فعاليات المؤتمر الدولي حول “الاستقرار السياسي الليبي: رؤية إستشرافية لمستقبل الأجيال القادمة ” تونس، 9 و10 فيفري / شباط 2024.
فعاليات المؤتمر الدولي حول “الاستقرار السياسي الليبي: رؤية استشرافية لمستقبل الأجيال القادمة ” تونس، 9 و10 فيفري / شباط 2024.
الجمهورية التونسية تستضيف أشغال المؤتمر الدولي حول الاستقرار السياسي في ليبيا بتنسيق وجيه من المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية في تونس، على امتداد يومي 09 و10 فيفري 2024 بأحد فنادق العاصمة.
انطلقت صباح اليوم الجمعة بالعاصمة، 09 فيفري 2024 فعاليات المؤتمر الدولي حول “الاستقرار السياسي الليبي: رؤية استشرافية لمستقبل الأجيال القادمة “. وقد انتظم الملتقى المتميز ومحكم التنظيم ببادرة من المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية في تونس، ومؤسسة شمال إفريقيا لرعاية الشباب في ليبيا، وذلك بحضور مختلف الأطياف السياسية الليبية، وممثلي بعثة منظمة الأمم المتحدة في ليبيا، ومجلس حكماء ومشائخ ليبيا، والبعثات الدولية والاقليمية، بالتوازي مع حضور فاعل شمل برلمانيين وشخصيات وخبراء من الاتحادات الافريقية والعربية والدولية ووجوه بارزة من المنظمات الأهلية والحقوقية والإعلامية… وذلك بهدف التباحث في آليات تعزيز الوحدة الوطنية الليبية من أجل الأجيال القادمة. وسجل المؤتمر حضورا نوعيا ومكثفا لأعضاء من مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، والمنظمات المدنية وشخصيات ليبية وقيادات قبائلية، جنبا إلى جنب مع ممثلي بعض السفارات العربية في تونس، ووفود من روسيا والنيجر والصين والعراق وأمريكا وبريطانيا وإيطاليا وجنوب أفريقيا ومصر والمغرب، وشخصيات تونسية بارزة ومفكرين وباحثين أكاديميين. ويناقش الملتقى الذي ينظمه المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية بشراكة مع مؤسسة شمال أفريقيا لرعاية الشباب والتنمية، العديد من المحاور بشأن الاستقرار في ليبيا، من بينها، الاستقرار السياسي والأمني من أجل البناء والتنمية، وإنهاء الوصاية وتكوين شراكات دولية مبنية على مبدأ الاحترام المتبادل، وكذلك دور المرأة والشباب في صناعة السلام والاستقرار، والمصالحة الليبية.
وافتتحت الدكتورة بدرة ڨعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية في تونس والمنسقة العامة للمؤتمر الأشغال التي امتدت طيلة اليوم الأول بحضور مكثّف لعديد الأطياف مشيرة إلى أن العمل قائم على قدم وساق مع كافة الأطراف السياسية والاقتصادية في ليبيا لتقريب وجهات النظر، والحد من الانقسامات، وتحديد الأولويات التي من شأنها أن تدفع بليبيا قدما نحو الاستقرار والتنمية، لاسيما العمل سويا لوضع روزنامة عاجلة قصد تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في أقرب الآجال. وذكّرت في سياق كلمتها الافتتاحية بالدور الذي تلعبه الجمهورية التونسية سلطة وشعبا من أجل التقريب بين وجهات النظر وتحقيق الاستقرار في ليبيا الشقيقة باعتبار الترابط التاريخي بين البلدين الشقيقين. ويهدف المؤتمر الذي يتواصل على امتداد يومين (09 و10 فيفري) ، إلى التشاور والنقاش بهدف صياغة توصيات في اجتماع الخبراء والممثلين لمختلف الأطياف السياسية يوم السبت 10 فيفري وبسط أفكار تساعد على بلورة رؤية مستقبلية سياسية وإقتصادية واجتماعية ، من شأنها أن توفر دعامات الاستقرار والسلم الاجتماعية والتنمية في ليبيا ، وذلك عبر تشريك كافة الطيف السياسي والشعب الليبيين ، من أجل توحيد الرؤى، وإرساء مقومات التنمية المستدامة والحوكمة الرشيدة ، ودعم مؤسسات الدولة، بعيدا عن الصراعات الداخلية والنزاعات بين الفرقاء السياسيين. كما يمثل المؤتمر مناسبة لتشخيص المعوقات التنموية