في إختتام الدورة الرابعة لمهرجان السينما المتوسطية “منارات”، دورة متميزة جمعت بين متعة العروض الشاطئية و الرقي بالوعي الجماعي حول قضايا محورية في علاقة بالبحر

اختتمت العروض السينمائية الشاطئية للدورة الرابعة لمهرجان السينما المتوسطية منارات 2023 بشاطئ الرملة قرقنة و هي خامس السهرات السينمائية المبرمجة في الجهات وذلك ليلة الجمعة 18أوت 2023.بحضور جماهيري كثيف و بمساهمة مختلف الأطراف من سلط جهوية ومحلية ، ذلك هو جانب مهم من برمجة الدورة الرابعة لمهرجان السينما المتوسطية منارات التي تضمنت عديد التظاهرات من ندوات وعروض سينمائية…
ففي خضم المهرجانات الدولية والوطنية الصيفية التي تشهدها الساحة الثقافية والتي أدخلت جوا مرحا رغم حرارة الطقس ، كان للفن السابع نصيبا أدخل المعادلة لكي يتمتع هواة السينما بعروض متنوعة من خلال الدورة الرابعة لمهرجان السينما المتوسطية منارات من 22 إلى 29 جويلية 2023 بحمام الأنف.والتي أقيمت تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية وبحرص المركز الوطني للسينما والصورة وجميع شركائه بتسخير كل الإمكانيات لنجاح دورة متميزة جمعت بين متعة العروض الشاطئية و الرقي بالوعي الجماعي حول قضايا محورية في علاقة بالبحر الأبيض المتوسط: حيث تم عرض ، 18 فيلم طويل وقصير (روائي و وثائقي وتحريك).من 7 بلدان متوسطية.وتنظيم ، 2 ندوات حول محاور البيئة و الهجرة.وورشة كتابة السيناريو “كتابات”و سهرتي افتتاح و اختتام لكل محبي السينما. من خلال عرض فيلمي تحريك للمخرج زهير محجوب مرفوق بعرض موسيقي سيؤثثه كل من الفنانين فاضل بوبكر على آلة العود والهادي فاهم على آلة الغيتار وضابط الإيقاع عماد زرقي في الافتتاح وعرض فيلم عمر لافراز مرفوقا بعرض موسيقي للفنان الجزائري سفيان السعيدي وهو من قام بتأليف موسيقى الفيلم في الاختتام

عروض سينمائية شاطئية تواصلت خلال شهر اوت:

هذا وتواصل المهرجان خلال شهر أوت على شواطئ حلق الواد و جرجيس و جربة و سوسة و صفاقس وبنزرت وقابس..من ذلك سهرة سينمائية ممتعة شهدتها الفسحة الشاطئية ببرج الغازي مصطفى بحومة السوق جربة ليلة الخميس 10 اوت بحضور جمهور غفير من الأطفال والعائلات استمتعوا بمختلف فقرات السهرة:عزف على الساكسفون للفنان المنذر الفيتوري تلاه عرض لشريط “دنيا و أميرة حلب” لماريا زريف و أندري كادي و شريط “مئوية السينما التونسية” إنتاج المركز الوطني للسينما و الصورة. واحتضن شاطئ هرقلة رابع السهرات السينمائية المبرمجة في الجهات وذلك ليلة الإثنين 14 أوت وتوجت العروض بشاطئ الرملة قرقنة و هي خامس السهرات السينمائية المبرمجة في الجهات وذلك ليلة الجمعة 18أوت الجاري…
إذ تميز مهرجان منارات، منذ إنبعاثه، بطابعه المميز باعتباره حدثا سينمائيا جماهيريا تُعرض فيه الأفلام بصفة مجانية بالشواطئ التونسية لتعريف الجمهور بسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط .
ولقد عمل المركز الوطني للسينما والصورة على أن تكون هذه الدورة أكثر تميزا بإعداد برنامج متنوع يحمل ألوان البحر الأبيض المتوسط لتقديم عروض سينمائية جديدة ومنفردة لرواد المهرجان، بالإضافة إلى تناول قضايا ومحاور باتصال وثيق مع البحر من منظور فني وسينمائي.

