وهن قطاع الصحافة من وهن أساتذته
وأنا أنهي سنتي الرابعة في معهد الصحافة وعلوم الإخبار – المعهد الوحيد في البلاد المختصّ في تكوين الصحفيين والاتّصاليين – قد تسمح لي تجربتي الصغيرة بتحديد عدد من مواطن الخلل على مستوى التكوين خاصة، ويحزّ في نفسي أن أعدّدها علنا وأحتفظ بالدّوافع.
1. منظومة التكوين على أهميتها تشكو هانات كبرى على مستوى الدروس وعلى مستوى التقييم وهذا عائد أساسا إلى معايير إختيار الأساتذة وغياب برامج رسمية تضبط بدقّة الدروس التي يجب أن يتلقاها الطالب وهذه مشكلة عامة لا تخصّ المعهد وحده.
2. التكوين في المعهد عملية مشتركة بين الإدارة والمدرسين والطلبة ولعلّ الوهن الأكبر حسب تقديري في هذه العملية يتحمّل مسؤوليته المدرسون. كيف؟
أولا ستجد في معهدنا أساتذة يدرسون مواد على غاية من الأهمية دون أن تكون لهم فيها إصدارات أو بحوث أو مقالات علمية منشورة.
ثانيا ستجد أساتذة متقاعسين لا يقدّمون درسا لا مكتوبا ولا شفويا للطّلبة ويكتفون بمقال أو نص من مجلة علمية أو غير علمية طيلة السداسي دون شرحه أو تفسيره.
ثالثا ستجد أساتذة أكثر تقاعسا يعوّلون على العروض والبحوث التي يكلفون الطلبة بإنجازها في مقاربة بعيدة كل البعد عمّا يسمّونه باطلا تفاعلية ومساهمة في تأثيث الدّرس لأن الدرس يقوم أساسا على مادّة يقدّمها الأستاذ وإن اختلفت طرق تقديمها.
رابعا ستجد في معهدنا أساتذة باحثين مرجعهم ويكيبيديا.
خامسا ستجد أساتذة مستهترين لا يواظبون على الحضور، يتغيّبون لأسباب ودون أسباب، كثيرة لقاءاتهم خارج المعهد ومع الإدارة ومع أصدقائهم، كثيرة سفراتهم العلمية التي لا جدوى منها سوى صور الفايسبوك، كثيرة ندواتهم التي لا مخرجات لها سوى تسجيل أسمائهم على ورقات الحضور والتقرّب إلى فلان وعلاّن.
سادسا ستجد أساتذة يحضرون فقط ليطلبوا من الطلبة توقيع ورقة الحضور والانصراف.
سابعا ستجد أساتذة لا يصلحون أعمال الطّلبة ويسندون الأعداد كما اتّفق بلا معايير ودون تقارير تعلّل إسنادهم للأصفار التي على كثرتها لا تعكس سوى مستوى الأستاذ الذي أسندها قبل أن تكون تقييما للطالب.
ثامنا ستجد أساتذة يتذمّرون من المواد التي يقدّمونها علما وأنهم يتكالبون أحيانا لتمكينهم من تدريسها.
تاسعا ستجد أساتذة يبيعون مؤلّفاتهم القديمة للطلبة لاعتمادها كمادّة للدّرس وتكون الفروض حولها.
عاشرا ستجد أساتذة بلا ضمير وبلا أخلاق يتلاعبون بمصير الطلبة وتكوينهم وتجدهم يواصلون من سنة إلى أخرى التواجد رغم فشلهم وعطالتهم: لا بحوث، لا كتابات، لا إصدارات، لا دروس، لا مواظبة، لا منهجية، ظلم، ذاتية طاغية، تصفية حسابات ضيقة، تلاعب بالأعداد …
3. أعتذر إلى كلّ زملائي الطلبة الذين مثلتهم في مرحلتي الإجازة والماجستير لأنّي كنت أبالغ في احترام هذا النوع من الأساتذة ولم أكن أكشف هذا الفساد الحاصل وأدعوهم إلى كشف كلّ أستاذ لا يحترم عقول طلبته ولا يحترم هذه المؤسّسة العريقة.
4. أنا لا أعمّم وأؤكّد إحترامي وتقديري لأساتذتي الذين تعلّمت على أياديهم أبجديات العمل الصحفي والبحثيّ منذ سنتي الأولى لكنني لن أسكت عن الفاسدين والفاشلين بعد اليوم (أستاذ يتقاضى حوالي 25 ألف دينار سنويا ليقدّم لا شيء.)
5. لا داعي لإعطائي دروسا في الوفاء واللّباقة والاحترام ولا داعي لهرسلتي بأساليب صارت معلومة تمارس على كلّ من يتجرّأ على كهنة معبد الصحافة وعلوم الإخبار.
الواثق بالله شاكير