تاريخ الأوبئة في تونس من الفترة القديمة إلى الحرب العالمية الثانية

شارك اصدقائك الفايسبوكيين
شهدت تونس منذ القديم انتشارا للأوبئة في فترات مختلفة وتسبب ذلك في تسجيل أعداد كبيرة من الوفيات ومن بين هذه الأوبئة نذكر خاصة الطاعون والكوليرا. كان ظهور هذه الأوبئة إمّا في مناطق محددة أو ينتشر على كامل البلاد وتسبّب ذلك في أزمات اجتماعية واقتصادية عديدة بتونس ويلقّب أهل صفاقس الوباء « ببوبرّاك » وفيما يلي أشهر هذه الأوبئة من الفترة القديمة إلى الحرب العالمية الثانية
في العصور القديمة
أصاب الطاعون روما سنة 252 ورغم التضحيات التي فرضها الامبراطور قاليان، لم تستطع الإمبراطورية الرومانية التخلص منه. انتقل الطاعون بعد ذلك الى قرطاج عن طريق صقلية. من بين الذين تحدثوا عن هذا الطاعون القديس كبريانوس وشماس الكنيسة بونتيوس حيث قال ان كل يوم يموت عدد معتبر من الناس ولا يمكن عده. مع نهاية القرن الثالث ميلادي بدأ تراجع الدولة الرومانية وعرفت تونس حروبا أهلية وانتشارا للطاعون في فترت مختلفة
تواصل ظهور الطاعون بتونس حتى في الفترة الوندالية وذلك حسب فكتور بيكاي
مع قدوم البيزنطيين ظهر الطاعون من جديد وقد سجل خلال حملة سليمان ضد سكان الاوراس بين سنتي 542 و543
في العصور الوسطى
مع قدوم المسلمين بداية من سنة 647, لم تظهر أي بوادر للأوبئة في تونس ولكن ذلك للأسف لم يتواصل فمع بداية الحروب بين العرب والبربر بدأ ظهور الطاعون ومن بين المؤرخين الذين تحدثوا عنه ابن خلدون وابن عذاري والقيرواني
ظهر في القرن الثامن ميلادي طاعون سببه الحروب التي حدثت بعد تمرد الخوارج بشمال افريقيا. مع قدوم الاغالبة لم يسجل التاريخ اوبئة كبيرة في تونس
حكم بعد ذلك الفاطميون تونس في القرن العاشر ميلادي وسنة 915 ظهر وباء بإفريقية وضرب خاصة القيروان. عاد الوباء مرة أخرى الى المدينة سنة 929
بداية من القرن الحادي عشر ومع حكم الزيريين او الصنهاجيين لتونس، ضرب طاعون البلاد وبالتحديد سنة 1004. تسبب هذا الوباء إضافة الى المجاعة في موت الكثير من الخلق. مع قدوم الهلاليين عرفت تونس ظهورا مرة ثانية للوباء سنة 1076
خلال الفترة الحفصية
الوباء الغير محدد لسنة 1259
ظهر في تونس مرض غير محدد سنة 1259 وقد نُسب إلى نتائج سقوط بغداد واعتلّ به السلطان الحفصي المستنصر لأيّام
حمى التيفوئيد
قاد ملك فرنسا لويس التاسع الحملة الصليبية الثامنة وانطلق نحو تونس سنة 1270 أملا في فرض الدين المسيحي على الدولة الحفصية ولكنه توفي بحمى التيفويد بمجرد أن وطئت قدمه البلاد. قال بعض المؤرخين أن لويس التاسع ربما مات بالطاعون لكن اثبتت الدراسات سنة 2019 ان الملك كان مصابا إصابة شديدة بالاسقربوط وربما مات بحمى التيفوئيد. ذهب ضحية هذا المرض العديد من العلماء والرجال الصلحاء ومن بينهم أبو علي عمار المعروفي
الطاعون الأعظم في منتصف القرن 14
سُمي هذا الطاعون بالطاعون الأعظم أو الطاعون الأكبر أو الطاعون الجارف أو الطاعون العام لما كان له من آثار حادة في البنية الديمغرافية والاقتصادية لتونس في ذلك الوقت. انتشر هذا الوباء بواسطة السفن التي كانت تأتي من الشام أو مصر أو إيطاليا وذلك سنة 1347 واكتسح الوباء مدينة تونس خلال الحملة المرينية. ارتفع عدد الضحايا في شهر جوان 1349 حيث كان يموت يوميا حوالي 1000 شخص ويقول ابن خاتمة أنه في بعض الأيام بلغ عدد الموتى بمدينة تونس 1202 , وتواصل الوباء بإفريقية الى سنة 1349. من بين الذين ماتوا بالطاعون أب ابن خلدون
الطواعين الموالية للطاعون الأعظم في تونس في فترة الدولة الحفصية
قال ليون الافريقي أن الأوبئة تظهر كل عشرة سنوات أو كل خمس عشرة أو خمسة وعشرين سنة وأكد ذلك أحمد السعداوي فقد أحصى إلى نهاية القرن الخامس عشر حوالي 10 طواعين بمعدّل طاعون كل عشرة أو عشرين سنة ومن بينها طواعين 1347-1350 و1364 و1367 و1393 و1402 و1412-1415 و1440-1443 و1452-1453 و1466-1468 و1492-1493 و1498-1499 وكانت هذه الطواعين استفاقة للطاعون الأعظم ولكنها أقل فتكا منه وكان بعضها محليا ولم يتمدّد. لكن طاعون 1440-1443 كان فتاّكا فحسب الزركشي « هلك فيه جمع من العلماء والأعيان » كما كان طاعون 1466-1468 صعبا أيضا واستمر بتونس إلى سنة 1468 وحسب الزركشي بلغ عدد الهالكين به الفا كل يوم ويقول ابن أبي دينار أن « وقيل انه بلغ عدد الموتى به الى أربعة عشر الفا في كل يوم، وحصر في الزمام اربعمائة ألف غدا من يدخل الزمن نحو المائة ألف » وقدر الرحالة الهولندي الذي زار تونس بعد سنتين من الوباء عدد الضحايا بتونس العاصمة حوالي 260 الفا
حدث طاعون خلال فترة حكم أبو عمرو عثمان بن المنصور ابن ابي فارس عبد العزيز (1435-1488) ومات به حسب ابن ابي الضياف « من أهل المملكة اربعمائة ألف نفس وانتهى عدد الموتى في يوم من أيامه الى أربعة عشر الفا من سائر أهل المملكة واعتزل السلطان الناس وانزوى ببستان باردو أكثر من عام »
انتهى القرن الخامس العشر بوباء عنيف أيضا وبدأ سنة 1492 وتواصل إلى سنة 1493, مات من جراء هذا الوباء الخلق الكثير ومنهم السلطان الحفصي أبو زكريا
كيف قاوم الحفصيون الطاعون؟
كان أغلب السكان في تونس يستسلمون لوباء الطاعون على أساس أنه قضاء لا مفر منه ودعم ذلك ضعف الطب في ذلك الوقت وقد نصح الفقهاء والعلماء بالاستسلام له والصبر عليه وانتظار الشهادة الاّ أن البعض حاول مقاومته بالعلاج والطرق البسيطة مثل أكل النواشف والحوامض وتبخير البيوت بالعنبر والكافور والسعة والصندل كما أكلوا البصل والخل والطحينة
اعتمد السكان كذلك على الأدعية والأذكار والصلوات في مقاومة الطواعين واستغل رجال الدين الأوبئة للدعوة الى احترام القيم الدينية وترك كل المعاصي وفسّر بعضهم بأن الطاعون هو عقاب إلهي مسلط على الناس بعد كثرة الفساد في المجتمع
في الفترة العثمانية
طاعون 1592-1596
طاعون 1604
وقع في فترة حكم عثمان داي وبالتحديد سنة 1604 طاعون جارف عرف وقتها « بوباء بوريشة » ودام نحو العامين
طاعون 1620-1621
انتشر خلال فترة حكم يوسف داي طاعون عرف « بوباء ابي الغيث القشاش » لأنه توفي به وبدأ سنة 1620 واختفى سنة بعدها
طاعون1622-1624
اعلم كلود سيفير قنصل فرنسا بتونس قنصل مرسيليا يوم 27 مارس 1622 بظهور طاعون بالحاضرة مما اجبره الى الانتقال الى طبرقة. كما صدرت رسالة من نفس القنصل في جويلية 1624 جاء فيها ان الطاعون انتشر في بنزت وفي السجون
طاعون 1636
ظهر هذا الطاعون سنة 1636 ومن بين ضحاياه الداي محمد خوجة
طاعون أحمد خوجة
كان أحمد خوجة من دايات تونس وتولّى الأمر من سنة 1640 الى سنة 1647, وقع في أيامه طاعون دام سبع سنين وعرف بوباء أحمد خوجة
طاعون 1662-1663
ظهر هذا الوباء في الجنوب الجزائري و الجنوب التونسي
طاعون 1675-1679
ضرب طاعون تونس. كان علي باي يرفض حضور الجنائز خوفا من ان يكون مصابا بالوباء. حسب القنصل الفرنسي بتونس, كان عدد الضحايا حوالي 40000 في ستة اشهر وقد اصاب الوباء ايضا وهران والمغرب واسبانيا
طاعون 1689-1690
تسبب هذا الطاعون في وفاة اكثر من 60000 شخص في ستة اشهر
طاعون 1702-1705
كانت تونس بداية من سنة 1701 مهددة بدخول الطاعون من قبل السفن التركية التي تأتي الى مدينة غار الملح ببنزرت أو من الجنوب من مدينة طرابلس والذي انتشر بها في شهر جوان. وبداية من سنة 1702 بدأ الإبلاغ عن وجود حالات من مرضى الطاعون في جزيرة جربة من شهر ماي الى شهر سبتمبر. وبعد عدة أشهر أصيبت مدينة صفاقس بالوباء من شهر ماي الى شهر جويلية 1703 ثم عاد الوباء للظهور في عديد المدن التونسية مثل المنستير وسوسة وسليمان سنة 1704. تسبّب احتلال القوات التونسية لمدينة طرابلس في عهد إبراهيم الشريف في إصابة العديد من الجنود بوباء الطاعون وعند عودتهم لإيالة تونس ساهموا في نشر المرض وخاصة في الحاضرة وتواصل الوباء لحوالي 6 أشهر وتسبب في القضاء على أكثر من 44000 نسمة في بضعة أشهر. ظهر المرض كذلك ببنزرت وكاب نيقرو سنة 1705
فترة الدولة الحسينية
طاعون 1784- 1785 أو ما يعرف بالوباء الكبير
وصل هذا الوباء الى تونس عن طريق السفن التجارية من مدينة الإسكندرية في مصر والذي ظهر بها سنة 1783. ففي شهر أفريل 1784 دخلت سفينة يقودها قبطان فرنسي الى ميناء حلق الواد حاملا معه 150 حاجا قادمين من الإسكندرية رغم أنه كان قد توفي 10 ركاب على متن السفينة خلال رحلتها
حمودة باشا الحسيني
في الأيام الأولى من شهر أفريل 1784, أُعلن عن ظهور حالات من وباء الطاعون في تونس وانتشر في كل الايالة التونسية. كان عدد الوفيات المسجلة في تونس يوميا حوالي 90 شخصا في حاضرة تونس كما انتشر في الساحل وخاصة سوسة والمنستير وجمال بمعدل 380 حالة وفاة في اليوم. تراجعت موجة انتشار الوباء في الصيف بداية من شهر جويلية حيث سجل يوميا بين 12 و18 ضحية في العاصمة ثم لم تسجل أي حالة وفاة في شهر اوت. تأكد تراجع الوباء في شهري سبتمبر وأكتوبر ولكنه عاد للانتشار في مدينة الكاف حيث حصد حوالي ثلث السكان وانتشر كذلك على السواحل التونسية كما أصاب الاسطول البندقي المرابط أمام سوسة. ومع نهاية شهر أكتوبر انتشر المرض بقوة وامتد لفترة طويلة. كانت تونس العاصمة تسجل المئات من الوفيات يوميا ووصل عدد الضحايا بها الى 18000 منذ بداية انتشار الوباء كما انتشر بمدينة بنزرت (بلغ عدد الضحايا يوميا بين 50 و80 شخصا يوميا طوال شهر نوفمبر) ومدينة غار الملح ومدينة باجة ولم تصب عديد المدن التونسية بالوباء حتى أواخر شهر ديسمبر 1784 ومن بينها طبرقة وجربة وجنوب ايالة تونس ولكن ذلك لم يدم طويلا فمع بداية سنة 1785 أصيبت مدن كثيرة في غرب تونس وتجاوز الوباء الحدود مع الجزائر. وصل الوباء أقصاه في مدينة طبرقة في شهري أفريل وماي ولكنه كان اقل حدة في القيروان وبنزرت وغار الملح. كان عدد الضحايا في حاضرة تونس بين 200 و250 يوميا في شهري جانفي وفيفري ثم وصل العدد الى 500 في شهر مارس وتواصل العدد مرتفعا الى شهر أفريل وكان عدد الوفيات في شهر ماي بين 400 و500 يوميا. كما حصد الوباء اعدادا كبيرة من السكان في الجنوب والشرق خاصة في سوسة وصفاقس (بلغ عدد الوفيات في صفاقس يوميا بين 1 و17 ضحية في فيفري 1785) كما أصاب الوباء جربة في شهر جانفي 1785
بدأ تراجع الوباء في تونس في شهر جوان 1785 وانخفض عدد الضحايا في العاصمة الى اقل من 10 يوميا في شهر جويلية وتخلصت تونس من الوباء نهائيا في شهر اوت 1785
استمر هذا الوباء لحوالي 17 شهرا وحصد الالاف من الضحايا واختلفت التقديرات باختلاف المصادر فقد اعتبر البعض أن تونس خسرت ثلث عدد سكانها أما البعض الاخر فقال إنها خسرت السدس. في مدينة طبرقة مثلا وفي شهر أفريل 1785, تراجع عدد رجال برج طبرقة من 450 الى 30 رجلا وتوفي وكيل البرج أيضا
كان باي تونس حمودة باشا (1782-1814) حريصا على تطويق هذا الوباء، وقبل توليه السلطة كان يوجد بتونس مكان للحجر الصحي (كرنتينة) في البحيرة قرب حلق الواد لمراقبة السفن التي تأتي من الشرق وإذا ثبت تلوث إحدى السفن بالوباء يخضع كل طاقمها للعزل لمدة 15 يوما كما تحجز السفينة. وتواصل العمل بهذا الاجراء مع حمودة باشا الا انه شدد الإجراءات أكثر فأكثر فقد فرض مراقبة على كل السفن التي تأتي الى تونس مثل السفن القادمة من الجزائر وطرابلس وأصبح الإجراء يطبق أيضا على السفن الأوروبية سنة 1790. كانت بقية الموانئ التونسية تفتقد الى الكرنتينة مما أجبر حمودة باشا كل السفن المشكوك في تلوثها بالوباء الى التنقل الى ميناء حلق الواد ومنع ارساءها بالموانئ الأخرى ونذكر في ذلك حادثة مهمة وهي الحادثة التي تسببت في الحرب بين تونس والبندقية وفيما يلي تفاصيلها:
اكترى بحارة تونسيون سفينة بندقية لنقل سلعهم من الإسكندرية الى مدينة صفاقس وفي الطريق أصاب ركابها الطاعون وعند وصولها الى ايالة تونس رفض قائد مدينة صفاقس بكار الجلولي دخول السفينة وأمرها يأن تذهب الى حاضرة تونس حيث توجد الكرنتينة الاّ أن ربان السفينة توجه بها الى جزيرة مالطا حيث عاملت السلطات والأهالي التجار التونسيين بقسوة كما قاموا بإحراق حمولة السفينة. طالب حمودة باشا البندقية بدفع تعويضات للتونسيين وتعكرت العلاقة بين الدولتين مما تسبب في حرب دامت سنوات وانتهت بانتصار تونس
اتخذ حمودة باشا عديد الإجراءات الأخرى لمقاومة وباء الطاعون بتونس وكان يعتمد على نصائح القناصل وأهل العلم ومن بين هذه الإجراءات
حرق ثياب الموتى وكسوة بيوتهم وغلقها-
غسل الغرباء بالمقابر-
سجن المرضى بمخازن القلالين-
دفن الموتى في عمق لا يقل عن المترين-
الزام أصحاب العقارات الخاربة في أطراف العاصمة بإصلاح الخراب أو البيع ان عجزوا فتحيل البعض بتحبيس املاكهم ففرض حمودة باشا على القاضي الحنفي ان يعلم العدول بأن كتب التحبيس لا يكون الا بإذنه
ضجر السكان من حرق ثيابهم وعارض بعض الادباء ورجال الدين هذه الإجراءات وقد أورد أحمد بن ابي الضياف في كتاب الاتحاف ارجوزة لأحد الادباء المعارضين وجاء فيها:
وقال اهل الفضل والعرفان نفوض الأمر الى الرحمان
الخالق المصور القدير ليس لفعل غيره تأثير
أمرنا بالذكر والدعاء وهو الذي ينجي من الوباء
وأما العلماء وعلى رأسهم المفتي أبو العباس أحمد البرانسي ابلغوا الباي حول هذه الإجراءات: « ان لا يجمع على الناس مصيبتي والنفس والمال، والواجب الاستسلام لقضاء الله وقدره ». وبعد ضغط كبير من رجال الدين تراجع حمودة باشا عن اجراء الحرق بإيالة تونس
تحدّث الشيخ مقديش كثيرا عن هذا الوباء فقال انه كثر بأرض المشرق من مصر وبلاد الترك ثم ظهر بجمال من بلاد الساحل واستمر لتونس سنة 1784 وضرب صفاقس في شهر جانفي/فيفري 1785 حيث أصاب رجلا ومات من يومه وأصيب غدا آخر وآخر ثم كثر وتضاعف حتى وصل لنحو 250 كل يوم ببلد صفاقس ثم أخذ يتراجع على نحو 100 وعمّ المدن والقرى والحاضرة والبادية وجزيرة جربة وقرقنة وبلغ عدد الذين ماتوا في صفاقس حوالي 15000 والنساء أكثر من الرجال ولم يبق من الزنج إلا ّالنادر ومات الكثير من أهل الخير والصلاح واسودت الدنيا في أعين أبنائها وايس الناس من حياتهم وعجزوا عن الحمل والدفن ولم تنفع تميمة ولا رقيا ولا تعاويذ ولا بخور ولا كتابة على أبواب الدور ومن أشهر من مات به في صفاقس العدل أبو الحسن علي العش
وباء 1790
مات بسببه العديد من رجال البلاد وخلف وراءه الالاف من الضحايا وارتفعت من جراء ذلك الأسعار ارتفاعا فاحشا
وباء 1792
كان وباء خفيفا واتخذت السلطات التونسية والقناصل إجراءات خاصة لمقاومته
أطباء الطاعون
طاعون 1794-1800 المتوطن
ظهر هذا الوباء بتونس بداية من شهر مارس 1794 ولحسن الحظ كان اقل وطأة من سابقه كما لم يدم طويلا (6 أشهر) وبقيت بعض المدن والقرى سلمية من الوباء. كان هذا الطاعون يعود كل سنة ويضرب في كل مرة مكانا حتى سنة 1800
طاعون 1818-1820
ظهر هذا الوباء في تونس في نهاية شهر أوت 1818 وكان عدد الوفيات ضعيفا. قام باي تونس بالحكم على الطبيب الذي حاول التحدث عن الوباء في شهر أوت بالضرب بالعصا وهو حكيم من مسلمة الافرنج اسمه رجب الطبيب. بدأ الحديث رسميا عن وجود طاعون في تونس في بداية شهر أكتوبر 1818 ووصل عدد الموتى به في الحاضرة أكثر من الالف في بعض الأيام ودام نحو العامين
حسب ابن ابي الضياف انقسم الناس الى فريقين: قسم يرى الاحتفاظ وعدم الخلطة بالعمل المسمى بالكرنتينة عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم « لا عدوى ولا طيرة » و « فر من المجذوم فرارك من الأسد » وقسم لا يرى الاحتفاظ ويرى التسليم الى مجاري القدر ومن بينهم أبو عبد الله حسين باي الذي كان يسخر من أصحاب الكرنتينة ويقول لهم « لا مفر من القدر » ويدور أزقة الحاضرة وحارة اليهود لكثرة المرض بها
تواصل الوباء الى سنة 1820 حيث أعلن الأطباء رسميا في قصر باردو عن خموده ولم تسجل حالات بتونس بداية من شهر جويلية. خلّف هذا الوباء أعدادا كبيرة من الضحايا فمثلا خلال 40 يوما من 11 نوفمبر الى 21 ديسمبر 1818, بلغ عدد الضحايا بتونس حوالي 9000 ساكن وقال ابن ابي الضياف أنه نقص به من الايالة قدر النصف وبقيت غالب المزارع معطلة
بعد الاحتلال الفرنسي
لمدة حوالي 70 سنة (من 1837 الى 1907) لم يسجل طاعون بتونس ويعود ذلك الى وسائل الوقاية التي اعتمدت في البلاد مثل مراكز الكرنتينة وظهور بعض مخابر التحاليل ولكن عاد الطاعون سنة 1907
طاعون 1907 والطواعين الموالية
جاء هذا الطاعون من البحر وظهر اول مرة عند احد السكان الذي يعملون في الميناء بعد ان حمل بعض الاخشاب التي كانت تحتها فئران مصابة. لم يكن عدد المصابين كثيرا وتواصل المرض الى سنة 1908 ثم عاد في جوان 1910 وفي فترات لاحقة مثل سنة 1915و 1921 لكن لم يسبب اضرارا كبيرة وبلغ عدد الحالات بين سنتي 1921 و 1922, 14 حالة من بينها 6 حالات وفاة
عاد الطاعون في فيفري 1924 في تونس و جربة
طاعون 1926-1927
قام بدراسة هذا الوباء ادوارد بلوش في أطروحة الدكتوراه التي كتبها حول الطاعون بتونس وحسب رأيه فقد انتشر الوباء في الجنوب التونسي من خلال القوافل التجارية بداية من سن 1926 وتسبب في إصابة 252 حالة في القيروان (81 وفاة) و232 حالة بصفاقس (160 وفاة) ثم عاد الوباء سنة 1927 وسُجل بصفاقس 179 حالة من الطاعون الدبلي (68 وفاة) و47 حالة من الطاعون الرئوي (47 وفاة)
طاعون 1929
ظهر هذا الوباء بتونس العاصمة بداية من ديسمبر 1929
طاعون الاربعينات من القرن العشرين
تم تسجيل 12 حالة من الطاعون بتونس في سنة 1940 وتم تسجيل حالة واحدة سنة 1941 وخلال الحرب العالمية الثانية سُجلت 37 حالة من الطاعون في بنزرت وتونس (25 حالة عند الأوروبيين و12 حالة عند التونسيين) وقد افترض المختصون أن حالات الطاعون سببها كثرة العمليات العسكرية في الموانئ التونسية خلال الحرب العالمية الثانية
طواعين بداية القرن العشرين المسجلة حسب المناطق
تونس: 1907-1909-1914-1921-1922-1926-1927
بنزرت: 1921
بن قردان: 1920-1923-1928
جرجيس: 1921-1926
مدنين: 1921
جسر الفحص: 1923
القيروان: 1926-1927
صفاقس: 1926-1927
منطقة السواسي: 1926-1927
الكوليرا بتونس
ظهرت الكوليرا بتونس في فترات مختلفة ومنها
كوليرا 1849: ظهر هذا الوباء أواخر سنة 1849 في مدينة باجة ويسميه ابن ابي الضياف بالوباء الأصفر، حصد المرض المئات من الضحايا بالمدينة وأمر الباي أمير لواء عسة عسكر الخيالة أن يرتّب عسة من العسكر تمنع القادمين من باجة ونواحيها الى الحاضرة ثم انتشر المرض في تونس وضواحيها والسواحل الشرقية في بدايات سنة 1850. كان الكوليرا منتشرة في صفاقس في شهر جويلية 1849 وذلك حسب رسالة أرسلت من أحمد شعبان بطرابلس الى محمد حميد النوري
عزل باي تونس نفسه في قرطاج في بستان وزيره مصطفى خزندار بداية من يوم 13 ديسمبر 1849 ومعه اتباعه ثم انتقل الى المحمدية في 19 فيفري 1850 وعندما وقع بها المرض رجع الى باردو فوقع به المرض فانتقل الى غار الملح في أوائل جوان 1850 فكثر بها المرض أيضا فعاد الى المحمدية في شهر جوان/ جويلية واستقر بها ثم انتقل الى قرطاج. كما هرب اليهود الى فرنسا والجزائر. أصاب المرض في البداية فقراء اليهود فنُقل مرضاهم الى قشلة سوق الوزر وقام بمداواتهم الطبيب مصكرو الصبنيولي.
تراجع المرض في تونس بعد ذلك ولكنه تواصل بشمال الايالة في شهري مارس وأفريل ثم عاد للظهور بحاضرة تونس وحصد أكثر من 100 شخص يوميا. أشار القاضي الحنفي الشيخ مصطفى بيرم بجمع 40 شريفا اسمهم محمد يجتمعون في جامع الزيتونة من الصباح الى الظهر ويقرؤون سورة يس أربعين مرة ويدعون الى الله بدعوات حررها لهم. تراجع الوباء في شهر جويلية واختفى نهائيا في شهر أوت سنة 1850. ومن أشهر من مات به الشيخ إبراهيم الرياحي في أوت 1850 وابنه محمد الطيب
زاوية سيدي ابراهيم الرياحي
كوليرا 1856: عادت الكوليرا الى تونس في صيف 1856 قادمة من طرابلس وأصابت جزيرة جربة والأعراض في جنوب الايالة ثم انتشرت بالسواحل الشرقية (المهدية والمنستير وسوسة) ووصلت الى حاضرة تونس في منتصف شهر جويلية. حسب ليون روش ضرب الوباء أولا اليهود ثم المسلمين وأخيرا المسيحيين. ووصل عدد الضحايا بالحاضرة الى 6000 شخص
كوليرا 1867: ظهر هذا الوباء في جوان 1867 وانتشر أولا في يهود الحاضرة ثم في مسلميها. في شهر ماي 1867 تم الاعلام عن بعض حالات الكوليرا بصفاقس من قبل قائدها حسونة الجلولي وانتشر الوباء بكثرة في المدينة في شهر جويلية وسجلت الاحصائيات بين 5 و13 ضحية يوميا وأكثر الفئات المعرضة للوباء هي الفئات الضعيفة والمساجين وأعلم حسونة الجلولي الوزير بأنه لا يوجد طبيب في صفاقس

بقلم حسن علوي

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *