محمد رجاء فرحات، مسرحي تونسي.
من مواليد 12 ديسمبر سنة : 1948
– محمد رجاء فرحات : هو أحد رواد الثورة المسرحية والثقافية التي شهدتها تونس في بداية سبعينات القرن الماضي.
– ولد ونشأ في كنف عائلة مثقفة ومناضلة : فوالده الصحبي فرحات كان مناضلا وطنيا ونقابيا ومربّيًا.. وشقيقتاه صفيّة (رحمها الله) وزينب فرحات مناضلتان حقوقيتان، أمّا شقيقه الأصغر فهو الفنان الموسيقي أسامة فرحات.
– درس محمد رجاء فرحات بالمعهد الصادقي ومعهد كارنو، واكتشف المسرح بفضل والده الصحبي فرحات الذي كان يصحبه إلى المسرح البلدي.
– سافر محمد رجاء فرحات إلى ميلانو بإيطاليا حيث درس المسرح، فكانت رحلة البحث واكتشاف عوالم جديدة، إبداعا وإمكانيات…
– وعند عودته تولى ادارة فرقة قفصة (صحبة ثلة من المسرحيين الشبان المتحمسين مثل : فاضل الجعايبي، جليلة بكار، رؤوف بن عمر..) حيث أنتج مسرحيتين هامتين : الأولى هي “جحا والشرق الحائر”. والثانية : “البرني والعطراء” والتي عرفت نجاحا جماهيريا كبيرا حيث تم تقديمها في أكثر من 300 عرض.
– تواصل إشرافه على فرقة قفصة من 1973 إلى 1975 حيث أنتج عديد المسرحيات الأخرى ك”محمد علي الحامي” وقد جعلت هذه التجربة من جهة قفصة البعيدة عن العاصمة وعن حركيتها الثقافية أحد أهم مراكز الإبداع المسرحي في بلادنا.
– كما ساهم رجاء فرحات في المسرحية الحدث في بداية السبعينات وهي مسرحية “ثورة الزنج” والتي كتبها عزالدين المدني وأخرجها المنصف السويسي وافتتحت مهرجان الحمامات سنة 1972. وهذه المسرحية هي دعوة لمحاكمة التاريخ الرسمي من خلال قراءة نقدية للطبري الذي يعتبر ممثل التاريخ الرسمي للدولة العباسية.
– أعطت هذه التجارب المختلفة الخيط الرابط للعمل الإبداعي لمحمد رجاء فرحات وهو النبش في التاريخ والقراءة النقدية للتاريخ الرسمي، وهو الخط الذي دأب عليه منذ أعماله الأولى والذي تَمثَّلَ في دعوة الجمهور إلى الانخراط في هذه القراءة الجديدة للتاريخ لإعادة كتابته وتوليده وصياغته برؤية جديدة.
– وقد تواصل هذا الاتجاه في الأعمال الجديدة لرجاء فرحات في ثلاثيته عن الرئيس بورقيبة “التحرير” و”بناء الدولة” و”السجن الأخير”، ثم مع مسرحية “المنصف باي”.
– وقد كانت هذه الأعمال فرصة للقيام بقراءة نقدية هامة للقرن العشرين مع ظهور النخب الجديدة في الفترة الاستعمارية في بلادنا وتقهقر النخب القديمة. وكانت هذه الأعمال فرصة هامة لاستعادة الذاكرة والمساهمة في بناء الذات التونسية وتفرّدها.
– والى جانب أعماله المسرحية، لعب رجاء فرحات دورا كبيرا في تنشيط الحركة الثقافية في تونس وعلى المستوى العالمي من خلال المسؤوليات التي تحمّلها في عديد المنظمات والمهرجانات، فكانت إدارة مهرجان قرطاج (لم يتجاوز عمره آنذاك 27 سنة)، حيث تمكن من صياغة رؤية ثقافية جديدة لهذا المهرجان الذي انفتح على الطليعة الفكرية والثقافية في العالم.
– كما تحمل رجاء فرحات عديد المسؤوليات في كبرى المؤسسات الدولية حيث تم تعيينه مدير الإتصال لمعهد العالم العربي، وكذلك منظمة الفرنكوفونية، ومدير مكتب وكالة الأنباء الكويتية بباريس، ومشرفا من الجانب التونسي على تظاهرة سنة تونس بفرنسا، ثمّ مستشارا لعديد وزراء الشؤون الثقافية، إلى جانب إعداده لعدة برامج ووثائقيات تلفزية.
– لعب محمد رجاء فرحات دورا هاما في هذه الفترة الذهبية للمسرح التونسي والحركة الثقافية، وساهمت هذه الحركية والإبداع في نحت المشروع الثقافي التونسي والذي كان إحدى دعائم خصوصية وتفرّد المشروع التاريخي والحضاري التونسي.
– رجاء فرحات هو أحد فرسان هذه المرحلة الخصبة فمن خلال مسرحياته وعمله على استعادة ذاكرتنا الجماعية، نجح في إثبات أن خصوصية نمطنا الاجتماعي ليست وليدة صدفة بل هي موغلة في القدم والتاريخ.
– محمد رجاء فرحات هو وجه من وجوه الابداع، تميّز وما زال بأناقته وذوقه وحسّه الفني، يأخذك إلى بانوراما من : المسرح والشعر والتاريخ والسياسة بأسلوبه المسرحي وبكثير من التمازج بين الجد والهزل يجعلك لا تشعر بمرور الوقت وأنت تستمع إليه ولا تطلب إلا المزيد للاستفادة والمعرفة.
– في ذكرى ميلاده الثانية والسبعين، حاولت أن أفي هذا المبدع حقه بما أتيح لي من معلومات، فمعذرة إن كان هناك تقصير في سرد بعض مراحل مسيرته نظرا لعدم توفر مصادر تتطرق لحياته، وهي مشكلة تعترضني كلما حاولت التعرّض إلى سيرة أعلامنا التونسيين.
# أسامة الراعي#