تأسيس الحزب الحر الدستوري التونسي.
في مثل هذا اليوم 3 جوان من سنة : 1920 – الإعلان عن تأسيس الحزب الحر الدستوري التونسي.
- تأسس الحزب بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى بعد اجتماع ضمّ عددا من أفراد “حركة الشباب التونسي” في ربيع سنة 1919 وذلك للبحث عن إطار يجمعهم وبرنامج يلبي تطلعات الشعب التونسي في تلك المرحلة. فتمّ الاتفاق على تأسيس حزب وطني أُطلق عليه في البداية اسم “الحزب الحرّ التونسي”، ثمّ وبإشارة من الشيخ عبد العزيز الثعالبي (الذي كان مُبعدا في باريس) أضيف للاسم صفة الدستوري نسبة الى الدستور التونسي الذي صدر سنة 1861 وكان الهدف من ذلك، إبراز تعلّق التونسيين بالدستور بما يتضمن ذلك من أبعاد سياسية وخاصة إعطاء الشرعية التاريخية لحزبهم ولنضالهم..
- ومنذ 3 جوان 1920 (التاريخ الفعلي لتأسيس الحزب بعد اجتماع انعقد بضاحية المرسى) أصبح اسمه “الحزب الحرّ الدستوري التونسي” وتوسع نشاطه ليشمل مختلف الفئات الاجتماعية.
- أكد برنامج الحزب في صيغته الأولى على ضرورة تأسيس مجلس يتكون من أعضاء تونسيين وفرنسيين منتخبين بالاقتراع العام، و يتمتع بالسيادة الكاملة في وضع برنامج أعماله، وله اختصاصات واسعة فيما يخص الميزانية، ومن مهامه أيضا تأسيس حكومة مسؤولة أمام هذا المجلس. كما طالب الحزب في برنامجه بالفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبتنظيم بلديات منتخبة بالاقتراع العام في جميع أنحاء البلاد، وبحرية الصحافة والاجتماع وتأسيس الجمعيات، وبإجبارية التعليم…
- توخّى الحزب أسلوب المطلبية في نضاله ونبذ العنف تجاه إدارة الحماية وأجهزتها المختلفة، ورغم كل ذلك لم تعترف ادارة الحماية بوجوده القانوني…
- عرف الحزب بعد تأسيسه عدة انشقاقات في صفوفه، قبل انضمام الحبيب بورقيبة اليه. اذ خرج عنه حسن القلاتي وأسس الحزب الإصلاحي (سنة 1921) ثم خرج فرحات بن عياد وأسس الحزب الحر المستقل (سنة 1922) غير ان تلك الإنشقاقات لم تؤثر في حجم الحزب ولا في توجهاته السياسية مقارنة بالانشقاق الذي قاده الحبيب بورقيبة وجماعة “العمل التونسي”.
- وفي سياق وضع إجتماعي واقتصادي تونسي متأزّم، انعقد مؤتمر الحزب الحر الدستوري التونسي بنهج الجبل في المدينة العتيقة يومي 12 و13 ماي 1933، وبرز فيه مناضلون جدد عُرفوا بمواقفهم الراديكالية أمثال محمود الماطري والبحري ڤيڤة والأخوين امحمّد والحبيب بورقيبة..
- وقد طالب الحبيب بورقيبة قيادة الحزب خلال المؤتمر بالتخلّي عن الوسائل القديمة لتحقيق مطالب الشعب. وانتهى المؤتمر بالاعلان عن برنامج بعنوان «السّير بالشعب التونسي نحو التحرير». وحوّل الحزب بعد ذلك وجهة شُعَبه الدستورية نحو جهة الساحل ونشر فروعه في أكثر من مدينة وقرية جعلته يتحوّل الى حزب جماهيري.
- لكن التصدّع الداخلي أودى بالحزب الى دائرة الصراع والتراجع والاهتزاز بعد استقالة الحبيب بورقيبة من الهيئة القيادية بسبب توبيخه من أجل تزعّمه وفدا من أبناء جهته بالمنستير لمقابلة الباي احتجاجا على دفن أحد المتجنّسين في المقبرة الاسلامية.
- وشهد الحزب بزعامة اللجنة التنفيذية نزيفا متواصلا من الانشقاقات، ولم يعد الحزب الدستوري القديم يستقطب سوى فئات من الأعيان والملاكين والطلبة الزيتونيين الذين مازالوا يجدون في الحزب أداة للتعبير عن قناعاتهم العربية الاسلامية المحافظة الرافضة للتجديد.
- وقد أفضت حالة التأزّم والانشقاق الى انعقاد المؤتمر الاستثنائي في مدينة قصر هلال يوم 2 مارس 1934 وتشكيل ديوان سياسي وحل اللجنة التنفيذية القديمة.
- وردّت القيادة القديمة بعقد مؤتمر بنهج غرنوطة في المدينة العتيقة يوم 27 أفريل من نفس السنة تقرّر خلاله عزل المنشقّين رفاق الحبيب بورقيبة من الحزب، وبذلك حصلت القطيعة النهائية بين التيارين الدستوريين وأصبح الحزبان يعرفان ب«القديم» و«الجديد».
- لم يستطع الحزب الحر الدستوري القديم أن يجاري التوسع الذي حققه الحزب الدستوري الجديد. وقد حاول أن يُشبّب إطاراته في مؤتمره المنعقد في أفريل 1955 من خلال ضم عدد من الوجوه الشابة إلى صفوفه. غير أن تسارع الأحداث والضغوطات التي كان يمارسها الحزب الدستوري الجديد لم تسمح له بذلك. ومما زاد الطين بلة أنه أيّد صالح بن يوسف في صراعه مع الحبيب بورقيبة وهو ما زاد في حجم الضغوط عليه.
- أما بعد الاستقلال فقد تقلص وجود الحزب الدستوري القديم، واقتصر على إصدار صحيفة “الإستقلال” الأسبوعية التي استمر صدورها من 1955 إلى 1960.
- وقد تمّ حلّ الحزب إثر المحاولة الانقلابية التي كشفت في ديسمبر 1962 والتي كان من بين المتهمين فيها الصحبي فرحات أحد قيادات الحزب والشيخ أحمد الرحموني الذي انضم إلى لجنته التنفيذية في أفريل 1955.
أسامة الراعي
متحصل على :
شهادة الأستاذية في التاريخ.