13 فيفري اليوم العالمي للإذاعة لعام 2024 حدث استباقي يحمل شعار الإنجاز والفخر والأمل
ما تزال الإذاعة هي الوسيلة الإعلامية الأولى، ليس فقط لأنها لا تزال الأسهل استخداما، وليس فقط لأنها الأكثر مصداقية وفقا لإحصائيات مركز بي بي سي للإعلام، وليس فقط لأنها الأكثر انتشارا أيضا بحسب مركز الأمم المتحدة للإحصاء، والتي تشير إلى أن نصف الكرة الأرضية لم تصله بعد خدمات الإنترنت، لذلك فإن الإذاعة هي الوسيلة الوحيدة دون منافس في نصف المعمورة، والإذاعة لها التميز كذلك لأسباب عديدة منها تزايد المحطات الإذاعية الخاصة بأعداد هائلة، الإذاعة هي الكيان غير المسبوق الذي يقاوم الزمن ويتجاوزه و يتغلب على قوانين الطبيعة، فالإذاعة أصبحت الوسيلة الأكثر حيوية وشبابا رغم كل التحديات…
ذلك ما أشار إليه المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية المهندس عبد الرّحيم سليمان في كلمته بمناسبة اليوم العالمي للإذاعة 2024
دور الإذاعة في تشكيل وجدان المستمع :
يُحتفَل باليوم العالمي للإذاعة في 13فيفري في كل عام، الذي أعلنته اليونسكو في عام 2011، بعد أن اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميا —بموجب قرارها 124/67 المؤرخ 14 جانفي 2013. فالإذاعة لم تزل وسيلة قوية للاحتفال بالإنسانية بكل تنوعها، كما أنها لم تزل منصة للخطاب الديمقراطي.فالإذاعة أو البث الإذاعي هي وسيلة إعلام مسموعة، كان أول إذاعة تبث برامجها في عام 1906؛ وتعد الإذاعة أهم الوسائل الصوتية المسموعة. وتسمى الإذاعة أيضا (الراديو) التي يرجع أصلها إلى الكلمة اللاتينية (راديوس) وتعني نصف قطر.
تلعب الإذاعة دوراً عظيماً في تشكيل وجدان المستمع من خلال إشباع حاجته للمعرفة التي يحتاجها، وإمداده بالنوع الذي يفضله من باقة البرامج التي تقدمها عبر أثيرها، بكافة أشكالها واستمرار بث المادة المحببة للمستمع والتجديد فيها يجعل ارتباطه بها أقوى؛ وبالتالي تصبح عالمه المحبب، من خلال الفرصة التي تتيحها الإذاعة للمستمع
. بدأ بث الموسيقى والحديث عبر الإذاعة بشكل تجريبي في الفترة بين 1905 و 1906 ، ثم حولوها تجارياً من 1920 إلى 1923
إذاعة “هنا القدس” ثاني إذاعة تم تأسيسها في الوطن العربي بعد “هنا القاهرة” :
هذا وفي سنة 1901 تمكّن ماركوني من صنع أول جهاز استقبال راديو لاسلكي (واستقبل بنجاح رسالة عبر الأثير). طور غولييلمو ماركوني جهاز الاستقبال هذا حيث أنشأ محطة لاسلكية في بيت ماركوني – روسلار ستراند – مقاطعة وكسفورد – أيرلندا سنة 1901 ليكون بمثابة حلقة وصل بين بولدو في كورنوال وكلفدن في مقاطعة جلوي. وبذلك ساهم في اكتشاف الموجات كهرومغناطيسية اختراع الراديو، وهو مخترع الإبراق اللاسلكي.وتوالى تطور الإذاعة بظهور أمواج “أف. أم” عام 1939، فبُثت أول إذاعة للأمم المتحدة عام 1946. بينما أول إذاعة عربية رسمية أنشئت عام 1934، الإذاعة المصرية إذ انطلق بثها يوم 31 ماي عام 1934، بالعبارة الشهيرة “هنا القاهرة” التي قالها المذيع أحمد سالم، ومازالت تترد في إذاعة البرنامج العالم،في حين إذاعة القدس أو إذاعة هنا القدس هي ثاني إذاعة تم تأسيسها في الوطن العربي بعد “هنا القاهرة” . بثت بثلاث لغات: العربية والإنكليزية والعبرية. من 30 مارس 1936 وحتى نهاية فترة الانتداب في ماي 1948. في حي مأمن الله في القدس، وأقيمت لها أبراج بث في منطقة رام الله.تميز عمل الإذاعة بتضاد بين فريقي العمل العربي والعبري، ففي حين تعاطف فريق العمل العربي مع الثورة ضد الاحتلال البريطاني والصهاينة، روج فريق العمل العبري للصهيونية وكان ينادي «هنا أرض إسرائيل» بدلا من «هنا القدس»، ما أثار احتكاكات بين الجانبين.
كان من أبرز العاملين في القسم العربي الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان الذي عمل مساعدا لمديرها ولعب دورا مهما في رسم خط الإذاعة العربية الوطني إلى أن أقالته السلطات البريطانية عام 1940، وفي عام 1939 تعرض مبنى الإذاعة لتفجير نفذته مجموعة صهيونية إرهابية، حصل في فترة البث العربية وأثناء تقديم برنامج للأطفال… بعد حرب 1948 واصلت إسرائيل البث بالعبرية على إحدى موجتي إذاعة القدس وسمته بـ«صوت إسرائيل». أما الأردن فواصلت البث بالعربية على الموجة الأخرى وسمته «إذاعة القدس العربية» (التي كان تعرف أيضا بـ«راديو رام الله»). في جوان 1967 انتهى بث «إذاعة القدس العربية» عندما احتل الجيش الإسرائيلي مقر الإذاعة ضمن حرب 1967
أولى الأقطار العربية التي عرفت الإذاعة المسموعة:
كما تعدّ الجزائر من أولى الأقطار العربية التي عرفت الإذاعة المسموعة في حوالي عام 1925، وظهرت في الحالتين على يد أفراد وإن اختلفت بالطبع، ففي الجزائر ظهرت على يد مستوطن فرنسي قام بإنشاء محطة إرسال على الموجة المتوسطة لم تتعدَّ قوّتها 100كيلو واط، ثم ارتفعت عام 1928 إلى 600 كيلو واط وتذيع باللغة الفرنسية والأخرى بقوة 200 كيلو واط وتذيع باللغة العربية، ثم تتابع ظهور المحطات في وهران والعاصمة، وفي نهاية الحرب العالمية الثانية أصبح الإرسال يغطي الجزء الأكبر بعد زيادة المحطات وتقوية إرسالها، وفي عام 1963م أصبحت الإذاعة تابعة للحكومة الجزائرية وفي المغرب ظهرت الإذاعة عام 1928م على يد الاحتلال الفرنسي، وفي النصف الثاني من ثلاثينيات القرن الماضي توالى ظهورها في باقي الأقطار العربية فظهرت في تونس عام 1935، وفي العراق عام 1936، وفي لبنان عام 1938، وفي ليبيا عام 1939، وفي الأربعينيات في كل من السودان عام 1940، وسوريا عام 1941، والصومال عام 1943، واليمن الشمالية عام 1947، وفي الأردن عام 1948، وتأسس النظام الإذاعي في السعودية عام 1949، وفي الخمسينيات ظهرت الإذاعة في كل من الكويت عام 1951، واليمن الديمقراطية عام 1954، وموريتانيا عام 1956، وقطر عام 1968، والإمارات عام 1969، وسلطنة عُمان عام 1970.
مسيرة تاريخية ثرية للإذاعة التونسية :
هذا وقد أنشئت أول محطة إذاعية تونسية في 15 أكتوبر 1938، وبعد الاستقلال تمت تونسة البث الإذاعي وأنشئت للغرض مؤسسة تونسية طبقا للأمر المؤرخ في 25 أفريل 1957، وتسمى الإذاعة والتلفزة التونسية،وفي مرحلة أخرى أصبحت مؤسسة الاذاعة التونسية قائمة الذات باعتبارها مؤسسة عمومية تونسية مستقلة عن التلفزة منذ2007 ، في حين يعود تاريخ أول إذاعة تبث برامجها في تونس لعام 1906؛الإذاعة الوطنية التونسية هي الإذاعة الحكومية الأولى في تونس. استوديوهاتها تقع بتونس العاصمة.15 سبتمبر 1938، تم توقيع معاهدة إنشاء راديو حكومي في تونسي تتولى إدارته الحماية الفرنسية بتونس. في 15 أكتوبر، وصل الوزير الفرنسي للبريد والبرق والهاتف، جول جوليان إلى تونس لافتتاح راديو تونس بمقراته بساحة العملة.
في 7 ماي 1943، خربت مقرات البث للإذاعة من قبل القوات الألمانية. ولم يعد البث إلا في 16 جويلية. بعد الحرب، في 16 جويلية 1945، تم تجديد المعاهدة المنشئة لراديو تونس. في 1954، تغيرت مقرات الإذاعة إلى مقرها الجديد بشارع الحرية والذي ضم 9 استوديوهات.
تتبع الإذاعة الوطنية 5 إذاعات جهوية هي إذاعة قفصة 7 نوفمبر 1991، إذاعة الكاف 7 نوفمبر 1991، إذاعة المنستير 3 أوت 1977.، إذاعة صفاقس 8 ديسمبر 1961، إذاعة تطاوين 7 نوفمبر 1993 . وإذاعة ناطقة بلغات أجنبية هي إذاعة تونس القناة الدولية 15 أكتوبر 1938 كما تتبعها إذاعات أخرى تبثّ على المستوى الوطنيّ وهي إذاعة الشباب ، 7 نوفمبر 1995وإذاعة تونس الثّقافيّة 29 ماي 2006 ، تبث الإذاعة الوطنية التونسية على الموجات القصيرة والمتوسطة وعلى موجات الأف أم وعلى الأقمار الصناعية وعلى شبكة الانترنت ويصل بثها الإذاعي إلى أغلب أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط.هذه المؤسسة العريقة والتي أعتز بالانتماء إليها منذ 1972 حيث كانت لي مساهمات في إعداد وتقديم برامج شبابية وتأطير عديد الشباب للمشاركة في التنشيط والتقديم ليلتحقوا بالعمل الإعلامي ، هذه المؤسسة كانت تزخر برواد الإذاعة الذين أبدعوا خلال مسيرتهم من بين هؤلاء الصحفي القدير المولدي الهمامي الذي وافته المنية صباح أمس الإثنين 12 فيفري 2024.وعمل المولدي الهمامي بقسم الأخبار بالإذاعة الوطنية وشغل عدة مناصب بينها منصب الرئيس المدير العام لمؤسسة الإذاعة التونسية سنة 2010.وقد تم تأبين الفقيد بمقر المؤسسة أمس .تغمد الله الفقيد بواسع رحمته ورزق أهله وذويه والأسرة الإعلامية جميل الصبر والسلوان
الإذاعة عبر الأجيال وسيلة الاتصال الأبعد مدى واليسيرة المنال لجميع الشرائح للتعلم والتسلية:
يُحتفَل باليوم العالمي للإذاعة في 13 فيفري من كل عام، إذ اعتمدت الدول الأعضاء في اليونسكو قراراً في عام 2011 بإعلان هذا اليوم العالمي، وافقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة لاحقاً في 14 جانفي 2013.وقد أوصى المجلس التنفيذي لليونسكو المؤتمر العام، بناءً على اقتراح قدمته إسبانيا، بإعلان اليوم العالمي للإذاعة في دورته السادسة والثلاثين، وذلك استناداً إلى نتائج دراسة جدوى أجرتها اليونسكو في هذا الصدد.
فقد ظلت الإذاعة عبر أجيال عديدة وسيلة الاتصال الأبعد مدى واليسيرة المنال التي تتيح لجميع شرائح المجتمع التعلم والتسلية. ومع أن الإذاعة استُخدمت في بعض المناطق لتأجيج الكراهية والانقسام والنزاعات، فإن العديد من البلدان سنّت تشريعات تقدمية ووضعت آليات تنظيمية مكّنت من استخدام الإذاعة لبث الأخبار والبرامج المتزنة، وممارسة الصحافة المستقلة بوجه عام.
وشاركت عدة جهات معنية في استحداث اليوم العالمي للإذاعة، ومنها رابطات البث التي تشمل هيئات البث العامة والخاصة والمجتمعية والدولية، ووكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها، والمنظمات غير الحكومية المعنية بهذا الأمر، والأوساط الأكاديمية، والمؤسسات والوكالات الإنمائية، فضلاً عن الوفود الدائمة لدى اليونسكو واللجان الوطنية لليونسكو.
اليوم العالمي للإذاعة فرصة للاحتفال بمقومات الإذاعة باعتبارها وسيلة إعلامية هادفة :
هذا ويتيح اليوم العالمي للإذاعة فرصة للاحتفال بمقومات الإذاعة باعتبارها وسيلة إعلامية، ويوفر أيضاً فرصة لتعزيز التعاون الدولي بين هيئات البث الإذاعي، من أجل تشجيع الشبكات الرئيسية ومحطات الإذاعة المحلية على تعزيز الحصول على المعلومات والانتفاع بها والتمتع بحرية التعبير.
كما يرمي اليوم العالمي للإذاعة إلى تحقيق عدد من الأهداف تتمثل فيما يلي: توعية عامة الناس ووسائل الإعلام بشأن قيمة الخدمات السمعية العامة، وتشجيع متخذي القرارات على تعزيز الإذاعة الحرة والمستقلة والتعددية، وتعزيز الربط الشبكي والتعاون الدولي بين هيئات البث.
وبمناسبة اليوم العالمي للإذاعة 2024، نشرت اليونسكو 20 ملفًا صوتيًا مدة كل منه دقيقة واحدة، قصد بثه ومشاركته واستخدامه دون قيود على حقوق الطبع والنشر. قصد تضمينه في البرامج أو الفعاليات، وكذلك تحميله على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة وهي مقاطع صوتية مدتها 60 ثانية، وتُناقَش فيها أبرز الجوانب التي تميزت بها الإذاعة خلال مئويتها الأولى في خدمة الإنسان. ويظهر النص الخاص بالمقاطع باللغة التي تصدر فيها، مما يسمح بإنتاج حلقات خاصة بلغات أخرى. ويمكن برمجة هذه التسجيلات الصوتية القصيرة ومن المظاهر الاحتفالية بث برامج حوارية للاحتفال بـ الإذاعة,مع خبراء محليين ووطنيين يتحدثون فيها عن أهمية الإذاعة وجودة المعلومات التي تقدمها، وتسلّط فيها الضوء على تاريخ المئوية الأولى للإذاعة وأهميتها المستمرة. واختيار شخصيات إذاعية مرموقة من المتقاعدين و المعروفين لدى مستمعي الإذاعة، للمشاركة في هذه البرامج التي تُستكمَل بوقائع من الماضي … ومن الفعاليات تقديم أجمل “الأغاني التي بُثت عبر أثير الإذاعة” على مر الزمن. إذ توجد في جميع الفنون الموسيقية الشعبية تقريباً، أياً كان نوعها، أغان تحمل كلمة “راديو” في نصها أو تشير إليها كوسيلة إعلام. مع إدراج أجمل “الأغاني التي بُثت عبر أثير الإذاعة على مر الزمن” في قائمة الأغاني التي تبث بشكل متقطع أو “بالترتيب التنازلي” . فهذه طريقة سهلة لتسليط الضوء على اليوم العالمي للإذاعة وإعداد مجموعة برامج ممتعة ومسلية. مسرح للفكر.كما يستغل اليوم العالمي للإذاعة لعام 2024 للتأكيد على أن الإذاعة “مسرح للفكر”، وذلك من خلال الأعمال الدرامية الإذاعية المنتجَة محلياً، وبثها بذلك يمكن إعداد برنامج ترفيهي دعماً للتعبير الثقافي، واستقطاب اهتمام المستمعين.وبذلك يمكن ضمان النجاح لحدث إيجابي و استباقي يحمل شعار الإنجاز والفخر والأمل.إذ يوفر اليوم العالمي للإذاعة لعام 2024 منصةً داعمة ونقطةً محورية لمواصلة العلاقات التجارية والمدنية والاجتماعية داخل المجتمع، وحماية الإذاعة الحرة والمستقلة والتعددية. وهو يرمز إلى قرن من إنجازات الإذاعة، والافتخار بحاضرها، والأمل في مستقبلها. وبذلك يمكن الإحتفال باليوم العالمي للإذاعة لعام 2024 من خلال بث هذه النظرة المتفائلة، قبل يوم 13 فيفري، وأثناءه، وبعده…