في إطار الدورة 33 لشهر التراث تنظيم ندوة علمية حول التراث في جهة صفاقس تحت شعار:” بين التشريع و التثمين”

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

صفاقس / محمد رضا البقلوطي

احتضنت مدينة صفاقس الندوة العلمية حول التراث في جهة صفاقس تحت شعار” بين التشريع و التثمين” أمس بالمركب الثقافي محمد الجموسي ، وذلك في إطار الدورة 33 لشهر التراث بمبادرة من المندوبية الجهوية للثقافة بولاية صفاقس و التفقدية الجهوية للتراث بالساحل الجنوبي.
وتضمنت الندوة جلسات علمية متنوعة من ذلك حول التراث الثقافي غير المادي في تونس والتشريع وقانون الممتلكات الثقافية بين الهنات و الرهانات وتقديم مشروع مركز عرض تراث مدينة صفاقس والجهود المتواصلة لتسجيل مدينة صفاقس في لائحة التراث العالمي الواقع والتحديات كذلك إبراز خصوصيات وتفرد المتحف الأثري بصفاقس،

اعتماد التقنيات الرقمية في تثمين التراث:

و من المداخلات كذلك حول التحديد العقاري للموقع الاثري بطينة كما تم عرض حول الموقع الأثري لبرج الحصار بقرقنة بين التحديد الاثري والواقع العقاري بالإضافة الى تثمين الموقع الاثري بالرقة وابراز الاهمية التاريخية للموقع الاثري ببطرية و سبل تثمينها و في مداخلة علمية متميزة تم إستعراض التجربة في التقنيات الرقمية في التراث.
ومن بين المتدخلين الذين أثرو الحوار وقدموا المعلومات التي تفاعل معها المشاركون في الندوة اساتذة و جامعيين و خبراء في التاريخ والتراث والحقوق من ذلك الدكتور الناصر البقلوطي الباحث في التراث الثقافي غير المادي والسيدة نجيبة الزائر المديرة الشرفية للدراسات بالمعهد الأعلى للقضاء مختصة في قانون التراث والممتلكات الثقافية والدكتورة سهام القلال الباحثة بالمعهد الوطني للتراث
كما ساهم الأستاذ سفيان السويسي مهندس رئيس بالمعهد الوطني للتراث وبدورها قدمت الأستاذة سميرة عروس محافظ رئيس للتراث بالمعهد الوطني للتراث عرضا عن خصوصيات المتاحف الأثرية ومن المتدخلين في الجلسة الثانية الدكتور نبيل بالمبروك والأستاذة رجاء كريدة ووداد بن عبد الله و راشد الحمدي من المعهد الوطني للتراث فيما كانت مساهمة مالك المعزون صاحب شركة خاصة في مجال السياحة و الثقافة الإبداعية بعرض حول التقنيات الرقمية في التراث.

دعوة إلى مراجعة مجلة التراث:

وفي ختام الندوة العلمية،توجه المشاركون بعدة توصيات منها التأكيد على مراجعة مجلة التراث، وتسليط عقوبات جزرية في القضايا المتعلقة بالمساس بالتراث. كما تمت الدعوة إلى تسجيل اللهجة الصفاقسية في التراث، وإعادة إحياء بعض الحرف اليدوية التي كانت تعرف بها جهة صفاقس مثل الرسم على البلور والنحاس. كما دعا المشاركون إلى الحفاظ على متحف دار الجلولي، وتثمين مشروع مركز تقديم تراث مدينة صفاقس، وإحداث وثيقة تاريخية عن مدينة صفاقس، وإيلاء أهمية للمباني التاريخية في مدينة صفاقس خاصة الايلة للسقوط. كما تم التأكيد على أهمية تربية الناشئة على المواطنة والمحافظة على التراث والهوية التاريخية الثقافية المجتمعة، وبعث جمعيات تعنى بالمحافظة على التراث وذلك في ظل إمكانيات وتدخلات الدولة المحدودة في هذا المجال

حماية التراث مسؤولية مشتركة :

تكمن أهمية الحفاظ على التراث في عدّة أمور منها: أهم المصّادر الماديّة المحسوسة للأمم التي تعطي وصفاً للنشاط البشّري الثقافيّ والاجتماعيّ لديهم. مصدر مهمّ من مصادر المعلومات، التي تجعلنا قادرين على استعادة ما فُقد في الوقت الحاضر. الوصول إلى بعض الحلول لعدد لا بأس فيه من المشكلات، ومحاولة احتوائها بطرق مختلفة من ذلك تنظيم العديد من البرامج وورشات العمل من أجل التوعية بأهمية التراث وتعليمه للأجيال القادمة. و إنشاء الدورات التدريبية التي تستهدف أدوار معينة بهدف مناقشة القضايا التي تتعلق بالتراث. كذلك إعادة التأهيل والنهوض بالتراث من خلال تنظيم العلاقة بين السياسات الوطنية وخطط العمل وتنفيذ المشاريع…
باعتبار أن التراث هو خلاصة ما خلفه الأجيال السابقة للأجيال الحالية لكي يكون عبرةً من الماضي ونهجاً يستقي منه الأبناء الدروس ليَعبُروا بها من الحاضر إلى المستقبل. والتراث في الحضارة بمثابة الجذور في الشجرة، فكلما غاصت وتفرعت الجذور كانت الشجرة أقوى وأثبت وأقدر على مواجهة تقلبات الزمان، كما أن التراث هو الإرث الذي ورثناه من الماضي، والذي ننعم به اليوم، والذي ننقله إلى أجيال الغد. ويُعتبر تراثنا الثقافي والطبيعي نبع حياة وإلهام لا بديل له.فالتراث يمثل الهُوية للمجتمعات المتعددة، فالشعب يحافظ على هُويته من خلال تراثه الثقافي المادي وغير المادي “المعنوي.” أن التراث وسيلة للتعرف على تنوع الشعوب وتطوير سياسة من أجل السلام والتفاهم المتبادل. فالتراث وسيلة لفهم التنوعات الثقافية وتمييز العلاقات الموجودة بين الشعوب.

التراث المعنوي يُتناقل من جيل إلى آخر ليُشكّل منفعةً لكلّ جيل قادم، ويُعدّ إرث الشعوب:

كما يشمل التراث الثقافي لمجتمع ما التراث المادي والتراث المعنوي الذي يُتناقل من جيل إلى آخر ليُشكّل منفعةً لكلّ جيل قادم، ويُعدّ إرث الشعوب، ومن الأمثلة على التراث المادي الأثار الملموسة كالقطع الأثرية والمباني، أمّا التراث المعنوي فيشمل الممارسات الثقافية، والفنون التمثيلية، والطقوس التقليدية… في حين يعرف التراث الطبيعي في اتفاقية التراث العالمي بأنه المعالم الطبيعية، التشكلات الجيولوجية والفيزو بيوغرافية والمواقع الطبيعية. وهو التراث ذو القيمة العالمية البارزة والمدرج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
وبالعودة إلى القانون عدد 35 لسنة 1994 المؤرخ في 24 فيفري 1994 والمتعلق بإصدار مجلة حماية التراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية فقد جاء فيه أنه يعتبر تراثا أثريا أو تاريخيا أو تقليديا كل أثر خلفته الحضارات أو تركته الأجيال السابقة كما يكشف عنه أو يعثر عليه برا أو بحرا سواء كان ذلك عقارات أو منقولات أو وثائق أو مخطوطات يتصل بالفنون أو العلوم أو العقائد أو التقاليد أو الحياة اليومية أو الأحداث العامة وغيرها مما يرجع إلى فترات ما قبل التاريخ أو التاريخ والذي تثبت قيمته الوطنية أو العالمية.ويعد التراث الأثري أو التاريخي أو التقليدي ملكا عاما للدولة باستثناء ما أثبت الخواص شرعية ملكيتهم له.
كما عرف في فصوله بالمواقع الثقافية ، المواقع الشاهدة على أعمال الإنسان أو الأعمال المشتركة بين الإنسان والطبيعة بما فيها المواقع الأثرية التي لها قيمة وطنية أو عالمية من حيث طابعها التاريخي أو الجمالي أو الفني أو التقليدي.و يقصد بالمجموعات التاريخية والتقليدية مجموعات العقارات المبنية وغير المبنية المنعزلة أو المتصلة من مدن وقرى وأحياء التي تعتبر بسبب عمارتها أو وحدتها أو تناسقها أو اندماجها في المحيط ذات قيمة وطنية أو عالمية من حيث طابعها التاريخي أو الجمالي أو الفني أو التقليدي. واعتبا ر معالم تاريخية العقارات المبنية وغير المبنية التي هي على ملك الخواص أو التابعة للملك العام والتي تعتبر حمايتها والحفاظ عليها من حيث طابعها التاريخي أو الجمالي أو الفني أو التقليدي ذات قيمة وطنية أو عالمية.كذلك يمكن حماية المنقولات بما فيها الوثائق والمخطوطات التي تشكل من حيث طابعها التاريخي أو العلمي أو الجمالي أو الفني أو التقليدي قيمة وطنية.وتتكون المنقولات من قطع مفردة أو من مجموعات.وتعرف المجموعة بأنها وحدة لا تتجزء إما لإنتسابها المشترك لمكان أصلي واحد أو لارتباطها باختيارات او بمنهج معبر عن تفكير أو سلوك او هوية أو ذوق أو معرفة أو فن أو حدث.

التجذر التاريخي لمدينة صفاقس وثراء تراثها :

و للإشارة فقد أبرزت الندوة العلمية التجذر التاريخي لمدينة صفاقس وثراء تراثها وخاصة معالم مدينة صفاقس العتيقة من ذلك القصبة، أبواب السور التاريخية، الأبراج إذ يحتوي السور على أكثر من ستين برجاً شُيدوا على مدار عصور تاريخية مختلفة، والجامع الكبير الذي يعدّ أول الجوامع التي بُنيت وأقدمها تاريخياً؛ حيث يعود تاريخ بنائه إلى تاريخ بناء السور،كما امتلأت المدينة العتيقة بصفاقس بالكثير من المعالم الدينية والمساجد والجوامع والزوايا والمصليات؛وتضمّ مدينة صفاقس العتيقة العديد من الأسواق التاريخية، وبُنيت أماكنها في البداية بتنظيمٍ معين؛ لتكون الأسواق الأهم والأرقى أقرب إلى الجامع الكبير، وأول ما بُني من هذه الأسواق هو سوق الجمعة، ويقع في وسط المدينة شرق الجامع الكبير، كما تضم مدينة صفاقس العتيقة متحفين؛ متحف القصبة ، ومتحف الفنون والتقاليد الشعبية الموجود في دار عائلة الجلولي، وهي العائلة التي أنجبت عدة أجيال من الحسينين، وهم قادة حكموا صفاقس، ويوجد هذا المتحف بالقرب من حمام السلطان . إذ تمّ بناء مدينة صفاقس العتيقة من الأحجار التي وجدت في المواقع الرومانية الأثرية المحيطة، من أهمهم: مدينة طينة، وقرية بطرية، ويُرجّح أنّ السور بُني أولاً من الطوب والطين قبل إعادة بنائه بالكلس والحجارة عام 859م، ويُرجّح أيضاً أنّ مدينة صفاقس بُنيت على مدينة رومانية قديمة كانت تسمّى تبرورة.وكانت مدينة صفاقس العتيقة تمثل كامل المدينة قبل أن تتوسع وتتكون من ثلاثة أجزاء؛ المدينة العتيقة، والمدينة الأوروبية باب بحر، وصفاقس الجديدة، ويمكن الوصول إليها عبر 12 باب كباب الديوان، وباب القصبة، والباب الغربي، والباب الشرقي بعد أن كان العدد عند التشييد ينحصر في بابين فقط ,باب الجبلي وباب الديوان
تمتد مدينة صفاقس العتيقة على مساحة 24 هكتاراً، وبُنيت على ربوة عالية، على شكل مستطيل طوله 600 متر وعرضه 400 متر، يُمثِّل الجامع الكبير، وهو قلب المدينة وأول ما أُسس منها، وكانت المدينة العتيقة بصفاقس عبارة عن تجمع سكني، وتحوي العديد من الأبواب والأبراج والجوامع والزوايا والأسواق والدور المعروفة، ويحيط بها سور مرتفع على شكل مستطيل تم ترميمه عدّة مرات، ويتكون هذا السور من شرفات ورباطات وأبراج دفاعية ومحارس.
بدأ تأسيس مدينة صفاقس العتيقة على يد الأغالبة؛ وهم سلالة عربية حكمت في إفريقية بالمغرب العربي منذ 808-900م؛ حيث قدموا إلى تلك المدينة بمنتصف القرن التاسع الميلادي؛ لتدعيم سواحلها؛ لذلك قاموا ببناء برج صفاقس، والمعروف الآن بمتحف القصبة، وحين تطورت الحياة حول البرج، جاءت فكرة التأسيس؛ حيث تم تخطيط المدينة على يد علي بن أسلم البكري قاضي صفاقس في ذلك الوقت بأمر من الأمير أحمد بن الأغلب، وخططها على شكل مدينة الكوفة العراقية …

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *