عبد المجيد الساحلي، صحفي، ناقد موسيقي وعازف كمان تونسي

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

– عبد المجيد الساحلي : ولد في 13 مارس 1943 – توفي 15 فيفري 2020، (77 سنة).
– يعتبر عبد المجيد الساحلي واحدا من أبرز الصحافيين في مجال الإعلام الثقافي رصدا ونقدا، وقد لمع نجمه ليختص في النقد الموسيقي تحديدا وهي المادة التي كان تولى تدريسها في جل المعاهد العليا مثل المعهد العالي للفنون الدرامية والمعهد العالي للموسيقى ومعهد الصحافة وعلوم اشلإخبار، إضافة إلى المركز الوطني للموسيقى والفنون الشعبيّة.
– دخل مجال الكتابة النقدية في الصحافة في زمن كانت فيه المنافسة على أشدها كما كانت الحركة الثقافية نشطة جدا، ونجح في فرض اسمه بفضل ثراء ثقافته ومعرفته في المجال الموسيقى (خاصة وأنه كان عازفا لآلة الكمان) مما مكّنه من الإطلاع الدائم على المنجزات الفنية المعاصرة محلياً وعربيّا، ومتابعة مستمرة لكل جديد على الساحة الفنية والثقافية .

– أتقن عبد المجيد الساحلي الكتابة بالعربية كما الفرنسية، وكان بالإضافة إلي قدراته النقدية مؤرخا فنيّا، فإلى جانب كتاباته النقدية وتغطيته لمستجدات الساحة الفنية تخصص أيضا في كتابة وسرد سيرة الشخصيات الفنية في ركنه الشهير “شخصية في الذاكرة” الذي تواصل نشره في “مجلة الإذاعة والتلفزة” لعدة سنوات كما أجرى طوال مسيرته المهنية العديد من الحوارات لأهم المبدعين التونسيين والعرب على غرار محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، وردة الجزائرية، بليغ حمدي، محمد الموجي، كمال الطويل ورتيبة حفني وغيرهم…

– ولد عبد المجيد الساحلي بباب سويقة، وبالتحديد في نهج الباشا بالعاصمة ودرس في الصادقية وتحصل منها على شهادة الباكالوريا، ثم التحق بوكالة تونس إفريقيا إبان تأسيسها سنة 1961 وكان ضمن الفوج الأول الذي ضمّ كلاّ من عبد المجيد عطية، علي الكاهية، كمال مبارك ومحمد علي بن سالم، وقد كان هذا الأخير نابغة في الترجمة الفورية وخاصة خطب الرئيس الحبيب بورقيبة.

– عشق عبد المجيد الساحلي الصحافة منذ صغره، عندما كان يطالع المقالات الصحفية في الجرائد التي كان يشتريها والده وعمه، مثل “الزهرة” و”النهضة” حيث كان يلتهم المقالات المتنوعة وخاصة كتابات الأديب علي الدوعاجي والصحفي عبد المجيد بوديدح وغيرهما…
– وسرعان ما تحول ذلك الإعجاب بتلك المقالات إلى رغبة في الكتابة والنسج على منوال الصحفيين الذين أثروا فيه أيّما تأثير وأغروه بأسلوبهم وأسروه بتعاليقهم وتحاليلهم، مثل الهادي العبيدي وصلاح الدين بن حميدة (من تونس) وحسنين هيكل وأنيس منصور (من مصر) وجورج خوري من ( لبنان) …

– عندما بدأ عبد المجيد الساحلي يتحسّس الطريق نحو الكتابة في الصحف كانت البداية بجريدة “Le petit matin” ثم جريدة “La Presse”. أما أوّل جريدة كتب فيها باللغة العربية فهي “الصباح” عندما كان يترأس تحريرها الهادي العبيدي، ثم كتب في صحف “البيان” و”بلادي” و”الأخبار” ومجلة “الإذاعة والتلفزة” وغيرها من الجرائد والمجلات فضلا عن جريدة “العمل” التي حقق فيها سبقا صحفيا يذكره التاريخ يتعلق بوفاة المطرب علي الرياحي في المسرح البلدي.

– تفاصيل تلك الواقعة الأليمة يرويها عبد المجيد الساحلي في الحوار الذي أجرته معه مجلة “الإذاعة والتلفزة” فيقول : “كان المطرب علي الرياحي في أواخر مارس سنة 1970 طريح الفراش، وقد نصحه أطباؤه بعدم الغناء، حتى تستقر حالته الصحية، وفي الأثناء اتصل به أحد أعضاء شعبة الشؤون الاجتماعية وكان رئيسها زكريا بن مصطفى وطلب منه إقامة حفل لفائدة مشاريعها الاجتماعية، فوافق ورمى بنصائح أطبائه عرض الحائط وذهب لإحياء الحفل”. ويضيف عبد المجيد الساحلي : “كنت يومها في الصفوف الأمامية في المسرح البلدي بمعية مدير الجريدة الأستاذ صلاح الدين بن حميدة ورئيسَي التحرير عبد القادر قزقز وعلي حويج والصحفي احمد القديدي المشرف على القسم السياسي بالصحيفة وعز الدين المدني المشرف على القسم الأدبي. شرع علي الرياحي في الغناء بصفة عادية بحضور جمهور غفير بالمسرح البلدي بالعاصمة ولكنه أثناء أدائه لأغنية «تكويت وما قلت أحيت» ظهرت عليه علامات التثاقل، وبدأ يترنّح فمسك في خيوط الميكروفون ثم في قصبة المصدح الحديدي، ثم سقط مغشيا عليه، وفيما كان هو يصارع الموت ظنه البعض يمزح وأمام ذهول الحاضرين حمله قائد الفرقة المايسترو عبد الحميد بن علجية، ثم أُسدل الستار وسمعنا مدير المسرح آنذاك ينادي في الميكروفون إن كان هناك طبيب موجود في القاعة الالتحاق فورا بركح المسرح، ثم سمعنا صفارة إنذار سيارة الإسعاف التي حضرت وأخذته للمستشفى وأُعلن في ما بعد خبر وفاته…وانفردت جريدة العمل بنشر تفاصيل الواقعة في مقال نشرته من الغد وبفضله حزت جائزة تقدير سلمني اياها مدير الجريدة صلاح الدين بن حميدة الذي عُرف بحبه الكبير للثقافة وتقديره للمثقفين والفنانين وله يعود الفضل في تأسيس أول ملحق ثقافي في تونس كلفت بالإشراف على القسم الذي يعنى بالموسيقى، وكلف الرسام الكاريكاتوري علي عبيد برسم شخصية العدد للصفحة الأولى”.

– ويواصل عبد المجيد الساحلي حديثه فيقول : ذات مرة رسم علي عبيد رسما كاريكاتوريا للشاعر أحمد اللغماني في شكل (ثور هائج)، فاغتاظ الرئيس الحبيب بورقيبة من الرسم وقد كان معجبا شديد الإعجاب بهذا الشاعر الفذّ… فنادى إلى اجتماع عاجل جمع أسرة تحرير الملحق الثقافي ومدير الجريدة، وفي البداية نوّه بمستوى الملحق وبمحتواه من المقالات، ولكنه سرعان ما انقلب كلامه لوما ووجهه بالخصوص للرسام علي عبيد ثم حدّق فيه مليّا وكان ذا نظرات ثاقبة، وقال له (أنا نعرفك كنت تعمل في سلك الأمن فكيف تحولت إلى رسام كاريكاتوري؟… وكان لابد من كبش فداء، فتم الاستغناء عن خدمات الرسام علي عبيد وتوقف الملحق عن الصدور لمدة عام وبعد أن عاود الصدور عاد إليه الرسام القدير علي عبيد.”

– لم يتوقف عبد المجيد الساحلي عن الكتابة الصحفية إلا سنة 2010 بسبب المرض… وكما أسهم عبد المجيد الساحلي بالحوارات والمقالات في إثراء الصحافة الورقية فانه أسهم أيضا في إثراء الساحة الفكرية بمناقشة قضايا فن الموسيقى والغناء وتاريخه في تونس من خلال مشاركته في العديد من الندوات، كما اشترك في لجان تحكيم عدة مسابقات…

– وافاه الأجل المحتوم يوم السبت 15 فيفري 2020 بعد صراع طويل مع المرض وقد دفن بمقبرة الجلاز.
(بعض فقرات هذا المنشور مقتطفة بتصرف من “مجلة الإذاعة” بتاريخ ماي 2015 حيث نشرت حوارا نادرا مع المرحوم عبد المجيد الساحلي عرض فيه الفقيد سيرته الذاتية).

# أسامة الراعي#

Loading

أسامة الراعي

متحصل على : شهادة الأستاذية في التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *