المعهد الوطني للتراث
المعهد الوطني للتراث.
– منذ انتصاب الحماية الفرنسية بتونس، ومن وجهة نظر استعمارية، تركزت مصلحة لحماية التراث مستندة إلى أوامر، أقدمها صدر في 7 مارس 1882وتضمّن تراتيب لحماية الوثائق التاريخية وبعث المتحف العلوي في جناح من قصر الباي بباردو وتراتيب أخرى تتعلّق بالحفريات. ومن تلك الأوامر المختصّة بصيانة التّراث أمر صادر في 17 سبتمبر 1953 يتعلق بحماية المواقع.
– ومنذ الاستقلال صدر أمر رئاسي بتاريخ 30 مارس 1957 يقضي ببعث المعهد القومي للآثار والفنون في نطاق تونسة المصالح الاستعماريّة المعنيّة بهذا الأمر قبل ذلك التاريخ، وتونسة أسلوب التّعامل مع التراث التونسي، وضمن مشروع سياسي ثقافي يستند إلى مبادئ وطنيّة ذات أبعاد عالميّة تؤمن بالانسان التونسي وبحقه في صيانة تراثه والاعتزاز به والاسهام به في التنمية دون الاقتصار على الفترة الرومانية التي لم تهتم السلطة الفرنسية إلا بها، بل بالرجوع إلى أقدم الحقب التاريخية وما قبل التاريخية وكذلك إلى العهود الاسلامية فيما بعد، واعتمادا على منهجيّة علمية موضوعية. تأسّس إذن المعهد القومي للآثار والفنون على هيئة مؤسّسة علمية تابعة لوزارة الثقافة عندما كانت كتابة دولة. ونُظّم بأمر عدد 140 بتاريخ 2 أفريل 1966.
– ويشتمل المعهد على مصالح عدّة مختلفة تعنى بالحفريات والتنقيب وترميم المعالم والمدن التاريخية وحماية المواقع وتهيئة المتاحف الوطنيّة والجهوية والمحلية. ومواكبة لاقبال التونسيين على التخصّص في التاريخ والآثار، ونظرا إلى تعدّد متطلبات التراث الوطني التونسي، كان لا بدّ من أن يستقطب معهد الآثار باحثين شبانا متحمّسين بلغ عددهم أكثر من مائة يعملون في مختلف ميادين الاثار والتاريخ والفنون والتقاليد الشعبيّة. أما عدد الفنيين والعملة والموظفين فقد فاق الألف.
– وبمقتضى الأمر عدد 1609 بتاريخ 26 جويلية 1993 تمت مراجعة هيكلة المعهد ليصبح متركبا من: مجلس المعهد، الادارة العامة، الكتابة العامة، إدارة البرمجة والتعاون والنشر والتكوين، دائرة المسح العام والبحوث، دائرة دائرة صيانة المعالم والمواقع، دائرة التنمية المتحفية، مركز علوم وتقنيات التراث، المركز الوطني لصيانة وترميم المخطوطات، المركز الوطني لفنون الخط، التفقديات الجهوية للتراث. لقد أنجز معهد الاثار الكثير من الأعمال المهمّة، آخرها بعث مجلّة التّراث بتاريخ 24 فيفري 1994.
– وشملت تدخّلاته جميع المواقع من حيث الحفريات وأشغال الترميم والصيانة. وسجّل عدّة معالم ومواقع أثريّة. وأسهمت معه في ذلك، وخاصة من ناحية التمويل، وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية منذ إحداثها سنة 1988. وتعاونا معا على إصدار عدّة نشريات ومؤلّفات وأدلّة تاريخيّة، إلى جانب الاحتفال بشهر التراث، من 18 أفريل إلى 18 ماي من كل سنة.
– وتنزّلت بعض تدخلات المعهد في إطار التعاون الدّولي لصيانة مواقع ومعالم مسجلة في قائمة التراث الإنساني العالمي. ونكتفي بالإشارة إلى جامع عقبة بالقيروان وموقع قرطاج اللذين اعتنت بهما اعتناء خاصّا منظمتا اليونسكو والألكسو. فمنذ نداء قرطاج بتاريخ 19 مارس 1992 ما انفكت الأشغال تكشف عن أسرار مدينة ماغون وحنبعل إلى أن امتلأ متحفها بأندر اللقّى وأروع التحف.
– ولم يمنع الاعتناء بهذين الموقعين الاهتمام بعدّة معالم ومواقع أخرى في مختلف أنحاء البلاد. فقد أحدثت متاحف متنوّعة شملت الفنون والتقاليد الشعبية وتاريخ الحركة الوطنية. وحظي التراث الشفوي بعناية فائقة فخصص له المعهد مصلحة حدّدت مهمّتها في تدوين الذاكرة الجماعيّة. وتتالت الجهود، في هذا الميدان فكان من ثمارها إحداث منتزهات قرطاج ودقة وسبيطلة وأوذنة ومتحف شمتو، فضلا عن تأسيس معهد الحضارة الاسلامية برقّادة.
– وإلى جانب الأعمال الميدانية الماثلة في مختلف عمليات الرفع والتصوير والتحليل والترميم، يسهم المعهد الوطني للتراث في إغناء البحث العلمي بتونس في نطاق تخصّصات باحثيه. ويواصل إصدار دورياته العلمية المتخصصة مثل مجلة أفريكا ومجلّة الفنون والتقاليد الشّعبية ومجلّة الدّراسات البونيّة والآثار اللّوبيّة وكذلك النشريات المقترنة بمناسبات تراثية كبرى.
# أسامة الراعي #
متحصل على :
شهادة الأستاذية في التاريخ.