ذاكرة وطن:“نهج الباشا” عبر التاريخ
“نهج الباشا” عبر التاريخ
حسب روايات المؤرخين المتناقلة في “نهج الباشا” ، أنه كان عرضة للنهب والسطو عند اجتياح الإسبان لمدينة تونس في عام 1535، لكنه أيضا رحب كباقي أنهج وأزقة المدينة القديمة وكان أكثر الأنهج القديمة قبلة للمماليك والعائلات الأندلسية، فعلى مقربة من دار بن قاسم يقع مقر سكن عائلة “الأخوة” الموريسكية كما نجد قصور عائلة بلقاضي والنيفر وبن خوجة والمحجوب وعنون.
ويستمد نهج الباشا أهميته من كونه كان يضم فضلا عن تلك القصور والعائلات، مقر الباشا ممثل السلطان العثماني في تونس، بدءا من العام 1574. ويعني ذلك أن هذا النهج كان يمثل في الربع الأخير من القرن السادس عشر المقر الأول للسلطة السياسية في البلاد.
تحول مقر الباشا لاحقا إلى مقر ملحق للعسكر توزع فيه مرتبات الجنود وموظفي الدولة العثمانيين ويمكن ملاحظة مسجد قريب يضم ضريح قائد عسكر تونس مصطفى داي المتوفى عام 1666، لكن السلطة تحولت تدريجيا إلى البايات في منطقة باردو ومن ثم إلى قصر القصبة، مقر الحكومة اليوم.
ويمثل هذا الامتداد والترابط التاريخي بين الأمس واليوم، أمرا مثيرا وملهما للوافدين من السياح والمستكشفين لمدينة تونس القديمة.
وبجانب دار بن قاسم يجري العمل على قدم وساق لترميم مدرسة “بئر الأحجار” التي أمر علي باشا ببنائها في منتصف القرن الثامن عشر لتكوين المؤدبين.
وتلعب المدرسة اليوم دورا ثقافيا محوريا في احتضان العروض الموسيقية والمعارض الفنية والأمسيات الشعرية بالمدينة القديمة، بجانب المكتبة العاشورية ومعهد الموسيقى الرشيدي. لكن أقدم معالم نهج الباشا قطعا هو “مسجد سيدي حديد” الذي يعود إلى القرن الثالث عشر، نسبة إلى الشيخ سيدي أبوحديد أحد المقاومين الأشداء للحملة الصليبية التي قادها الملك الفرنسي لويس التاسع على تونس عام 1270.
صحيفة العرب 2018/04/04