إنعقاد المؤتمر الوطني للسياسات العمومية لقطاع الإعلام في ظل منعرج حاسم يهدد بتلاشي وسائل الإعلام وتصاعد محاولات تهميش القطاع

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

التعاطي مع الملفات الإستعجالية في قطاع الإعلام التونسي، وأفاق قطاع الإعلام في ضوء المعايير الدولية والممارسات الفضلى، و قضايا الإعلام على غرار القوانين والتشريعات، والتعديل والتعديل الذاتي، والإعلام العمومي، والنماذج الاقتصادية لوسائل الإعلام ، والإشهار، وقياس نسب المشاهدة والاستماع ، والرقمنة، والتدريب والتكوين ضمن مقاربة جامعة وشاملة. تلك هي أبرز محاور أشغال المؤتمر الوطني للسياسات العمومية المنعقد أمس الأول بتنظيم من النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وشركائها حضره ممثلون عن الهياكل المهنية والمنظمات الحقوقية وخبراء وصحفيون.
وتولى نقيب الصحفيين التونسيين ، محمد ياسين الجلاصي تقديم الإطار العام للمؤتمر الذي سبقته لقاءات سعى من خلالها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين مع عديد الشركاء لتحويل مطلب إصلاح الإعلام إلى مشغل سياسي أساسي و إلى موضوع لسياسة عمومية. مشيرا إلى أنّه لا يمكن تحديد السياسات العمومية لقطاع الإعلام دون مشاركة الحكومة، مبرزا غياب الإرادة السياسية للسلطة الحالية لضبط سياسات عموميّة تطوّر قطاع الإعلام، وضرورة فتح نقاش جدي مع ممثلي المهنة وأيضا ممثلي الجمهور لضبط تلك السياسات، لا سيما وأن النقابة وشركائها لديهم كلّ المقترحات الضرورية.وأفاد بأن نقابة الصحفيين، تقوم بالتعاون مع شركائها بإعداد مشاريع للسياسات العمومية تتصل بالتشريعات ذات العلاقة بالقطاع، على غرار المشاريع التي تخص الهيئة التعديلية أو حرية الصحافة والطباعة والنشر أو حقّ النفاذ الى المعلومة أو مسألة قياس نسب المشاهدة والاستماع، منتقدا استقالة السلطة من واجبها في هذا الاتجاه.كما أكد أنّ العديد من مشاريع القوانين تم اعدادها منذ سنوات، وتقديمها للبرلمانات والحكومات السابقة لكنها ظلّت في الرفوف، ومن بين تلك المشاريع، ما يتعلق بالتعديل وتنظيم عملية سبر الآراء وبصندوق دعم التحول الرقمي في وسائل الإعلام.

أي تعاط مع الملفات الاستعجالية في قطاع الإعلام التونسي؟:

و خلال الجلسة الأولى و محورها أي تعاط مع الملفات الاستعجالية في قطاع الإعلام التونسي و التي تولى تسييرها الدكتور الصادق الحمامي أستاذ التعليم العالي بمعهد الصحافة و علوم الأخبار تولى كل من رئيس الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري السيد النوري اللجمي و ممثل عن مجلس الصحافة السيد محمد صالح العروسي و مديرة معهد الصحافة و علوم الأخبار و نائب رئيس الجامعة التونسية لمديري الصحف السيد حافظ الغريبي.
تم خلال الجلسة عرض للوضع الإعلامي الحالي في ظل الفترة الحرجة و الدقيقة حيث تتداخل فيها الرهانات السياسية و الإجتماعية و الإقتصادية حيث أن ما تشهده الحياة السياسية من أزمات متواصلة هو نتيجة حتمية لغياب سياسات الإصلاح في كل المجالات.

الديمقراطية الحقيقية تتطلب إرساء إعلام عمومي قوي ومبتكر ومجدّد:

ولاحظ الدكتور الصادق الحمامي أستاذ التعليم العالي بمعهد الصحافة و علوم الأخبار، خلال مشاركته في أشغال المؤتمر الوطني للسياسات العمومية في قطاع الإعلام، أنّ فكرة التّعديل الذّاتي التي انطلقت بعد الثورة، أثبتت اليوم عدم جدواها وقدرتها على التأثير في قطاع الإعلام بصفة عامة.
واعتبر أنّه بعد أكثر من عشر سنوات على قيام الثورة، نجد اليوم قطاع إعلاميا “غير شفّاف”، في ظلّ سياسات عموميّة “شعبوية” تعمل على نزع الشّرعية من الصحفيين، مؤكدا أن إصلاح الإعلام العمومي يبقى المشغل الأساسي لقطاع الإعلام برمّته، باعتبار أن الديمقراطية الحقيقية تتطلب ارساء إعلام عمومي قوي ومبتكر ومجدّد.
من جانبه أكّد رئيس الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي والبصري النوري اللجمي، خلال حضوره أشغال المؤتمر ، أنّ الفترة الحاليّة صعبة جدّا على قطاع الإعلام في ظلّ عدم وضوح الرؤية وعدم وجود إطار قانوني يضمن حرية الإعلام والتعبير. مضيفا أنّه لا يمكن توفّر ذلك دون مناخ سياسي واضح خاصة وأنّ الفترة الحاليّة صعبة وتشهد عديد التعثرات.. وذكر على سبيل المثال غموض الرؤية الخاصّة بـ”الهايكا” التي تجاوزت مدّتها القانونية بالإضافة إلى عدم وجود قانون جديد للهيئة وللصحافة والنشر.كما بيّن اللجمي أنّه تمّ التطرّق إلى الموضوع مع رئاستي الجمهورية والحكومة.. وطلب أيضا إحالته على التقاعد لبلوغه السنّ القانونيّة ولكن لا توجد أيّ إجابة أو أيّ رؤية واضحة لذلك.

الصراع بين هيئة الإنتخابات و الهايكا مؤشر غير جيد له تداعيات على المسار الإنتخابي :

وبدورها بينت حميدة البور مديرة معهد الصحافة وعلوم الإخبار أنه يقع حاليا الإلتفاف على المنظومة القانونية التي حدثت في سنة 2011 وهي المرسوم 115 و116 حيث أصبحت الجرعة التي فيها من حرية على المحك ومن الممكن أن تتراجع.مؤكدة أن ذلك ليس في صالح المجتمع والمسار الديمقراطي، هذا وأفادت أن تنمية المجتمعات تتم كذلك عن طريق وسائل الإعلام التي لها دور كبير ومسؤولية اجتماعية في تقديم الأخبار للمواطن حيث تكون فضاء للنقاش العام وتعري الإخلالات.
كما أضافت البور أنه لم يكن هناك تغطية إعلامية كما يلزم للإنتخابات كما أن الناخب لم يتعرف على المترشحين بعمق ولم يكن هناك عديد النقاشات.وأشارت إلى أنه ولأول مرة نشهد صراعا بين هيئة الإنتخابات و الهايكا وهو ما يعتبر مؤشرا غير جيد.هذا وأضافت أنه لم يكن هناك صدام بين الهيئتين في السابق وكل القرارات كان يقع اتخاذها بصفة مشتركة كما أن مسألة الرصد كانت مفتوحة أمام الإعلام.كما أشارت حميدة البوربقولها :” أننا تعيش غيابا للسياسات العمومية في قطاع الإعلام والتي من شأنها تقديم الإطار القانوني والتشريعي والمناخ الذي يسهل مهمة الصحفي ولكن ليس بمعنى السيطرة”

نقاش حقيقي بين كل القوى والسلطات العمومية من أجل ديمومة وسائل الإعلام:

ومن جهته دعا الرئيس السابق لنقابة الصحفيين وممثل برنامج منظمة اليونسكو لقطاع الإعلام والإتصال في تونس ناجي البغوري،إلى الشروع فورا في نقاش حقيقي بين كل القوى والسلطات العمومية من أجل ديمومة وسائل الإعلام. موضحا أنه يجب الإنطلاق من مفهوم أن الإعلام هو مرفق عام وحيوي مضيفا أنه من المهم أن يكون للدولة رؤية واضحة لديمومة هذا المرفق حيث يجب أن يكون هناك إعلام تعددي.كما أنه على الدولة توفير ظروف التواصل والاستمرارية والتنوع لوسائل الإعلام العمومي وذلك عن طريق رؤية واضحة وبرامج واضحة لدور وسائل الإعلام.
هذا وواصل أن استمرارية وسائل الإعلام من عمومي وخاص أصبحت غير مضمونة فإما أن تسيطر عليه الحكومة أو تسيطر عليه قوى سياسية أو اقتصادية معينة.
و اعتبارا لما يشكله الإعلام من أهمية في بناء ملامح المستقبل فإن مختلف المساهمات لإصلاح الإعلام أمر أساسي من ذلك إعتماد سياسة عمومية واضحة المعالم تنتهجها الحكومة و تعمل على تفعيلها مؤسسات الدولة المختلفة في إطار مقاربة تشاركية و إعتماد مسار ديمقراطي يضمن مسار إصلاح إعلام بشكل شمولي وفق مقاربة تقوم على القيم الكونية لحرية الصحافة و حق التونسيين في إعلام مهني يتولى القيام بدوره الحقيقي و الإيجابي.
هذا وتواصلت أشغال الجلسة الثانية من المؤتمر الوطني للسياسات العمومية في قطاع الإعلام بمشاركة جملة من المتدخلين من ذلك ممثلة عن منظمة المادة 19 السيدة إيمان العجيمي و ممثل برنامج منظمة اليونسكو لقطاع الإعلام و الاتصال في تونس السيد ناجي البغوري و رئيس الاتحاد التونسي للإعلام الجمعياتي السيد محمد الطيب الشمانقي و ممثل منظمة مراسلون بلا حدود السيد سمير بوعزيز و سيرت أشغال هذه الجلسة الأستاذة منى مطيبع الصحفية و الباحثة في النوع الاجتماعي و الإعلام و تمحورت الجلسة حول آفاق قطاع الإعلام في ضوء المعايير الدولية والممارسات الفضلى .
فمن منطلق أن الدولة تعتمد سياسة عمومية في مجال الإعلام لا ترتقي إلى مستوى السياسة العمومية للإعلام وفق المعايير المتعارف عليها في الدولة الديمقراطية ضمانا لإقرار قانون أساسي لحرية الإعلام و الإتصال و التعبير و النفاذ إلى المعلومة بالاستئناس بالمعاهدات والبروتوكولات الدولية التي تم توقيعها من طرف البلاد في هذا المجال على أنه من ضرورة أن تؤمن المنظومة القانونية استقلالية المرفق العمومي حتى يؤدي دوره الإعلامي بكل شفافية و حياد مع إعتماد خبرات مستقلة بعيدة عن أي ضغوطات.

تعزيز قدرة مؤسسات الإعلام العمومي على إنتاج صحافة ذات جودة:

هذا وقد اتفق المشاركون على أن قطاع الإعلام في تونس يعيش في اللحظة الراهنة منعرجا حاسما يهدد بتلاشي وسائل الإعلام وضرب موقع الصحفيين في المشهد العام من خلال تقاعس الدولة عن صياغة سياسة عمومية لقطاع الإعلام تشاركية وشفافة وذات جدوى تعكس أهداف المهنة بكونها مرفقا عاما يقدم خدمة لعموم التونسيات والتونسيين.مؤكدين على أن عدم وجود إرادة سياسية لتطوير الإعلام وإصلاحه لم يمنع أصحاب المصلحة من قيادة مسار تشاوري وبرامجي حول السياسات العمومية الإعلامية من خلال لعب دورهم المجتمعي في حماية هذه المهنة التي لا يمكن بناء أي ديمقراطية دونها، ولئن شددوا على أن منظومة العشرية الماضية قد عملت على إستعمال الإعلام وتطويعه لغايات مالية وسياسية وحكومية فإنهم أكدوا أن المنظومة السياسية الحالية تعمل على القضاء على الإعلام نهائيا بوصفه وسيطا إجتماعيا . هذا وقد جددت الأطراف المساهمة تأكيدها على أن انه لا يمكن المرور من المأزق الإعلامي الحالي دون العمل على :

  • بوضع التشريعات الضامنة لحرية الرأي والتعبير ولصحافة حرة ومستقلة.
  • الالتزام بدعم الإعلام العمومي بمختلف مؤسساته حتى يؤدي أدواره كمؤسسة من مؤسسات الديمقراطية
  • الالتزام بدعم منظومة التعديل ومنظومة التعديل الذاتي لضمان استقلالية هذه المؤسسات و أدائها لأدوارها
  • الالتزام بوضع سياسة عمومية لضمان ديمومة الإعلام الخاص عبر التوزيع العادل والشفاف للإشهار العمومي وإرساء آليات الدعم المناسبة لتعزيز قدرة مؤسسات الإعلام العمومي على إنتاج صحافة ذات جودة.
  • الإلتزام بدعم منظومة التكوين الجامعي والتدريب المهني حتى تتوفر للصحفيين الشروط الضرورية للترقية المهنية.
  • الالتزام بالعمل على وضع سياسة عمومية ضامنة للتميز المهني للصحفيين ولمكانتهم الاجتماعية وقادرة على توفير فرص الابتكار عبر آليات دعم مناسبة لمشاريع صحفية مجددة

Loading

One thought on “إنعقاد المؤتمر الوطني للسياسات العمومية لقطاع الإعلام في ظل منعرج حاسم يهدد بتلاشي وسائل الإعلام وتصاعد محاولات تهميش القطاع

  • 2022/12/26 at 06:57
    Permalink

    ابارك انعقاد هذه الندوة الهامة في هذا الظرف الدقيق والحساسية الذي يعيشه قطاع الإعلام وسط وجود ضبابية مقصودة من السلطة القاءمة لاغراض واضحة من أجل السيطرة عليه وتوظيفه لفاءدتها باستعمال كل وسائل الضغط والرقابة.
    هذا من ناحية ومن ناحية اخرىاسجل ان الندوة لم تركز بما يكفي على الدور السلبي الذي يؤديه الصحافيون أنفسهم في ترذيل القطاع وتسطيحه عن قصد او عن جهل او عن طمع وهو ما يستدعي تدخلا حازما من الهياكل الممثلة للقطاع ومن هياكل التكوين والتدريب يصل حد الردع والتاديب من قطع دابر المرتزقين من القطاع والمتطفلين عليه.
    تلك مساهمتي مع امل ان تجد الصدى المطلوب من أولي الأمر في القطاع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *