منشور أدبي للشاعرة و الكاتبة الشابة أمل السبيعي : عين الأدب لاتنام

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

في ظل واقعنا المعيش، و ماهو سائد في الوقت الراهن، تترأ لنا صور مجسدة من أدبنا العربي القديم في أسلوبه النقدي الساحر. حيث أنه في الظاهر هزل و في الباطن تسليط للضوء على ماهو سائد في أنذاك .

قد تخفي الفكاهة الكثير من الجد والنقد.

بطريقة تجعلنا نقرأ ما بين السطور. فتظهر لنا خفايا و تجليات فكرية قد تغيب عنا إن تحدثنا فيها بمباشراتية و قد تتجلى أكثر إن ألبسناها حلة السخرية الهادفة.

التي ترنو إلى مسائل فكرية و إنسانية لا غبار عليها.

ومن الأمثال المشهورة في أدبنا العربي القديم، التي خلدها التاريخ و صارت مع الزمن جواهر أدبية قيمة و مرجع لكل بحث في الكدية و الحيلة والسخرية هي “مقامات أبي بديع الزمان الهمذاني”حيث اجتمعت فيها عدة عناصر أسلوبية في القول، من قبيل السخرية َ الكدية و الحيلة. حيث رافقت القول عدة أفعال و صفات لتجسيده شخصية عرفها الزمان في ذاك العصر و لها أصداءها في وقتنا الراهن. ولنا أيضا أيقونة أدبية أخرى طرحت ماهو ساذد بأسلوب ساخر يتضمن نقدا” مبرحا” إن صح التعبير. وهو كتاب “البخلاء” لأبي عثمان الجاحظ وقد ملأ الدنيا و شغل الناس وقتها و إلى يوم الناس هذا، حيث تناول ظاهرة البخل التي استوطنت أوصال المجتمع العباسي أنذاك.

وهي من الظواهر المتفشية في كامل مجتمعاتنا العربية، و إن تراجعت في السنوات الأخيرة نظرا لتفشي ظاهرة أشد خطورة وهي “غلاء المعيشة”.

و هناك العديد من الأمثلة الأدبية التي اعتمد فيها كتابها أساليب لغوية و قولي؛ تتضمن سخرية و هزل و فكاهة إلى حد كشف المستور عن العديد من المشاكل الإجتماعية و النفسية و الأخلاقية. والحال أننا اليوم بحاجة إلى مثل هذه النوعية من الكتابة، حتى نكون بالقلم و بالأدب قد و ضعنا الإصبع على مكمن الداء.

فالأدب إلى جانب جمالية اللغة و الأسلوب و ما يبعثه في النفس من راحة و طمأنينة فهو أيضا إصلاح فكري و اجتماعي، في ما تخفيه الأسطر أحيانا. و ما يقوله القلم هو الحقيقية التي يخلدها التاريخ في المدونة الأدبية،

عسى أن تصلح الأجيال القادمة ما يمكن إصلاحه فكرا و مجتمعا ووطنا.

(أمل السبيعي).

Loading