الشيخ إمام، مغنٍّ وملحن مصري
من مواليد هذا اليوم 2 جويلية سنة : 1918 – الشيخ إمام، مغنٍّ وملحن مصري.
– الشيخ إمام واسمه الحقيقي إمام محمد أحمد عيسى : ولد في 2 جويلية 1918 – توفي في 7 جوان 1995، (77 سنة).
– يعدّ الشيخ إمام ظاهرة فنية وثقافية نادرة في التاريخ العربي، فلم يسبق لموسيقي أو مغن أن كرّس حياته وفنه للدفاع عن القضايا وعمّا يؤمن به إلى الحد الذي فعله “الشيخ الظاهرة”.
– ولد إمام محمد أحمد عيسى في قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة، وترعرع في أجواء بسيطة لأسرة فقيرة.
– في عامه الأول أصيب بالرمد ونتيجة للجهل الحالك حينها؛ تسبب ذلك المرض في فقده بصره، وما كان له حينها إلا حفظ القرآن الكريم.
– بدأ إمام شق طريقه الفني في منتصف الثلاثينيات بعد تعرفه على الشيخ زكريا أحمد الذي ساعده على تنمية موهبة التلحين لديه. ولقوة ذاكرة إمام بدأ يحفظ الألحان التي كان يلحنها الشيخ زكريا لأم كلثوم، وهكذا بدأت تلك الألحان تتسرب قبل أن تشدو بها أم كلثوم، وتلك كانت النقطة الفاصلة بينهما في الاستمرارية معاً.
– في عام 1962 تعرف إمام على أحمد فؤاد نجم وأعجب كلّ منهما بالآخر ومنذ تلك اللحظة كوّنا ثنائيا مبهراً.
– كغيره من المصريين زلزلت هزيمة حرب جوان 1967 الشيخ إمام وسادت نغمة السخرية بعض أغانيه مثل “الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا – يا محلى رجعة ظباطنا من خط النار“.
– انتشرت قصائد نجم التي لحنها وغناها الشيخ إمام كالنار في الهشيم داخل وخارج مصر، فكثر عنها الكلام واختلف حولها الناس بين مؤيد ومعارض، واستوعبت الدولة بدايةً الشيخ وسمحت له بتنظيم حفل في نقابة الصحفيين وفتحت له أبواب الإذاعة والتلفزة.
– لكن سرعان ما تبدل الحال، وانقلبت الموازين عندما قام إمام بالهجوم في أغانيه على الأحكام التي برّأت المسؤولين عن هزيمة 1967، فصارت أغانيه مُلهمةً للملايين في مصر وخارجها.
– تمّ القبض عليه هو ونجم ليحاكما بتهمة “تعاطي الحشيش” سنة 1969 ولكن القاضي أطلق سراحهما، فظلّ الأمن يلاحقهما حتى حُكم عليهما بالسجن المؤبد ليكون الشيخ أول سجين بسبب الغناء في تاريخ الثقافة العربية.
– قضى الشيخ إمام ونجم الفترة من هزيمة جوان 1967 حتى نصر أكتوبر 1973 يتنقلان من سجنٍ إلى آخر، ومن مُعتقلٍ إلى آخر وكان يغنّي وهو ذاهبٌ إلى المعتقلات اغنيته المشهورة “شيد قصورك”، علما وانّ نجم كان قد كتب هذه القصيدة في سجن القناطر، وسرعان ما أصبحت من أشهر أغاني الغاضبين في كل المظاهرات ضد السلطة منذ ذلك الوقت وانتهاءً بترديدها في ميدان التحرير سنة 2011، و”أطلق كلابك في الشوارع، واقفل زنازينك علينا.. وقل نومنا في المضاجع، آدي احنا نمنا ما اشتهينا.. واتقل علينا في المواجع، إحنا اتوجعنا واكتفينا.. وعرفنا مين سبب جراحنا، وعرفنا روحنا والتقينا”.
– داخل السجن كان الشيخ إمام يتلكأ في الربع ساعة المخصصة لذهابه لدورة المياه أمام زنزانة نجم فيسمع ما لديه من أشعارٍ ويحفظها ثم يعود إلى زنزانته ليلحّنها ويغنيها. وانتشرت أغانيهما بين المعتقلين وكان منها أغاني “سجن القلعة” و”الممنوعات”.
– تمّ الافراج عن الثنائي بعد وفاة جمال عبد الناصر، فخرجا من السجن ليجدا روحاً جديدةً تدبّ في مصر التي انشغل فيها الشباب بالقضايا الوطنية. لهذا خرجت الأغاني مفعمةً بالأمل وغنى بين الطلاب المتظاهرين في جامعة القاهرة (رجعوا التلامذة للجد تاني) و (مصر يامه يا بهية). وهذا ما عرّضهما للاعتقال مرةً أخرى ولم يخرجا إلا بعد حرب أكتوبر 73.
– وفي عام 1974 قرر الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون زيارة مصر، وأعدّ الرئيس السادات حينها استقبالاً شعبياً لنيكسون، مما أثار حفيظة العاشق لقضايا شعبه، فقرر أن يرفع صوته فوق صوت الآلاف التي حشدها السادات للترحيب بالرئيس الأمريكي في أغنيةٍ بعنوان “شرفت يا نيكسون بابا“.
– تصاعدت الاحتجاجات الشعبية ضد كامب ديفيد عام 1979، واختار الثنائي نجم وإمام أن يكونا مع الطلاب مجدداً. فأحيَيَا حفلاً في جامعة عين شمس وتم القبض عليهما بعدها وحكم عليهما بالسجن لمدة عام بتهمة سبّ الذات الرئاسية وأطلق سراحهما بعد اغتيال السادات.
– لم تستطع أية قوة أن توقف هذا الفكر المتدفق، ولم يستطع أي مُعتقل أن يضفي الظلام على تلك الألحان النيّرة، بل أزكى الاعتقال والسجن شعلة إبداعه.
– وظل الشيخ إمام ممنوعا من السفر حتى عام 1984؛ وبدأ عندها بتلقي الدعوات الكثيرة من مختلف بلدان العالم، فقام بإحياء عدة حفلاتٍ في باريس حيث تلقى دعوةً من وزارة الثقافة الفرنسية لإحياء بعض الحفلات في فرنسا، وحظيت تلك الحفلات بإقبالٍ جماهيري واسعٍ، وبدأ في السفر إلى الدول العربية والأوروبية لإقامة الحفلات الغنائية التي لم تزد نجاحه إلا نجاحاً، وكان دائماً بُلبُلاً يصدح بالنهضة والثورة، ومنبراً لحركات التحرر العربية والعالمية حتى أنه شارك في المؤتمر العالمي للشبيبة في موسكو.
– وفي منتصف التسعينات آثر الشيخ إمام أن يعتزل هذا العالم وأن يعتكف في حجرته بعد هذه المسيرة التي إن قُلنا عنها فنيةً فقط نكون قد أجحفنا بحقه وحق عوده الذي لازمه طيلة حياته، بل هي مسيرةٌ ثقافيةٌ عامرةٌ بالمعاني الصادقة، صادحةٌ بحب الوطن وبذل الغالي والنفيس في سبيل ما كان يؤمن به، حتى توفّي بهدوءٍ في 7 جوان 1995 تاركاً وراءه أعمالاً فنيةً نادرةً، وآثاراً حفرت إسمه على صفحات التاريخ الخالدة.
# أسامة الراعي #
متحصل على :
شهادة الأستاذية في التاريخ.