علي بن غذاهم : قائد انتفاضة سنة 1864.

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

توفي في مثل هذا اليوم 10 أكتوبر من سنة : 1867 – علي بن غذاهم، قائد إنتفاضة 1864.

  • علي بن محمد بن غذاهم الماجري، من عرش أولاد مساهل، من قبيلة ماجر : ولد سنة 1814 – توفي في 10 أكتوبر 1867 بكرّاكة حلق الوادي، (53 سنة).
  • قاد علي بن غذاهم الإنتفاضة الشعبية العارمة التي اندلعت سنة 1864 ضد نظام محمد الصادق باي وقد سميت على اسم قائدها علي بن غذاهم.
  • كان السبب المباشر لاندلاعها هو مضاعفة الدولة لضريبة المجبى من 36 ريالا إلى 72 ريالا تونسيا…
  • تمردت عدة قبائل في وسط وغرب البلاد وامتدت الإنتفاضة لتشمل عدة مناطق في الساحل والجنوب. وقد دامت عدّة أشهر لكن قوات الباي تمكنت في نهاية المطاف من القضاء عليها.
  • وإذا عدنا إلى ربيع 1864 وجدنا أنّ جملة من العوامل مهدت لنهاية انتفاضة علي بن غذاهم. فقد دبّ الخلاف في البداية بين متزعّم الإنتفاضة وقائدها في غرب البلاد علي بن غذاهم، وبين الرّجل الثّاني فيها : فرج بن دحر الريّاحي، الذّي امتدّت يده بالنّهب وإخافة السّبل ممّا إضطرّ علي بن غذاهم إلى مراسلته وتحذيره ثمّ إلى التّبرّئ منه.
  • ثمّ إنّ بعض القبائل استغلّت ظروف الثّورة وعموم الفوضى لمهاجمة خصومها في إطار تصفية خلافات قديمة، من ذلك ما جرى بين قبيلتي «جلاص» و«أولاد
    سعيد»، وهو ما ساهم في تفكيك وحدة
    الثّائرين ومكّن محلّات الباي وجنده من السّيطرة على تحرّكات عديد القبائل.
  • كما ساهمت الوساطة التّي قام بها شيخ الطّريقة الرّحمانيّة مصطفى بن عزّوز بين الباي والثّوار في إخماد نار تلك الثّورة، فقد اجتمع هذا الشيخ بعلي بن غذاهم وأبرز أتباعه وأنصاره من أعيان القبائل الثّائرة ومشايخها بعد أن أخذ لهم الأمان من الباي، وأسفرت هذه الوساطة على إسقاط الضّريبة إلى 10 ريالات فحسب بعدما تضاعفت من 36 إلى 72 ريالا، وعلى إسقاط نصف ضريبة العشر.
  • يضاف إلى ذلك كلّه ظهور أطماع شخصيّة لدى علي بن غذاهم الذّي طلب من الباي – فضلا عن الأمان لإخوته وقومه ولخاصّة نفسه – تمكينه من هنشير الرّوحيّة وتسمية أخيه عبد النّبيّ «قايدا» على ماجر وتسمية عدد من أتباعه وأقاربه
    “عمّالا” و”شيوخا” في عدّة قبائل. وقد أجابه محمّد الصّادق باي على كلّ ذلك بالقبول والموافقة.
  • وهكذا لم ينته شهر جويلية من سنة 1864 (أي بعد أربعة أشهر على اندلاع الإنتفاضة) حتّى بدأ الأمر يستتبّ للباي وأمراء محلّاته وعمّاله في الجهات.
  • إلّا أنّ بعض الأحداث كانت تنبئ بتراجع الباي عن الأمان الذّي أعطاه لعليّ بن غذاهم وسائر القبائل الثّائرة ونقضه لما وقع إبرامه على يد الشّيخ مصطفى بن عزّوز، وذلك على سبيل معاقبة أولئك الذّين خرجوا عن طاعته وتمرّدوا عليه وإمعانا في «تأديبهم».
  • ولعــلّ أهــمّ هــذه الأحداث مهاجمة المحلّة التّي كان يقودها إسماعيل صاحب الطّابع أهالي عرش «ونيفة» بالكاف الذّين كانوا قد اغتالوا عامل الكاف الأمير فرحات في أفريل 1864.
  • وأمّا الحدث الثّاني فهو انضمام بعض أتباع علي بن غذاهم إلى محلّة أمير الأمراء رستم بعد أن استمالهم هذا الأمير وساسهم وأكرمهم وأحسن معاملتهم فرأى علي بن غذاهم في ذلك محاولة لشقّ صفوف العروش التّي وحّدتها الثّورة من أجل إضعاف جانبه والإجهاز عليه. فعاد إلى محاربة هذه المحلّة، ولكنّها سرعان ما تغلّبت عليه ففرّ ناجيا بنفسه إلى الجزائر صحبة إخوته، كما فرّت عروش “ونيفة” إلى أرض الجزائر لقربها من منازلهم.
  • ولكن كيف تمّ القبض على علي بن غذاهم وهـو على ذاك النّحــو من التّوجّس والاحتراز إزاء الأمان الذّي أعطاه الباي للثّوار؟
  • إنّ الأمـر يتعلّق بحادثة جزئيّة ولكنّها حاسمة بالنّسبة إلى مسار الإنتفاضة وإلى مصير قائدها، وقلّما توقف المؤرّخون عند هذه الحادثة على أهمّيتها التّاريخيّة وعمق دلالاتها. غير أنّنا نجد أنّ أحمد بـن أبي الضّياف أشار إليها وفصـّل القول في رواية وقائعها في«إتحافه».
  • ففي شهر ديسمبر 1865، دخل علي بن غذاهم إلى تونس متخفّيا واستجار بأهله في منطقة جبل الرّقبة من بلاد ماجر. ولم يكن هذا الأمر ليخفى على الباي إلّا أنّه تستّر على هذا الخبر خشية أن يلتفّ النّاس مجدّدا حول علي بن غذاهم، ثمّ استمال أعيان جبل الرّقبة ووعدهم بجزيل الأموال سرّا إذا ساعدوه على التمكّن من بن غذاهم.
  • وبقي علي بن غذاهم في مكمنه تحت جناح الاختفاء حتّى بلغه أنّ الوليّ محمّد العيد التّماسيني أحد أتباع «سيدي أحمد التّيجاني» قادم لتونس من صحراء الجزائر ليركب منها البحر إلى الحجّ، فخرج عندئذ من مكمن اختفائه ولاذ به وطلب منه الشّفاعة عند الباي، فأنزله الشّيخ معه في خيمته ووعده ببذل الجهد والجاه في الشّفاعة له، فقد قال له: «أنت على كلّ حال أتيت تائبا طائعا من قبل أن يقدروا عليك وسأبذل جهدي وجاهي في الشّفاعة».
  • ولكـنّ الخبر لم يفتأ أن بلغ إلى الباي الذّي علم سريعا (وقد استمال أعيان جبل الرّقبة كما قدّمنا) بأنّ علي بن غذاهم في حمى الشّيخ محمّد العيد التّماسيني، فأرسل الباش حانبة الصّادق من محمّد البحري بن عبد الستّار في مهمّتين :
  • المهمّة الظّاهرة المعلنة هي التّرحيب بالشّيخ والقيام بواجب الاستقبال.
  • والمهمّة الحقيقيّة هي القبض على علي بن غذاهم.
  • وهكـذا خرج الصّادق البحري في جمع من أصحابه للإتيان بعلي بـن غذاهم فأدركوا موكب الشّيخ محمّد العيد بمنطقة خلاّد من عمل تبرسق فطوّقوا المكان كأنّهم
    في حالة حرب، ودخل باش حانبة لتبليغ
    السّلام من الباي إلى الشّيخ وأمر من معه بالقبض على علي بن غذاهم من حيث لا يشعر الشيخ.
  • وبذلك اقتيد علي بن غذاهم إلى باردو في 1 مارس 1866 بعد أن عُومل “معاملة اللّئيم إذا قدر” على حدّ عبارة ابن أبي الضّياف.
  • سُجن علي بن غذاهم بسجن باردو، لكنه لم يبقى به طويلا، إذ نقله الباي في 29 أفريل 1866 إلى سجن الكرّاكة بحلق الوادي عندما توجّه بأهله وخاصّته هناك على عادته في الصيف.
  • ومكث بن غذاهم في غياهب الكرّاكة في أسوا حال إلى أن توفيّ يوم الخميس 10 أكتوبر 1867، وتشير أغلب المصادر أنه مات مسموما.

أسامة الراعي

Loading

أسامة الراعي

متحصل على : شهادة الأستاذية في التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *