الشيخ العفريت : مطرب تونسي.

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

توفي في مثل هذا اليوم 26 جويلية من سنة : 1939 – الشيخ العفريت، مطرب تونسي.

– الشيخ العفريت : ولد بتونس سنة 1897- توفي بأريانة في 26 جويلية 1939، (42 سنة). ينحدر والده الذي يدعى “سلام روزيو” من أصل مغربي، وقد تعرّف إلى امرأة من أصل ليبي تدعى “ستوري خلفون” فتزوّجها وأنجب منها صبيّا واحدا سمّاه “إيسيرن إسرائيل” وهو الذي عرف فيما بعد بالشّيخ العفريت.

– عاد والد العفريت إلى مسقط راسه «المغيرة» بأغادير بالمغرب تاركا زوجته في تونس العاصمة بعد أن رفضت الرحيل معه وظلت تعيل ابنها ايسيرين وأبناءها من زوجين سابقين “حمينو” و”خموس” والبنت “منطة” حيث عملت بصناعة لف خيوط الحرير في بيتها؛ ثم اشتغلت بصناعة وبيع المرطبات، وقد عرفت بجمال صوتها وعذوبته واشتهرت بغنائها بين العائلات.
– وهكذا نشأ ايسيرين روزيو في حياة الفقر والخصاصة جاهلا للقراءة والكتابة. وبدأ يشتغل في سن مبكرة من عمره لاعانة والدته، فانطلق في البداية الى بيع المرطبات التي تصنعها والدته ثم عمل أجيرا في مطحنة للقهوة وكانت أسعد لحظاته عندما يرافق والدته ليلا الى أفراح بعض العائلات لسماع صوتها؛ ومن الغد كان يجمع زملاءه في المصنع ويردد عليهم أغاني والدته بصوته العذب.
وعندما اشتهر، خلع على نفسه لقب «الشيخ العفريت».

– بدأ الشّيخ العفريت يُعرف بين زملائه في العمل وأصحابه ثمّ أهل الحارة جميعهم وصاروا يتحدّثون عن عذوبة صوته وحسن أدائه حتى وصلت أخباره إلى “سوسو ليفي” الذي كان يعتبر من كبار الفنّانين الموسيقيّين التونسيين. ويقال عنه أيضا إنّه يحفظ ويردّد اثنتى عشرة نوبة مالوف عن ظهر قلب؛ فاستحسن صوته وأدرك حذقه للغناء وحسن أدائه له، فعرض عليه أن يعلّمه فنّ الغناء على أسس ثابتة.

– بعد أن تعلّم الشّيخ العفريت قواعد الغناء وحذق المالوف والأغاني الشّعبية، دعته نفسه إلى الاستقلال. فانفصل عن معلّمه وأستاذه، وبدأ العمل لحسابه الخاصّ بالمشاركة في الحفلات والسهرات العامّة والخاصّة التي كانت تقيمها الفرق الموسيقيّة في ذلك الوقت… هكذا اكتشف النّاس صوت الشّيخ العفريت العذب. واطّلع الجمهور على غنائه الطريف وحسن أدائه خصوصا في (تعليلتي العروسة والمطهّر). ورغم انعدام المصدح في ذلك الوقت، فقد كان صوت الشّيخ العفريت يسمع من بعيد.

– عظم شأن الشّيخ العفريت، فذاع صيته واشتهر في تونس العاصمة أوّلا ثمّ في بقية التّراب التونسي. واجتازت هذه الشّهرة الحدود فكثر عشّاقه؛ وأعجب به أحبّاء الغناء في الجزائر وقسنطينة وعنّابة. وبلغ ذكره الوسط الفنّي بمصر. وهو ما أدّى بالفنّان المصري زكي مراد والد المطربة ليلى مراد إلى زيارة الشّيخ العفريت بتونس.

– وقد زار الشّيخ العفريت الجزائر، وأقام بها بعض الحفلات الغنائية. وتحوّل إلى باريس لتسجيل أغانيه على إسطوانات من عيار ثمان وسبعين دورة. ويذكر ابنه شمعون أنّ والده تلقّى ثمانية آلاف فرنك مقابل عشرين أغنية سجّلها. وقد رافقه طاقمه الموسيقي في رحلته الباريسيّة. ثم تكرّرت رحلاته إلى باريس لتسجيل أغانيه. ويذكر الابن كذلك أنّ والده سجّل ما يقارب المائة وخمسين أغنية في عدة إستوديوهات. ولم يكتف الشّيخ العفريت بالتّسجيل في باريس بل سجّل كذلك أغانٍ في إستوديوهات بألمانيا وأخرى بتونس. وتوجد جلّ التّسجيلات على إسطوانات بالإذاعة التونسية، لكنّ الحرب العالمية الثانية دمّرت بقنابلها جزءا من المبنى القديم للاذاعة. فأصيبت واندثرت بعض التّسجيلات، كما توجد بإذاعة الجزائر العاصمة وبالقسم العربي لهيئة لاذاعة البريطانية تسجيلات أخرى.

– غنّى الشيخ العفريت في اغلب الأحيان من رصيد التراث الشعبي التونسي وكذلك من المالوف التونسي ثم أصبح ينظم الشعر ويلحن بنفسه الى جانب ملحنين من عصره مثل : موريس عطون، وغاسطون بصيري، موريسين يعيش، أشير مزراحي، كليمان بصيري، وموسى عطون الذي اشتهر باغاني «شفتك مرة متعدية» و«انا متهوم ولازم نندم».

– وفي سجل الشيخ العفريت ما يقارب المائة اغنية او ما يزيد. ومن أشهر أغانيه “في البريمة”، “آش بيك غضبانة”، “انا ما ذابي”، “سيدي خويا لا يقلله”، “النكد والغصة يا فاطمة”….

– سمع أحمد باي الثاني باي تونس بهذا المطرب، فدعاه إلى الغناء بقصر باردو مع فرق أخرى كل يوم ثلاثاء من الثامنة والنصف ليلا إلى الحادية عشرة والنصف ليلا. فأعجب به الباي؛ وتقديرا له قلّده وسام الافتخار. وأجرى الباي عليه وعلى كامل أعضاء فرقته مرتّبا شهريّا وهو ما شجعهم على المزيد من الانتاج الفني. ويذكر لالو فلوس (وهو من تلامذة الشيخ العفريت) أنّ الأغاني التي كانت تغنّى للباي كان أغلبها في غرض المديح. وكان الباي يطلب أن يقدم له الشّعر المغنّى مكتوبا في آخر كلّ سهرة ليحتفظ به. وقد شارك في هذه السهرات الفنية والشعرية الشّاعر جمال الدين بوسنينة.

– استمرّ الشّيخ العفريت وفرقته في إقامة الحفلات الفنية في قصر الباي إلى أن أصيب بمرض السلّ وتوفّي بأريانة يوم 26 جويلية 1939، وودعت تونس بذلك اشهر واقدر المطربين التونسيين الذين تركوا في الساحة الفنية بصمة واضحة المعالم.

المصدر :
* فاروق الشعبوني، الشيخ العفريت، مطرب تونس، المطبعة العربية، تونس، 1991.

# أسامة الراعي #

Loading

أسامة الراعي

متحصل على : شهادة الأستاذية في التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *