذه المؤسسات الرعائية.
وبالتالي فأنّ حوكمة المؤسسات المختصة تقتضي التّعهد بالأطفال في مؤسّسة تقدّم خدمات ذات جودة ومن إطارات مختصّة وتربويّة مؤهّلة وفي بنية تحتيّة تستجيب لتغير ملمح الطّفل وحاجيّاته وتقدّم أجود الخدمات للأطفال وتخصيص باقي المؤسّسات لتأمين خدمات الاستقبال والتّوجيه والتّعهد بالوضعيات الصّعبة والتي تتطلّب تدخّلا علاجيّا أحيانا
فـرص لأنشـطة تكوينيـّة وترفيهيـّة ذات طابـع ثقافــيّ ورياضيّ وفنّي وعلميّ لتحقيق تـوازن الأطفال:
يُذكر أنّ المراكز المندمجة للشّباب والطّفولة تعمـل علـى رعايـة الأطفال إلـى غايــة زوال حالة التّهديـد فــي إطار مشـروع حياة خاصّ بكلّ طفـل مــن أجل تمكينه مــن الاندماج فــي المجتمع. وتوفـّـر خدمات متعـدّدة ومتنوّعـة سـواء بصيغـة الإقامة أو نصـف الإقامة، حيـث تتولـّى تأميـن المتابعـة التّربويّـة للأطفال المكفوليــن (مرافقــة تربويّــة ومدرســيّة، متابعـة نفسـيّة، رعايـة اجتماعيّـة وصحيّـة…) وتوفيـر خدمات الّتنشيط التّربويّ والاجتماعيّ للأطفال المكفولين بالمؤسّســة وأطفــال الجوار مــن خلال إتاحة فـرص لأنشـطة تكوينيـّة وترفيهيـّة ذات طابـع ثقافــيّ ورياضيّ وفنّــي وعلميّ لتحقيق تــوازن الأطفال.
وللإشارة فإ نّ الوزارة تشرف على إدارة 22 مركزا مندمجا للشباب والطفولة موزعة على 17 ولاية وتسدي خدماتها لـ2057 طفلا فاقدي السند يتوزعون بين 306 طفلا بنظام الإقامة و 1464 طفلا بنظام الوسط الطبيعي و287 طفلا بنظام الإيداع العائلي، ويعود تعهّد هذه المراكز منذ سنة 1973 بحوالي 27 ألف طفل فاقد للسند وأنّ التكلفة الجمليّة للطفل مكفول الدولة بنظام الإقامة الكاملة تبلغ 32 ألف دينار