الحدث: ملتقى شعر الشباب بمستغانم الطبعة الخامسة دورة 2022
المتن:
من نفس المنبر الذي ارتقيته قبل سبع سنوات في ميعة الشباب الأول بمدينة مستغانم الساحرة وتوّجت فيه بالمركز الأول عن قصيدتي المعنونة ( تجليات متيم ثورية)
يعيد التاريخ نفسه في نفس الشهر شهر الأمجاد والبطولات بتتويج أبهجني كثيرا رغم أنني توقعته منذ علمي بحضور الفرسان المتوجين فيه ومازلت عند رأيي أن لجان الشعر لا تثبت شاعرية شاعر حقيقي أو تنفيها فهي في النهاية أذواق ومدارس ومعايير محددة قد يسقط من غربالها كثير من الشعراء الذين يكتبون لقراء لم يأتوا بعد وهذا هو الهدف الأسمى للشعر لا تبديل جلد الكاتب في كل مرة بغية انتشار زائف ووهم تطور كاذب
فالشعر فعل والنقد رد فعل والفعل أسبق دائما لكنه لا غنى له عن النقد الحقيقي الفاحص المرافق للمبدع المبين لعثرات الطريق إذ هو جنة مفقودة في عالمنا العربي كما يقول عنها الشاعر محمد الأمين سعيدي
..
المحصلة:
المركز الأول :
هارون عمري = هذا الفتى المغيّري هو مرآتي التي أرى فيها نفسي دائما فأنا منه وهو مني ولا أراهن عليه لأنه فرس رهان أقامر بها في مجال الشعر أبدا بل أراهن على تجربته لأنها حالة صوفية تمثل نقاء نادرا عزَّ أن نجده في هذا العصر الذي طغى عليه غبار الماديات وتضخم الأنا ويلاحظ عنها أيضا أنها بعيدة عن المكدرات المنتشرة في الساحة من تجاذبات فهي في جوهرها عروج في سماوات الشعر السبع وابتعاد عن سفاسف العالم الطيني للشعر ولا شك أنها إضافة قيمة إلى عالم الشعر والإنسانية معا فأن تكون محبوبا أهم من أن تكون مشهورا
..
المركز الثاني:
عبد الوهاب فتحي = كتبت يوما عن هذا الفتى الأهڨاري الوريث لي في الإسم والصعلكة وقلت أنه لم يعرف الحبو إطلاقاً وليكونن أعجوبة عصره إن لم يناد بالقطيعة مع آبائه أو الركون إليهم والبقاء في جببهم الدافئة فالشعر في الأصل هو سباق تتابع يستلم المبدع في مضماره الشعلة من غيره ويبدأ الجري حيث توقف المبدعون الآخرون باحثا عن ذاته وأسلوبه وهو على الطريق الصحيح ما لم يستعجل الانتشار فطبخ التجربة على نار هادئة ألذ وأشهى من غصب مذاق هذه التجربة بزيادة حطب النصوص إليها وتجربته في ملامحها الأولية تميل إلى توظيف الرمز والأساطير واستنطاق التاريخ بأدوات صافية وربما ستبلغ يوما ما ذروتها بكثير من الإجتهاد والقراءة وهو أهل لذلك
……
المركز الثالث:
بلول ابراهيم الحدآد = هذا الفتى الشرس القادم من مدينة وادي سوف الذي تراوده النخلة دوما عن أخيلته ويحتضنه العرڨ( مجموعة كثبان رملية) باحثا عن أسراره اللدنية في الأدب يغوص في تجربته إلى أعماق بعيدة بأسلوب سلس سهل ممتنع يدل على أنه لا يوجد قالب عام مستساغ أو محبب في الشعر لا يعول على غيره فهناك غموض محبب وهناك غموض مستغلق وبساطة محببة وبساطة مستكرهة تصل حد الابتذال
في تجربته العفوية استطاع الحداد المشي على هذا الخيط الرفيع حتى لا نقول الحبل دون أن يسقط من فوقه لصبره على تخمير تجربته وشدة تركيزه على ماهو مقبل عليه من مسافات طويلة مخافة أن تزل قدماه
ربما ما يجعله شرسا في نظر الكثيرين هو أنه خلق ليفترس في الأكل لكنه يعبر بذلك في نظري عن حضوره الطاغي لأكل الأطباق الشهية في مائدة القصيدة الواسعة فهنيئا له بهذه التجربة النقية شاعرا وإنسانا
…….
هامش:
صدق من قال إن الصحراء لا تخرج إلا النبوءات فهنيئا للشعر بكم أيها المبشِّرُون
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
..