شافية رشدي، مطربة وممثلة تونسية

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

– شافية رشدي : ولدت في 7 نوفمبر 1910 – توفيت في 21 جويلية 1989، (79 سنة).
– ولدت الفنانة زكيّة المراكشي (شهرت شافية رشدي) في صفاقس من أب مغربي وأم ليبيّة، ونشأت يتيمة وقست عليها الحياة فكانت مدرستها الأولى.
– بدأت بالرقص ثم انتقلت إلى التمثيل برعاية محمد شبشوب في صفاقس، لكنّها ما لبثت، بدافع الطموح، أن تحوّلت إلى تونس سنة 1930، واتصّلت بالبشير المتهنّي مؤسّس “جمعيّة المستقبل التمثيلي”، فاضطلعت بأدوار عدّة في مسرحيّات مثل “صلاح الديّن الأيّوبي” و”هملت” و”عطيل” و”مجنون ليلى”…
– وفي مجال الغناء، كانت شافية رشدي مطربة متميّزة، إذ تتلمذت للأستاذ الهادي الشنّوفي عازف البيانو والآلات النحاسيّة. وسرعان إن ألّفت فرقة موسيقيّة بقيادة الأستاذ محمد التريكي، ضمّت صالح المهدي وقدّور الصرارفي وخميس الترنان وعلي السريتي والهادي الجويني ويوسف قنونة…
– وكانت أبدع أغانيها من تلحين خميّس الترنان والهادي الجويني وقدّور الصرارفي وسيّد شطّا. وقد أحيت عدّة حفلات خاصّة في قصر الباي وحفلات عامّة أقبل عليها الجمهور أيّما إقبال، كما شجّعت على إحداث المعهد الرشيدي وقدّمت في إطار الرشيديّة حفلات أسبوعيّة للإذاعة تواصلت إلى حدود سنة 1941.

– في “حومة باب سويقة” أقامت شافية رشدي صالونا ثقافياً يحمل اسمها حضره كبار المثقفين، فتواصلت فيه مع رموز الفن والشعر والموسيقى في العاصمة من خلال استضافتها لـ“جماعة تحت السور” وإنضاممها إليهم.
– وقد أثرت جماعة تحت السور في شخصية شافية رشدي تأثيرا إيجابيا، فمن خلال تلك اللقاءات تشبّعت شافية من النخبة المثقفة بقيم الحرية وكرامة الوطن وأهمية الثقافة في تحرير الشعوب. وكانت تتقبّل منهم النقد وتستمع إلى مختلف أرائهم في الفن والموسيقى، فقادها كل هذا لأن تغني ما يقارب المائة أغنية كانت تُكتب وتُلحن وتُغنى في سهرات الصالونات الثقافية.
– وبالرغم من هذا الإنسجام الحاصل بين مثقفي جماعة تحت السور، يُروى أن علاقة شافية مع بيرم التونسي كانت متوتّرة، فقد كان يرى فيها تحررا زائدا عن اللزوم وغالبا مايوجه لها النقد اللاذع.
– إلاّ أن الفنان صالح الخميسي كان كثير الدفاع عنها والوقوف إلى جانبها وكان يحاول الإصلاح بين الطرفين فيذكر محاسنها كمساعدتها للفقراء وشجاعتها في تعبيرها بكل وضوح عن رفضها للإستعمار الفرنسي.

– في فترة الأربعينيات من القرن الماضي، كانت تونس تعيش تحت وطأة الاستعمار الفرنسي، وكانت الوضعية الإجتماعية للمرأة مختلفة عن عصرنا الحالي لأسباب عديدة كتدنّي نسبة التعليم لدى الإناث مقارنة بالذكور واتّسام المجتمع بالمحافظة والإنغلاق إلى حد ما.. فلا تخرج المرأة من بيتها إلا في مناسبات نادرة وعند الضرورة القصوى.. ولذلك كان طبيعيا ان تُصنّف امرأة كشافية رشدي ومثيلاتها ضمن النساء “القادرات” وهو توصيف تونسي للمرأة القوية فيقال “مرا قادرة” أي إمرأة تتميز بالنفوذ والتحدي والمرتبة الرفيعة فلا تخاف الناس أو أقوالهم…
– كانت شافيّة رشدي في أوج مجدها الفنّي، وتتمتع بمكانة مرموقة وشهرة واسعة ومال وفير، تتسم شخصيتها بالجرأة والعنفوان، خرجت تقود سيارتها بنفسها، وكانت أول امرأة تونسية تجرؤ على فعل ذلك، لكنها تعمدت ارتداء لحاف السفساري فوق ثيابها، وهو القماش الأبيض الذي تتلحف به النساء خارج بيوتهن، أثناء سياقتها لسيارتها المكشوفة، ربّما إعلانا بأنها ليست بصدد التمرد على قيم المجتمع ولا بمصادمته بل بتوسيع هامش حركتها وحضورها كامرأة في الفضاء العام.

– طافت شافية رشدي بسيارتها شوارع تونس متلحفة بالسفساري وعلى وجهها ابتسامة عريضة وتساءل الناس حينها لِمَ ترتدي شافية السفساري وهي التي تلبس في حفلاتها فساتين غربيّة، وتخرج للشارع عارية الرأس وكانت إجابة شافية رشدي كالآتي : “لو قمت بقيادة السيارة بملابس إفرنجية لظن المستعمر أنني فرنسية أو يهودية. ولكني أريد أن تعلم فرنسا أن نساء تونس المسلمات يمكن لهن أن يقدن السيارات وهذه رسالة يجب ان تصل لهم”
– وبالرغم من أن معظم الرجال استنكروا هذا التحدي وعَدّوهُ خروجا عن القيم والعرف السائد آنذاك، لم تهتم شافية بذلك لأنها كانت تتوق أولا إلى الحرية وتصبو ثانيا إلى تحدي الإستعمار عبر بثّ هذه الرسائل الرمزية.
– وقد اعتبر البعض من المثقفين في ذلك الوقت أنها قامت بموقف استثنائي لا يمكن أن يبدر إلا عن إمرأة إستثنائية وأن لهذا الفعل تأثيرا كبيرا على تفكير المستعمر الفرنسي.

– “كحلة الاهداب” كانت الأغنية الأشهر للمطربة شافية رشدي وقد كُتِبَتْ ولُحِّنَتْ خصيصا لها وكان ذلك في إحدى الليالي التي جمعتها بمجموعة من الشعراء والموسيقيين حين أبدت استياءها من أن يكون للمطربة المصرية منيرة المهدية نشيد خاص تبدأ به حفلاتها، ألا وهو “حيّوا معانا السلطانة”، فيما لا تتمتع هي بشيء مماثل، فأجّجت شعور التحدي لدى الحاضرين من الشعراء والفنانين، ووُلدت في تلك السهرة أغنية “كحلة الاهداب” أي “سوداء الرموش”.

– اشتهرت شافية رشدي بدعمها للنادي الإفريقي عبر تقديمها عدة مساهمات مالية لهذه الجمعية الرياضية.
– كما سجّلت أيضا حضورها في النشاطات الاجتماعية والجمعيات الخيرية وهو ماتحدثت عنه ابنتها في حلقة من البرنامج التلفزي “نجوم في الذاكرة” الذي أُعد خصيصاً عنها. فذكرت أن والدتها شافية رشدي قامت ببناء مستوصف ومدرسة ابتدائية في مدينة حمام الأنف…

# أسامة الراعي#

[ditty_news_ticker id="5039"]

Loading