رمضانيات تطاوين

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

في المقال السابق تحدثت عن اجواء الشهر الكريم نهارا تحدثت عن القيلولة تحت جدران الأسواق والفقر وابتسامة الأطفال وتسكع المتسكعين…وفي هذا المقال سأتحدث عن الأجواء بعد الإفطار.
قبيل الإفطار يهرول أبناء الحي كيلاني جيلاني امحمد مبارك …إلى المحلات لشراء الرايب واللبن والعصير والحليب…بلقاسم صاحب محل فواكه جافة بالحي شاب جشع بخيل يتناول إفطاره وهو يشتغل لكي يبيع بضاعته كما يدعي . الصياح يتطاول بينه وبين الحرفاء يوميا تحت وطأة ما نسميه “الترمضين”.يشتري أبناء الحي مقتنيات السهرة الرمضانية تحت وطأة الحجر الصحي من بطاقات شحن هواتف كاكاوية و سجائر وعلب شاي أخضر وشاي أحمر وماء ومشروبات غازية ومعسل شيشة بمختلف النكهات ونفة…
وهم يسارعون الخطى نحو المنازل ترتفع أصوات آذان المغرب في مدينة تطاوين. بعد ذلك يخيم صمت رهيب على الحي لكن سرعان ما يخترق هذا الصمت صياح الأطفال الصغار وأصوات التلفزيون وصوت ملاعق الأكل على الصحون وعادة خلاف بين زوج وزوجته بسبب الأكل…
بعد الإفطار بنحو نصف ساعة يخرج الشباب ويتجمعون على قارعة الطريق للتدخين وشرب الشاي والقهوة والسمر وتناول ما نسميه في تطاوين “كالة النفة” راس بلا كيف يعطيه سيف كما يقول الجميع هنا في تطاوين.
والجميع يتساءل عن سبب الشهية المفرطة نهارا والشبع السريع في الإفطار والآخر يشتكي طول أيام الحجر الصحي ويلعن الكورونا وينتقد دعوة الحكومة للمواطنين إلى المكوث في المنازل “شد دارك”بينما يؤكد أحدهم أنه لم يشعر بالجوع رغم طول ساعات النهار ولم يشعر بالعطش رغم حرارة الطقس لكنه أحس بالتعب والإرهاق لقلة النوم واستهلاك الكثير من السجائر والقهوة .ثم يتدخل كيلاني ويصيح قائلا “النفة اليوم تعبتني واني حشايشي كنت نتكيف بطلت الدخان و دورتها نفة وممكن انبطل النفة ونرجع للدخان والشيشة” …يتمتم قليلا ثم يتناول نفة بين شفتيه ويضيف قائلا” كيف نشد داري واني قهواجي بطال دولة ما عطاتني شي لا ميتين دينار ولا إعانة…”ثم سرعان ما يتمالك نفسه ويصمت بعد أن يقتنع أنه لولا الحجر الصحي لهلك الآلاف علما أن البلاد تمر بوضعية اقتصادية وصحية حرجة ولا تستطيع توفير الرعاية الصحية اللازمة في حال تفاقمت الكارثة الوبائية…ثم يتدخل سامي مؤكدا أن هذا الوباء هو رحمة للمسلم ونقمة للكافر والميت بالكورونا يعتبر شهيد مستشهدا بأحاديث نبوية وسور قرآنية يرد عليه امحمد قائلا “اشكون الكفار ؟يا حسرة على الاسلام والمسلمين انقلبت الدنيا والرحمة غابت علينا ومشات للي تقول عليهم كفار ….”وهكذا دواليك.وعلى الساعة الثامنة والنصف تمر دورية حرس وطني داعية الجميع إلى الالتزام بالحجر الصحي وحظر التجوال والمكوث في المنازل.لكن سرعان ما يخرج شباب الحي من جديد لمواصلة الحوارات والصياح بعد مرور الأمن .ويستمر السمر ولعب الشيش بيش إلى غاية منتصف الليل.اما نساء الحي فيفترشون مداخل منازلهن وبينهن ابريق الشاي والكانون.
شاهية طيبة.

 

بقلم جمال عزلوك

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *