حكايات ناس بكري:مَن حَفَر جُبّا لاخيه وَقَع فيه

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

كان هناك ساقي اسمه “جَميلٌ” يبيع الماء للناس ويتجوّل بجرته الطينية من سوق الى آخر وقد أحبّه كلّ الناس لحسن خُلقه ولنظافته .
ذات يوم سمع الملك بهذا السّاقي فقال لوزيره : اذهب واحضر لي السّاقي.

ذهب الوزير يبحث عن جميل في الأسواق إلى أن وجده وأتى به للملك .
-قال الملك لجميل: من اليوم فصاعدا تسقي ضيوفي وتجلس بجانبي تحكي لي طرائفك.

-قال جميل : السّمع والطّاعة لك يا مولاي.

عاد جميل إلى زوجته يُبشرها بالخبر السّعيد وبالغنى القادم وفي الغد لبِسَ أحسن ما عنده وغسل جرّته وقَصَد قصر الملك.
دخل السّاقي بيلاط الملك الذي كان مليئا بالضيوف وبدأ بتوزيع الماء عليهم و ما ان ينتهي يجلس قرب الملك ليحكي له الحكايات والطرائف المضحكة،وفي نهاية اليوم يقبض ثمن تعبه ويغادر إلى بيته ،هاشّا باشًا.

بقي الحال على ما هو عليه مدّة من الزّمن ، إلى أن جاء يومٌ شَعُر فيه الوزير بالغيرة من جميل، بسبب المكانة التي احتلّها في قلب الملك.
وفي الغد لمّا كان السّاقي عائدا إلى بيته تَبِعَه الوزير وقال له :
– يا جميل إنّ الملك يشتكي من رائحة فمك الكريهة

تفاجأ جميل وسأل الوزير :
– ماذا أفعل حتى لا أؤذيه برائحة فمي؟
فقال الوزير :
-عليك أن تضع لثاما ،كمّامة، على فمك عندما تأتي إلى القصر
قال جميل :
– حسنا سأفعل ذلك.

عندما أشرق الصباح وضع السّاقي لثامًا حول فمه وحَمَل جرّته واتّجه إلى القصر كعادته. فاستغرب الملك منه وابتسم دون تعليق ،
واستمرّ جميلٌ يلبس اللثام يوميا إلى أن جاء يوم وسأل الملك وزيره عن سبب وضع جميل اللّثام،
فقال الوزير :
– أخاف يا سيدي إن أخبرتك بالسرّ لَقطعتَ رأسي.
فقال الملك :
– لك مني الأمان ،قل ما تريد!
قال الوزير :
-لقد اشتكى جميل السّاقي من رائحة فمك الكريهة يا سيدي.( حب يودرُو)

أرعَدَ الملك و أزبَدَ وذهب عند زوجته وأخبرها فقالت :
– مَن سوّلت له نفسه قول هذا غدا يُقطع رأسه ويكون عبرة لكل من سوّلت له نفسه الانتقاص منك أيها الملك.

قال لها الملك:
نعم الرأي سيّدتي.
وفي الغد استدعى الملك الجلاّدين وقال لهم:
-مَن رأيتموه خارج من باب قصري حاملا باقة من الورد فاقطعوا رأسه دون شفقة.

حضر جميل الساقي كعادته في الصّباح وقام بتوزيع الماء وحين حانت لحظة ذهابه أعطاه الملك باقة من الورد وعندما همّ بالخروج إلتقى الساقي بالوزير فقال له الوزير :
– من أعطاك هذه الباقة ؟
قال جميل:
– مولاي الملك.

فقال له الوزير:
– أعطني إياها لقد أعجبتني كثيرا وأنا أحق بها منك.
فأعطاه الساقي الباقة وانصرف وعندما خرج الوزير رآه كبير الجلّادين حاملا باقة الورد فقطع رأسه!
وفي الغد حضر السّاقي كعادته دائما ملثما حاملا جرّته وبدأ بتوزيع الماء على الحاضرين استغرب الملك من رؤيته ظنا منه أنه ميّت،فنادى عليه وسأله :
– ما حكايتك واللثام ؟
قال جميل :
– لقد أخبرني وزيرك يا سيدي أنك تشتكي من رائحة فمي الكريهة وأمرني بوضع لثام على فمي كي لا تتأذى.
سأله مرة أخرى :
– وباقة الورد التي أعطيتك إيّاها ؟
قال جميل :
– أخذها الوزير فقد قال أنه هو أحق بها مني.
فابتسم الملك وقال حقّا هو أحق بها منك وانّ حسن الظنّ مع الضغينة لا يلتقيان.

■ سعادة الآخرين لن تأخذ من سعادتنا.
■غِنى الآخرين لن ينقص من ارزاقنا.
■ صحة الآخرين لن تسلبنا عافيتنا

Loading