فاطمة حدّاد الشامخ، أوّل امرأة تونسية مبرّزة في مادة الفلسفة، وناشطة جمعياتية

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

من مواليد هذا اليوم 10 مارس من سنة : 1936 – فاطمة حدّاد الشامخ، أوّل امرأة تونسية مبرّزة في مادة الفلسفة، وناشطة جمعياتية.

– فاطمة حداد الشامخ : ولدت في 10 مارس 1936 – توفيت في 2 ماي 2013، (77 سنة).
– نشأت في بيئة بورجوازية وطنية تؤمن بحظوظ المرأة وحقّها في التعليم. تلقّت تعليمها في معهد نهج روسيا، حيث كانت تقريبا المسلمة الوحيدة في فصلها.
– بعد حصولها على الباكالوريا، لم تمانع عائلتها في أن تواصل تعليمها العالي في فرنسا، خاصّة وأنّ اثنين من أشقّائها كانا يدرسان هناك.
– سجّلت بجامعة فرنسية في قسم الفلسفة حيث تحصّلت على الأستاذية في الفلسفة وكذلك على الأستاذية في الآداب واللغة الإنجليزية.

– مكّنتها هذه التجربة من التتلمذ على أيدي كبار الفلاسفة الفرنسيين ومنهم بول ريكور. وخلال تلك الفترة، تقدّمت لمناظرة التبريز في الفلسفة، لتصبح أوّل امرأة مبرّزة في تونس في هذا المجال.

– علاوة على ولعها بالعلم، كان لدى فاطمة حداد حسّ وطني عميق، دفعها إلى المشاركة في التظاهرات ضدّ المستعمر وهي لا تزال تلميذة بتونس، وإلى حضور بعض الاجتماعات التي كان يعقدها الحزب الدستوري في المساجد.
– انتمت في ذلك الوقت إلى الاتحاد العام لطلبة تونس الذي واصلت النشاط ضمنه وهي طالبة في باريس، حيث أصبحت نائبة رئيس، كما أنّها صارت عضوا في الخليّة المحلية للحزب الدستوري الجديد في فرنسا.

– عملت عند عودتها إلى تونس، في بعض المعاهد الثانوية قبل أن تبدأ التدريس بالجامعة التونسية وتحديدا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية 9 أفريل. هناك ترأّست قسم الفلسفة، كما عملت على مدى 40 سنة، أشرفت خلالها على عديد البحوث ورسائل الدكتوراه.

– كانت فاطمة حداد الشامخ ترى في تدريس الفلسفة في الجامعة رسالة مقدّسة وكانت تعتبر أنّ «البيداغوجيا هي فنّ تكوين أدمغة قادرة على الوصول إلى فهم الذات الفلسفية والسياسية»، كما أنّ «البيداغوجية الناجعة» من وجهة نظرها، هي «تلك التي تجعل الطلبة يجدون طريقهم نحو الحكمة ليغيّروا الواقع الذي يعيشون فيه، حتّي يستطيعوا التأثير فيه»، حسب ما أوردته نجاة العبيدي في مقالها حول الفقيدة، في جريدة لابراس (بتاريخ 8 – 3 – 2011).

– علاوة على التدريس، كانت فاطمة حداد غزيرة الإنتاج، حيث كتبت كمّا هائلا من الدراسات والمقالات العلمية، باللغتين الفرنسية والإنجليزية، لكنّها كانت تميل بشكل خاصّ إلى فلسفة “سبينوزا”، حيث كانت رائدة البحوث السبينوزية في الجامعة التونسية. فرسالة الدكتوراه التي أنجزتها تحت إشراف الفيلسوف الفرنسي بول ريكور كان عنوانها: « الفلسفة النسقيّة ونسق الفلسفة السياسية عند سبينوزا».

– بفضل هذا العمل ذاع صيتها في تونس وخارجها وتمّت دعوتها لإلقاء محاضراتها في عديد الملتقيات العلمية. كما أصبحت تُدرّس في جامعات أوروبية وإفريقية مثل جامعة السنيغال كأستاذة محاضرة.

– إلى جانب التدريس وإنتاج البحوث في الجامعة، كان لفاطمة حداد نشاط سياسي. وكانت قضايا المرأة التونسية والنهوض بها شغلها الشاغل، لذلك ناضلت ضمن جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية وكذلك في مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة (الكريديف). وبعيدا عن النضال النسوي والسياسي، كانت أيضا عضوا في اللجنة الوطنية للأخلاقيات الطبيّة.

– ويدلّ تعدّد الأنشطة العلمية والسياسية والجمعياتية، على أنّ فاطمة حداد الشامخ كات لها رؤية شمولية لمشاركتها في نهضة بلدها وازدهاره، وأنّها لم تكن تتردّد في خدمته من أيّ موقع كانت تشغله. وهي سمة مميّزة لجيل كامل من النساء والرجال الذين عرفوا الاستعمار، ثمّ الحركة الوطنية، والاستقلال وما طرحه على التونسيين والتونسيات من تحدّيات لبناء بلد ناشئ يحتاج إلى كلّ طاقاته وأبنائه.

– كانت فاطمة حداد ترى أنّ نضالها يندرج ضمن المشروع الحداثي، الذي آمنت به منذ الحقبة الاستعمارية، حيث رأت في بورقيبة الرمز القادر على تخليص الأمّة وتحريرها والنهوض بها. فبورقيبة كان أحد الرجال الثلاثة الذين أثّروا في مسيرتها، بالإضافة إلى والدها منّوبي الشامخ ومعلّمها، الفيلسوف بول ريكور.

– تركت فاطمة حداد الشامخ إرثا مهمّا من البحوث الفلسفية باللغتين الفرنسية والإنجليزية. ويُبذل حاليا جهد لترجمة إنتاجها إلى اللغة العربية لينتفع به المزيد من الطلبة والباحثين في تونس والعالم العربي. وقد تمّ نشر كتاب سنة 2007 تكريما لها بعنوان «التفلسف اليوم وهنا»، جُمعت فيه بعض نصوصها من قبل محمد محجوب.

– وتبقى هذه الفيلسوفة مثالا يُحتذى به، حيث «يَشهد لها الجميع ولا يزال بنجاح أسلوبها في التدريس وصرامتها في التعامل مع النصوص الفلسفية، كما بسعة ثقافتها ومدى اطّلاعها على الفلسفة الأنجلو- سكسونية، فضلا عن الفلسفة القارّية والفلسفة الإسلامية والفلسفة الإفريقية»، كما يقول عنها أستاذ تاريخ الفلسفة الغربية الحديثة في جامعة تونس جلال الدين سعيّد.

 أسامة الراعي

Loading

أسامة الراعي

متحصل على : شهادة الأستاذية في التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *