منوّر صمادح، شاعر تونسي.

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

من مواليد هذا اليوم 27 سبتمبر سنة : 1931 – منوّر صمادح، شاعر تونسي.

  • منوّر صمادح : ولد بنفطة في 27 سبتمبر 1931 – توفي بتونس في 28 ديسمبر 1998، (67 سنة).
  • لمّا توفّي والده (الشيخ إبراهيم صمادح) سنة 1941 كان عُمر منوّر عشر سنوات، ولم يلتحق بالدراسة لأنّ عائلته لم تكن قادرة على الانفاق على دراسته، واضطُرّ إلى العمل بائعا متجوّلا.
  • وفي سنة 1944، قصد منوّر خاله محمد الناصر الحشّاني الذي كان يشتغل خبّازا بسيدي عمر بوحجلة واشتغل معه ليكسب قوته.
  • وفي سنة 1946، أصبح العمل لا يدرّ على منوّر وخاله إلاّ قليلا من المال لا يكفي لسدّ رمقهما فاضطرّا إلى الانتقال إلى قرية سيدي علي بن نصر الله ثمّ إلى حاجب العيون. ولكنّ ذلك لم يجعلهما في مأمن من الفقر والبؤس فقصدا بلدة مكثر حيث تحسّنت حالهما.
  • وفي هذه الفترة أولع منوّر بالشعر ومطالعة الصحف وانخرط في المنظّمة الكشفية فساعده ذلك على حفظ الأناشيد وأيقظ فيه الإحساس الوطني.
  • وفي هذه الفترة أيضا نظم أوّل قصيدة بتشجيع من خاله وعنوانها “ابتسم يا شعب”، وقد نشرت بجريدة “الحرية”.
  • كما ألقى قصيدة “نار القول” أمام الزعيم الحبيب بورقيبة إثر عودته من الشرق :
    “أيها القوم اسمعوني ها أنا فيكم أنادي
    تُضرم النيران قلبي في الورى مثل الزناد
    وحّدوا الجهد ولبّوا من دعا للاتحاد”
  • وكان يلبس عند إلقائه القصيدة زيّ الخبّازين فأعجب به الزعيم بورقيبة وأوصى بتشجيعه على الدراسة بجامع الزيتونة. ويبدو أنّ منوّر اتّصل بمكتب الحزب الدستوري لكنّه لم يجد العناية والاهتمام اللذين كان يرجوهما فخاب أمله وعاد إلى مكثر للعمل.
  • ثمّ رجع مرّة أخرى إلى تونس فالتقى فيها بالأديب والصحفي زين العابدين السنوسي صاحب “مطبعة العرب”، فشجّعه ونشر له بعض القصائد في صحيفة “تونس” وشغّله معه وكلّفه بجمع عائدات الصحف في مناطق الشمال الغربي وبمراسلة الصحيفة في الوقت نفسه.
  • وتردّد منوّر في تلك الفترة على المعهد الرشيدي والحلقات الأدبيّة التي تعرّف فيها على عبد الرزّاق كرباكة، مصطفى خريّف ومحمد العربي الكبادي. وكان يقيم بنزل العياشي.
  • ولما انتقل زين العابدين السنوسي إلى حلق الوادي انتقل معه منوّر وطالع في مكتبته الثريّة الكثير من مؤلّفات أبي القاسم الشابي، الطاهر الحدّاد، ميخائيل نعيمة، إيليا أبي ماضي، جبران خليل جبران، وأحمد شوقي وغيرهم. لكنّه لم يلبث أنّ رجع إلى العمل مع خاله الذي استقرّ بالبقالطة فطائريّا.
  • وكانت أسرته قد انتقلت إلى لمطة فالتحق بها منوّر، ثمّ تحوّل إلى قابس وتعاطى بها مهنة الخياطة، ثمّ رجع إلى تونس وعمل في صحف مختلفة منها “الأخبار” و”الزيتونة” و”البلاغ” و”الأسبوع” وأخذ ينشر قصائده على صفحات “النهضة” و”الزهرة”.
  • كان منوّر وطنيا مخلصا لبلاده وكانت قصائده الحماسية توزّع على الشعب كما توزّع المناشير السرية. ناضل بحماسة في صفوف الحزب الدستوري قبل الاستقلال وبعده، لكنّه عزف عن المشاركة في العكاظيات.
  • زار روسيا مع سليمان بن سليمان وكذلك سمرقند وبخارى وضريح الشاعر الفيلسوف الفردوسي. وتعاطف مع الحركات التحريرية في العالم لا سيّما الثورة الفلسطينية، وتغنّى بالثورة الفيتنامية وببطلها “هو شي منه” وبحركة “لوثر كنغ” زعيم السود بأمريكا، كما تغنّى بالثورة الليبية في قصيدة “ثورة الرمال” وبالثورة الأريترية.
  • وفي الجملة فقد أيّد الشاعر جميع الحركات الثورية في العالم وناهض القمع وجمع قصائده التي نظمها حول الثورة في ديوان “نسر ونصر”.
  • في سنة 1952، تأسّست “رابطة القلم الجديد” وكانت تجمع أدباء شبّانا يعملون على إغناء الحركة الأدبية والوطنية بالمغرب الكبير. وكان منوّر صمادح من مؤسسيها، وقد عُيّن كاتبا عامّا لها، كما عُيّن إلى جانب الأعضاء التونسيين أعضاء من الجزائر منهم الجنيدي خليفة الذي كتب فيما بعد مقدّمة لديوان منوّر صمادح “سلام على الجزائر”، ومنهم أيضا الأديب الأخضر السائحي. ولم يكن للرابطة ناد قبل الاستقلال، فكان أعضاؤها يجتمعون بحديقة البلفيدير.
  • وتوّج منوّر صمادح نشاطه في “رابطة القلم الجديد” بإصدار ديوان “فجر الحياة” الذي منعت السلطات الاستعمارية نشره بأمر من الجنرال “دي لاتور” وأوقفت صاحبه لفترة وجيزة إيقافا تحفّظيا، إلاّ أنّ ذلك لم يفلّ من عزم الشاعر الذي أصدر في السنة نفسها (1955) عملا نثريا شعريّا بعنوان “حرب على الجوع”، كتب مقدّمته أحمد بن صالح الكاتب العام للاتحاد العامّ التونسي للشغل، وتضمّن عددا من المقالات الاجتماعية السياسية القصيرة وقصيدة بعنوان “الثورة”.
  • وفي السنة الموالية نشر منوّر صمادح مجموعة جديدة بعنوان “الشهداء”، خلّد فيها عددا من المواقف الوطنية كحوادث الزلاّج و9 أفريل 1938 واستشهاد الزعيميْن فرحات حشّاد والهادي شاكر ومحنة محمد المنصف باي الوطني، وندّد بهجوم جيش الاحتلال الوحشيّ على بلدة تازركة.
  • وفي السنة نفسها (1956) أصدر الشاعر مجموعة أخرى بعنوان “صراع”، وفيها أكد مرّة أخرى توجّهه الاشتراكي إذ يقول :
    “باسم الجماهير التي في عزمها
    تدوي الحياة فتخلق الأبطالا
    وتشيع في الناس العدالة والإخا
    وتعلّم التاريخ والأجيالا
    لا باسم أفراد تمايز بعضهم
    فغدا يعيش على البلاد وبالا”.
  • بعد الاستقلال دُعي منوّر صمادح للعمل بالإذاعة وعُيّن مع حسين الجزيري ضمن اللّجنة المكلّفة بمراقبة البرامج من الوجهة الأدبية. وقد أعدّ مجموعة من البرامج منها “محكمة الأغاني” الذي تناول فيها بالنقد الفنّ والموسيقى، ولم يكن غريبا عن هذا الميدان لأنه كان ملحّنا يُحسن العزف على العود.
  • انطلقت مشاكل منوّر صمادح عندما بدأ في نظم قصائد هجائية عن بورقيبة ونظامه، ويُذكر أنّ البيت الذي فتح عليه أبواب الجحيم كان قوله :
    “شيئان في بلدي قد خيبا أملي.. الصدق في القول والإخلاص في العمل”
  • تتالت قصائد الهجاء وأبيات النقد للنظام إثر ذلك، ومنها قصيدة صمادح “عهدي به جدًا فكان مزاحًا” والتي يقول فيها عن بورقيبة : “يا من رأى سمكاً غدا تمساحًا”.
  • وبعد تأزم العلاقة بين الشاعر والسلطة حينها، بدأت التتبعات الأمنية واستدعي لإدارة الأمن للاستنطاق عام 1967.
  • ساءت حالته ولم يتقبل الأمر بتاتًا، وبدأت مظاهر الانهيار العصبي تبدو عليه وأصبح يتصوّر أنّه مُراقب ومُلاحق فأخذ يرتاب من الناس حتى من أهله وانقطع عن الأكل وغلب عليه الهزال فعملت عائلته على إدخاله مستشفى الأمراض العقلية بمنّوبة رغم امتناعه.
  • وبعد المعالجة وفي صيف 1968 سافر إلى الجزائر مع أفراد فرقة موسيقية وبقي يعمل بالإذاعة الجزائرية صحبة عبد الله شريّط وعبد الحميد بن هدوقة اللذان عملا من قبل بالإذاعة التونسية. وكان منوّر يعدّ برنامج “أدب وطرب” كما كان يكتب في جريدة “الشعب” الجزائرية.
  • ولمّا عاد إلى تونس قاطع الناس وتجنّب الأدب ولكنّه بقي يعيش عيشة هادئة وهدوءًا غير طبيعيّ يُذكّر بحالة الزهّاد والمتصوّفين إلى أنّ توفي في 28 ديسمبر 1998.
  • هكذا مضت حياة الشاعر شاقّة وشيّقة، وتجلّت في دواوينه التي كتبها في ظروف نفسيّة واجتماعية وسياسية متأزّمة، اتّبع صاحبها فيها، عن وعي أو عن غير وعي، مسار الترجمة الذاتية.

أسامة الراعي

Loading

أسامة الراعي

متحصل على : شهادة الأستاذية في التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *