صدور كتاب ” منمنم الوحوش ” (مختارات قصصية ) للكاتب المغربي أنيس الرافعي عن دار (عائدون للنشر ) بالأردن
صدرت حديثا عن دار (عائدون للنشر ) بالأردن ، الطبعة الأولى من مختارات قصصية موسعة للكاتب المغربي أنيس الرافعي ، تحت عنوان ” منمنم الوحوش”(2021) .
وهي عبارة عن بانوراما سردية تضم حوالي 30 نصا ، تقع في 200 صفحة من القطع الصغير ، منتقاة من أبرز كتب المؤلف القصصية ، من قبيل (أشياء تمر دون أن تحدث فعلا ، و مصحة الدمى ، وخياط الهيئات، والشركة المغربية لنقل الأموات ، و اعتقال الغابة في زجاجة ، وأريج البستان في تصاريف العميان ، و صانع الاختفاءات…).
نصوص ذات مياسم و افترضات و جماليات تجريبية هجينة و متنوعة كألوان وطيوف الموشور الضوئي ، تنفتح بكدح سردي مثابر ،و نزعة اختلافية متشابكة، على تجربة التخوم مع الفنون الموازية المعدية لبعضها البعض ، تلك التي تكدر صفاء الجنس، و تزيل حواجز النوع، و تضعف مناعة المطلق القصصي المتحصن خلف أسوار نقائه الزائف .
وهي تنضوي عموما ضمن مشغل دينامي ، و نظرية شخصية ينعتها صاحبها ب ” فن التجهيز القصصي في الفراغ ” . و جميعها سبق أن تمت ترجمتها إلى عدة لغات أجنبية ، أو صدرت ضمن مختارات أو أنطولوجيات مترجمة .
وعلى ظهر الغلاف الرابع، الذي صمم وجهه الأول الفنان العراقي المبدع علي آل تاجر ، نقرأ الشهادة المضيئة التالية للأديب العراقي المرموق الأستاذ أحمد خلف :
( نحن إزاء كاتب بارع، و مقدرة سردية نادرة ، لا يلقي العبارة على عواهنها ، إنما تكون عبارته في رصد دائم للمعنى المخفي والمستور ، وراء لغة حديثة الصنع والتشكل . ومن يعرف كنه البناء السردي ، وكيفية تكوين الايقاع ، الذي يغري بالقراءة ، سيدرك حالا كيف يتأمل أنيس الرافعي ، كائناته ومخلوقاته الحية، وهي تغادر الورق إلى الحيز المادي أو المجال الحيوي . الحق أقول لكم، نحن أمام سارد بارع في تشظي العبارة ، لكي يعيد بناء ما تشظى. إذ باستطاعة القارئ لنصوص الرافعي ، أن يجعل منها ذخيرته في ساعات يكون العالم قد ابتعد عنه ، أو أدار ظهره له كما يقال ، هذه الذخيرة، أو الأفضل الخزينة من عالم غير سعيد ، رغم كآبته أو سرياليته ، و مهما بدت النصوص في مجملها لامعقولية ، فإن واقعنا اليوم هو أكثر كآبة وحزنا على ضياع الانسان، بل أشد سريالية ولا معقولية من نصوص الرافعي ، إلا أن ميزة النصوص هذه تغدو في نهاية المطاف بلسماً لجراح الانسان المهمش والمنسحق ،بل والمقصي، مهما كان لونه ، أو شكله ، أو معتقده . إنه يحمل على كتفيه كتاب العالم ، الذي أشار إليه بورخيس ، ليكتب في سجل الإنسانية المعذبة صفحته المتفردة . الكاتب هنا ينضح إنسانية، بل أرى أن معظم ما كتبه القاص أنيس الرافعي ، يتجلى في أنه وثيقة دفاع عن الانسان جدير بنا إعادة قراءتها ثالثة ورابعة ).
وتجدر الإشارة إلى أن دار (عائدون ) قد سبق لها أن أطلقت في سماء النشر ضمن هذه السلسلة، التي يحررها الشاعر المعروف عمر شبانة وتديرها الأستاذة لمى سخنيني ، مختارات أخرى لكبار كتاب الفن القصصي في العالم العربي لكل من العراقي محمد خضير ،و الفلسطيني زياد خداش ، و الأردنيين محمود الريماوي و جمعة شنب و الراحل إلياس فركوح .
هذه المختارات يهديها صاحبها في التفاتة رمزية إلى رفيقه و صديق دربه الأدبي ” زياد خداش ، الذي علمنا الإصغاء إلى ما تقوله أحجار فلسطين ” .