نور الدين بن محمود، أديب وإعلامي تونسي

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

– نور الدين بن محمود : ولد في 16 أكتوبر 1914 – توفي في 16 أكتوبر 1990، (76 سنة).
– بعد حصوله على الشهادة الإبتدائيّة من مدرسة خير الدين، التحق بالمعهد الصادقيّ حيث زاول دراسته الثانوية. ثم درس اللّغة العربية والتّرجمة في المدرسة العليا للغة والآداب العربية بالعطّارين.
– انتسب بعد ذلك إلى كلية الآداب في بوردو بفرنسا، وتابع دروسها عن طريق المراسلة إلى أن أحرز الاجازة في اللغة والآداب العربية ودبلوم الدراسات العليا إثر مناقشة الرسالة التي أعدّها حول ابن رشيق وعصره. والتحق إلى جانب مواصلة دراسته العليا، بجمعية الأوقاف بتونس، حيث عمل مترجما حقبة من الزّمن.
– شارك في سبتمبر 1938 في مناظرة انتداب مذيعين للعمل بالقسم العربي من الإذاعة التونسية الذي كان يشرف عليه عهدئذ الأستاذ عثمان الكعّاك، فنجح في تلك المناظرة بامتياز.

– قبل التحاق نورالدين بن محمود بالإذاعة، اقتحم ميدان الصّحافة المكتوبة منذ شبابه الباكر، إذ أسهم في تحرير بعض الصّحف العربية مثل “النّديم” و”الوزير”. ثم أصدر في سنة 1936 نشريّة “المروج”، وتولّى بعد ذلك رئاسة تحرير المجلّة الثقافية الشهريّة “الأفكار” التي أصدرها حمّودة قوجة من نوفمبر 1936 إلى سبتمبر 1937.
– وكان التحاقه بالإذاعة التونسيّة منطلقا لتجربة إعلاميّة رائدة، إذ أحرز من أوّل وهلة نجاحا باهرا أهّله للارتقاء إلى خطّة كاتب عام للقسم العربي في سنة 1943. فاستطاع بفضل ما حظي به من سمعة طيّبة وإشعاع لدى النّخبة المثقّفة، أن يستقطب ثلّة من رجال الفكر والأدب، أمثال الشيخ محمد الفاضل بن عاشور، وشيخ الأدباء محمد العربي الكبادي، والمؤرّخ الكبير عثمان الكعّاك وغيرهم من الأدباء والشّعراء مثل الهادي العبيدي وأحمد خير الدين وجلال الدين النقاش وحسين الجزيري وعلي الدوعاجي.
– وقد سمحت له خطّته بالحصول على دعم من الإقامة العامّة، لاصدار مجلّة “الثريّا” الشهريّة التي ظهر عددها الأوّل في ديسمبر 1943.
– وبالاضافة إلى مجلّة “الثريّا” أصدر نور الدين بن محمود منذ 24ديسمبر 1945 جريدة أسبوعيّة جامعة بعنوان “الأسبوع”. وسرعان ما استقطبت مختلف فئات القرّاء الذين أقبلوا عليها بشغف وتلهّف، بفضل ما احتوت عليه من موضوعات متنوّعة شيّقة في شتّى مجالات المعرفة كالقصّة والشّعر والتّاريخ والاقتصاد والمسرح والرياضة…

– رغم ما أحرزه نور الدين بن محمود من نجاح، فقد بدأ يتعرّض إلى مضايقة مدير الاذاعة التونسيّة الفرنسي الجنسيّة، فقدّم استقالته من مهامّه سنة 1946، ليتفرّغ لأنشطته الاعلامية الأخرى، إذ واصل إصدار مجلّة “الثريّا”، رغم انقطاع الإعانة الماليّة التي كانت تقدّمها له الإقامة العامّة، إلاّ أنّه اضطرّ في آخر سنة 1947 إلى تعطيلها، ثم أصدرها من جديد في سنة 1950، ولكن لم يظهر منها سوى ثلاثة أعداد في جانفي وفيفري وأفريل 1950 ثم احتجبت نهائيّا. أما جريدة “الأسبوع” فقد استمرّت في الظهور حتى 23 جانفي 1956.

– وإلى جانب نشاطه في الميدان الصّحفي، عرف نور الدين بن محمود بنشاطه المتميّز في صلب بعض الجمعيّات الثّقافية والرّياضية. فقد كان رئيسا مساعدا لجمعيّة “الاتّحاد المسرحي” وكاتبا عامّا لجمعيّة “الترقّي” الموسيقية وعضوا في هيئات “الكوكب التمثيلي” و”المعهد الرشيدي” و”جمعيّة النّاصريّة”.
– كما أسهم في تأسيس تعاضديّة تونسيّة للطّباعة والنّشر بعنوان “دار الهدى”، بالاشتراك مع نخبة من رجال الاعلام في مقدّمتهم عميد الصّحافيين البشير الفورتي. ومن أنشطته الأخرى التي استرعت الانتباه تنظيمه لرحلات بريّة عبر ليبيا ومصر، لنقل المسافرين التّونسيّين القاصدين البقاع المقدّسة لأداء مناسك الحجّ أو العمرة.

– كان نور الدين بن محمود غزير الانتاج الأدبي والفنّي، إذ هو كاتب وشاعر ومترجم ومحاضر. فبالاضافة إلى رسالته حول ابن رشيق وعصره، وفصوله ودراساته المنشورة في مختلف الصّحف والمجلاّت، ألّف وترجم عدّة مسرحيّات منها مسرحيّة “آخر الموحّدين” التي قدّمت في تونس مرّتين، ومسرحيّة “المتمرّدة” التي نالت جائزة بلديّة مدينة تونس، وألّف أيضا مسرحيّات إذاعية كثيرة. ونظّم حفلا بتونس يوم 23 مارس 1944 لاحياء ذكرى ألفيّة أبي العلاء المعرّي، وألقى بهذه المناسبة دراسة ضافية حول حياة أبي العلاء وآثاره. كما شارك ببحث قيّم في مؤتمر الثقافة الاسلاميّة الذي نظّمتهالجمعيّة الخلدونية في سبتمبر 1946.

– لما ظهر الانشقاق في صفوف الحزب الدستوري الجديد إثر حصول تونس على الاستقلال الداخلي، انحاز نور الدين بن محمود إلى الزعيم صالح بن يوسف الكاتب العامّ للحزب الذي نادى بمقاومة اتّفاقيات 3 جوان 1955، باعتبارها – حسب رأيه – “خطوة إلى الوراء” فسخّر جريدته “الأسبوع” لشنّ حملة شعواء على تلك الاتّفاقيات وعلى “الدّيوان السّياسي” ووزارة الطاهر بن عمار الثّانية التي تكوّنت في سبتمبر 1955 لادخال اتّفاقيات الاستقلال الدّاخلي حيّز التنفيذ. فعمدت الحكومة، بعد لجوء صالح بن يوسف إلى مصر، إلى تعطيل جريدة “الأسبوع” بمقتضى قرار مؤرّخ في 28 جانفي 1956.

– وإثر إمضاء بروتوكول الاستقلال في 20 مارس 1956، هاجر نور الدّين بن محمود إلى العاصمة الفرنسيّة حيث عمل في عدة وظائف منها شركة لترجمة الأفلام ثم في وكالة الأنباء الفرنسية وساهم في الكتابة بالصحف الفرنسية : باري ماتش – جورنال دي فرانس – وجريدة «أوريون» كما أنشأ هناك مطبعة (قرطاج) ومكتبتها لكنّه لم يحالفه النجاح وقد ديّج هناك أيضا مقالات بالعربية نشرها على صفحات مجلة (العربي) الكويتية وفي الصحف العربية خاصة منها “أضواء عربية” و”المستقبل”.
– وأصدر هناك بمعّية الأديب السوري إحسان حقي مجلة “الجامعة” وهي مجلة سياسية وثقافية موجهة للمهاجرين أساسا كما أنه تولى هناك ترجمة معاني القران وأصدر ذلك في كتاب تعددت طبعاته في فرنسا ولبنان.

– عاد إلى تونس سنة 1989، وفي يوم 16 أكتوبر سنة 1990 غيّب الموت نورالدين بن محمود بعد أن أرهقه مرض السكري في أواخر أيامه لتكون مقبرة سيدي يحي بالعمران مثواه الأخير.

# أسامة الراعي#

Loading