الحسين بوزيان : مناضل وطني تونسي.

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

من مواليد هذا اليوم 18 ماي سنة : 1925 – الحُسين بوزيان، مناضل وطني تونسي، وأوّل ضحية اغتيال سياسي بعد استقلال تونس سنة 1956.

– الحسين بوزيان : ولد في 18 ماي 1925 – اغتيل في 26 مارس 1956، (31 سنة).
– ولد قرب سيدي بوزيد وتحديدا بالمنطقة التي فُصلت عن المكناسي والتي أصبحت معتمدية منذ سنة 1979 لتتسمى إثر ذلك منزل بوزيان، تكريما له.

– زاول الحسين بوزيان تعليمه بجامع الزيتونة إلى أن أصبح أستاذا بالفرع الزيتوني بقفصة، المدينة التي كان يتمتّع فيها بمكانة كبيرة لدى القبائل عموما والهمامة خاصة. فغرس فيهم حبّ الوطن والجهاد من أجله. كان بمثابة القائد المثال، الممثل للحزب الحر الدستوري التونسي في تلك الربوع إلى جانب رجال بررة سبقوه في العمل النضالي مثل يوسف الرويسي، أحمد السنوسي، موسى الرويسي، محمد علي العلوي وعبد العزيز العكرمي وآخرين…

– في أواخر الأربعينات أهّله نشاطه صلب “جمعية ابن منظور القفصي” التي أسسها الأديب الكبير أبو القاسم محمد كرّو لاكتساب ثقافة عالية وقدرة كبيرة على الخطابة والتأثير المباشر رغم صغر سنه.
– كان مولعا أيضا بالمسرح في مطلع الخمسينات إذ سافر صحبة الهادي القُرجي رئيس جمعية الفرقة التمثيلية لجمعية أنصار المسرح إلى الجزائر لتقديم بعض العروض كما شارك في هذه الرحلة المسرحية الممثل الشهير محمد الدرّاجي.

– وإلى جانب مشاركته في العروض المسرحية، كان قد كلف بمهمة تنسيقية بين الحزب الحر الدستوري التونسي وشباب حزب الشعب الجزائري الذي قاد الثورة الشعبية الجزائرية، باعتباره محل ثقة الديوان السياسي، وعضوا بارزا بالمجلس الملّي، وكاتبا عاما لجامعة قفصة الدستورية.

– كان الحسين بوزيان من أبرز العناصر الفاعلة المقاومةِ للاستعمار، فاستغل وجاهته وتأثيره الكبير في جهة قفصة والجنوب للقيام بحملة لتعبئة أبناء جهته وتجنيدهم للصعود للجبال وحثهم على حمل السلاح ضد المستعمر في انتظار خوض المعركة الحاسمة. وقد برز معه صديقه ورفيقه ابن جهته الزعيم النقابي والدستوري أحمد التليلي، وكذلك القائد الطاهر الأسود والقائد الأزهر الشرايطي وغيرهم من الذين ساهموا بحماسة وبطولة في عملية تجنيد التونسيين وتعبئتهم وإعدادهم للثورة.

– كان الحسين بوزيان يتّقد حيوية ونشاطا وكان مركز ثقل كبير يعتمد عليه الحزب لتمثيله وتفعيل سياسته في الجنوب التونسي (قفصة، سيدي بوزيد والجريد) وكان لا يتردد في قول الحق والدفاع عن أفكاره بكل شجاعة، وكان يصدح بها في اجتماعات المجلس الملي وفي كل الاجتماعات السياسية.

– على إثر المفاوضات التونسية الفرنسية اتفق الحزب الحرّ الدستوري التونسي وفرنسا بأن ينزل المقاومون من الجبال ويسلّموا أسلحتهم كخطوة أولى لمواصلة المفاوضات إلا أنّ الأمين العام للحزب صالح بن يوسف عارض هذه الاتفاقيات واعتبرها خطوة إلى الوراء. كان الحسين بوزيان مساندا لتعليمات بورقيبة وصرح بذلك في العديد من المناسبات محرّضا بعض من تبقى من المقاومين على النزول من الجبال وتسليم أسلحتهم وحثهم على أن يثقوا في الزعيم الحبيب بورقيبة ممّا أثار سخط وغضب الأمين العام الزعيم صالح بن يوسف وأنصاره نظرا للوزن الذي كان يتمتع به الحسين بوزيان في صفوف المقاومين فناصبوه العداء.

– ورغم ما كان يكنّه الحسين بوزيان للزعيم صالح بن يوسف من ودّ وتقدير واعتراف بمكانته في الحزب والحركة الوطنية إلا أنّه اقتنع بضرورة التمشّي المرحلي في التعامل مع فرنسا. لم يكن قراره مبنيا على محاباة للحبيب بورقيبة أو على حسابات شخصية، بل على ضرورة انتهاج سياسة مرحلية يُمليها منطق “خُذ وهات” وكسب الوقت والمراحل. ولهذه الأسباب لم يكن موافقا على إضعاف الحزب فتمسك بمواقفه بكل جرأة وشجاعة وأصدح بها.

– لم يبق الحسين بوزيان مكتوف الأيدي تجاه ما أصاب الحزب والحركة الوطنية من انشقاق وفتنة فتوجه إلى القاهرة مع مجموعة من المناضلين، وقام بتنسيق مع المرحوم يوسف الرويسي بمهمة توفيقية، توسّطا خلالها لدى الزعيمين الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر. وكادت وساطتهما أن تكلل بالنجاح وترجع المياه إلى مجاريها لولا تدخل البعض من الذين لم يرق لهم أن ترجع الأمور إلى نصابها فأُجهِضت المصالحة.

– لم يكن الحسين بوزيان مبالٍ بالأخطار المحدقة به بعد أن اتخذ الخلاف البورقيبي اليوسفي منعرج التصفية الجسدية بين الطرفين، وتصاعدت وتيرة الاغتيالات والجرائم السياسية وتسارع نسقها، وتمت تصفية المئات من أنصار الشقين. وحتى التهديدات التي بلغته عبر رسالة تلقاها قبل أسبوع من انتخابات المجلس التأسيسي الذي كان ضمن مرشحيه بالجبهة القومية لم يعرها اهتماما وهزأ منها، حتى جاء يوم 26 مارس 1956 المشؤوم : ففي الساعة الثامنة والنصف ليلا ،بعد 24 ساعة من انتخابه عضوا بالمجلس القومي التأسيسي أنهى الحسين بوزيان اجتماعه مع أعضاء الجامعة بعد أن هنأهم بفوز الجبهة القومية، وأعلمهم بضرورة سفره من الغد إلى العاصمة لحضور اجتماع افتتاح أشغال المجلس التأسيسي، وقفل راجعا إلى منطقة “الدوالي” صحبة أربعة من أصدقائه عندما اقترب منه شخصان أمام مقر “القيادة” (قصر البلدية اليوم)، وتقدم أحدهما مُسلّما عليه ومادًّا يده لمصافحته ومدّ يده الأخرى وأفرغ أربع رصاصات أسقطته صريعا. وبمجرد أن حُمل إلى المستشفى لفظ أنفاسه الأخيرة. وتمكن أصدقاؤه من إلقاء القبض على أحدهما، الذي تبيّن أنه من أنصار الأمانة العامّة (شقّ صالح بن يوسف).

– ومن الغد انتظمت له جنازة رهيبة حضرها الحبيب بورقيبة الذي قام بتأبينه، وشيّعه أكثر من 10 آلاف تونسي إلى مثواه الأخير. وأضربت قفصة، وأعلنت الحِداد، وأغلقت جميع المتاجر والمؤسّسات، وتعطّل العمل حزنا على فراقه وتنديدا باغتياله.
– سقط الشهيد الحسين بوزيان وعمره لم يتجاوز 31 سنة، وتضاربت الأنباء والتصريحات حول اغتياله، وإلى اليوم تبقى قضية اغتيال الحسين بوزيان موضوع جدل ونقاش.

# أسامة الراعي #

 

Loading

أسامة الراعي

متحصل على : شهادة الأستاذية في التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *