أشغال الدورة الثانية للمؤتمر العربي للإكتواريين 2024 تتواصل بتونس تحت شعار “العالم بعين اكتوارية” من أجل نقلة نوعية في قطاع التأمين
مواكبة / محمد رضا البقلوطي
تحت شعار “العالم بعين إكتوارية”، إنطلقت بتونس أشغال الدورة الثانية للمؤتمر العربي للإكتواريين 2024 تحت سامي إشراف رئيس الحكومة وبحضور رؤساء الهيئات التنظيمية و عدد من الرؤساء التنفيذيين للبنوك وشركات التأمين والشركات الاكتوارية و المعاهد الدولية و الجامعات التي تقدم برامج العلوم الاكتوارية للطلبة الجامعيين و الدراسات العليا.
المؤتمر الإكتواري العربي هو منصة مهنية إقليمية للخبراء الاكتواريين والشركات الاكتوارية والشركات والصناعات التي تعتمد على الأعمال الاكتوارية مثل التأمين بكل أنواعه والخدمات المصرفية والرعاية الصحية والتأمين الصحى وهيئات التأمين الاجتماعي وصناديق التقاعد وأقسام إدارة المخاطر حيث يهتم المؤتمر بتحليل وتقييم وإدارة المخاطر والمتغيرات التي تواجهها الصناعة المالية سواء كانت في الأعمال المصرفية أو التأمينية أو الإستثمارية، وكذلك المخاطر المالية والتجارية التي تتعرض لها الحكومات والشركات في القطاعات الحيوية.
ولدى افتتاحه أشغال الدورة الثانية للمؤتمر أكد رئيس ديوان وزارة المالية نيابة عن الوزيرة على أهمية الدور الموكول للخبراء الاكتواريين في رصد وتحليل طبيعة المخاطر والتحديات الجيوسياسية والصحية والمناخية والاقتصادية وتقييم الأثر المالي المرتبط بمثل هذه المخاطر الاقتصادية والاجتماعية وهو ما يستوجب تدعيم الكفاءات الإكتوارية لدى المؤسسات المالية ومؤسسات التامين.
داعيا، الأطراف المتداخلة في قطاع التأمين إلى العمل على تطوير الفرص المتاحة لتبادل الخبرات الإكتوارية فيما بينها وتعزيز التعاون الإقليمي بين الأسواق المالية والتأمينية خاصة في ظل خطر تواتر الكوارث الطبيعية والتشاور بخصوص تغطية هذه المخاطر والاستئناس بالتجارب العالمية المماثلة.
مواكبة التطورات التشريعية والتكنولوجية للرفع من قدرات الاكتواريين الفنية :
هذا وقد انطلقت تونس وبدعم فني دولي، في إنجاز دراسة إكتوارية حول منظومة تأمينية عمومية وأخرى خاصة للكوارث الطبيعية بهدف الإلمام بمستوى المخاطر وطبيعتها وكيفية التصرف فيها ومجابهة تداعياتها، والبحث على أنسب السبل وأنجع آليات التغطية ضد الجوائح والكوارث الطبيعية على ضوء نتائج التجارب الأجنبية المقارنة في هذا المجال.لذلك فإن هناك مساعي حثيثة لتكثيف الجهود بين جميع المتدخلين في المجال المالي والتأميني والعمل على مواكبة التطورات التشريعية والرفع من قدراتهم الفنية ومهاراتهم التكنولوجية خاصة تلك المتعلقة بإستعمال أحدث تقنيات معالجة المعلومات وبتوظيف الذكاء الإصطناعي للرفع من جودة خدماتهم…
ويعتبر العلم الاكتواري أو علم حسابات التأمين أو علم إحصائيات التأمين المبحث العلمي الذي يَستخدم الطرق الحسابية والإحصائية لتقدير حجم المخاطر في قطاع التأمين والصناعات المالية. و الاكتواريون هم هؤلاء الأشخاص المؤهلون من حيث التعليم والخبرة في هذا المجال ويستخدم الخبير الاكتواري نماذج حسابية وإحصائية لتقييم المخاطر في قطاعات الأعمال مثل قطاع التأمين وقطاع الخدمات المالية. تساعد الخدمات الاكتوارية على التنبؤ بمعدلات انتشار المرض ومعدل الوفيات والإعاقة ومعدلات النجاة وغيرها من العوامل
ويعتبر الخبير الاكتواري، هو المتخصص بدراسة الأثر المالي الناتج عن المخاطر المختلفة التي تنشأ مستقبلا وذلك من خلال استخدام أسس الرياضيات والإحصائيات لتقييم هذه المخاطر والعمل على تقليل الأثر المادي المترتب عليها. وبالنسبة لشركات التأمين فإن دور الخبير الاكتواري يُعد من المحاور الهامة التي تستند لها هذه الشركات في أعمالها، فهو يتعاطى مع كل المسائل الفنية والإدارية والمالية.
مهنة الخبراء الاكتواريين واحدة من أكثر المهن المرغوب بها:
تُعدُّ تأمينات الحياة المجال الأوسع لعمل الخبراء الاكتواريين في بحث العمر والجنس لجدول الحياة وفي المعدلات المقابلة لجدول الوفاة ، إضافة إلى تقديم معلومات عن مؤشرات حول الحوادث والعجز والاستشفاء.هذا و يقوم الخبير بدراسة وثائق التأمين من حيث الشروط والأسعار ويعتمد على جداول الحياة مع الأخذ بعين الاعتبار الواقع الاقتصادي والاجتماعي، كما يقوم الخبير الاكتواري بإعداد الدراسات الخاصة بمعدلات جدول الوفيات وتطبيقها، وحساب الاحتياطي الحسابي واحتياطي التعويضات لتأمينات الحياة الفردية والجماعية وإيجاد قاعدة سعرية، وتقييم التزامات الشركة عن الوثائق التي أصدرتها، ومن ناحية ثانية يقوم بحساب المصاريف الإدارية ومطابقة ماتم تقديره على حساب الأقساط، كما يقوم بدراسة الاستثمارات الخاصة للشركة بالنسبة لتأمينات الحياة والعائد الذي يضاف إلى الأقساط الفنية، كما يساهم بشكل كبير في إعداد برنامج العقود الادخارية، ودراسة المقترحات الخاصة بمنتجات تأمينية جديدة وتقديم الرأي الفني لها سواء بالنسبة لتأمين الحياة الفردي والجماعي.
كما يقوم الخبير الاكتواري بتحليل المحفظة لكل فرع على حدة لمعرفة مدى كفاية الأقساط التي تحصلها الشركة لمواجهة التعويضات المحتملة،وحساب المخصصات وتحليل نتائج اتفاقيات إعادة التأمين التي قامت بها الشركة، وتتأكد أهمية الدور الذي يباشره الخبير الاكتواري فيما يقوم به من تقييم للمخصصات الفنية والالتزامات المستقبلية.وإضافة إلى الدور الحيوي الذي يقوم به الخبير الاكتواري لشركات التأمين، فانه يقوم بمهام عديدة بقطاعات أخرى مثل التأمينات الاجتماعية والبنوك والاستثمار والبورصة، لذلك صنفت مهنة الخبراء الاكتواريين على أنها واحدة من أكثر المهن المرغوب بها في مختلف الدراسات العالمية التي أجريت على مر السنين.
أهمية حضور الاكتواري من أجل نقلة نوعية في قطاع التأمين بتونس :
وتعتبر مهنة الاكتواري من المهن ذات الأهمية الكبرى في شركات التأمين وصناديق التقاعد
وتبقى الاكتواريا القلب النابض لقطاع التأمين ،وقد اختارت تونس أن تنخرط في هذا المسار تلبية لحاجيات القطاع المالي وقطاع التأمين وكذلك استجابة لدعوات المانحين الدوليين ، ليقع تأسيس الجمعية التونسية للخبراء الاكتورايين في فيفري 2017 وهي اللبنة الأولى وبداية طريق إدماج الاكتواريا في سوق المال في تونس .ولئن كانت فكرة توظيف الخبير الاكتواري خلال السنوات الخمس المنقضية متواضعة ،فإنها اليوم أصبحت حاجة ملحة تتطلبها الأسواق ،فقد تولد وعي مشترك بأهميته لدى المتدخلين في قطاع التأمين وبأهمية حضور الاكتواري في القطاع حيث من أصبح من المستحيل تواصل نشاط هذا القطاع بالشكل الحالي .
وقد عملت الجمعية التونسية للاكتواريين التي تضم ثلة من الكفاءات منذ إحداثها على السير على المنوال العالمي عبر الاعتماد على المعايير العالمية في عملها وتقدمت بطلب الانخراط لدى الجمعية الدولية للخبراء الاكتواريين حيث تحصلت الجمعية التونسية على بطاقة الانخراط في 1 نوفمبر 2019 ،وهي تتطلع إلى نقلة نوعية في قطاع التأمين،نقلة تعتمد على قطاع مالي قوي ومنفتح وهو ما يتطلب وجود إرادة سياسية حقة تجعل من قطاع التأمين الذي يتعطش إلى مزيد من الصلابة المالية والملاءمة المالية وفي الآن ذاته حماية المؤمن …
وحسب الجمعية الدولية للاكتواريين فإنَّ الاكتواري هوالمفكر متعدد المواصفات الإستراتيجية، المتمرس في النظريات والتطبيقات في علوم الرياضيات، والإحصاء، والاقتصاد، وحساب الاحتمالات، والعلوم المالية والحاسوب. ويُلقّب الاكتواري بالمهندس المالي أو مهندس الرياضيات الاجتماعية. ومهمَّته القيام بتقدير المخاطر الخاصة بالتغطيات التأمينية، وتقييمها، ووضع الأسعار المناسبة لها، ودراسة حالات السوق ومدى المخاطر المتوقعة في فرع التأمين
وتعتبر تأمينات الحياة هي المجال الأوسع والجذر الأول لبصمات الخبراء الاكتواريين في بحث العمر والجنس لجدول الحياة وفي المعدلات المقابلة لجدول الوفاة إضافة إلى حزمة من المعلومات عن معدلات ومؤشرات الحوادث والعجز والاستشفاء، وتقدير أو تحديد المصاريف الإدارية إلى جانب سعر الفائدة المرافق للتضخم والنمو. كل هذا وغيره من المعادلات تشكل الأساس الذي تبنى عليه تعريفات تأمينات الحياة بالرقم النسبي المئوي أو الألفي المناسب.
دور الاكتواريون في رصد المخاطر والتقليل من الخسائر الاقتصادية إزاء تزايد وتيرة التغيرات المناخية:
هذا الحدث العلمي المميز تظافرت جهود عدة أطراف في إنجاحه سواء على مستوى التنظيم أو الإستضافة أو الدعم ومن بينها شركة فينتكروبوز البحرينية والهيئة العامة للتأمين ، والجامعة التونسية لشركات التأمين والجمعية التونسية للإكتواريين. و برعاية من الصناديق الوطنية للتقاعد والتأمين الصحي، والاتحاد العام العربي للتأمين، والاتحاد الأفروآسيوي للتأمين وإعادة التأمين، وجمعية الخبراء الاكتواريين في الولايات المتحدة، والمعهد الاكتواري في المملكةالمتحدة، وشركات التدقيق العالمية الكبرى. الجمعيةالاكتوارية اللبنانية، والجمعية الاكتوارية العربية .
من جانبه أشار الرئيس التنفيذي لشركة فينتكروبوز البحرينية أن مؤتمر الاكتواريين حضره أكثر من خمس مائة مشارك من مديرين و خبراء القطاعات المالية والتأمينية و التقاعدية و الحكومية و الاقتصادية و الأكاديمية، هدفه الوصول إلى تحليل وأ خذ المعالجات الإجرائية وكذلك إستكشاف أية فرص أعمال ناتجة جراء التحديات الجيوسياسية و الصحية و المناخية و الاقتصادية التي تمثل مخاطر تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي، و أيضا على حياة الناس و على أعمال و خطط الشركات و الحكومات، لافتًا إلى أن الاكتواريين بطبيعة تخصصهم و خبراتهم فإنهم من أفضل من يقوم بتحليل الأخطار و تقديم نظرة شاملة حول كيفية تأثير تلك الأخطار على أوضاعنا حاليا وفي المستقبل.
وخلال المؤتمر أقيمت 13 جلسة علمية وحوارية أكد خلالها المتدخلون على مهنة الاكتواري لتظل آلية هامة لتقديم الحلول لصاحب القرار من أجل أخذ الإجراء المناسب والسليم سواء على المستوى الاقتصادي أو المؤسساتي أو أيضا على المستوى البشري والانشغال على الصعيد العربي بدور الاكتواري على ضوء التطورات في المنطقة بتفاقم الأزمات والكوارث الطبيعية، والتأكيد على أهمية مهنة الاكتواري في استشراف التطورات والمخاطر ذات العلاقة أساسا بالمجال الاقتصادي والاستعداد للمعايير الدولية في المجال المالي التي تتطلب التعويل أكثر على الاكتواريين.كذلك أن القطاع الاكتواري في تونس والدول العربية يمثل حجر الزاوية للثبات المالي وأن شركات التأمين بإمكانها عبر المهنة الاكتوارية دراسة المخاطر عبر التنبؤ بوقوع بعض المخاطر قصد التقليل من حدتها وخطورتها باستعمال نماذج اكتوراية.بالإضافة إلى أن قطاع البنوك أصبح يعول على آلية الاكتوارية في مجال تقييم القدرة على سداد القروض العقارية ومدى استجابة المقترضين للسداد علاوة على اللجوء إلى المهنة الاكتوارية في مجال الضمان الاجتماعي بتقديم معادلات عادلة للمخاطر.كما تمت الدعوة إلى مزيد التعريف بمهنة الاكتواري في الأوساط الاقتصادية وأن تأخذ أدوارا أكثر أهمية من منطلق الإضافة التي تقدمها في قطاع التصرف في المخاطرومع تزايد وتيرة التغيرات المناخية بات من الضروري أن يكون للاكتواريين دورا ضروريا لرصد المخاطر والتقليل من الخسائر الاقتصادية.
