التمويل العمومي للجمعيات وغير الجمعيات الناشطة في مجال تنظيم المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية، الواقع والمأمول
أثيرت في الآونة الأخيرة مع إنطلاقة المهرجانات الصيفية عديد التساؤلات حول الصعوبات التي تواجه هيئات عديد المهرجانات نتيجة تأخر حصولها على الدعم العمومي ؛ وتجاوبا مع هذا الوضع بادرت المؤسّسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية بعقد ندوة صحفية صباح أمس، بقاعة المبدعين الشبان بمدينة الثقافة بإشراف مديرة المؤسّسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية، هند المقراني وبحضور كلّ من المكلّفة بتسيير صندوق التشجيع على الإبداع الفني زهيرة بن خليفة ،و مدير الشؤون الجهوية ولجنة دعم الجمعيات، ذاكر العكرمي حيث كانت مناسبة لتقديم بسطة حول طريقة إسناد الدعم المالي للمهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية وشروط الحصول عليه اضافة الى عرض جداول احصائية عن المبالغ التي تم صرفها لدعم عدد من المهرجانات الجهوية خلال السنة الفارطة و إلى حد تاريخ 7 أوت الجاري . إذ أنّ كلّ المهرجانات الصيفية التي قدّمت ملفات كاملة تتوفّر فيها الشروط الأساسية تحصّلت على دعم من قبل المؤسّسة والوزارة، حسبما أشارت إليه المديرة العامة للمؤسسة الوطنية مضيفة بأنّ العدد الجملي للمهرجانات الصيفية الدولية المتحصّلة على الدعم المالي لهذه السنة بلغ 34 مهرجانا بقيمة جملية بلغت 4 ملايين دينار.كما اكدّت عن التزام المؤسسة بصرف الدعم اللازم عن طريق المندوبيات الجهوية لمختلف التظاهرات و المهرجانات الصيفية و الجمعيات الثقافية في كل ولايات الجمهورية حيث وصلت قيمة الدعم الى 5.8 مليون دينار سنة 2022 بشرط استكمال كل الوثائق اللازمة في الآجال المحددة مشدّدة على ان اسناد الدعم يخضع لأمر حكومي يتعلّق بضبط معايير وإجراءات وشروط إسناد التمويل العمومي للجمعيات .
التمويل العمومي دعم للجمعيات ومساعدتها على إنجاز المشاريع وعلى تطوير نشاطها:
وللإشارة فإن القصد بالتمويل العمومي المسند للجمعيات المبالغ المالية المخصصة ضمن ميزانية الدولة أو ميزانيات الجماعات المحلية أو المؤسسات ذات الصبغة الإدارية أو المؤسسات والمنشآت العمومية أو الشركات ذات المساهمات العمومية بنسبة تفوق 34% من رأس مالها أو المنشآت ذات الأغلبية العمومية بهدف دعم الجمعيات ومساعدتها على إنجاز المشاريع وعلى تطوير نشاطها، وذلك على أساس الكفاءة وجدوى المشاريع والنشاطات.
وعملا بمقتضيات الأمر عدد 5183 لسنة 2013 مؤرخ في 18 نوفمبر 2013 والذي يهدف إلى ضبط معايير إسناد التمويل العمومي للجمعيات وإجراءاته وشروطه، كما يضبط آليات متابعة الجمعيات المستفيدة بالتمويل العمومي ومراقبتها، تسند وزارة الثقافة تمويلا عموميا للجمعيات -أسوة ببقية الوزارات حسب انشطة وخصوصيات الجمعية – لتدعيم نشاطها الثقافي وتطوير وسائل عملها لإنجاح تظاهراتها ومهرجاناتها
وفق شروط وإجراءات للحصول على التمويل العمومي من ذلك ، يشترط في الجمعية الراغبة في الحصول على تمويل عمومي:أن تحترم في تكوينها وفي نشاطها أحكام المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات،و أن تعتمد مبادئ الشفافية والديمقراطية في تسييرها الإداري والمالي،كذلك أن تكون وضعيتها المالية سليمة تجاه إدارة الجباية والصناديق الاجتماعية.وتبعا لذلك فقد تم إقرار مبدأ إسناد تنظيم وتسيير المهرجانات للجمعيات
ويتم إتباع إجراءات عامة من طرف الجمعية الراغبة في الحصول على تمويل عمومي في إطار طلبات مباشرة أو في إطار المشاركة في إعلان الدعوة للترشح أو في إطار اتفاقية شراكة لانجاز مشاريع إرفاق مطلبها بالوثائق المطلوبة …
استشارة لإعداد دراسة جدوى لواقع المهرجانات وتقييمها :
وبهدف مراجعة عدد المهرجانات ، رزنامتها والعمل على ضمان جودة المحتوى الفني بها، والتقليص في عدد السهرات لضمان الجودة في العروض وذلك من خلال التنسيق مع جميع المتدخلين بكل الجهات أكدت السيدة هند المقراني في كلمتها أن المؤسّسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية تعتزم الإعلان قريبا عن استشارة لإعداد دراسة جدوى لواقع المهرجانات ولتقييم المهرجانات الدولية والجهوية الوطنية منها والمحلية التي تم تنظيمها خلال العشرية الأخيرة مشددة على حرص سلطة الإشراف و المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات و التظاهرات الثقافية والفنية على حث جميع الفاعلين الثقافيين على تقديم تصورات وتنفيذ مشاريع ثقافية تبرز خصوصية الجهات المزمع تنظيم مهرجان أو تظاهرة لفائدتها، تقديم جملة من المشاريع الثقافية تتوفر فيها شروط التنوع والجودة والقدرة على ترك أثر دائم يعود بالنفع والفائدة على المتدخلين في القطاع الثقافي وعلى إثراء المشهد الثقافي والتعريف بالموروث الثقافي لكل جهة والتراث اللامادي التي تزخر به والبحث عن آليات جديدة لتمويل برامجهم الثقافية كإبرام اتفاقيات شراكة مع القطاع الخاص وحث رجال الأعمال للاستثمار في الثقافة كغيرها من القطاعات الأخرى.
مؤشرات دقيقة وتحديد سقف تمويل حسب الصنف وحسب النوعية المقدمة للمهرجان:
وخلال الندوة الصحفية تم طرح جملة من الإشكاليات من ذلك تشابه البرامج واستنساخ المشاريع في عدد من المهرجانات والحرص على تنظيم المهرجان كحقّ بغض النظر على الجودة، ومن التساؤلات هل من المعقول اعتماد جمعية ما على تنظيم مهرجان والشروع في إنجازه دون حصولها على الموافقة بالدعم من الجهات الداعمة وتتعهد بمصاريف عديدة في غياب ميزانية تحدد فيها المداخيل المرتقبة..؟ وعلى سبيل الذكر مهرجان بلاريجيا، مهرجان بنزرت، وغيرها التي لم تتحصل على دعم والتي تريد وضع المؤسّسة أمام سياسة الأمر الواقع”.
وقد أشارت المديرة العامة إلى المراجعات التي ستتخذها المؤسّسة في تصنيف المهرجانات من خلال العمل على عدم تزامن مهرجاني قرطاج والحمامات الدوليين والتقليص في مدتهما لضمان برمجة متنوعة تليق بعراقتهما،مبرزة أنّ المؤسسة ستعتمد على مؤشرات دقيقة وتحديد سقف تمويل حسب الصنف وحسب النوعية المقدمة للمهرجان.
إشكالية أخرى تم طرحها خلال الندوة الصحفية مفاجأة إلغاء مهرجان طبرقة الدولي للجاز، رغم إسناد المؤسّسة منحة تُقدّر بـ 100 ألف دينار إلى المهرجان في جلسة انعقدت في 12 جويلية بحضور مجموعة من الجمعيات المنظمة للمهرجانات التي تحصلت بدورها على الدعم والقسط الأوّل من المنحة. كما أنّ الهيئة المديرة للمهرجان قد أُلغيت دورة السنة الفارطة لعدم توفّر الاعتمادات الكافية من وزارة السياحة.هذه التظاهرة العريقة التي يعود تاريخها إلى 50 سنة ، فإن نقص الموارد المالية وتأخّر صرفها من قبل وزارة الثقافة والديوان الوطني التونسي للسياحة، إضافة إلى نقص دعم المستشهرين شكل عائقا حال دون ذلك.
حفل تضامني يوم 18 اوت 2023 بالمسرح الاثري بقرطاج تحت شعار ”التوانسة الكلّ مع طبرقة”:
من جانب آخر أعلنت مديرة المؤسّسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية السيدة المقراني عن تنظيم حفل تضامني يوم 18 اوت 2023 بالمسرح الاثري بقرطاج تحت شعار ”التوانسة الكلّ مع طبرقة” ستخصص عائداته لفائدة المتضررين من الحرائق الأخيرة بجهة طبرقة والتي ستكون بمشاركة نجوم الاغنية التونسية لطيفة العرفاوي، صابر الرباعي، نوال غشام، محمد الجبالي وغازي العيّادي صحبة الفرقة الوطنية للموسيقى بقيادة المايسترو يوسف بالهاني داعية الى وجوب تظافر كل الجهود لإنجاح هذه المبادرة والمساهمة في إعادة بناء واحياء مدينة طبرقة.
ويأتي الحفل في إطار دعم المدّ التضامني للثقافة والفن وتأكيدا على الدور الاجتماعي الذي تضطلع به وزارة الشؤون الثقافية ومؤسساتها من خلال البرامج الثقافية الوطنية الصيفيّة على غرار”شباب الجهات في مهرجاني قرطاج والحمامات”، “قرطاج في الجهات”، “شباب الأحياء في قرطاج”.