أحمد السقا، مناضل وطني تونسي
– أحمد السقا : ولد سنة 1891 – توفي في 21 ديسمبر 1957، (66 سنة).
– ولد بالقراعية من المنستير. وكان أبوه محمّد الصالح السقّا عاملا (قايد) عزل عن وظيفته بسبب نشاط ابنه أحمد في الحقل السّياسي الوطني.
– ولأحمد السقّا إخوة أربعة وأخت وحيدة هي السيّدة ناجية زوجة الوزير محمّد الصالح مزالي.
– تخرّج أحمد السقّا في معهد كارنو الثانوي بتونس محرزا شهادة الباكالوريا ثم التحق بباريس ودخل كليّة الحقوق ودرس بها حتى أحرز الإجازة في الحقوق وأعدّ بعد ذلك أطروحة في “نظام الحكم في الاسلام” نال بها شهادة الدكتوراه في الحقوق سنة 1916.
– دخل مكتب المحامي الأستاذ الفرنسي برطون وعمل معه مدّة طويلة جدا إذ مكث بباريس قرابة الأربعين عاما. مكّنته هذه التجربة من أن يطّلع على دقائق مهنة المحاماة ويغوص في أغوارها لمعرفة الاجراءات القانونيّة وحلّ المشكلات الناجمة عنها ومعرفة الطرق الموصلة لفضّها.
– إثر انتهاء الحرب العالميّة الأولى وانتصار الحلفاء، وتصريحات الرئيس الأمريكي ويلسون بأنّه من حقّ الشعوب تقرير مصيرها بنفسها، تحرّك الوطنيّون الأحرار في كلّ الأقطار مطالبين بحقوقهم ورفع أيدي الاستعمار عنهم.
– كان أحمد السقّا يتّقد نشاطا وحماسة ويتألم من الظّلم ويأمل في العدل، فنشط سياسيا بفرنسا واتّصل بقادة أحزاب اليسار الذين كانوا يرفعون شعارات مساندة لحق الشعوب المضطهدة في تقرير مصيرها. وكتب في الصحف التقدميّة ودافع عن قضيّة بلاده طالبا إنصافها وتحقيق آمالها ومطامحها.
-وكانت الحركة الوطنيّة بتونس قد استيقظت من جديد بعد غفوة حتّمتها الحرب العالمية الأولى بضراوتها والاستعمار باستبداده وجبروته. وفكّر التونسيّون في انتهاز الفرصة لانصاف تونس وتحقيق تصريحات المنتصرين في شأن الحرّيات وتقرير المصير. فسافر الزّعيم الثعالبي إلى باريس وهو رجل فصيح اللسان يمتلك كلّ مواصفات الزّعامة والقيادة إلا أنّه لا يحسن إلا اللغة العربيّة التي يحذقها ويجيد التحدّث بها ويسهل عليه إقناع مخاطبيه بحسن بيانه وطلاقة لسانه وقوة حجّته وتركيزه الاهتمام على الثابت من الحقائق.
– وكان الثعالبي في حاجة أكيدة إلى من يعينه ويشدّ عضده من فصحاء الناطقين باللغة الفرنسيّة من أبناء بلاده الموجودين في فرنسا. ووجد ضالّته في أحمد السقّا الذي كان يعيش في فرنسا.
– واجتمع التونسيّان الزعيم الثعالبي وأحمد السقّا، وكان اللّقاء في شهر جويلية سنة 1919 وكان من نتائجه بروز الكتاب الشهير “تونس الشهيدة” الذي صدر في جانفي سنة 1920 دون ذكر اسم مؤلّفه. وقد لقي نجاحا باهرا في مختلف الأوساط التونسيّة والعربيّة وخاصّة الفرنسيّة وكان باعثا للحماسة والاندفاع الوطني والتعريف بالقضيّة التونسيّة.
– بعد ذلك تأسّس الحزب الحرّ الدستوري التونسي يوم 17 رمضان سنة 1338 الموافق لجوان سنة 1920 بزعامة الثعالبي. وقد امتُحن الزّعيم الثعالبي عقب نشر كتاب تونس الشهيدة، إذ عُثِر على أصوله ومسودّته في بيته عند تفتيشه واعتبرته السّلط الاستعماريّة عملا ثوريّا يستحقّ المتابعة والعقاب. وألقي القبض عليه في 28 جويلية سنة 1920 بتهمة التآمر على أمن الدولة ونقل إلى تونس مخفورا وأودع السّجن العسكري وحقّق معه ثم أطلق سراحه في ماي 1921.
– وفي هذه القضيّة بيّن كيف ألّف كتاب تونس الشهيدة وكيف قام بترجمته أحمد السقّا. قال الثعالبي في بحثه إنّه هو الذي ألّف الكتاب ولم يوزّعه بتونس ولاحظ له الباحث بأنه يجهل الفرنسيّة ولا بدّ أنّ السقّا هو الذي كتبه. وأنكر السقاّ المشاركة في وضع الكتاب إلا أنّ الثعالبي استنطق من جديد فقال : إنّ الرّسائل والوثائق المتعلّقة بنشاطه بفرنسا هي من تحرير السقّا بعد إملائها شفاهيا عليه بالعربيّة. أمّا الأمور المهمّة فإنّه كان يكتبها بنفسه بالعربيّة ويمليها باللغة الدارجة على السقّا الذي يصوغها باللغة الفرنسيّة.
– وقد كشفت هذه التصريحات عن كيفيّة تأليف ذلك الكتاب، والظاهر أنّ السقّا لم يكن مترجما فقط وإنّما شارك في تأليف الكتاب.
– وقد عكف السقّا على عمله الوطني ونشاطه السياسي في باريس وأشرف على الشعبة الدستوريّة التابعة للديوان السياسي والموجودة بالعاصمة الفرنسيّة.
– توفي أحمد السقّا بالمنستير في 21 ديسمبر سنة 1957 وبها دفن.
# أسامة الراعي#