في مثل هذا اليوم 24 ماي 1954 : إستشهاد الأخوين المناضلين الطاهر وعلي حفوز.

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

في مثل هذا اليوم 24 ماي من سنة : 1954 – استشهد الأخوان المناضلان الطاهر وعلي حفوز اللذان طالتهما عصابة اليد الحمراء، وقد سُميت منطقة أولاد حفوز نسبة لهما نظرًا لما قدّماه خلال فترة مقاومة المستعمر الفرنسي.

  • قليلة هي الشهادات عن فترة النضال ضد المستعمر الفرنسي والتي تورد إسمي الطاهر وعلي حفوز، وكأن التاريخ لم ينصفهما، فيما تعرضت لهما شهادات قليلة بإجلال وتقدير. فقد كانا من مؤسسي أول شعبة دستورية في جهتهما.
  • ويُورد في هذا السياق محمد السعيدي شوشان في كتابه “أولاد حفوز قلعة حضارة ونضال”، أنه “حين وصلت أصداء ما يقوم به الزعيم بورقيبة من اتصال مباشر بالشعب في عدة مناطق من البلاد، تمّ الاتصال به ودعوته لزيارة المنطقة (ماكينة أولاد الحاج حفوز كما كانت تسمّى آنذاك) فكانت الزيارة يوم 11 سبتمبر 1933. وقدم بورقيبة تحت غطاء إنابة في قضية حول خلاف على قطعة أرض باعتباره محاميًا فأقام هناك ثلاثة أيام عُقِدت خلالها سلسلة من الاجتماعات تحت إشرافه وبحضور طلبة من جامع الزيتونة وجمع من المناضلين.
  • من نتائج الزيارة تكوين شعبة دستورية ضمت ما يعرف حاليًا ببوحجلة، نصر الله، الشراردة، وأولاد حفوز، أما أعضاؤها فكانوا : عبد النبي ضو، علي حفوز، الصادق بوعروة، علي بن المكي زروق، عبد الرحمان خميلة، العكرمي بن الحاج نصر، ومحمد بن العكرمي زروق (شهر محمد الجلاصي).
  • إثر ذلك، مثّل محمد الجلاصي الجهة في مؤتمر قصر هلال يوم 2 مارس 1934 وانخرط مع علي حفوز وغيرهم من المناضلين الآخرين في تشجيع أهالي الجهة للانضمام للحزب الحر الدستوري الجديد ودعوتهم لعدم الرضوخ لظلم المستعمر.
  • علما وأنّ عددا من أبناء الجهة، شاركوا في مظاهرات يومي 8 و9 أفريل 1938 ومنهم الطاهر حفوز والصادق بوعروة. وقد سجن العديد من هؤلاء ومنهم عبد النبي ضو، الذي قال عن فترة سجنه وفق رواية محمد السعيدي شوشان في كتابه (أولاد حفوز قلعة حضارة ونضال): “تمكنت خلالها من توطيد العلاقة مع بقية مناضلي الجهات.. وتحسست الدور الفعال الذي قام به أبناء الجهة ممن ظلوا خارج السجن خاصة الطاهر حفوز رغم صغر سنه آنذاك إذ لم يتجاوز 21 سنة”.
  • ويقول شوشان في كتابه إنه عُرف عن الطاهر حفوز أنه “كان يتنقل بين تجار القماش في صفاقس ويشتري كميات ضخمة من الأقمشة من اللون الأصفر الكاكي ليساهم بها في إعداد ملابس الثوار”.. ووفق ذات المصدر، قام الأخوان حفوز بإخفاء سلاح المقاومة في بعض مخازن الجهة، واستعملوا شاحنات والدهم لجلب السلاح وإخفائه وسط السلع والأمتعة، وهذه أمثلة قليلة لمساهمات عديدة للأخوين الطاهر وعلي حفوز، أجمع حولها من تعرض لتاريخ المقاومة الوطنية للمستعمر.
  • وتأكيدًا لما ذكرنا، يُورد محمد السعيدي شوشان في كتابه، أن الطاهر حفوز كان قد عقد في سنة 1954 اجتماعًا تضمن مقولة حظيت بترحاب وراجت بين الناس، إذ صرّح “إنني على علم برغبة عدد كبير منكم الالتحاق بالثورة المسلحة، ولكن ظروفهم المادية لا تسمح لهم بذلك لهذا فإنني أطلب منكم أن تنقلوا عني هذا الخبر لمن لم يحضر، كل من يريد الالتحاق بالثوار فإن عائلة حفوز مستعدة لتدفع له 70 ألف فرنك وكسوة وسلاحًا وتتولى القيام بشؤون عيَاله”.
  • بلغ صدى هذا الإجتماع إلى سلطات الاستعمار الفرنسي فتعرضت الجهة للحصار والترويع، وكان التوجه نحو التخلّص من الأخوين الطاهر وعلي حفوز من قبل اليد الحمراء ط، وهو ما تم في مثل هذا اليوم 24 ماي من سنة 1954.
  • ففي مساء يوم 24 ماي 1954، قبيل حلول موعد الافطار بنحو عشر دقائق قدمت سيارتان من طريق صفاقس، وبينما وقفت الاخيرة على بعد خمسين مترا من معصرة علي حفوز واصلت الاخرى طريقها الى مسكن أخيه الطاهر، وبالقرب من بئر هناك نزل أحد ركابها وسأل المدعو الطيب بن الحربي عن الطاهر حفوز، ثم طلب منه أن يشعره بأن كوميسار الشرطة بصفاقس جاء لمقابلته وكان يتلكم باللغة العربية الدارجة. ولما قدم الطاهر ومدّ يده للمصافحة أخرج ذلك الشخص مسدسا وأطلق عليه ثلاث عيارات نارية غادرة أصابته في رأسه فسقط على الأرض ثم نزل من كان راكبا خلف السائق وأطلق عليه النار بواسطة رشاش وفي نفس الآونة أطلق شخص ثالث لم يبرح مكانه في السيارة النار على أخيه المناضل الحاج العكرمي حفوز دون أن يصيبه وقد كان قادما من بعيد ليلتحق بأخيه الطاهر، ثم فرّت السيارة راجعة نحو المعصرة أين كانت تنتظرها السيارة الثانية وبعد ان استعملت آلة للتنبيه مرت بالقرب من المعصرة ثم وقفت أمام علي حفوز الذي كان واقفا قرب حائط المعصرة وفجأة أطلق عليه ثلاثة من ركابها النار فسقط على الأرض يتخبط في دمائه ثم انطلقت السيارة القاتلة آخذة طريقها نحو سبيطلة وتلتها السيارة الثانية التي ألقى ركابها على بقية الحاضرين قنبلة مسيلة للدموع.
  • استُشهد الطاهر حفوز على عين المكان بينما نُقل أخوه علي الى المستشفى الجهوي بصفاقس، وقد وصل اليه وهو على قيد الحياة. علما وانّ السلطة الفرنسية وضعت بعض العراقيل لاعطاء الاذن بقبوله بالمستشفى مما يؤكد تورّطها في عملية اغتياله فتوفّي هناك.
  • وحضر موكب الجنازة العديد من المقاومين والمناضلين من بينهم السيد أحمد بن صالح عن اتحاد الشغل والاستاذ أحمد المستيري عن الديوان السياسي للحزب الدستوري الجديد، وحين وُوري الشهيدان التراب انطلقت الزغاريد افتخارا لما قدّماه من أجل الوطن.
  • كان من نتائج اغتيال الشهيدين الطاهر وعلي حفوز ان تلاحمت الصفوف بين العروش وتوالت ردود الفعل. وقد أبلغ القائد الساسي لسود الذي أبلغ الفرنسيين: “إنّ قولي فصل وماهو بالهزل وفي يوم الغد وليس قبله ولا بعده، إنّ المقاومين سيردون على اغتيال إبنَي حفوز وهكذا كل تونسي يقع اغتياله بعد اليوم نرد بعشرة” (المصدر : علي السبوعي كتاب الساسي لسود)
  • وبالبفعل تمّ قتل المعمّر “بيسات” الذي اعترف بمشاركته في مقتل اولاد حفوز. كما
    قتل شقيق “بيسات” يوم 26 ماي 1954.
    ثم؟ تم قتل المعمّر “اللوصي” الذي كان من أبرز عناصر اليد الحمراء وقد شارك مع صهره في عملية اغتيال أولاد حفوز.
  • كما قتل أيضا ثلاثة معمرين بقنطرة “وادي ملاق” كانوا عائدين الى ضيعتهم بجهة الكاف، وتمّ أسر مهندس أطلق سراحه بعد عشرة أيام مقابل إطلاق سراح رؤساء الجامعات الدستورية بالكاف. كما تمت تصفية الضابط الفرنسي “بيتش” وهو من أصل سويسري بمدينة سوسة من قبل “جماعة حسن بن عبد العزيز”.
  • لمزيد التفاصيل عن مسيرة أولاد حفوز النضالية، يمكن الرجوع الى كتاب “أولاد حفوز قلعة نضال” الذي استقيت منه كل المحطات النضاليّة للطاهر وعلي حفوز، وهو من تأليف محمد السعيدي شوشان.

أسامة الراعي

Loading

أسامة الراعي

متحصل على : شهادة الأستاذية في التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *