الروبوت الصحافي هل يهدد مستقبل الصحافي البشري؟
باتت صناعة الروبوت الصحافي في السَّـنوات الأخيرة تُـمثِّـل تحدِّيـاً لِـمعظم وظائف البشر في المؤسسات الإعلامية العالميَّة، حيث استحوذت “الإنسالـة” بالدَّرجة الأولى على قسم الأخبار ونجحت في إنتاج كـمٍّ هائلٍ من القصص الخبرية بدءاً من جمع المعلومات وتصنيفها إلى تحريرها ونشرها، سواء بمساعدة البشرِ أو دون أي تدخل منهم. الأمر الذي يـشكِّـلُ خطراً على مستقبل الصحافيين إذا ما اتَّجهت المؤسسات الإعلامية إلى اعتماد الروبوت على حساب العنصر البشري وهو ما اعتمدته وكالة “الأسوشيتدبرس” وكذا صحيفتي “USA Today” و “L.A Times” .
كما أصبح المشروع يُـغري عديد المؤسسات الإعلامية عبر العالم. لِتعتمده بصفة فعلية صحيفةُ “واشنطن بوست” عام 2016 والتي استعانت بالروبوت “هليوغراف” في تحرير تقارير قصيرة خاصَّة بمدونة الصحيفة بصفة أوتوماتيكية. وفي عام 2017 كشفت دراسة لمؤسسة “رويترز” بجامعة أوكسفورد أنَّ العديد من المؤسسات الإعلامية تعتمد بصفة خاصة على المخرجات التحريرية للروبوت، سواء في القضايا السياسية أو حتى القضايا الإجتماعية.
وبحلول عام 2018 شرعت وكالة الأنباء الصينية الضَّخمة “شينخوا” في إقامة نوع جديد من غرف التحرير حيث تعتمد على تكنولوجيا المعلومات ويَـسيرُ العمل بها عن طريق التَّـعاون المشترك بين الإنسان والروبوت.
وحتى المجال السمعي البصري لم يسلم من اقتحام الروبوتات، حيث كانت البداية في اليابان مع الروبوت “إيريكا” المعتمدة في تقديم الأخبار ليصل إلى الإعلام العربي مع الروبوت “تمارا” التي سارعت قناة “العربية” لضمها إلى طاقم التَّقديم في السنوات القليلة الماضية.
وحسب مختبر “نيمان للصحافة” فإن الصين قدَّمت للجمهور منصة ثقيلة ضمن خطة 2030 لقيادة العالم نحو الرَّقمنة والتقنية، منصة “العقل الإعلامي” التي تعـمدُ إلى دمج إنترنت الأشياء، الذكاء الاصطناعي وتقنيات أخرى في إنتاج المواد الإخبارية، على أن تتراوح مهام هذه المنصة الذكية بين إيجاد القصص، جمع الأخبار وتحريرها وتوزيعها. لكن تبقى أنواع الرَّأي الصحفية مستعصية على عقل الآلة فالروبوت لن يتمكن من الإبداع، لن يتمكن من طرح الأفكار والتَّحليل ولن يتمكن من التحقيق والتشخيص، إذ لا يمكن أن تكون الآلة بنفس درجة الإبداع لدى الإنسان وليس باستطاعتها الاستطلاع وتغطية الفعاليات الميدانية وإجراء المقابلات مع الشخصيات باعتبار أن قدراتها محدودة فقط في جزئيات معينة من الجانب الإخباري.
وقد تحدَّثنا عن الذكاء الاصطناعي والصحافيين الآليِّين وما يتعلق بمستقبل الإعلام في وجودهم، فإنه يجدر الجزم بأن الصحافي الروبوت لن يتمكن من الاستحواذ على مهنة الصحافة والإعلام بصفة كاملة باعتبارها لا تقتصر فقط على جمع وتحرير ونشر الأخبار إنما تتعدى ذلك إلى طرح الآراء ومناقشتها وتحليلها ومعالجة القضايا على تعدد مجالاتها فهي بذلك مهمة إبداعية ومهمة استقصائية تقدم في شكل تقارير وتحقيقات ومقالات أين نحتاج إلى اللعب على الفروق الدقيقة والتحليل والتشخيص فإنه لا مكان للروبوت في ذلك وهذا ما يلفت أن الروبوت منح للصحافيين وقتا أوفر للتوجه نحو مهمات إعلامية أكثر دقة لا يستطيع هو القيام بها، كما أنه نبَّه المؤسسات الأكاديمية للصحافة والإعلام لبناء برامج قاعديَّة تجمع بين التكنولوجيا والإعلام للخروج بنتائج أشمل وأكثر فاعلية للحفاظ على مكانة الصحافي البشري. ويؤكد هذا نائب وزير التنمية الروسي “أليكسي فولين” في تصريحه: “الروبوت لن يحل محل الصحافيين الجديين أما الصحافيين الرديئين فلا أسف عليهم”.
أرى من الجميل أن تطرق الصحفية المبدعة بشرى بلمامي هذا الجانب المهم
الذكاء الإصطناعي كان هو موضوع مناقشتي لمذكرة الماستر.. تم ذكر الأمور الخاصة في المقال بصفة غير متناهية
أرى أن الروبوتات تحمل في طياتها تفاصيل مختلفة عن النمط البشري سواء في السلب أو الإيجاب…
قد يكون الروبوت حلا بديلا… لكن تبقى له نقائص كبيرة في طريقة التعامل مع الظروف المحيطة به والتي قد لم تبرمج بعد… إضافة الى غياب المشاعر والأحاسيس والثقافة البشرية