خلال الندوة الوطنيّة “الأسرة التونسيّة: الآليّات الوطنيّة للمرافقة والحماية”، مجابهة الانقطاع المدرسي وحماية الأطفال من السلوكيّات المحفوفة بالمخاطر

شارك اصدقائك الفايسبوكيين
تحظى الأسرة وكافة أفرادها بمنزلة استراتيجيّة ضمن مشروع تونس المجتمعيّ والتزام الدولة التونسيّة بتعزيز قدرات الأسرة وحمايتها ودعم استقرارها وتوازنها، طبقا للدستور التّونسي الذي نصّ في فصله الثّاني عشر على “أنّ الأسرة هي الخليّة الأساسية للمجتمع وعلى الدولة حمايتها” حيث تعيش مؤسسة الأسرة في كل المجتمعات اليوم تغييرات عميقة ومتسارعة انعكست على العلاقات داخل الأسرة وتنامي الفردانيّة وارتفاع نسب الطلاق ومؤشرات العنف، ذلك ماأشارت إليه وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ، السيدة آمال بلحاج موسى لدى إفتتاحها صباح السبت 16 مارس 2024، أشغال الندوة الوطنيّة حول “الأسرة التونسيّة: الآليّات الوطنيّة للمرافقة والحماية”مؤكدة أنّ الوزارة تسعى عبر الآليات المختلفة للاضطلاع بدورها الاجتماعي إزاء الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن والمحافظة على تماسك الأسرة عبر التوعية من خلال برنامج التمكين الاجتماعي للأسر في 19 ولاية والذي استهدف ما يناهز 71 ألف أسرة منذ إحداثه و 10 آلاف أسرة خلال سنة 2023 وسيشمل سنة 2024 ولايات بن عروس وتونس وتطاوين ونابل.
نحو إحداث 11 فضاء نموذجيّا للأسرة يضمّ روضة أطفال ونادي نهاري لكبار السن:
و للإشارة فإنه في إطار العناية بالطفولة ورعاية كبار السن ومساعدة الأسر يتم العمل على إحداث 11 فضاء نموذجيّا للأسرة يضمّ روضة أطفال ونادي نهاري لكبار السن وفضاءات للأسرة والمرأة، حيث انطلقت أشغال ثلاثة فضاءات بدوار السلاطنية بسيدي بوزيد والسواسي بالمهدية والمطوية بقابس على أن تكون جاهزة موفى السنة الحالية، و إحداث مركزين جديدين للإرشاد والتوجيه الأسري سينضافان إلى 4 مراكز أخرى بحي التضامن بأريانة وغار الدماء بجندوبة وباجة وتطاوين تقدم خدمات التعهد النفسي والإرشاد والمرافقة القانونية والوساطة العائلية والتربية الوالدية والتعريف بآليات التمكين الاقتصادي للنساء والفتيات والأسر…
و من بين المحاور التي تم طرحها خلال اللقاء ،التمكين الإقتصادي و آليات الوقاية و الحماية و آليات مساندة الأسرة و حماية أبناءهم كذلك آليات حماية كبار السن الفاقدين للسند و مرافقتهم و تم إبراز دور قاضي الأسرة في مرافقة و حماية الأسرة و عرض حول المنظومة التربوية و حماية الأسرة بالإضافة إلى تقديم آليات مرافقة الأسرة و حمايتها من منظور ثقافي و كذلك التعريف بآليات المرافقة و الحماية الإجتماعية. كما تم التأكيد على أهمية ترسيخ القيم الإنسانية لحماية الأسرة وإبراز الجهود القائمة لمجابهة الانقطاع المدرسي وحماية الأطفال من السلوكيّات المحفوفة بالمخاطر وكذلك تقديم لعيّنة من تجارب الأطراف المتعدّدة في حماية الأسرة وتنمية أواصرها.
مساندة الأسر وحماية أبنائهم:
واعتبارا للدور الأساسي لرعاية الطفولة فإنه خلال مداخلته حول “مساندة الأسر وحماية أبنائهم”، أكّد المدير العام للطفولة السيّد سمير بن مريم أنّ الوزارة تعمل على تكريس حقّ كل الأطفال دون تمييز في الرفاه والنّماء داخل محيط أسريّ متوازن، من خلال وضع جملة من السّياسات والاستراتيجيّات من أهمّها برامج النّهوض بالطّفولة المبكّرة من ذلك برنامج الرّوضة العموميّة بإحداث 49 روضة عموميّة إلى حدود 2023، وبرمجة إحداث 20 روضة عموميّة جديدة سنة 2024 وبرنامج روضتنا في حومتنا الذي استفاد منه 20 الف طفل سنة 2023 مقابل 15 الف طفل سنة 2022 ومن المبرمج انتفاع 25 ألف طفل سنة 2024 و30 ألف طفل سنة 2025، إلى جانب برنامج إعادة إحياء رياض الأطفال البلديّة وبرنامج الدّمج التّربوي لأطفال طيف التّوحّد ضمن مؤسّسات الطّفولة المبكّرة.
نجاح المدرسة في دورها الحمائيّ يكمن في إقرار الحقّ في جودة التعليم :
من جانبها أوضحت المتفقّدة بوزارة التربية السيّدة صالحة حيوني في مداخلتها حول “المنظومة التربويّة وحماية الأسرة ايّ دور؟ أهمية المدرسة والدور المحوريّ التي تلعبه في تربية الناشئة والتي أصبحت تضطلع بمنظور جديد اجتماعي يساهم في تهيئة الأطفال للحياة والتفكير والعيش التشاركي لتجعل من الطفل عنصر صالح وفاعل في المجتمع، مبيّنة دور المدرسة في حماية الأسرة من خلال إدراج محاور تعليمية تثمن القيم الأسرية التي تبني دعائم الأسرة وتحافظ على توازنها واستقرارها وتعمل على ترسيخها لدى الأطفال من خلال محتويات بعض الموادّ أو المحاور التعليميّة. وبينت أنّ نجاح المدرسة في دورها الحمائيّ يكمن في إقرار الحقّ في جودة التعليم التي تمثل ضمانة لاستمرار المُتعلم داخل أسوار المدرسة وتأمين مستقبله وحمايته من كلّ أشكال الجنوح، وضرورة ملاءمة الزمن المدرسيّ مع الزمن الاجتماعيّ، كما أشارت إلى أهمية الشراكة الحقيقية مع الأولياء ومع المؤسسات المعنية جميعا.
الثقافة من أهم الآليات لحماية العائلة ومرافقتها:
ودوما في نطاق بالعناية بالناشئة والأسرة أولت وزارة الشؤون الثقافية أهمية كبيرة للأسر من خلال استراتيجياتها وسياساتها الثقافية من خلال تأثيث فعاليات وإنجاز برامج موجهة للأسرة والمرأة باعتبار أنّ الثقافة من أهم آليات لحماية العائلة ومرافقتها، لذلك اعتمدت وزارة الثقافة آليات في مجال الأسرة على غرار النوادي الثقافية وهي من الآليات الأساسيّة لتمكين الطفل من الانفتاح على مجالات الفن والإبداع وتساعد على بناء الشخصية المتوازنة والمتزنة وصقل المواهب باعتبارها إحدى الوسائل الناجعة لتحقيق الاندماج في المجتمع و الضامنة لاستقرار الأسرة.ذلك ما جاء في مداخلة مدير الشؤون الجهوية بوزارة الشؤون الثقافية ، السيّد ذاكر العكرمي.
وبدورها تحرص وزارة الشؤون الدينيّة على تأهيل الواعظات وتربية الأطفال البالغ عددهم 56 ألف طفلا في 2002 كتابا على القيم الاسلاميّة وعلى الحفاظ على التماسك الأسري، إلى جانب تأمين 16 حملة تحسيسيّة لفائدة 350 وليّا في فضاء مهيئ بجربة بولاية مدنين في إطار برنامج التربية الوالديّة التي تنفذه وزارة الأسرة. حيث أفادت مديرة التوجيه والتكوين الديني بوزارة الشؤون الدينيّة السيّدة سنية الدريدي، في مداخلتها “أهميّة ترسيخ القيم الانسانيّة لحماية الأسرة” أنّ آليات الوزارة تستهدف الفكر والعقلية بالتوعية من خلال الخطاب الديني الداعي إلى الحفاظ على تماسك الأسرة والمجتمع
وعن جملة التدابير والإجراءات المتخذة من قبل وزارة العدل حول دور قاضي الأسرة في مرافقة وحماية الأسرة ،من أهمها الدورات التكوينية لقضاة الأسرة وقضاة النيابة العمومية المكلّفين بملف التعهّد بضحايا العنف وبرامج تحسين الإرشاد القضائي التي من شأنها تسهيل المهام الموكولة لقاضي الأسرة، أشارت مستشار المصالح العمومية بمكتب التخطيط بوزارة العدل السّيدة نجلاء قربصلي في مداخلتها حول “دور القاضي في مرافقة وحماية الأسرة”إلى أهميّة دور المُصَالح العائلي الذي وقع التنصيص عليه من قبل المشرّع ومزيد تعزيز دوره كآلية تساهم في حماية الأسرة من مختلف المتغيرات الجديدة، إلى جانب العمل على تقليص آجال توفير الحماية للمرأة ضحية العنف والبتّ في القضايا.مشيرة كذلك إلى دور قاضي الأسرة في مرافقة وحماية الأسرة من خطر الانهيار بسبب الانفصال بين الزوجين وذلك من خلال تقديم الإطار التشريعي العام المنظّم لهذا المجال والذي يضمنه الدّستور التّونسي والاتفاقيات الدولية، مثمّنة مجلة الأحوال الشخصية وعراقة سياسة الدولة التونسيّة في حماية الأسرة والنهوض بالمرأة ومناهضة التمييز.
تأمين محيط طبيعي ومناخ أسري لكبار السّنّ والأشخاص ذوي الإعاقة يوفّر لهم العيش الكريم:
وعن آليّات حماية كبار السّنّ الفاقدين للسّند ومرافقتهم، بيّن كاهية مدير بإدارة كبار السنّ السيّد خالد المطوسي مكونات الاستراتيجيّة الوطنيّة متعدّدة القطاعات لكبار السّنّ 2022-2030، ومن ذلك برنامج الإيداع العائلي الذي يتمثّل في التكفّل بمسنّين فاقدين للسّند العائلي من قبل أسر بديلة وذلك لتأمين محيط طبيعي ومناخ أسري يوفّر لهم العيش الكريم، مشيرا إلى تطوّر عدد كبار السّن المكفولين المنتفعين ببرنامج الإيداع العائلي من 148 مسنّا ومسنّة سنة 2022 إلى 366 مسنّا ومسنّة خلال الثلّاثي الأوّل من سنة 2024 أي بنسبة زيادة قدّرت بــــ 147,29 %، كما بلغ مقدار المنحة الشّهريّة المسندة للأسرة الكافلة للمسنّ المعوز 350 د بعدما كانت 200 د. وأضاف أنّ الفرق المتنقلة لتقديم خدمات الرّعاية الصّحيّة والاجتماعيّة بالبيت قد بلغ عددهم 40 فريقا إلى حدود شهر فيفري 2024 مقابل 25 فريقا في خلال نفس الفترة من سنة 2023
وبخصوص برنامج إيداع الأشخاص ذوي الإعاقة فاقدي السند لدى أسر بيّنت ممثلة وزارة الشؤون الاجتماعيّة، السيدة منى بوشلغومة أنه خلال سنة 2023 بلغ عدد المعاقين المتكفل بهم 310 وعدد الأسر الكافلة 298 باسناد منحة تكفل تقدر بـ 350 دينار شهريا بهدف إبقاء الشخص ذي الاعاقة قدر الإمكان بمحيطه الطبيعي.كما قدّمت آلية الوساطة العائليّة الت تهدف إلى إعادة الإدماج الأسري وحماية الأسرة وأفرادها من التفكّك والتصدّع حيث تمّ سنة 2023 التدخّل لفائدة 5330 وضعيّة تعيش صعوبات علائقيّة متعهّد بها من قبل مراكز الدفاع والإدماج الاجتماعي ووحدات الدفاع الاجتماعي من بينها 1044 أسرة و92 وضعيّة تشكو خلافات زوجيّة.
و للإشارة فأنّه في إطار منظومة “الأمان الاجتماعي”فقد بلغ عدد المنتفعين 340 ألف انتفعوا بالمنحة المالية الشهرية للأسر الفقيرة في موفّى سنة 2023 ويبلغ عدد الأسر الفقيرة المنتفعة بمجانية العلاج والإقامة بالهياكل الصّحية العمومية خلال سنة 2024 حوالي 345 ألف عائلة، وتنتفع حوالي 620 ألف عائلة محدودة الدخل بالعلاج بالتعريفة المنخفضة وانتفع 156418 طفلا البالغين عددهم بين 0-5 سنوات إلى غاية ديسمبر 2023 بالمنحة العائلية وحوالي 217157 أسرة إنتفعت بالمنحة العائلية لفائدة 422542 طفلا في الفئة العمريّة 6-18 سنة.
مقاربة وقائية شاملة موجهة إلى جميع أفراد الأسرة من خلال خدمات مجانية ومندمجة:
هذا وقد مثل هذا اللقاء مناسبة لمختلف المتدخلين للمساهمة وتقديم البرامج والمقترحات حول الآليّات الوطنيّة للمرافقة والحماية للأسر حيث تم تسجيل حضور ومشاركة الرئيس المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري ، السّيد محمد الدّوعاجي والمدير العام للمعهد الوطني للإحصاء ، السيّد عدنان لسود ورئيس المنظمة التونسيّة للتربية والأسرة السيّد محمود مفتاح وممثلين عن وزارات العدل والشؤون الاجتماعية والصحة والتربية والشؤون الدينية والشؤون الثقافيّة وعدد من المنظمات والجمعيات الناشطة في المجال الأسري
ومن بين المداخلات كذلك أشار الرئيس المدير العام للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري أنّ الديوان يواكب التغيرات التي تشهدها الأسرة، وأنّه وفق الدراسات المنجزة تمّ تسجيل عزوف عن تكوين الأسر ذات الفئة العمرية المتراوحة بين 18 و29 سنة وارتفاع نسب الطلاق وحالات العنف ضد المرأة، داعيا إلى التفكير في وضع الآليات الكفيلة الداعمة لمؤسسة الأسرة والتخفيف من وطأة الظواهر الاجتماعية.مؤكدا جهود الديوان للمحافظة على استقرار الأسرة والحفاظ على توازنها من خلال تنفيذ البرنامج الوطني للصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وتقديم جملة من الخدمات المعتمدة على مقاربة وقائية شاملة موجهة إلى جميع أفراد الأسرة من خلال خدمات مجانية ومندمجة وشاملة دون إقصاء وتهميش تهم الخدمات الطبيّة والإعلام والتثقيف والاتصال في كل الجهات.
وبدوره أشار المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء أنّ المعهد يعمل على توفير الإحصائيات والمؤشرات ذات الجودة والمساهمة في القراءة الموضوعيّة للواقع الأسري من مختلف الزوايا وإيجاد الحلول، مستعرضا مختلف النتائج الإحصائية التي أنجزها المعهد الوطني للإحصاء على غرار المسح العنقودي لسنة 2023 و المسح الوطني حول العنف المسلط على المرأة الذي تم إنجازه في 7 مارس الجاري، وأبرزها تراجع كل من حجم الأسرة من 5 أفراد في منتصف التسعينات إلى أقل من 4 أفراد في السنوات الأخيرة (3.8)، وتأخر سن الزواج في السنوات الأخيرة ليصبح 30 سنة بعد ما كان 24 سنة، وتراجع ملحوظ لنسبة الولادات من 225 ألف إلى 160ألف ولادة سنة 2023.
أما رئيس المنظمة التونسية للتربية والأسرة فقد أكد أهمية الإجراءات والتشريعات والقوانين التي سنتها الدولة التونسية لفائدة المرأة لتشجيعها على اقتحام كافة المجالات على غرار مجلة الأحوال الشخصية التي منحت المرأة التونسية حقوقها وبوأتها مكانة مرموقة وجعلت منها شريكا يتمتع بكامل الحقوق وعنصرا فاعلا في الأسرة والمجتمع.موضحا في هذا الإطار أن الأسرة أصبحت تواجه صعوبات وتحديات في ظل ما يعرفه العالم من تغيرات خاصة على مستوى مسؤولياتها في تأصيل القيم الأخلاقية والاجتماعية وتخليها عن تأطير الأبناء واحتضان كبار السنّ.وبالإضافة إلى مشاركة رئيس المنظمة خلال الجلسة الإفتتاحية فقد تولى عضو هيئة المنظمة التونسية للتربية والأسرة، السيد عبد الله المناعي الكلمة في إختتام الندوة أشارأنّ المنظمة أعدّت برنامجا خاصّا بمناسبة ستينية المنظمة مؤكّدا أنّ التعليم والصحة هما ركيزتان لبناء مجتمع سليم ومتوازن وأنّ صلاح الأسرة من صلاح المجتمع…

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *