الثقافة الرقمية والعمل الصحفي.
أثر توظيف تقنيات التحول الرقمي في تجويد عمل الصحفيين وصناعة المحتوى الإعلامي تعمل هذه الورقة على التعرف إلى واقع توظيف تقنيات التحول الرقمي في صناعة المحتوى وإنتاجه بالمؤسسات الصحفية التونسية من جهة التأكد من سلامة المعلومة وصحة المعطيات واستخدام التطبيقات الإعلامية والتعامل مع البيانات والأمن السيبراني وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه الصحفيين في هذه المؤسسات وكذلك مدى توظيف المؤسسات الإعلامية لتقنيات الذكاء الاصطناعي وأدواتها في صلب العمل الصحفي وانعكاسها على المصداقية والمهنية من وجهة نظر القائم بالاتصال في مختلف المؤسسات الإعلامية . وبينت مختلف التجارب التي خضناها في نطاق الصحيفة الإلكترونية الحدث+ أن تقنيات التصوير الرقمي، وأدوات التحرير والإخراج الرقمي، والطباعة الإلكترونية من أبرز أدوات وتقنيات التحول الرقمي التي وظفتها المؤسسات الإعلامية. بينما تكمن أوجه استفادة المؤسسات الصحفية من التقنيات الرقمية تمثلت في السرعة في إنتاج ونشر المحتوى الصحفي، وتوفير الوقت والجهد، والحفاظ على الموارد المالية للمؤسسة. وتم التأكيد على أن الإفتقار إلى التدريب والتأهيل على التعامل مع التقنيات الرقمية، وعدم توفر الأدوات والإمكانات الداعمة للتحول الرقمي هي أبرز التحديات التكنولوجية. بل يمثل إرتفاع تكاليف المعدات والأجهزة التقنية، وحالة التدهور الإقتصادي من أبرز التحديات المالية. وقد شهدت المؤسسات الصحفية في العقدين الأخيرين تغيرات جذرية نتيجة استخدام التقنيات الرقمية والأساليب التكنولوجية المتطورة، الأمر الذي أدى إلى تحول كبير في عمليات الجمع والتحرير والإخراج والنشر الصحفي بصورة ساعدت على إثراء المحتوى وزيادة مستوى تفاعليته وانتشاره ورفع كفاءة إدارة المؤسسات الإعلامية وتجويد العملية الصحفية . وقد أتاح التحول الرقمي في العمل الصحفي للمؤسسات الصحفية الإستفادة من أدوات ووسائل وآليات التقنية الرقمية والذكية وتوظيفها في إنتاج المحتوى الصحفي وتقديمه عبر المنصات والشبكات الرقمية المختلفة. وعبر هذه المؤسسات استفادت العديد من الصحف من توظيف العديد من تقنيات التحول الرقمي في تحسين محتواها الصحفي، وزيادة عدد القراء وسرعة الوصول إليهم في شتى بقاع العالم، وذلك من خلال تبني أساليب وطرق التوزيع عبر شبكة الإنترنت التي تميزت بالسرعة والانتشار. واستطاعت المؤسسات الصحفية أن تحدث أثرا واضحا على بيئة عملها الصحفى والسعى لتطويره مهنيا وتقنيا وفنيا. والواقع أن أكثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في العمل الصحفي هي أدوات البحث الآلي وأدوات الكشف عن المحتوى المزيف وعملية التصوير الآلي. أما فيما يتعلق بأبرز المجالات التي تم فيها استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي هي تتبع الأخبار العاجلة، والبحث الآلي وتزويد الصحفيين بالمعلومات اللازمة. ومن جهة أخرى فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي ينعكس بصورة إيجابية على المصداقية والمهنية الإعلامية. ويسير الاتجاه الإعلامي العام إلى تحديث أساليب العمل الصحفي وتغيير أنماطه التقليدية بما يتوافق مع التحولات التكنولوجية في بيئة العمل الصحفي، وضرورة العمل على رفع وعي العاملين بالمؤسسات الصحفية بأهمية استخدام التكنولوجيا وتدريبهم على توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل الصحفي. والأكيد أن توظيف تقنيات التحول الرقمي والتطبيقات الذكية في إنتاج المحتوى في المؤسسات العالمية أدى إلى ظهور العديد من الوسائل الرقمية الجديدة من قبيل الصحف الرقمية والتي فرضت نفسها على الساحة العالمية نتيجة الصعوبات التي تواجهها الصحف الورقية في ظل ارتفاع تكاليف الطباعة والتقنيات التكنولوجية التي مكنت كافة الأفراد من الوصول إلى المعلومات والأخبار ومتابعة المستجدات والتفاعل معها بصورة فورية دون الحاجة إلى شراء الصحف الورقية. ومع التدفق الكبير لتقنيات التحول الرقمي وأدواته المختلفة، جاءت تطبيقات صحافة الذكاء الاصطناعي لتشكل نقلة نوعية في العمل الصحفي وذلك من خلال ما توفره من تقنيات وبرامج تحاكي قدرة الإنسان وذكائه في القيام بعمليات جمع البيانات والعثور على مصادر جديدة، وتحريرها، وصياغتها ونشرها بسرعة هائلة، فضلا عن قدرتها على إنتاج مواد صحفية متعددة الوسائط، بما يساعد على دعم مصداقية الخبر الصحفي وتغطيته بصورة تنعكس ايجابا كفاءة المحتوى الصحفي وجودته. أما من جهة توظيف تقنيات التحول الرقمي في العمل الصحفي فلا بد من الإشارة إلى المتطلبات التي ينبغي توافرها في المؤسسات الصحفية والقائمين على الاتصال فيها، من بينة تحتية رقمية متطورة وكفاءات بشرية صحفية قيادية قادرة على التعامل مع هذا التطور واستيعاب ما تفرزه من تحولات في طبيعة العمل الصحفي. ويمكن الإشارة إلى توظيف المنصات الرقمية الصحفية الجديدة التي احتلت مكانة مرموقة من حيث ما يفضله جمهور القراء، ومنها على سبيل المثال: صحافة الفيديو، وصحافة المنصات الذكية، وصحافة المنصات الإجتماعية، والصحافة الصوتية) البودكاست وصحافة المدونات وغيرها. مما يطرح مدى تكيفها مع التحولات الرقمية ومدى استفادتها من أدوات ووسائل وتقنيات التحول الرقمي في بيئة العمل الصحفي، وعليه جاءت فكرة هذه الدراسة في الكشف عن واقع توظيف استخدام تقنيات التحول الرقمي في صناعة المحتوى بالمؤسسات الصحفية في ظل التطور التقني الكبير والتحولات الهائلة في بيئة العمل الصحفي وصناعة المحتوى القائمة على توظيف تقنيات التحول الرقمية الحديثة ، أصبحت المؤسسات الصحفية اليوم أمام حتمية استيعاب هذه المفاهيم وتوظيفها في تطوير أساليب العمل الصحفي واستحداث وظائف صحفية قادرة على التطوير ورفع كفاءته، ومن أبرز النقاط التي نطرحها في هذا السياق، تطور مفاهيم التحول الرقمي وتقنياته المختلفة و التي فرضت نفسها على كافة المؤسسات الإعلامية بصورة عامة وصناعة المنتج الصحفي عبر المؤسسات الصحفية بصورة خاصة. الانعكاسات الخاصة بتقنيات وأدوات التحول الرقمي على أساليب وأداء العمل الصحفي ومخرجاته وكافة عملياته. ومن الضروري إذن تقديم مقترحات وحلول وأساليب تطوير تساعد المؤسسات الصحفية نحو التطلع الى آفاق مستقبلية بشأن استخدام التقنيات الرقمية في صناعة محتواها الصحفي والإشارة إلى اهمية التقنيات في إحداث التطوير في عمليات الإنتاج والتحرير والتوزيع وبسببها تم استحداث وظائف جديدة كصحافة الذكاء الاصطناعي وصحافة الفيديو وغيرها، من جهة أخرى، تم استحداث منصات رقمية جديدة وبناء أرشيف إلكتروني، وفي ظل هذا التطور ظهرت بعض الإشكاليات أبرزها الافتقار إلى التدريب والتأهيل وضعف كفاءة العنصر البشري ف عن عدم جاهزية المؤسسات لبنية تحتية رقمية واتصالية متطورة. وأوصت الدراسة بتدريب الصحفيين على توظيف التكنولوجيا ورفع جاهزة المؤسسات بالتقنيات والأجهزة اللازمة. ونوصي أخيرا بأن تشمل برامج كليات وأقسام الصحافة والإعلام مهارات تدريبية عالية حتى يتمكنوا من الاستعداد للتحول الرقمي الكامل للوسائل الإعلامية. وان تكون هناك استراتيجية للتدريب الإعلامي على جميع المستويات.
محمّد زياد العويني الصحيفة الإلكترونية الحدث+