في ذكرى معركة الناظور 233

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

في مثل هذا اليوم 18 جويلية من سنة : 1961 – اندلاع معركة “الناظور 233” بالجنوب التونسي.

– كانت الحكومة التونسية تطالب بسيادتها على حدودها الجنوبية الصحراوية التي تمتد في عمق الصحراء، مساحة أعمق من تلك التي حددتها فرنسا تبعا لنواياها الإستيطانية في الجزائر. فقد كانت فرنسا تعتبر أن الحدود الجنوبية لتونس مع ليبيا تنتهي عند الناظور رقم 220 المسمى Fort Saint (برج الخضراء حاليا) والواقع أن حدود تونس تمتد أبعد من ذلك بـ 25 كلم أي عند الناظور رقم 233 في المنطقة المسماة “قرعة الهامل”.

– أما من الجانب الغربي فقد نصت اتفاقية 1901 بين تونس والجزائر (المحتلتين) على أن الحد الفاصل بين البلدين جنوبا هو نقطة بئر الرومان. وبقيت المناطق الواقعة جنوب هذه النقطة الدالة يشوبها الغموض وتظهر على الخرائط الفرنسية في شكل خط متقطع اعتبر حدا وقتيا. وقد رفضت الحكومة الفرنسية هذا المطلب الشرعي لتونس وادعت أن الموقف التونسي تغذيه الرغبة في الثروات الصحراوية وأنها ستعتبر أي تحرك تونسي نحو العلامة 233 اعتداءّ على فرنسا.
– أما تونس فقد دافعت عن موقفها أمام المنتظم الأممي مستندة إلى الاتفاقيات المبرمة سلفا بين تونس وليبيا والتي أمضاها من جانبٍ نواب فرنسيون كانوا يمثلون تونس آنذاك.

– وعند جلاء الجيش الفرنسي عن الجنوب التونسي بمقتضى اتفاقية 17 جوان 1958 تسلم الجيش التونسي برج الخضراء والمطار وبئرا أرتوازية تبعد عن البرج حوالي مائة متر وهي البئر الوحيدة الموجودة بالمنطقة. وفي واجهة هذا الحصن على مسافة مائتي متر كانت تتمركز داخل التراب الجزائري حامية حدودية فرنسية وكان جنود هذه الحامية يترددون على البئر التونسية للتزود بالماء.

– ومنذ منتصف جويلية 1961 تأزمت العلاقة بين تونس وفرنسا بسبب رفض الحكومة الفرنسية الدخول في مفاوضات حول الجلاء عن بنزرت وعن أقصى الجنوب، وهددت الحكومة التونسية يوم 17 جويلية بمحاصرة بنزرت والزحف نحو “قرعة الهامل” في صورة تواصل الرفض الفرنسي.
– وفي الوقت الذي حاصرت فيه القوات التونسية من جيش وحرس وطني ومتطوعين قاعدة بنزرت، اتجهت مجموعات من المتطوعين في الجنوب التونسي نحو المواقع التونسية المحتلة في قرعة الهامل (الناظور 233).

– علما وأن الرئيس بورقيبة سعى الى حل الخلاف مع فرنسا قبل ان تخرج من الجزائر ولكنها رفضت ف(الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية لم تقبل وقف القتال مع فرنسا ما لم تتمكن من كل الأراضي التي استحوذت عليها فرنسا بالجزائر ولو كان على حساب الجيران خاصة في الصحراء وطالت الحرب بين الثورة الجزائرية وفرنسا من جراء ذلك.

– اندلعت إذن معركة الناظور يوم 18 جويلية 1961 وتواصلت أربعة أيام. وقد خاضها الجيش التونسي تحت إمرة قائد حامية قابس الكولونيل محمد الميساوي والمقدم المناضل الوطني الكبير عبد الله عبعاب وشارك معهم متطوعون من المقاومة يترأسهم الطاهر لسود وساسي لسود وعلي الصيد. وقد اشرف عليها بتكليف من الديوان السياسي أحمد التليلي أمين مال الحزب.
– وقد عقد أحمد التليلي اجتماعا بجماهير المتطوعين حال وصولهم الى الجنوب في تطاوين أكّد فيه ان حضوره ليس مجرد تشجيع لبث الحماسة فيهم بل هو مشاركة في النضال حتى الوصول الى تحقيق الأهداف المرسومة وفرض الحقوق التونسية بغرس العلم التونسي في العلامة 233.

– بدأت المواجهة عندما قطعت القوات التونسية ماء الشرب على المركز الفرنسي ببرج “كوكواي” وتولت الدفاع عن البئر الأرتوازية الوحيدة الموجودة في المنطقة والتي هاجمها الجيش الفرنسي بشاحنات تصحبها مدرعات مدجّجة بأسلحة ثقيلة فكان رد فعل الجنود التونسيين حازما تكبد العدو من جرائه حسب شهادة الضابط عبد الله عبعاب قائد المواجهة خسائر فادحة قدرت بـ60 قتيلا فضلا عن تحطم ست شاحنات ولم يسيطر على البئر وتقدمت القوات التونسية نحو برج “كوكواي” ودخلته ورفعت فوقه العلم التونسي واستولت على ما فيه من أسلحة ومعدات وتوغلت الى الامام مسافة كيلومتر في أرض خاضعة للجيش الفرنسي.
– في المقابل تحرّكت الطائرات العسكرية الفرنسية وقامت بغارات متعددة وألقت قنابل كثيرة خلفت ضحايا كثيرين. وتواصل اطلاق النار حتى قرر مجلس الأمن في 21 جويلية الإذن بوقف اطلاق النار حالا ورجوع القوات المسلحة الى مواقعها السابقة.
– تلكأت فرنسا في الالتزام بهذا القرار ولكنها خضعت في النهاية ودخلت في مفاوضات ميدانية لانهاء المواجهة.

– لقد أبدى الجيش التونسي والمتطوعون الوطنيون في هذه المعركة شجاعة نادرة، لم يخفهم تفوق العدو بطائراته ومدرعاته ولم تمنعهم حرارة 52 درجة من اداء واجبهم وحققوا نصرا عظيما حافظوا على البئر وان دمرت تجهيزاته ورفعوا العلم في البرج وحجزوا أسلحة وعتادا وكبدوا العدو الفرنسي خسائر في الارواح والمعدات.

* ملف الفيديو المصاحب : وجهة نظر الرئيس الفرنسي شارل ديغول حول أسباب النزاع. https://www.facebook.com/125032204805360/videos/3867120220029788/?d=null&vh=e

# أسامة الراعي #

Loading

أسامة الراعي

متحصل على : شهادة الأستاذية في التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *