المهرجان الدولي لفيلم المرأة “بعيونهن” ، فرصة للتعريف بالأعمال السينمائية للنساء وتثمين عملهن  في مجال السينما والسمعي البصري

شارك اصدقائك الفايسبوكيين

نابل / محمد رضا البقلوطي

تعيش ولاية نابل هذه الأيام حدثا سينمائيا متميزا وهو مهرجان “بعيونهن” الذي تم إطلاقه في سنة 2017 ويعتبر أول مهرجان تونسي يعنى بالنساء المخرجات يحتفي بسينما المرأة بإعتباره فرصة للتعريف بالأعمال السينمائية للنساء وتثمين عملهن خاصة في مجال السينما والسمعي البصري و”الملتيميديا” بشكل عام، كما يعد فرصة لتسليط الضوء على العراقيل التي تعترض المرأة السينمائية المبدعة وقضايا المرأة في المجتمع بشكل عام. ورغم  العديد من العراقيل المالية التي أثرت على دورية إقامة هذا الموعد السينمائي السنوي فإن هيئة التنظيم سعت لإقامته لكي يتجدد ويواصل رسالته ويجمع شمل أحباء السينما
وجاءت هذه الدورة  لكون بمثابة حلقة تواصل بين الماضي والحاضر، بين النضال الفني والالتزام الاجتماعي، مؤكدة على ما يمكن أن تحققه السينما حين تصبح بعيون النساء، في طريقهنّ لإعادة صياغة العالم السينمائي وفق رؤى جديدة، جريئة، ومبدعة.

عرض الإفتتاح مهدى لروح الفنانة الراحلة ريم حمروني:

وقد انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من المهرجان الدولي لفيلم المرأة “بعيونهن”  بدار الثقافة بنابل  مساء  12  أكتوبر الجاري،لتتواصل إلى  يوم 16 من نفس الشهر وكان الإفتتاح بسهرة موسيقية وسينمائية مهداة لروح الفنانة الراحلة ريم حمروني.تم خلالها عرض موسيقي لربيع الزموري وغناء الفنانة لبنى نعمان من خلال  موسيقى فيلم الافتتاح “ثنية عيشة” من إخراج وتأليف سالمى الهبي وإنتاج ماهر المطيري، وهو آخر عمل سينمائي شاركت فيه الممثلة ريم الحمروني
عرض الإفتتاح “ثنية عيشة” هو عمل روائي قصير مدته 26 دقيقة على العديد من الجوائز من ضمنها جائزة أحسن فيلم قصير في مهرجان Open World Toronto film festival الذي انتظم من 28 إلى 30 جوان بكندا، كما تحصلت بطلة العمل إشراق مطر مؤخرا، على جائزة أحسن ممثلة في”Work Film Festival ” بإيطاليا.

تكريم السينمائيات الفلسطينيات عبر فقرة بعنوان “فلسطين من خلال أعينهن”:

برنامج ثري ومتنوع  خلال هذه الدورة  “بعيونهن” من ذلك تكريم السينمائيات الفلسطينيات عبر فقرة بعنوان “فلسطين من خلال أعينهن” والتي تتضمن تكريم المخرجة خديجة حباشنة أبوعلي، إضافة إلى عرض 4 أفلام لمخرجات فلسطينيات. في حين السينما الإسبانية هي ضيفة  المهرجان هذه السنة من خلال قسم مخصص لها بعنوان “نظرات متقاطعة”
وعن تركيبة لجنة التحكيم فقد أشارت رئيسة الهيئة المديرة للمهرجان منال السويسي أنها  تضم كلا من الممثلة وجيهة الجندوبي والمخرجة ندى المازني حفيظ والمنتج مصلح كريم والممثلة إشراق مطر (بطلة فيلم الافتتاح) وكاتب السيناريو المصري محمد عبدالخالق…
ويشارك  في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة 16 فيلما من بينها  4 أفلام تونسية وهي “Brin of Folia” لهزار عباسي (وثائقي مدته 19 دقيقة) و” Sejoumi en Peril” لتيسير نصراوي (وثائقي مدته 9 دقائق) و”فيرجينيا” لهويدة بلعزي (روائي مدته 7.5 دق) وروائي “جوع” لآمنة نجار (12 دقيقة)، ومن مصر يشارك شريط “أحمر” لجميلة وافي (روائي مدته 14.10) و”نبتاوي” لمي وائل (روائي مدته 19) و”إن غاب القط” لماريان حنا (روائي مدته 14.10) و”أخاف ألا أحبك” لسلمى سعد (روائي مدته 11.13) و”كل أسبوعين” لآية الحسيني (روائي مدته 19) و”راعي البقر الأخير” لبسمة شيرين (وثائقي مدته 9 دق)، ومن المغرب يشارك “الأيام الرمادية” لعبير فتحوني (روائي مدته 18 دق) و”أنين صامت” لمريم جبور (روائي مدته 20 دق)، ومن فلسطين يشارك “ذاكرة مهشمة” لحياة لبن (وثائقي)، ومن سلطنة عمان “أوراق جافة” لدليلة علي ناصر الدرعية (روائي مدته 11 دقيقة)، إضافة إلى الفيلم الجزائري “نية” لإيمان عيادي (روائي مدته 16 دقيقة)، والفيلم اللبناني “ملح البحر” لليلى بسمة (روائي مدته 19 دقيقة).

الذكاء الاصطناعي وكتابة السيناريو والإنتاج السينمائي:

وتستقبل فعاليات المهرجان عدة فضاءات منها دار الثقافة بنابل وفضاء جيلان بنابل ودار الثقافة بمنزل تميم …  ويتم تنظيم إقامة فنية لتطوير مشاريع الأفلام القصيرة تشرف عليها سامية عمامي بمشاركة 10 مخرجات من عديد البلدان العربية، إضافة إلى ورشة بعنوان “دقيقة ضوء” تتضمن تدريبا على إخراج الأفلام باستخدام الهاتف الجوال وتشرف عليها إيناس حراثي لفائدة 10 سينمائيين شبان وشابات.إضافة  إلى “حوارات إبداعية” تتمحور حول مهرجانات سينما المرأة وأهميتها في خلق بيئة آمنة تقام بحضور العديد من الضيوف على غرار ممثلي مهرجان أسوان لسينما المرأة، وحوار ثان حول الذكاء الاصطناعي وكتابة السيناريو والإنتاج السينمائي. التوقعات، الدوافع والمخاوف إدارة الجلسة لنورة النفزي، أستاذة جامعية – جامعة تونس قرطاج و المتدخّلون هم :سليم الأرناؤوط: خبير في المؤثرات البصرية وسلوى عبد الخالق: المديرة العامة لمركز تونس للاقتصاد الرقمي وشامة شعبان: كاتبة سيناريو.ويتم بالمناسبة كذلك تنظيم حلقة نقاش حول كتاب “Les Tunisiennes font leur cinéma” لهندة حوالة الذي صدر سنة 2023 عن دار نيرفانا للنشر.مع تقديم “بودكاست” بعنوان “هن والسينما”، من إنتاج الجامعة التونسية لنوادي السينما، يمنح الفرصة للمدعوات والمشاركات للتعبير عن آرائهن بخصوص سينما المرأة.

 الإحتفال  بسينمائيات احتللن الهامش:

ولئن تعددت المسابقات والأنشطة فإن هذه التظاهرة تشكل توجها مهما لدعم جهود المرأة في السينما
إذ كانت النساء دائمًا على هامش صناعة السينما.. تعيش في ظلال التاريخ السينمائي الذي هيمن عليه الرجال ومع ذلك، لا يمكن إنكار الدور الحيوي الذي لعبته النساء في تشكيل هذه الصناعة، برؤاهن الفريدة وأصواتهن الصادقة التي تنبض بالحياة. إنهن الراويات الصامتات خلف الكاميرا، اللواتي قدمن عوالم ذات خصوصية لم تُرَ ولم تُسمَع إلا من خلال عدساتهن.أليس غي-بلاشيه، على سبيل المثال، كانت رائدة في استخدام السرد القصصي في السينما في وقت كانت الأفلام تعتبر مجرد تسجيلات قصيرة لأحداث يومية، أخرجت فيلمها الأول “La Fée aux Choux” (الجنية في الملفوفة) وهو فيلم صامت قصير يُعد من أوائل الأفلام الروائية. ورغم دورها الريادي، عرفت النسيان والإهمال مثلما حدث مع لويز ويبر، إيدالوبينو، مايا ديرين، جيرميندولاك، سافيتري، عطيات الأبنودي، ونبيهة لطفي وغيرهن.
رغم إبداعهن وتميزهن، كانت التحديات هائلة. واجهت النساء في السينما نقص التمويل والإنتاج المحدود وصعوبات التوزيع ما وضعهن في صراع دائم مع نظام يحرمهن من الفرص الكافية للتعبير عن مواهبهن، لكن تلك العقبات لم تكن حاجزًا ونهاية، بل دافعًا لاحتلال الهامش وتحويله إلى مساحة ملهمة مليئة بالتجارب الإنسانية العميقة.
في هذا السياق، استطاعت السينمائيات حفر أسمائهن وسط الصعاب، ليقدمن لنا قصصًا مدهشة تحمل في طياتها جرأة وصدقًا استثنائيًا. لقد تحدين القواعد التي فرضتها الصناعة عليهن، واخترن الطريق الأصعب – طريق الاستقلالية، والتميز، والحفاظ على صوت المرأة السينمائي حرًا.
وبذلك فإن  مهرجان “بعيونهن”، يحتفل بالنساء اللواتي لم يكتفين بالبقاء على الهامش، بل أخذن هذا الهامش وجعلنه ملكًا لهن. وبفضل إصرارهن، أصبحت قصصهن جزءًا لا يتجزأ من النسيج السينمائي العالمي، تقدم لنا رؤى تعكس جوانب من الحياة لم نكن لنفهمها إلا عبر عيونهن السينمائية.
فليكن الإحتفال  بسينمائيات احتللن الهامش، وبأفلامهن التي لا تشبه غيرها، وبقدرتهن الفريدة على تحويل الهامش إلى مركز ينبض بالحياة والتجديد.من أجل أن تحتل هزار وآمنة وليلى ومي وسالمة وحياة وعبير وإيمان وهويدة ومريم وتيسير وجميلة وماريان وسلمى ودليلة وبسمة وآية وكلّ ضيفات المهرجان ومخرجاته الهامش احتلالا جميلا ومبدعا.

Loading

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *