الحبيب بورقيبة، زعيم وطني وأول رئيس للجمهورية التونسية.
– الحبيب بورقيبة (ولد في 3 أوت 1903 – توفي في 6 أفريل 2000).
– وُلد الحبيب بورقيبة بالمنستير من عائلة من الطبقة المتوسطة (أبوه ضابط متقاعد في حرس الباي)، وكان أصغر ثمانية إخوة وأخوات، تلقـّى تعليمه الثـانوي بالمعهد الصادقي فمعهد كارنو بتونس، ثم توجه إلى باريس سنة 1924 بعد حصوله على الباكالوريا وانخرط في كلية الحقوق والعلوم السياسية وحصل على الإجازة سنة 1927. ثم عاد إلى تونس ليشتغل بالمحاماة.
– إثر عودته إلى تونس سنة 1927 بدأ بورقيبة نشاطه السياسي بتحرير المقالات في الصحف الوطنية “صوت التونسي” و”العلم التونسي”، و أسّس سنة 1932 مع أصدقائه جريدة “العمل التونسي”.
– التحق بالهيئة التنفيذية للحزب الحر الدستوري التونسي يوم 12 ماي 1933، ليستقيل منها يوم 9 سبتمبر من نفس السنة بعد أن كان محلّ انتقادات شديدة من قيادة الحزب لمشاركته في الوفد الذي احتجّ للباي على دفن أحد المجنّسين بمقبرة المسلمين.
– وفي 2 مارس 1934، دعا بورقيبة ومجموعة من رفاقه المنسحبين إلى مؤتمر خارق للعادة بدار الحبيب عيّاد في قصر هلال، قُرّر فيه حلّ الهيئة التنفيذية وإحداث ديوان سياسي متكوّن من : الدكتور محمود الماطري رئيسا، الحبيب بورقيبة أمينا عامّا، البحري قيقة والطاهر صفر ومحمّد بورقيبة أعضاء مؤسّسين للحزب الحرّ الدستوري التونسي الجديد.
– إثر تأسيس حزب الدستور الجديد، اشتد القمع الاستعماري وتمّ نفي بورقيبة ورفاقه الى ڨبلّي ثم برج لبوف بالصحراء التونسية في ظروف قاسية جدّا. بينما تواصل الكفاح في المدن والقرى من أجل تحرير قيادات الحزب، إلى أن أطلق سراحهم مع وصول الجبهة الشعبية الى الحكم في فرنسا.
– وبعد وعود الحكومة الفرنسية الزائفة وخيبة الأمل، اشتدت لهجة الحزب مجدّدًا، وبلغت ذروتها في مؤتمر نهج التريبونال سنة 1937، ثم ّ حصل الصدام الدموي في أحداث 8 و 9 أفريل 1938. وتمّت مطاردة قيادات الحزب واعتقال الزعيم بورقيبة ورفاقه بالسجن المدني، ثم السجن العسكري واتّهموا بالتآمر ضد الدولة، ليتمّ نقلهم الى تبرسق ومن ثمّ إلى السجون الفرنسية.
– تمّ تسليم بورقيبة للسلطات الايطالية الفاشستية من قبل حكومة فيشي الموالية للمحور أثناء الحرب العالمية الثانية، ونُقل بورقيبة إلى روما أين كانت الحكومة الإيطالية تغازله ليساند قوّات المحور. إلّا أنّ بورقيبة اجتنب ذلك، بما أنّه كان يعرف طبيعة أطماع إيطاليا على تونس من جهة، وكان متأكّدا من انتصار قوّات الحلفاء من جهة أخرى. إلّا أنّ الحكومة الفرنسية طاردته من جديد بعد هزيمة المحور بتعلّة مساندته الموهومة لألمانيا النازية، ممّا جعل بورقيبة يلجأ إلى القاهرة عبر ليبيا سنة 1945.
– استغلّ بورقيبة فترة مكوثه بالشرق للتعريف بالقضية التونسية على الصعيد الدولي، فأسّس صحبة الزعيم المغربي عبد الكريم الخطابي مكتب المغرب العربي، ثمّ ذهب إلى الأمم المتحدة بنيويورك سنة 1946 لضمان الدعم الديبلوماسي للقضية التونسية.
– ثم ّ عاد بورقيبة إلى تونس في سنة 1949 أين استأنف النضال السياسي بتونس ثم فرنسا، وساند في سنة 1950 مشاركة صالح بن يوسف في حكومة محمّد شنيق للدخول في مفاوضات مع الحكومة الفرنسية حول “النقاط السبعة” التي طرحها بورقيبة. إلّا أنّ تجربة المفاوضات فشلت إثر مذكّرة شومان الشهيرة بتاريخ 15 ديسمبر 1951 التّي رفضها بورقيبة بشدّة لتندلع الثورة المسلّحة في 18 جانفي 1952.
– اعتقل بورقيبة من جديد إثر اندلاع الثورة و تمّ نفيه إلى جزيرة جالطة لمدّة عامين، ثمّ إلى فرنسا. وبلغ القمع الاستعماري حدّا كبيرا من الشراسة، إذ سُجن عدد كبير من المناضلين وحكم على الكثيرين منهم بالاعدام، واغتيل الزعيم فرحات حشاد في 5 ديسمبر 1952، والزعيم الهادي شاكر في 13 سبتمبر 1953.
– إثر وصول مانداس فرانس إلى الحكم في فرنسا سنة 1954 وإعلانه الشهير أمام الباي عن قبول فرنسا بمبدإ الاستقلال الداخلي، تمّ تشكيل حكومة تونسية برئاسة الطاهر بن عمّار وبمشاركة ثلاثة وزراء دستوريين للتفاوض مع فرنسا بتنسيق مع بورقيبة. وأسفرت المفاوضات والاجتماعات السريّة بين بورقيبة و مانداس فرانس إلى عودة الحبيب بورقيبة إلى أرض الوطن في 1 جوان 1955 في يوم تاريخي، و توقيع اتفاقيّة الاستقلال الداخلي في 3 جوان من نفس السنة.
– تمّ إعلان الاستقلال التامّ يوم 20 مارس 1956.
– ثم تمّت انتخابات المجلس القومي التأسيسي يوم 8 أفريل 1956 وانتخب بورقيبة رئيسا للمجلس، قبل أن يتمّ تكليفه بتكوين ورئاسة الحكومة.
– شرع بورقيبة في القيام باصلاحات عميقة في المجتمع التونسي، أهمّها تعميم التعليم والصحّة، واصدار مجلّة الأحوال الشخصية يوم 13 أوت 1956 التي منعت تعدّد الزوجات، و منحت المساواة بين المرأة والرجل أمام الطلاق ، وحقّ الاجهاض.
– تمّ إلغاء المُلكية و إعلان الجمهورية برئاسة الحبيب بورقيبة يوم 25 جويلية 1957 وانتُخب بورقيبة أوّل رئيس للجمهورية بعد المصادقة عن الدستور يوم 1 جوان 1959.
– تواصلت معركة فرض السيادة التونسية في ظروف صعبة نظرا للحرب في الجزائر، ثم حرب بنزرت التي سقط فيها عديد الشهداء والتي أدّت إلى جلاء آخر جندي فرنسي عن التراب التونسي يوم 15 أكتوبر 1963. ووُقّع قانون تأميم الأراضي في 12 ماي 1964،(83 سنة يوما بيوم بعد توقيع معاهدة باردو اتفاقية الحماية سنة 1881).
– عرفت فترة حكم بورقيبة تجارب اقتصادية مختلفة : التجربة التعاضدية في الستّينات بقيادة أحمد بن صالح انتهت بأزمة اقتصادية خانقة، والتجربة الليبيراليّة مع حكومة الهادي نويرة في السبعينات.
– كما شهدت فترة حكم بورقيبة هزّات مختلفة كمحاولة الانقلاب الفاشلة سنة 1962، وأحداث جانفي سنة 1978، وأحداث الخبز في جانفي سنة 1984.
وكانت سلطة بورقيبة تتّسم بالأبويّة إذ كان يرفض التعدّديّة السياسية، ويعتبرها ترفا لم يكن الشعب ناضجا لها بعد.
– انتهى حكم بورڨيبة يوم 7 نوفمبر 1987 لمّا قام الوزير الأول زين العابدين بن علي بإزاحته بشهادة طبّية تشير إلى “انعدام قدراته العقلية والبدنية”، ليُصبح بن علي رئيسا للجمهورية.
– توفي الحبيب بورڨيبة يوم 6 أفريل 2000 بمسقط رأسه المنستير أين قضّى آخر سنين حياته في الإقامة الجبرية.
# أسامة الراعي#
متحصل على :
شهادة الأستاذية في التاريخ.