الهجرة غير النظامية والتهديدات البيئية محوران بارزان من خلال أفلام المهرجان:

وفي هذا الإطار اختار مهرجان منارات 2023 إثارة قضيتين رئيسيتين تشغلان منطقة البحر الأبيض المتوسط، وهما الهجرة غير النظامية والتهديدات البيئية، كمحورين بارزين من خلال الأفلام التي تم عرضها. والندوتان التي تم تنظيمها الأولى تحت عنوان: السينما التونسية وقضايا البيئة والثانية السينما التونسية والهجرة غير النظامية.
وقد أثيرت خلال الندوتين عديد القضايا المحورية من ذلك ندوة في شكل مائدة مستديرة تطرقت إلى موضوع “تناول السينما التونسية لقضايا البيئة” حيث تطرق المشاركون إلى أسئلة عديدة ، منها :
هل توجد سينما تهتم بموضوع البيئة في تونس؟،لماذا لا يوجد صناع أفلام يكتبون أفلامًا روائية ووثائقية حول هذه القضية؟، هل توجد أموال أو مصادر تمويل تشجع على صناعة الأفلام حول هذه القضايا؟، هل يجب رفع وعي الفنانين وصانعي الأفلام والمؤلفين للكتابة عن البيئة؟ ، ما هي انتظارات المنظمات العاملة في هذا المجال من صناع السينما؟، كيف يمكن حقا التكثيف من إنتاج المزيد من الأفلام حول هذه القضية مع العلم أن هناك عددًا قليلاً جدًا من الأفلام الروائية التي تتناول موضوع البيئة؟فهل هي مشكلة سوق أم مشكلة دعم؟وهل يمكن ، من خلال هذه الندوات ، إنشاء آليات تمويل مشتركة لأفلام حول العدالة المناخية والبيئة؟ومن بين المتدخلين في هذه الندوة كل من : خديجة المكشر مخرجة سينمائية و المشرفة على تنظيم الندوة، عايدة ربانة رئيسة مكتب تونس موئل الأمم المتحدة،منير مجدوب خبير بيئي، محمد دمق مخرج سينمائي، كامل بن وناس ممثل عن الجمعية التونسية للنقاد التونسيين ،السيد حبيب المستيري مخرج سينمائي، نضال عطية منسق برامج بمنظمة هاينريش بول شتيفتونغ بتونس، السيد مصلح كريم منتج،و مخلوف بن حفصيه كاتب عام المركز الوطني للسينما والصورة.
هذا وقد تمت صياغة خارطة طريق في شكل مقترحات عملية تهدف إلى خلق حوافز مادية ومعنوية لحث صناع السينما في تونس على تناول موضوع البيئة و للمساهمة في الرقي بالوعي الجماعي حوله.

التسلسل الزمني أمر ضروري لدراسة موضوع الهجرة في إنتاج الأفلام التونسية:

الندوة الثانية محورها “عندما يعبر المهاجرون شاشات السينما التونسية ” إذ يبرز موضوع الهجرة بقوة في السينما التونسية سواء كان ذلك في الأفلام التي تم انتاجها قبل الثورة أو بعدها. فمن مجموع 150 شريطا روائيا طويلا أنتج منذ 1966 توجد عشرات الأفلام التي تناولت هذا الموضوع، منها ما تطرق بطريقة غير مباشرة إلى عدم توفر مقومات الحياة الكريمة للشباب وهو ما كان سببا في هجرتهم ومنها ما سلط الضوء على السياسات الأوروبية تجاه الهجرة وموضوع العنصرية
كما أن تطوير نوع من التسلسل الزمني أمر ضروري لدراسة موضوع الهجرة في إنتاج الأفلام التونسية . سيساعد ذلك على متابعة تطور السينما التونسية بعد الاستقلال و القيام ب”جرد” للأعمال التي احتلت فيها الهجرة مكانة مركزية، سواء كانت من أفلام المؤلف أو أفلام تجارية ، من إنتاج رواد أو جيل جديد من السينما التونسية . تسليط الضوء على بعض الأفلام الروائية التي تم إنتاجها على مدى العقود (1975-2022) برؤية أفضل بكيفية ستمكننا من متابعة التطورات المختلفة و المسارات و ملامح الهجرة و على مزيد فهم: الهجرة الجماعية ، الهجرة غير النظامية ، المنفى، العنصرية ، الهجرة والتطرف الديني ، الهويات المجزأة ، المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى …
كما أن التناوب بين بلد المغادرة و البلد المضيف ، بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط يستحق الدراسة أيضًا. ونظرًا لأن تصور أي واقع يمكن أن يختلف وفقًا لعدة عوامل (الجيل / العصر ، والجنس ، والأيديولوجيا ، وما إلى ذلك) ، و تجدر الإشارة كذلك إلى أنه سيكون من المثير للاهتمام استكشاف خصوصيات نظرة الإناث للهجرة أو تأثير الواقع السياسي على تناول هذه القضية في الأفلام المنتجة قبل ثورة 2011…

ورشة كتابة السيناريو “كتابات”:

وعلى هامش الدورة الرابعة من مهرجان السينما المتوسطية منارات اقيم فعاليات النسخة الأولى من ورشة كتابة السيناريو “كتابات” التي نظمها المركز الوطني للسينما و الصورة من 21 إلى 26 جويلية 2023. وذلك بتصور و إشراف خديجة المكشر.وقامت بتأطير المشاركين: المختصة الدولية في السيناريو ليتشيا اميننتي.بتنسيق أميرة بليدي.
ونشير إلى حاملي مشاريع الأفلام الطويلة المشاركين في النسخة الأولى من “كتابات”وهم ؛ خولة حسني عن فيلم “اليوم الخامس”.إيناس بن عثمان عن فيلم “زينة”؛وليد فلاح عن فيلم “نينو”؛
ريم خالدي عظوم عن فيلم “نحن الاثنين”. وجدي الجهيمي عن فيلم “وصية بابا”.و دودوما بو كثير عن فيلم “ذكرى”…

مساحة للحوار والتبادل بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، بين محترفي السينما وبين الجمهور وضيوف المهرجان:

هذا ويهدف مهرجان “منارات ” إلى أن يكون مساحة للحوار والتبادل بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، بين محترفي السينما وبين الجمهور وضيوف المهرجان الذين سيؤثثون النقاشات والندوات.مع تميزه بطابعه الخاص بإعتباره حدثا سينمائيا جماهيريا تُعرض فيه الأفلام بصفة مجانية بالشواطئ التونسية لتعريف الجمهور بسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط .ولقد عمل المركز الوطني للسينما والصورة على أن تكون هذه الدورة أكثر تميزا بإعداد برنامج متنوع يحمل ألوان البحر الأبيض المتوسط لتقديم عروض سينمائية جديدة ومنفردة لرواد المهرجان، بالإضافة إلى تناول قضايا ومحاور باتصال وثيق مع البحر من منظور فني وسينمائي.
في حين جاء اختيار مدينة حمام الأنف كنقطة إنطلاق للدورة الرابعة لمنارات ،ليس اعتباطيا إذ صار شاطئها بعد أن كان أحد أجمل شواطئ تونس ممنوعاً على السباحة.كما أن رمزية حمام الأنف تكمن أيضا في موقعها المتميز بين البحر والجبال ، والتي كانت في السابق واحدة من أجمل الوجهات السياحية في البحر الأبيض المتوسط ، مدينة البايات ، المعروفة بديناميكية حياتها الثقافية بما في ذلك مسرح وكازينو ودور سينما. المدينة البرجوازية والشعبية في الآن نفسه التي كانت تشتهر بتنوع سكانها و تناغمهم رغم اختلافاتهم . الهدف إذن هو إحياء حمام الأنف ومنحها بريقا جديدا متجددا وغالبا من خلال السينما.

محمد رضا البقلوطي