والأسباب التي يمكن أن تزعزع الأمن والتماسك الاجتماعي، ولتحديد مسارات دعم الوحدة الوطنية في ليبيا التي تظل حسب المشاركين دعامة الاستقرار السياسي والاقتصادي، ومنطلقا لتطوير الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وتنقية المناخ السياسي، خدمة للأجيال القادمة وترسيخا لدولة ليبية قوية وفاعلة في محيطها الاقليمي والدولي. وقدمت رئيسة المركز الدولي للدراسات الدولية والاستراتيجية منهجية عمل يمكن أن تساعد على تركيز مقومات الاستقرار السياسي في ليبيا، عبر تشريك كافة أطياف المشهد السياسي والمدني الليبي، مع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الحاصلة على الساحتين الاقليمية والدولية على جميع الأصعدة السياسية والإستراتيجية والاقتصادية أيضا. وبينت المنسقة العامة للمؤتمر في كلمة الافتتاح أن استقرار ليبيا السياسي والاقتصادي هو مطلب تونسي أيضا لضمان استقرار المنطقة المغاربية والعربية ككل، وإرساء مقومات السلام فيها، وأوضحت أن أمن ليبيا مرتبط بأمن دول الجوار، وهو ركيزة أساسية للمنظومة الأمنية والاستراتيجية للدولة التونسية. وفي سياق حديثها عن الملف الليبي أشارت السيدة المنسقة العامة الدكتورة بدرة ڨعلول إلى أن نجاح هذا المؤتمر وتميزه يتمثلان في لم شمل الفرقاء السياسيين في ليبيا، لاسيما الممثلين عن الجنوب الليبي، الذين يمثلون ورقة سياسية مهمة ولديهم قيمة استراتيجية كبرى باعتبار موقع منطقة الجنوب المتاخمة لدول جنوب الصحراء. وأضافت مستدلة على أن لتونس وليبيا علاقات محورية مهمة وكلاهما يمثل العمق الاستراتيجي والأمني للآخر. هذا وقد توالت المداخلات الداعمة لوحدة ليبيا واستقرارها، من ذلك مداخلة السيد مهمان أعصمان الرئيس الأسبق للنيجر الذي أكد على أهمية تفعيل دور الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية والمنتظم الأممي في تحقيق الاستقرار داخل ليبيا وتعزيز التعاون والشراكة مع النيجر في مجالات الهجرة والعلاقات الأمنية والعسكرية والاقتصادية ومحاربة آفات مثل التهريب والاتجار بالبشر والإرهاب التي تقوض الاستقرار في المنطقة . وأشار في السياق ذاته إلى أن الحل من أجل ضمان الاستقرار والسلم في ليبيا لابد أن ينبع من الليبيين أنفسهم بمساعدة بلدان شقيقة وصديقة مثل بلدان الجوار ومنها تونس، معتبرا أن الهياكل الليبية البرلمانية والحكومية في حاجة ماسة لمسارات واتفاقات تساهم في دعم الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي، فضلا عن الدور الريادي الموكول إلى المنظمات الاقليمية والدولية وخصوصا منها منظمة التعاون الاسلامي للمساعدة على تحقيق الاهداف المطلوبة . واعتبر السيد مهمان أعصمان في جانب آخر أن تاسيس جيش ليبي قوي سيكون سدا منيعا أمام الأطماع الخارجية المتربصة بالبلاد، وسندا للدولة لتحقيق الاستقرار المستدام، إلى جانب الدور الموكول للنخبة في ليبيا قصد الاهتمام بالمسائل الداخلية وفض الاشكالات القائمة عبر طرح أفكار ومقترحات قادرة على إيجاد حلول مناسبة وفعالة ترمي إلى الحد من الفوارق وتوحيد الصف الليبي. هذا وقد تناول الملتقى الدولي محاور عديدة على امتداد جلساته دارت حول الاستقرار السياسي في ليبيا مجموعة من المحاور شملت بالخصوص الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا ، وإنهاء “الوصاية الأجنبية” وإرساء شراكات دولية مبنية على الندية والاحترام والتعاون إلى جانب مناقشة دور المرأة والشباب في تحقيق السلم الاجتماعية والاستقرار، وأهمية المصالحة الوطنية باعتبارها خطوة من أجل البناء والاستقرار، وذلك عبر مداخلات لعدد من الخبراء والمحللين الاستراتيجيين من تونس والجزائر ومصر والنيجر وروسيا والصين والاتحاد الاوروبي وبريطانيا وجنوب إفريقيا.
ومن جهته قال عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدولي والناشط السياسي الليبي خالد غويل، أن “استقرار ليبيا يبدأ من المصالحة الوطنية بين مختلف الأطراف الليبية، ومن خلال إعادة النظر في العلاقات مع مختلف مكونات المجتمع الدولي المتدخلة في الشأن الليبي، لتصبح علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك، بعيدا عن كافة أنواع التدخل في الشأن الداخلي لليبيا، وهو ما يستدعي أيضا مصالحة سياسية حتى يتم القطع مع الأجندات الأجنبية التي تحول دون تحقيق الوحدة الوطنية وتعمق الهوة بين أفراد الشعب الليبي. وأضاف في هذا السياق الحاجة الماسة إلى شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي مبنية على احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشان الداخلي الليبي. ومن جانبه عبر عضو مجلس النواب الليبي صالحين عبد النبي عن أمله في التوصل إلى اتفاقات تحقق الوحدة الوطنية والأمن والاستقرار لليبيا، بعيدا عن أية تدخلات أجنبية من شأنها أن تقوض السلم الاجتماعية، وأشار في معرض كلمته إلى أن ليبيا دولة مكتملة السيادة وعليه لابد من التفكير في آليات لتعزيز الشراكة مع المجتمع الدولي التي تساعد على إرساء مقومات الاستقرار والسلم، وتدفع في اتجاه التنمية المستدامة والتطور الاقتصادي خدمة للأجيال القادمة.
ودعا ممثل مجلس حكماء ومشائخ ليبيا إمحمد زيدان إمحمد في كلمته إلى توحيد الصف الليبي والانكباب على معالجة المشاكل التي تعيق إرساء الوحدة الوطنية والتنمية الاقتصادية، واعتبر أن الليبيين هم أصحاب القرار وهم ثابتون على عهدهم لتحقيق الوحدة الوطنية الشاملة، التي قال إنها برزت بشكل لافت في الفيضانات التي اجتاحت مدينة درنة وأودت بحياة العديد من الضحايا، حيث كان لأفراد الشعب الليبي موقف مشرف في التضامن والتآزر بين بعضهم البعض بما يقيم الدليل على وحدة الشعب وتضامنه اللامشروط. واعتبر محمد دبرز ممثل المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، من ناحيته أن المؤتمر يعد مناسبة لتثمين جهود بلدان الجوار وخاصة تونس لدعم الاستقرار في ليبيا، لافتا النظر الى أن الحوار بين الفرقاء السياسيين أساس التقدم في اتجاه استقرار ليبيا وضمان سيادتها ووحدتها. وأكد حرص المجلس الأعلى للدولة على التواصل مع مجلس النواب الليبي للتعاون من أجل إنجاح الاستحقاقات المطلوبة والمشتركة بين الطرفين بما يحقق الاستقرار والتنمية في ليبيا .
وفي اختتام جلسات اليوم الأول تسلمت الدكتورة بدرة ڨعلول الدرع الشرفي للمؤتمر ومنح المشاركون شهادات تقدير على مداخلاتهم الوجيهة والعميقة في الآن نفسه.
وقد دارت الأشغال في جو من الحوار الرصين البناء وفي مناخ من الأريحية الراقية مقيما الدليل في مختلف جلساته على أهمية الاستقرار على جميع المستويات في ليبيا، في رسالة مفادها التأكيد على أهمية توحيد الصف
والاستقرار، وإنهاء المراحل الانتقالية.