المنجي سليم، مناضل ودبلوماسي تونسي
– المنجي سليم (ولد في 15 سبتمبر 1908 – توفي في 23 أكتوبر 1969).
– ولد المنجي بن العابد سليم في حيّ الحلفاوين من ربض باب سويقة. أحرز في السنة الدراسية 1928-1927 وأحرز على الباكالوريا. وإثر ذلك تحوّل إلى باريس لمزاولة دراسته الجامعيّة.
– رجع المنجي سليم إلى أرض الوطن بعد أنّ أحرز على الإجازة في الحقوق. ولم يمنعه انخراطه في سلك المحاماة من المشاركة في النضال الوطني.
– وبوصفه عضوا بارزا في شعبة الحلفاوين التابعة للحزب الدستوري الجديد، شارك في المؤتمر الثاني للحزب الذي انعقد في أواخر شهر أكتوبر 1937 في نهج التريبونال بالعاصمة. وساند المنجي سليم في أثناء المؤتمر الشقّ المنادي بضرورة الكفاح من أجل تحرير الوطن، من أمثال سليمان بن سليمان والهادي نويرة وعلي البلهوان ومحمد الحبيب بوقطفة والهادي شاكر والباهي الأدغم، وانتخب المنجي سليم عضوا في المجلس المِلّي.
– وبعد توتّر العلاقات بين الديوان السياسي والمقيم العام قاد المظاهرة الشعبيّة التي انطلقت يوم 8 أفريل 1938 من رحبة الغنم والتقت أمام الاقامة العامة بالمظاهرة الثانية التي انطلقت في اليوم والساعة أنفسهما من بطحاء الحلفاوين بقيادة علي البلهوان. ونادى المتظاهرون ببرلمان تونسي وبحكومة وطنية، وطالبوا بإطلاق سراح المعتقلين الدستوريّين.
– وفي فجر يوم 10 أفريل ألقي عليه القبض مع مجموعة من المناضلين والقادة الدستوريّين، وأودعوا السجن العسكري بالعاصمة بتهمة التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي.
– وإثر اندلاع الحرب العالمية الثانية نقلوا في أكتوبر 1939 إلى السجن العسكري بتبرسق، ومن هناك نقلوا في 27 ماي 1940 على متن باخرة حربية إلى ميناء مرسيليا حيث اعتقلوا في حصن سان نيكولا.
– وإثر انهزام فرنسا واحتلال الجنوب الفرنسي في نوفمبر 1942، قرّرت السلطة الألمانية إطلاق سراح القادة الدستوريين المعتقلين في حصن سان نيكولا فنقلتهم من مكان إلى مكان إلى أن أفرجت عنهم في ديسمبر 1942 وأمرت بترحيلهم إلى روما حيث نزلوا في 9 جانفي 1943 في ضيافة الحكومة الايطالية.
– وفي شهر فيفري 1943 عاد المنجي سليم إلى أرض الوطن والتحق بصفوف الحزب الدستوري الجديد الذي استأنف نشاطه منذ ديسمبر 1942 بقيادة الدكتور الحبيب ثامر. ثم تعطّل هذا النشاط مرّة أخرى إثر دخول الحلفاء إلى تونس في 7 ماي 1943 وخلع المنصف باي في 14 ماي وانتهاج السلطة الفرنسية من جديد سياسة القمع والاضطهاد. ولم ينفرج الوضع نسبيّا إلاّ بعد أن وضعت الحرب أوزارها في ماي 1945.
– بعد هجرة الزعيم بورقيبة إلى الشرق في مارس 1945 واستقرار الدكتور سليمان بن سليمان بمسقط رأسه إثر رجوعه من المنفى في سنة 1943، لم يبق من أعضاء الديوان السياسي المنتخب في أثناء مؤتمر نهج التريبونال سوى صالح بن يوسف الذي فكّر في اختيار عناصر بارزة من المناضلين لقيادة الحزب مؤقّتا ريثما تسمح الظروف بعقد مؤتمر وطني لانتخاب ديوان سياسي جديد. فألحق حينئذ بالديوان السياسي ثلاثة أعضاء من المجلس الملّي وهم : المنجي سليم (الذي عهد إليه بإدارة الحزب) وعلي البلهوان والهادي نويرة. ثم أضاف إليهم في فترة لاحقة المناضل الباهي الأدغم الذي عاد من الجزائر في سنة 1944، بعد أن أطلق سراحه من السجن.
– وتخلّى المنجي سليم منذ ذلك الحين عن المحاماة ليتفرّغ للقيام بمهامّه الجديدة على رأس إدارة الحزب في مثل ذلك الظرف الدقيق الذي شهدته البلاد غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية. واستقرّ في مكتب المحامي الحبيب بورقيبةالواقع في شارع باب سويقة في قلب المدينة العربية، وقد أصبح المقرّ الرسمي للحزب الدستوري الجديد.
– أسهم المنجي سليم إسهاما بعيد المدى في تنظيم مؤتمر ليلة القدر الذي انعقد بتونس في 23 أوت 1946 بمشاركة قادة الحزب الدستوري بشقّيه القديم والجديد وممثلي المنظمات القومية وأرباب المهن الحرّة والوطنيّين المستقلين. وقد صادق المؤتمر بالاجماع على لائحة تطالب بالاستقلال التام. وألقي القبض على المنجي سليم وزجّ به في السجن المدني بالعاصمة ضمن المعتقلين الستة والأربعين من المشاركين في المؤتمر، ولم يفرج عنهم إلاّ يوم 23 سبتمبر 1946.
– اندلعت المعركة التحريريّة الحاسمة في كامل أنحاء البلاد في 18 جانفي 1952 إثر القبض على الزعيم الحبيب بورقيبة ومدير الحزب المنجي سليم وإبعادهما إلى مدينة طبرقة. وانتهج المقيم العام دي هوتكلوك سياسة قمع واضطهاد للوطنيين.
– أُطلق سراح المنجي سليم في أواخر سنة 1953.
– وبعد خطاب الشهير الذي ألقاه منداس فرانس أمام محمد الأمين باي في قصر قرطاج (31 جويلية 1954)، والذي أعلن فيه رسميّا عن اعتراف فرنسا بحقّ تونس في الاستقلال الداخلي، ودعا إلى إجراء مفاوضات لادخال هذا الاعلان حيّز التنفيذ، تكوّنت حكومة جديدة برئاسة الطاهر بن عمار وبمشاركة أربعة وزراء يمثلون الحزب الدستوري الجديد وهم : المنجي سليم والهادي نويرة والصادق المقدّم ومحمد المصمودي.
– وبدأت المفاوضات التونسيّة الفرنسيّة في باريس يوم 13 سبتمبر 1954، والتي أدت إلى إتفاقية الإستقلال الداخلي في 3 جوان 1955.
– بعد الإستقلال، في جانفي 1957 انتخب المنجي سليم في اللجنة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول المسألة المجرية، كما كان ممثلا دائما لبلاده في مجلس الأمن بين جانفي 1959 وديسمبر 1960. وترأس كل وفود بلاده في جلسات الجمعية العامة.
– وفي عام 1961 شارك في الدورة الثالثة الخارقة للعادة للجمعية العامة المخصصة لقضية بنزرت.
– انتخب في فيفري 1961 رئيسا للجمعية العامة، وهي المهمة التي اضطلع بها حتى تسميته وزيرا للخارجية التونسية عام 1962، ثم عُيّن ممثلا شخصيا لرئيس الجمهورية بين 12 نوفمبر 1964 و5 سبتمبر 1966، حيث عين في وزارة العدل إلى عام 1969.
(الصورة : المنجي سليم على غلاف عدد 26 سبتمبر 1961 من مجلة تايم أثناء ترأسه للجمعية العامة للأمم المتحدة)
# أسامة الراعي#