أحمد عبد السلام : مؤرخ جامعي تونسي.
– أحمد عبد السلام : ولد في 17 جانفي 1922 – توفي .12 ماي 2007، (85 سنة).
- – ولد بمدينة المهدية حيث زاول دراسته الابتدائية قبل أن ينتقل إلى المدرسة الصّادقية سنة 1933 وهو في الحادية عشرة من عمره. ومن طريف ما يذكر أنّه لم يتمكّن من المشاركة آنذاك في امتحان الشهادة الابتدائية لصغر سنّه. وكان الحصول عليها في عهد الحماية أهمّ من النجاح في مناظرة الدخول إلى التعليم الثانوي، لأنّ حاملها يُعفى من الخدمة العسكرية في الجيش الفرنسي. وقد اضطرّ إلى اجتياز هذا الامتحان بعد أن سار شوطا في التعليم الثانوي.
– بعد نجاحه في شهادة البكالوريا اضطرّ إلى العمل قيّما بالمدرسة الصّادقية. وسجّل بجامعة الجزائر لإعداد الإجازة في اللغة والآداب العربية عن طريق المراسلة أحيانا والإقامة في عاصمة الجزائر أحيانا أخرى.
– بعد حصوله على الإجازة عيّن مدرسا بالمدرسة الصّادقية. فدرّس العربية والفرنسية أيضا. وانخرط في الحركة النقابية، فكان عضوا ناشطا فيها، وهو ما لم يرق لإدارة التعليم العمومي التي كانت تشرف على المدارس الابتدائية والثانوية. فنقل إلى المدرسة الثانوية بسوسة نقلة لا تبدو في الظاهر تعسّفية لأنها صادفت السنة التي أنشئ فيها في هذه المدينة ومدينتي صفاقس وبنزرت تعليم صادقي يحتلّ فيه تدريس العربية مكانة تضاهي تدريس الفرنسية.
– وفي أكتوبر من سنة 1947 سافر إلى باريس حيث قضّى سنة لإعداد مناظرة التبريز، ونجح فيها بتفوّق.
– ولمّا عاد إلى تونس عُيّن من جديد في المدرسة الصادقية حيث درّس إلى سنة 1956. وكلّف أيضا في بداية الخمسينات بإلقاء دروس على طلبة إجازة العربية في معهد الدراسات العليا بتونس.
– اضطلع في هذه الفترة وإلى بداية الستّينات بمسؤوليات نقابية، فكان أمينا عامّا لنقابة التعليم الثانوي ونائبا لرئيس الجامعة القومية للتعليم فرئيسا لها.
– وفّرت له الحركة النقابية ولثلّة من زملائه وخاصّة محمود المسعدي إطارا ملائما لتدارس وضعية التعليم والتربية في الإيالة التونسية تحت الحماية وللتفكير في الأسس والاتجاهات والمرامي التي ينبغي أن يقوم عليها النظام التربوي التونسي بعد الاستقلال.
– لذا كان من الطبيعي أن يُدعى بعد أن عُيّن محمود المسعدي وزيرا للتربية في مارس 1958 إلى رئاسة اللجنة القومية للتعليم التي تمكّنت في بضعة أشهر من وضع التصوّر العام للنظام التربوي التونسي وتحديد مسالكه وبرامج مختلف المواد. وانطلق العمل بهذا النظام في شهر أكتوبر من سنة 1958.
– وقبل ذلك بسنتين كُلّف بإنشاء دار المعلمين العليا : أوّل مؤسسة تعليم عال في تونس المستقلّة. فقام بهذه المهمّة بكفاية عالية رغم قلّة الإمكانات البشرية والمادّية. وقد فتحت هذه المدرسة أبوابها في أكتوبر 1956، وتمكّنت بفضل الأسس المتينة التي أرسيت عليها رغم ما اعترضتها من مشكلات، من تخريج مئات الإطارات التربوية التي كانت طيلة سنوات بمنزلة العمود الفقري لهيئة التدريس في التعليم الثانوي وكذلك التعليم العالي. وكانت دار المعلمين العليا النّواة التي تكوّنت حولها كلّيات الجامعة التونسية. وقد اضطلع أحمد عبد السلام بالاشراف على بعث هذه الكليات وتنظيمها، ولم تسند إليه لهذا الغرض إلاّ خطة نائب لرئيس الجامعة مع أن منصب الرئاسة كان شاغرا.
– ومن إنجازاته في هذه الخطّة بعث أوّل مجلة بحث علمي تصدر باللغة العربية في تونس المستقلة. وقد حرص على إرسائها على أسس متينة مكّنتها من الاستمرار إلى يومنا هذا، وهي “حوليات الجامعة التونسيّة”.
– ولمّا انتهت مهمّته على رأس الجامعة عكف على البحث، فأنهى أطروحته حول المؤرخين التونسيين في القرون 17 و18 و19 وناقشها بجامعة السربون في غضون سنة 1969. وإثرها ارتقى إلى رتبة أستاذ جامعي.
– لم يقتصر نشاط أحمد عبد السلام على التربية والتعليم والبحث، بل كان له نشاط في الحقل الثقافي، من ذلك أنّه نشر وهو ما يزال مدرّسا شابا في المدارس الثانوية فصولا نقديّة قيّمة بمجلة “المباحث” التي تعتبر، رغم قصر عمرها، من أهمّ ما ظهر في تونس من مجلات أدبية ثقافية إن لم تكن أهمّها.
– وترأّس من سنة 1959 إلى سنة 1962 اللجنة الثقافية القومية، كما أوكلت إليه عام 1982 مهمّة إنشاء المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات (بيت الحكمة) فترأّسها إلى أواخر 1987.
– إثر ذلك خصص كامل وقته للبحث والنشر.. شارك أحمد عبد السلام في مؤتمرات وندوات علمية عدّة، وكان عضوا مشاركا في “أكاديمية علوم ما وراء البحار” بباريس، كما دعي إلى إلقاء درس بالكوليج دي فرانس بعنوان “ابن خلدون وقرّاؤه” نشر في كتاب ضمن سلسلة منشورات هذه المؤسسة بعنوان: “بحوث ومحاضرات، كوليج دي فرانس”.
– تتوّزع كتابات أحمد عبد السلام بين تصنيف الكتب والتحقيقات والمقالات ومنها:
* المؤرّخون التونسيون في القرون 17 و18م و19م، رسالة في تاريخ الثقافة. وهو البحث الأساس الذي أعدّه لشهادة دكتوراه الدولة باللغة الفرنسية. وقد نقله إلى العربية المؤلّف بالتعاون مع عبد الرزاق الحليوي. ونشرته مؤسسة بيت الحكمة سنة 1993. وكان النص الفرنسي قد نشرته الجامعة التونسية ودار كلانسيك بباريس سنة 1973.
* نظام التعليم، نشر الاتحاد العام التونسي للشغل.
* ابن خلدون، عصره وترجمة حياته، نشر كتابة الدولة للتربية القومية، تونس 1958.
* دراسات في مصطلح السياسة عند العرب، نشر الشركة التونسية للتوزيع ط1، تونس 1978، ط2.، سنة 1985.
* ابن أبي الضياف، حياته وآثاره مع مختارات، الدار العربية للكتاب، تونس 1984.
* ابن خلدون والعدل، الدار التونسية للنشر، تونس 1989.
* استكشاف السبل من منطلق الايمان إلى مسالك الثقافة، الدار العربية للكتاب، تونس 1982.
* ابن خلدون وقراؤه، ترجم هذا الكتاب إلى الاسبانية ونشر بمكسيكو سنة 1987.
* إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تحقيق الباب السادس من مصنف ابن أبي الضياف المخصص لدولة أحمد باي الأوّل. وقد أعدّه المؤلّف باعتباره أطروحة دكتوراه تكميلية. ونشرته الجامعة التونسية سنة1971، ط 2 الشركة التونسية للتوزيع، تونس 1985.
* فهرس تحليلي لوثائق خير الدين الخاصّة (بالاشتراك مع حسين الحداد)، نشر مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، تونس 1982.
– كما ألف العديد من الكتب والمقالات والبحوث باللغة الفرنسية.
# أسامة الراعي #
متحصل على :
شهادة الأستاذية في التاريخ.