في ختام الدورة الخامسة للمنتدى المتوسطي للمياه:ضمان توفير الموارد المائية للأجيال الحالية والمستقبلية في ظل تغير المناخ
ببادرة من الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه باعتبارها رئيس اللجنة التنظيمية الوطنية بالتعاون مع أمانة الاتحاد من أجل المتوسط (UPM) والمعهد المتوسطي للمياه (IME) احتضنت تونس الدورة الخامسة للمنتدى المتوسطي للمياه تحت شعار “معا نحو الاعتدال في الاستعمال المشترك للمياه” بحضور ثلة من وزراء بلدان البحر الأبيض المتوسط وذلك خلال الفترة من 5 إلى 7 فيفري 2024 بتونس.بمشاركة العديد من الخبراء وصانعي القرار والمهنيين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني من منطقة البحر الأبيض المتوسط بهدف تعزيز الإدارة المستدامة للمياه
ويمثل المنتدى المتوسطي للمياه منصة فريدة من نوعها حيث يجتمع الفاعلون الرئيسيون في القطاع لتبادل المعارف والخبرات ومناقشة التحديات المتعلقة بإدارة المياه في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث تركزت هذه الدورة الخامسة على مواضيع مهمة مثل التأقلم مع التغيرات المناخية، والإدارة المتكاملة لموارد المياه، والتجديد التكنولوجي والحلول المستدامة لضمان مستقبل أكثر مرونة في مجال المياه.باعتبار أن الماء عنصر شامل لديمومة الحياة والنظم البيئية والأنشطة الاقتصادية.كذلك فإن الحاجة ملحة لاتخاذ إجراءات فورية ومنسقة لتأمين استدامة الموارد المائية في منطقة.
إشعاع الكفاءات التونسية في الخارج لإسهامها بخبراتها في إعطاء دفع للمنظومات المائية:
ورغم أن تعدد التجارب الدولية في مجال المياه فإن المنظومة المائية في تونس تشهد تطورا رغم الوضع البيئي الهش كذلك إشعاع الكفاءات التونسية في الخارج لإسهامها بخبراتها في إعطاء دفع للمنظومات المائية في عديد الدول الإفريقية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط التي تعاني من ندرة المياه التي تتفاقم بتأثيرات تغير المناخ. إذ أن التأثير الشديد لتغير المناخ على المنطقة أدى إلى تفاقم ندرة المياه وساهم في الظواهر المناخيّة القصوى.كما أن تزايد تواتر وشدة حالات الجفاف والفيضانات في المنطقة يشكل تهديدات كبيرة على الأمن المائي وسبل العيش.
وخلال فعاليات الدورة الخامسة للمنتدى المتوسطي للمياه برزت جهود المؤسسات التونسية المختصة في المجال وتميزت مشاركاتها من ذلك مساهمة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه ، فبالإضافة إلى دورها التنظيمي ، إعدادها لجناح في معرض أقيم بالمناسبة عرضت فيه مشاريعها في مجالات توفير مياه الشرب وتأمين شبكات المياه والتحول الرقمي وانتقال الطاقة والقيام بعروض تعريفية حول
استراتيجية الشركة لتحسين وتأمين إمدادات مياه الشرب. في سياق تغير المناخ الصعب،و تسليط الضوء على نهجها الذي يركز على إدارة الطلب والابتكار التكنولوجي. ومن خلال العروض التفاعلية والعروض التقديمية الديناميكية، سلطت الشركة الضوء على حلولها المبتكرة لمواجهة التحديات المتزايدة المتعلقة بالحصول على المياه في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وبالتالي فإن هذه المنصة تمثل مساحة مميزة لمناقشة أفضل الممارسات والمبادرات الواعدة في مجال إدارة المياه.
دعم قطاع التطهير وتثمين المياه المعالجة:
من جانبه نظم الديوان الوطني للتطهير يوم الثلاثاء6 فيفري الجاري على هامش الدورة الخامسة للمنتدى المتوسطي للمياه عشاءا محوريا حول مساهمة الممولين في دعم قطاع التطهير وتثمين المياه المعالجة كذلك دعم الجهات المانحة لتطوير الصرف الصحي وتثمين مياه الصرف الصحي المعالجة أقيم هذا اللقاء تحت إشراف وزيرة البيئة و بحضور كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري مكلف بالمياه وكاتب الدولة لدى وزيرة الاقتصاد والتخطيط المكلف بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة والرئيس المدير العام للديوان وعدد من إطارات الديوان و الشركاء الفنيين والماليين و خبراء في مجال المياه المشاركين في المنتدى وذلك للتحاور حول الرهانات المستقبلية لقطاع التطهير و آليات التعاون المشترك خدمة للمجال البيئي وحماية بلدان البحر الأبيض المتوسط من التلوث المائي واستغلال الموارد المائية من مصادر غير تقليدية…
وقد تناولت أشغال ورشة الديوان الوطني للتطهير حول استراتيجية تثمين المياه المعالجة وآفاق استعمالها إلى حدود سنة 2050 والتي حظيت بمشاركة هامة من طرف الخبراء المحليين والأجانب الحاضرين في المنتدى ، عدة محاور هامة منها “إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة: رؤية استراتيجية للتنمية المستدامة بحلول عام 2050”.وذلك بهدف تجميع المياه العادمة ومعالجتها اليوم إلى إعادة استخدام المياه العادمة المعالجة في مجالات مختلفة: الزراعة والصناعة والسياحة وري المساحات الخضراء وخدمات النظام البيئي وغيره كذلك تحقيق المخطط الرئيسي لإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة بحلول عام 2050 من قبل وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري ، والتي يعد الديوان الوطني للرعاية الصحية الشريك الرئيسي فيها مع تنفيذ استراتيجية “المياه 2050” من قبل الوزارة والتي توضح أهمية مياه الصرف الصحي المعالجة كمورد غير تقليدي يسمح بتعزيز الموارد المائية، نظرا لتأثير تغير المناخ وقلة هطول الأمطار والطلب المتزايد على الموارد التقليدية .بالإضافة إلى دفع التعاون الدولي والعلاقات عبر الحدود لتعزيز إعادة دعم مختلف القطاعات، وخاصة القطاع الفلاحي من خلال المشاريع الرائدة كذلك إدماج الاتحادات الأوروبية في المشاريع الاقتصادية على أساس مبدأ “الاقتصاد الدائري”، مما يجعل من الممكن ضمان سلسلة قيمة كاملة، مع الأخذ في الاعتبار تكلفة المعالجات والنقل وصيانة وتطوير العديد من مجالات النشاط.
واعتبارا أن الديوان الوطني للتطهير أبرم أول عقد امتياز له في قطاع الصرف الصحي بهدف النهوض بالقطاع، فمن المفيد تقديم هذه التجربة مع التركيز على التقنيات التي سيتم تطبيقها في إطار عقد الجنوب التونسي.مع تشجيع البحث العلمي المتعلق بالتقنيات الجديدة لمعالجة مياه الصرف الصحي وتثمين تكنولوجيات المعالجة الحرارية، نظرا لأن العديد من المعاهد العلمية تعطي أهمية في أبحاثها للموارد غير التقليدية، وخاصة تكنولوجيات المعالجة الحرارية…
تأثيرات تغير المناخ على التنوع البيولوجي والكائنات الحية البحرية :
ولقد تعددت مشاركات مؤسسات وشركات وطنية ودولية مختصة في المجالات ذات العلاقة بالمياه وتغير المناخ وهي كثيرة من بينها : Finnova وهي المؤسسة الأوروبية التي تدعم تمويل الابتكار في الشركات والمناطق والبلديات. وتشمل مجالات خبرتنا التنمية المستدامة، والاقتصاد الدائري، وإدارة المياه والنفايات، والتوظيف والشباب، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والسياحة…وقد قدمت المشاريع الأوروبية 2.0 ؛ مشروع هدفه إنتاج الغاز الحيوي عن طريق خلط النفايات العضوية القابلة للتحلل، مع الاستفادة من حمأة الصرف الصحي الناتجة عن عمليات معالجة مياه الصرف الصحي، وبالتالي تحقيق تأثير إيجابي على البيئة . مشروع جديد يركز على البحث في الملوثات الناشئة وتأثيرات تغير المناخ على التنوع البيولوجي والكائنات الحية البحرية من خلال دراسات الحالة في المحيط الأطلسي والقطب الشمالي والبحر الأبيض المتوسط. ومن المشاريع الأخرى ، مشروع يركز على وجود الأنظمة التعليمية في مركز التحول البيئي
حلول مبتكرة ورقمية للاستخدام الأكثر ترشيدًا للمياه:
من جهته تولى جناح فرنسا للأعمال خلال الدورة الخامسة للمنتدى المتوسطي للمياه بتونس.توجيه الدعوة لعديد الضيوف والخبرات والمؤسسات للمشاركة من ذلك Société du Canal de Provence لتقديم خبرتها في مجال التكنولوجيا الزراعية في مجال الري المتصل من أجل إدارة ذكية وموفرة للمياه. من ذلك الابتكار كان محور المناقشات خلال لقاءين، إذ عرضت اللجنة الدائمة المعنية بقانون البراءات حلولها المبتكرة والرقمية للاستخدام الأكثر ترشيدًا للمياه ولأداء المنشآت الهيدروليكية.
“كل شيء يبدأ بخطوة صغيرة، واليوم نبدأ هذه الرحلة بهذه الخطوة الأولى لتسريع تنفيذ حلول ملموسة وشاملة لتحديات المناخ”. ذلك ما أشار إليه ، سفير النوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للمنطقة العربية للعمل المناخي، خلال التبادلات والمناقشات مع الشركاء الوطنيين والشباب المشاركين في موضوع العمل المناخي. فعلا إن مثل هذا المنتدى مهم لأنه يعزز المناقشات والشراكات خارج الحدود والقطاعات خاصة وقد حضرته إطارات وخبرات وكفاءات دولية ومسؤولين في أعلى مستوى من بينهم ، النائب الأول لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، وزير الزراعة والثروة الحيوانية ، ووزير الموارد المائية والري المصري ، ووزير الطاقة والمياه اللبناني ، ووزير الأشغال العمومية والإسكان الإندونيسي وكاهية كاتب دولة لدى وزير الفلاحة والسيادة الغذائية والغابات الايطالية و والأمين العام لوزارة المياه والري الأردنية وكاتب الدولة لوزارة البيئة البرتغالية ورئيس المجلس الدولي للمياه، ونائب الأمين العام المكلف بالمياه والبيئة والاقتصاد الأزرق في الاتحاد من أجل المتوسّط والمدير العام للمركز العربي لدراسات المناطق القاحلة والأراضي الجافة، ورئيس المعهد المتوسطي للمياه، وممثل المنظمة العالمية للأغذية والزراعة بمكتب تونس ومسؤولين عن هياكل أممية واقليمية اخرى والعديد من الخبراء وصانعي القرار والمهنيين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني.
تحقيق التوازن لتلبية الاحتياجات ومقاومة ندرة المياه والكوارث الطبيعية:
هذا وعلى هامش فعاليات المنتدى المتوسطي الخامس للمياه، وخلال جلسة عمل رفيعة المستوى اتّفق رؤساء الوفود على ما تضمنه “اعلان تونس للمنتدى المتوسطي الخامس للمياه” والمتمثل في توصيات عملية من بينها الدعوة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة بشأن المياه والتشجع على:
حشد الجهود لتنفيذ تدابير التكيف وتعزيز القدرة على الصمود لضمان توفير الموارد المائية للأجيال الحالية والمستقبلية في ظل تغير المناخ.ووضع استراتيجيات شاملة للتخفيف من آثار الجفاف والفيضانات وإدارتها بالاعتماد على نظم فعالة للإنذار المبكر وآليات لمجابهتها.مع دعم التخطيط الاستراتيجي وتنفيذ السياسات لتحسين إدارة الموارد المائية، ولا سيما إدارة الطلب، لتحقيق التوازن لتلبية الاحتياجات ومقاومة ندرة المياه والكوارث الطبيعية.بالإضافة لاستكشاف نماذج وآليات وشراكات واستثمارات تمويل مبتكرة ومستدامة لدعم تنفيذ المبادرات المتعلقة بالمياه والحد من النقص الحاصل في تمويل البنية التحتية والمشاريع مع الالتزام بمبادئ التعاون والمنفعة المتبادلة وعدم الضرر.مع التأكيد على حظر استخدام المياه كسلاح في المنطقة وتمكين السكان والمؤسسات المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة من الحصول على مياه امنة وبأسعار معقولة…هذا وسيتم عرض مخرجات الدورة الخامسة للمنتدى المتوسطي للمياه حول القضايا المتعلقة بتأثيرات التّغيرات المناخية خلال المنتدى العالمي العاشر للمياه ببالي إندونيسيا، في الفترة من 18 إلى 24 ماي 2024.