كورونا يقوض عالمنا
بقلم الأستاذ كمال الجامعي
كورونا لحظة اندهاش تعيد ترتيب العالم وعلاقاتنا بذواتنا وبالاخرين تعيد صياغة علاقتنا بالمكان وبالزمان وانماط حضورنا واشكال غيابنا وعلاقتنا بالاشياء واشكال انتظامنا في عالم هزنا فيه الظن ان كل شيء قد اخذ مكانه وانه قد قد على نحو نهائي وتام ولا شيئ قد يزعزع ترتيبه فاذا نحن امام معظلات لا حصر لها ومصاعب لا تتوقف عند مجال واحد ولا تستقر عند رقعة ارضية واحدة ولا ترعب فئة واحدة وليست فقط هاجس لمن كانت اقتداراته اقل من غيره يحيب لها الحساب عند الذهاب وعند الرجوع عند الخروج وعند الدخول نستنفر لها طاقات التوقي منها باختلاف الليل والنهار واختلاف الفصول واختلاف رحابة المكان وضيقه وحرارته والبرودة نقف معها على اسئلة معظلات: ايهما اولى الحياة او شكل الحياة؟ ، العزلة المطمئنة ام الاندماج المتوجس ؟ بمن نضحي عندما يبلغ الأمر منتهاه بمن كان يافعا غضا غرير ام بمن ادرك من العمر خريفه ؟ كبف نصنع شروط العزل الصحية ونحن مع الاخرين في ان ؟ وكيف نشحن خادم المرضى بالثقة التامة في نفسه وفي الوسائل دون ان يتراجع لحظة الاختيار الصعب ؟ بماذا سنغري الاثرياء اذا كان مالهم لا ينجيهم من هلاك مرتقب ؟ اي بؤس اكثر من نهاية بائسة للفقير الذي ظل بنتظر الحياة فلم يعد يحلم الان الا بادنى درجات البقاء ؟ يوم يفر المرء من اخيه واصحابه ويشيح بوجهه عن امه وابيه ماذا تبقى للانسانية ان تفاخر به غير الاذعان لواقع ارتد بنا الى ادنى درجات المطامح وهو البقاء على قيد الحياة ؟ وكيف نحتمل حياة كل ما فيها مخيف ومرعب ؛ اللقاء ، القرب ، الاشياء المشبوهة ، والاماكن التي يعمرها الفيروس ؟ ان عفوية الايادي الممدودة لنا يجب ان نعاملها ببرودة واقعية تتقي شر التحية وشر العناق وما في التقبيل من خطورة وما في القرب من احتراق . اذا طال عمر الوباء ستقصر اعمارنا واذا طالت سيقتلنا الخوف من الموت الاف المرات ،بتضاعف خوفنا من اي مرض ولن نفرح اكثر من المعتاد بشفائنا من اي مرض . هل نعيش اللامبالاة الغبية ام الحذر الجبان من القدر ؟ ماذا سيطلب منا من وقعت عيونه على الحل :؟ اتراه يقدمه لنفسه اولا ام للاخر الذي يهدده باقتحامه دائما ؟ ما مصير مفاهيم التواصل والانفتاح والتعايش والمشاركة في ظل واقع وبائي يهدد الكل ؟ وكيف ستتصرف الدول في ميزانياتها :؟ ابحسب مقتضيات الرفاه ام مقتضيات الحيطة وانتظار الكارثة ؟
يبدو ان العالم مقدم على تغييرات شديدة التعقيد يكون فيها الحفاظ على سلامة الاخرين اولى من الحفاظ على سلامتنا اللهم الا اذا اتضح اننا امام ظاهرة تروج لعولمة الخوف كاخر سبل الاستثمار عندها سيكون اللقاح ليست فقط كيميائيا
يمزج الاخلاط ويقدر نسب ضررها ونفعها بل لقاحا فكريا يحصن الانسانية من الاعتداء على قيم الانسان باسم الرغبة في البقاء .