الامهات العازبات في تونس : صرخة من اعماق المجتمع

شارك اصدقائك الفايسبوكيين


″حدث في تونس ..العثور على رضيعة في مكب نفايات ″،″الملاسين :العثور على جثة رضيعة ″،″جريمة بنزرت تبوح بأسرارها : قتلت رضيعتها الغير شرعية خوفا من الفضيحة ″ .. هذه عينة بسيطة عن بعض العناوين الي تهز الراي العام في تونس بين الفترة و الاخرى . عناوين تعكس معاناة يومية لفتايات انقلبت احلامهن الى كوابيس لأسباب مختلفة لكن النتيجة واحدة في مجتمع لا يرحم .
في تونس كجل الدول العربية نتحدث فقط عن الام العزباء و لا وجود لمصطلح الاب الاعزب ..الاب الشريك في علاقة ⁻يحرمها الدين و ترفضها القيم الاجتماعية ⁻ لكنه رغم ذلك يدخل المغامرة دون خوف بما انه ينال حظه من ″اللذة″ و لا يحاسب على النتائج لتجد الفتاة نفسها في حالة ″وقوع الحمل ″وحدها في مجابهة مخاطر النفق المظلم الذي ستدخله منذ ان يدخل الجنين احشائها . و رغم الحقوق المغيبة للام العزباء و الجرائم المرتكبة جراء هذه الوضعيات الا ان العدد في ارتفاع خاصة في الوسط الريفي حسب الدراسات الرسمية .
ففي سنة 2005 افادت الاحصائيات بان هناك 1200 حالة ولادة خارج اطار الزواج الشرعي لأمهات عازبات تتراوح اعمارهن بين 19 و 25 سنة و في سنة 2019 بلغت 2000 حالة ، اما سنة 2018 اكدت دراسة رسمية ان اكثر من 4 % من الامهات العازبات ينجبن مرة ثانية و بنفس الطريقة و منهن 45 % اميات .
و ضعيات من المفروض انها تحيلنا للبحث عن حلول خاصة ان الام تجد نفسها امام خيارات مختصرة اما التخلص في الطفل و دخول عالم الاجرام او الزواج من كبار السن ، و الا ستختار تركه و مواجهة نظرة المجتمع وحدها و الذي يصنفها في خانة ” العاهرات “ ، مجتمع يجردها معنويا و فعليا من ابسط حقوقها في الحياة. و هو ما خلق جدلا بين الاسلاميين الذين يرون في الاعتراف بالامهات العازبات وتاطيرهن قانونيا و اجتماعيا هو تشجيع على الفاحشة ، و بين الحقوقيين الذين يؤكدون على ان المسالة تتعلق باحترام حقوق الانسان و ضمان محيط ملائم ″للطفل ″ الذي سيحمل منذ ولادته وزرا لن يفارقه مدى الحياة بداية من معاناة امه و صولا لجلده المعنوي من قبل المحيط الذي سيعش فيه .
فرغم ان بعض القوانين حاولت ايجاد حل لمشكلة اللقب على غرار القانون الصادر في 1998 الذي يقضي بإضافة اسم عائلة للأطفال المجهولي النسب و توسيعه بقانون 2003 باسناد لقب مستعار ،و صولا الى امكانية اسناد الام كامل هويتها لابنها في حال وجود نزاع
الا ان اوضاع الامهات العازبات بقية معقدة في غياب قوانين تحمي هذه الشريحة ليبقى الحال على ما هو عليه الى اجل غير مسمى . فتبقى تونس تغرد خارج سرب تطورات المفاهيم الدولية و بالتالي القانونية و الاجتماعية .لان الحديث اليوم عن الامهات العازبات اصبح في الغرب له مقاييس جديدة نظرا لتطور العلم و التوجه للاخصاب الصناعي في حال عدم رغبة الفتايات في الزواج مثلا ، او تأجير الارحام او اختيار التواجد في علاقة معلنة و الانجاب دون زواج . اين بلغت نسبة المواليد خارج اطار الزواج في الاتحاد الاوروبي لاكثر من 15 % سنة 2000 و تكشف مراكز الاحصاء لزيادة سنوية ب 1 % منذ بداية القرن ال21 و كانت اكبر نسبة في فرنسا ب 59 % و الامهات تعشن حياة عادية مع تمتع الاطفال بكل الحقوق .
فما المشكل في مجتمعاتها رغم انفتاحها على العالم ؟ و ماهي مقاييس و حدود قبول الاخر ؟ و اين تنتهي الشعرة الفاصلة في احترام الدولة لمواطنيها و التشبث بقيمها دون المساس بحقوق الانسان في حرياتهم ؟

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *