عبد القادر المهيري : أحد مؤسسي الجامعة التونسية.

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

توفي في مثل هذا اليوم 13 ماي من سنة : 2016 – عبد القادر المهيري، أحد مؤسسي الجامعة التونسية، متخصٌص في اللسانيات وصاحب مؤلفات أكاديمية عديدة.

– عبد القادر المهيري : ولد في 7 أوت 1934 – توفي في 13 ماي 2016 (82 سنة).
– هو أستاذ النحو واللسانيات بالجامعة التونسية منذ سبعينات القرن الماضي، وصاحب المؤلفات التي يعود إليها الباحثون العرب ولا يزالون، وهو السياسي الفاعل في عهد بورقيبة، وكاتب الدولة للتعليم العالي في آخر عهده، والمصلح التربوي الفذّ، وصاحب مدرسة لغوية تونسية هي اليوم تنعم بفضل توجيهه.

– في خمسينات القرن الماضي وحين كانت فئة من الطلاب التونسيين تتجه إلى التعليم الزيتوني اتجه التلميذ القادم من صفاقس بتوجه أسري إلى التعليم الحديث في المدرسة الصادقية وهناك تحصل على الباكالوريا سنة 1951. ثمّ أرسل إلى فرنسا لإتمام دراسته الجامعية في اللغة العربية، وتحصل على الإجازة سنة 1955 من كلية الآداب بجامعة باريس، وبعدها تحصل على شهادة التبريز عام 1959 ثم على الدكتوراه عام 1970 ببحث عن النحوي “ابن جني”.

– في مؤلفاته بالفرنسية أو بالعربية وفيما ترجمه من كتب، يمكن أن نجد خطًّا في التفكير اللساني لديه فيه انفتاح على مكتسبات اللسانية الحديثة من دون إسقاط لذلك على الدارس -في رأي المهيري- أن يكون في آن واحد قارئا للتراث بتمعّن وقارئا للسانيات باستفادة وهذه القراءة يمكن أن تقود إلى أمرين معا : إمّا أن نستخرج البعد اللساني من التفكير النحوي، وهذا ممكن، وإمّا أن ندرس التفكير النحوي على أنّه نظام منفتح على ثقافات مجاورة متعاملة معها. وإمّا أن نركّز على مفهوم بعينه نراعي تطوّره في المصادر أو تقاطعه مع ما يناسبه من الدراسات اللسانية الحديثة.
– علمًا وأنه يصعب اليوم أن نجد باحثا بارزا في اللغويات بالجامعة التونسية وهو لا يجمع بين النظر في التراث والاطلاع على اللسانيات الحديثة. هذا الاتجاه الذي لا ينغلق على التراث ولا ينقطع إلى الحداثة هو أهم بصمات عبد القادر المهيري على الدراسات اللغوية.

– الدراسات اللسانية الحديثة من وجهة نظر المهيري لا تعيد التراث بحرفيته بل بمنهج يستقرئ فيه أهمّ الأفكار ويبحث فيه عن نظامه الفكري والآليّات التي بنيت بها ومدى ترابطها بالتفكير اللساني العامّ. وفي هذا النهج تنشيط للتراث وتجديد له من جهات منهجية مختلفة تجمع بين الفهم والنقد.

– ولعبد القادر المهيري دور تأسيسي في الجامعة التونسية ورؤية فذة في هيكلتها بدأت من سبعينات القرن الماضي. فاضطلع بمسؤوليات جامعية عديدة : فقد كان رئيسا لقسم العربية بكلية الآداب وعميدا لها ورئيسا لجامعة تونس وكاتب دولة للتعليم العالي.

– انضمّ المهيري الشاب إلى هيأة التدريس بالجامعة عام 1963 أي بعد سنوات قليلة من انطلاق التعليم في دار المعلمين العليا (1956 – 1957) وتأسيس الجامعة التونسية عام 1960.

– في كتاب له نشر عام 2010 بعنوان “التعليم العالي بتونس المستقلّة ذكريات شتى” أدلى المهيري بشهادات نادرة عن عصر التأسيس وأوحى برؤية فذة في بناء دور فعّال للجامعة ووظائفها.. ويمكن أن نختصر هذه الملاحظات الثلاث التالية المستقاة منه :
* أوّلها أنّ المهيري تبنّى رؤية في التدريس لا تعتمد الحفظ والنقل ولا تجعل العلاقة بين الجامعي وطلبته علاقة عمودية يكون فيها المدرس مصدر المعرفة الوحيد وطالبه عالة عليه.

* ثانيها أنّ المهيري كان يدافع عن استقلال الجامعة وعن حريتها في اختيار مقرراتها وإطارها التدريسي وأنّ من مشمولات الوزارة التنسيق لا التدخل في المضامين العلمية. وكان على وعي بأنّ هذا الإستقلال لا يضمنه في الجامعات إلا انتخاب العمداء من ناحية، وحسن اختيار إطار التدريس.
– وقد ذكر المهيري الخلاف الذي كان بينه وبين وزير التربية في السبعينات محمد مزالي حول تعيين من أراد الوزير تعيينه وحول تدخله في شؤون العمادة لذلك قال : “لقد كانت علاقتي بالوزير محمد مزالي يشوبها بعض التوتر لاختلاف نظرتنا إلى التعليم العالي واستقلال المؤسسة الجامعية”. لذلك طلب المهيري تنظيم انتخابات جديدة واعتذر هو عن مواصلة العمل مع طريقة عمل للوزير لا يرتضيها.

* ثالثها إصلاح النظام التربوي: كان المهيري واعيا بأنّ أهداف التكوين العلمي يختلف من حرص الدولة في البداية على تكوين سريع لإطار تونسي للتعليم الابتدائي والثانوي لتعميم التعليم، إلى تكوين نخبة رفيعة المستوى بالإضافة إلى الطموح إلى “تحسين إدماج النظام التربوي في وسطه الاجتماعي والثقافي والاقتصادي وتفتحه على بقية العالم”. ويمكن القول إنّ تداخل الأهداف هو الذي جعل سياستنا التعليمية اليوم تعاني لا فقط في التكوين بل أيضا في التغلغل في الأوساط الاجتماعية.

– هكذا جمع المهيري بين الرؤية التربوية الهادفة والخط العلمي والبحثي فكان بحقّ ركيزة من ركائز التعليم بتونس على امتداد نصف قرن تقريبا.

# أسامة الراعي #

 

Loading

أسامة الراعي

متحصل على : شهادة الأستاذية في التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *