الشاذلي بو يحي : أكاديمي تونسي.

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

توفي في مثل هذا اليوم 20 أكتوبر من سنة : 1997 – الشاذلي بويحيى، أحد روّاد التّعليم العالي في تونس وقامة فارعة من قامات الجامعة التّونسيّة على امتداد أكثر من أربعين سنة وعَلما من الأعلام الذّين ساهموا في إشعاع تونس العلميّ.

  • الشّاذلي بو يحيى : وُلد سنة 1918 – توفي في 20 أكتوبر 1997، (78 سنة).
  • ولد بمدينة سوق الإربعاء (جندوبة) لأب أصيل منطقة الجريد وأمّ تنحدر من أصل جزائريّ، زاول تعليمه الابتدائيّ بجندوبة والثّانوي بالصّادقيّة والعالي بباريس توَّجَه بالحصول على الإجازة في العربيّة سنة 1943 فالتّبريز سنة 1949، وأخيرا دكتوراه الدّولة سنة 1969.
  • ولعلّ أوّل ما يلفت في سيرة الأستاذ الشّاذلي بو يحيى وفاؤه الشّديد للتّعليم عامّة وللجامعة التّونسيّة على وجه الخصوص، فلم يتقلّد مناصب إداريّة لا في ميدان التّربية ولا في غيره من الميادين، ولم يضطلع بمسؤوليّات تحول دونه ومباشرة التّدريس. وقد أنفق في فصول العلم ومدرّجات الجامعة 42 سنة كاملة منها 10 سنوات بالتّعليم الثّانوي (من 1943 إلى 1953) 32 سنة بالتّمام والكمال في التّعليم العالي (من 1953 إلى 1985).
  • ولئن أجبرته قوانين الوظيفة العموميّة على التّوقّف عن التّدريس مكرها بعد الإحالة على شرف المهنة -ولم يرض عن ذلك ولم يطب به خاطره- فإنّ نشاطه العلميّ والأكاديميّ لم ينقطع حتّى وفاته، إذ واصل الإشراف على أطروحات دكتوراه الدّولة والمشاركة في لجان المناقشة حيث ناقش آخر الأطروحات التّي أشرف عليها يوم 13 أفريل 1994 وهو في السّادسة والسّبعين من العمر، ولعلّه امتياز ينفرد به ويرفعه إلى مرتبة أولئك الذّين نذروا الحياة كلّها للعلم.
  • وممّا يُميّز سيرة الأستاذ الشّاذلي
    بو يحيى أنّه وقف حياته على خدمة التّعليم العالي ومؤسّساته في تونس حتّى قبل تأسيس الجامعة التّونسيّة. فقد كان قبل الاستقلال، صحبة محمود المسعدي من المدرّسين التّونسيّين القلائل بمعهد الدّراسات العليا وذلك منذ سنة 1953.
  • ولمّا تأسّست دار المعلّمين العليا وانطلق التّدريس بها في بداية السّنة الجامعيّة 1956-1957 كان من الأساتذة المبرّزين الذّين تمّ إلحاقهم بالدّار صحبة الشّاذلي القليبي ومحمّد الطّالبي وفرحات الدّشراوي. وحظيت امتحانات آخر السّنة بحضور عميد الأدب العربيّ طه حسين فاضطلع الأستاذ الشّاذلي بو يحيى بمهمّة مساعدته في الإشراف على تلك الامتحانات.
  • وبعد تأسيس الجامعة التّونسيّة في 1958 كان من الدّفعة الأولى لأساتذة قسم العربيّة بكليّة الآداب والعلوم الانسانيّة وقد ضمّت أحمد عبد السّلام، محمّد الطّالبي، فرحات الدّشراوي وصالح القرمادي، ثمّ التحق بهم في السّنة الجامعيّة (1963 – 1964) عبد القادر المهيري ومنجي الشّملي ومحمّد عبد السّلام والحبيب الشّاوش وعبد المجيد التّركي. وفي تلك الأثناء ساهم صحبة أحمد عبد السّلام في تأسيس مجلّة أكاديميّة رائدة كان لها أثر بعيد في الحركة العلميّة بالجامعة وهي «حوليّات الجامعة التّونسيّة»، وتولّى الأستاذ الشّاذلي بو يحيى إدارة تلك المجلّة لفترة طويلة من 1969 إلى 1985 ثمّ أصبح بعد التّقاعد مديرا شرفيّا لها وعضوا في هيئة تحريرها إلى تاريخ وفاته.
  • من مناقب الأستاذ الشّاذلي بو يحيى أنّه كان مؤمنا بقيمة الإسهام التّونسيّ في إغناء الثّقافة العربيّة وبأهميّة الإضافة التّونسيّة إلى التّراث الإنسانيّ، ذلك أنّه كان صاحب مشروع علميّ متكامل يرمي إلى إبراز مكانة تونس الأدبيّة ومنزلة الأدب التّونسيّ في مختلف عصوره، فقد جعل موضوع أطروحة دكتوراه الدّولة التّي تقدّم بها إلى جامعة باريس- السربون حول “الحياة الأدبيّة بإفريقيّة في عهد بني زيري”، ثمّ استكمل هذا المشروع من خلال توجيه ثلاثة من الأساتذة الباحثين إلى إنجاز أطروحات دكتوراه دولة حول الحياة الأدبيّة بإفريقيّة في عهود سابقة للدّولة الصّنهاجيّة ولاحقة بها.
  • وعلى هذا النّحو أشرف على أطروحة للأستاذ محمّد المختار العبيدي حول «الحياة الأدبيّة بإفريقيّة في عهد بني الأغلب»، وأطروحة للأستاذ محمّد توفيق النّيفر حول «الحياة الأدبيّة بإفريقيّة في العهد الفاطمي»، وأطروحة للأستاذ أحمد الطّويلي حول «الحياة الأدبيّة بتونس في العهد الحفصي (981هـ/1574م)».
  • فإذا ألّف القارئ بين هذه الأطروحات الأربع وجدها تُغطّي ثمانية قرون (من القرن 2هـ إلى القرن 10هـ) من التّاريخ الأدبيّ التّونسيّ وتُعرّف بجلّ أعلامه وما أنتجوه من آثار مختلفة في الشّعر والنّثر والنّقد الأدبيّ.
  • وتُضاف إلى ذلك كلّه الجهود التّي بذلها الأستاذ الشّاذلي بو يحيى في تحقيق المخطوطات التّونسيّة وتقديم الكتب المتّصلة بالأدب في تونس، فقد حقّق كتاب ابن رشيق القيرواني «قراضة الذّهب في نقد أشعار العرب»، وكتاب محمّد القروي «حادثة جويّة على الاستطلاعات الباريسيّة»، وقدّم كتاب «ورقات عن الحضارة العربيّة بإفريقيّة التّونسيّة لحسن حسني عبد الوهاب» بأجزائه الثّلاثة، وكتاب «تاريخ إفريقيّة والمغرب» للرّقيق القيرواني وغير ذلك كثير.
  • ولم يقصر اهتمامه بالأدب التّونسي على عصوره القديمة فحسب بل عُرف للأستاذ الشّاذلي بو يحيى اهتمام خاصّ بعدد من الأدباء التّونسيّين المعاصرين من ذلك عنايته بأدب أبي القاسم الشّابّي ومحمّد الحليوي تشهد على ذلك مقالاته المتنوّعة عن «شاعريّة» الشّابّي وتقديمه لبعض مؤلّفات الحليوي.
  • اشتهر بقدرته الخارقة على المجادلة والخصام العلميّ وبراعته الفائقة في الحجاج والمنافحة اللّذين ينتهيان إفحاماً
  • كما عُرف الأستاذ الشّاذلي بو يحيى في الأوساط الجامعيّة بصرامته العلميّة في البحث والتّدريس وحرصه الفائق على التّدقيق والتّحقيق، فقد كان عالما مُدقّقا يُلازم في البحث الأناة والصّبر ويُصاحب في العلم الصّرامة والجدّ.
  • وقد أهّلته هذه الخصال لأن يُدعى إلى إلقاء دروس بجامعات أجنبيّة عديدة فدرّس بجامعة السّربون بباريس من 1982 إلى 1984 وألقى دروسا مؤقّتة بجامعة الجزائر (1965) وبجامعتي الرّباط وفاس بالمغرب (1968) وجامعة باريس الثّامنة Vincennes (1973 و1976) والجامعة اللّبنانيّة وجامعة بيروت العربيّة (1974) ودار المعلّمين العليا بنواكشوط (1975).

أسامة الراعي

Loading

أسامة الراعي

متحصل على : شهادة الأستاذية في التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *