****لمحة على حياة الفنان التونسي عادل مقديش ***
يعد الفنان التشكيلي التونسي عادل مقديش، من أبرز الفنانين على الساحة العربية و الذي نشط لمدة تفوق الثلاثين عــاما دون انقطاع .ولد عادل مقديش في مدينة صفاقس من الجمهورية التونسية سنة 1949 أقـــام عديد المعارض في تونـــس و خارجها, هو فنان أنتج عديد الأعمال الفنية المتميزة حيث تعد مواضيعه رصدا لذاكرة البشر تبدّلت من خلالها خاماته و تنوعت مرجعياته بين مرجعيات تاريخية و أخرى شعبية تنسج الذاكرة الجماعية وفق قصص و مدلولات بصرية و رمزية. سوف نكتفي في هذا المقال بإعطاء لمحة تخص جانبا من جوانب بحثه الفني في علاقة مباشرة بتحديد مرجعياته المختلفة و للإطلال على “طقوسه الفنية” الخفيـــة و التـــي تعد قنطرة ذاكرته البصرية هو فنان مؤمـــن بتقـــاسيم الزمــــان، من ذكـرى و تذكــــر وتذكار، هو يذكرنا دائما بأن “الذاكرة البصرية” في التشكيل التونسي لها موقعا هاما، بحيث أن بعض التجارب التشكيلية التونسية و العربية المعاصرة جعلت منها إطارا مرجعيا ونقطة اشتغال تستند فيها على معطيات وثوابت ثقافية متغيرة راسخة في الأذهان، وتستوحي منها عناصرها التشكيلية الأكثر تعبيرا عن روح الأصالة و الإبداع، إننا نعني هنا بالذاكرة البصرية، ذلك الرصيد الهائل التاريخي والمتحوّل من مخزون فكري وبصري، موثق في الأذهان، والذي يجد موطنه الفعلي في البنية الثقافية الشعبية للفنان، على هذا النحو يمكننا الحديث عن تمثلات بصرية محددة، تبدأ بأشكـال ورمـوز أكـثر إغراقا في الرمزية، لتنتهي بأشكال و تصاوير تشخيصية نابعة من عمق التراث المحلي أو العربي الإسلامـي، مرورا بالصور الذهنية و الحُلمية الشخصية أو الجماعية المتخيلة. رسمَ عادل مقديش فضاءات الذاكرة و جمع شخوصه من فضاءات الحلم, من أزمان ماضية من حروب, من تاريخ متحوّل, من حكايات شعبية مروية للجازية الهلالية …هذه هي مدارات الذاكرة البصرية المتخيلة للفنان عادل مقديش المتواترة على أعماله الفنية و التي أشهرها في عديد المناسبات بقوله:” لـــــــــــي ذكرى اليمة مع الروم و الأتراك و الأسبان و قبائل بني هلال الزاحفة و لي أيضا معاناة الإفرنج و يضيف قائلا ” أرسم خصوبة عليســة على جلود البقر المقدس أنحت وجه جـــوغرتا في أسواق الأفراس البربرية، حفرت على جدران المعابد الإفريقية رسم السفنالساحلية و أشرعتها المنسوجة بشعر النساء (…) كل رسم لي ومضة البرق في السماء أفريقية و أجراس الخيول الآتية تعزف خيوط الألوان لولبية على كف أندلسية في ليلة زفافها.
[ditty_news_ticker id="5039"]