محمد الحشايشي : أديب وشاعر وأحد رواد الصحافة التونسية.
من مواليد هذا اليوم 12 جوان سنة : 1853 – محمد الحشايشي، أديب وشاعر وأحد رواد الصحافة التونسية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
– محمد الحشايشي : ولد في 12 جوان 1853 – توفي في 12 نوفمبر 1912، (59 سنة).
– ولد محمد بن عثمان بن محمّد بن قاسم الحشايشي، بتونس العاصمة. تعلّم أوّلا في الكتّاب حيث حفظ القرآن الكريم؛ ثم انخرط في سلك تلامذة الجامع الأعظم، حيث درس الفقه وأصول الشّريعة، وأحرز على شهادة التّطويع. وشغف الحشايشي بالأدب، فطالع أشعار العرب والمقامات وكتب التّصوّف والفلسفة الاسلاميّة. ولمّا أنهى دراسته بجامع الزّيتونة، تقلّد خطّة حافظ المكتبة الأحمديّة، حيث أشبع نهمه في مطالعة ما تزخر به تلك المكتبة من تآليف ومخطوطات وذخائر الأدب والمعرفة.
– وبعد تخرّجه في جامع الزّيتونة أصبح شاهدا على عصره، يهتمّ بقضاياه ويراقب عن كثب شواغل الصّحافة التي كانت تخطو خطواتها الأولى في فجر الطّباعة بالبلاد التّونسيّة، يطالع ما ينشر في الجرائد والمجلاّت من أخبار ومقالات أدبيّة واجتماعيّة في حدود ما تسمح بنشره سلط الحماية الفرنسيّة آنذاك. وقد حفزته تلك المواكبة إلى الاسهام في تغذية الجرائد والمجلاّت بتحاريره، فنشر في جرائد: “الحقيقة” و”الرّائد التونسي” و”الحاضرة” و”الزّهرة” و”مجلّة السّعادة العظمى” وغيرها، كما نشر بعض القصائد التي نظمها في مناسبات مختلفة، وشذرات من الطّرائف الأدبيّة.
– وعكف الحشايشي على التّأليف، فكتب في التّاريخ، والاجتماع، والأدب، عدّة كتب منها:
1 – جلاء الكرب عن طرابلس الغرب، أو النّفحات المسكيّة في أخبار المملكة الطرابلسيّة، وقد تولّى تحقيقه علي مصطفى المصراتي، نشر دار لبنان، 1965.
2 – الدّرّة النّقيّة في النّوايا الصّادقة للحكومة الفرنسيّة، مطبعة كوني، باريس.
3 – رحلة الشّتاء أو العهد الوثيق في هناء الصّديق، وهي رسالة من صنف المقامة بعث بها إلى أحد أصدقائه بمدينة سوسة بمناسبة زفاف ابنه، طبعت بتونس، 1895.
4 – كتاب معرض باريس، 1900.
5 – تاريخ جامع الزّيتونة، حقّقه الجيلاني ابن الحاج يحيى، نشر المعهد القومي للاثار والفنون، تونس 1974، وأعيد طبعه بمؤسّسات بن عبد اللّه، 1985.
6 – الرّحلة الصّحراويّة عبر أراضي طرابلس وبلاد التّوارق، حقّقها محمّد المرزوقي، الدار التونسيّة للنّشر، 1988.
7 – العادات والتّقاليد التونسيّة، (الهديّة أو الفوائد العلميّة في العادات التونسيّة) تحقيق الجيلاني ابن الحاج يحيى، دار سراس للنشر، ط 1، 1994 وط 2، 1996.
– ومازالت توجد مؤلّفات أخرى مخطوطة للمؤلف لم تنشر، إضافة إلى بعض الرّسائل التي أشار إليها المؤلّف في بعض كتبه.
وتؤكّد هذه القائمة أنّ الحشايشي كان غزير الانتاج، يدأب على الكتابة في الصّحف والمجلاّت، وينكبّ على تأليف المؤلّفات في مختلف الموضوعات والأغراض. وبغضّ النّظر عن الحوافز التي كانت تدفعه إلى وضع تآليف بطلب من كبار مسؤولي الحماية الفرنسيّة مثل الكاتب العام للحكومة برنار روا (Bernard Roy)، لم يحاول الارتزاق من مؤلّفاته، رغم أنّه كان محظوظا بالنّسبة إلى عصره في مجال الطبع والنّشر. فقد بدأ الكتابة على حداثة سنّه، وشاهد إنتاجه مطبوعا ومترجما إلى اللّغة الفرنسيّة، وهو في شرخ الشّباب. وهو ما لم يتيسّر لغيره من الكتّاب التّونسيّين في ذلك العهد، نظرا إلى محدوديّة الامكانات الفنّية للطّباعة في أولى سنوات الحماية، وقلّة من أوتوا القدرة على المطالعة في ذلك الوقت الذي لم ينتشر فيه التّعليم، وظلّ مقصورا على الطّبقات المترفة من السكّان لقلّة المدارس.
– ورغم الحظوة التي كان يتمتّع بها الحشايشي في الأوساط الاستعماريّة التي كانت تهيمن على البلاد، وهي حظوة استحقّها بثقافته الواسعة، وحذقه للّغة الفرنسيّة، فقد عاش في ضائقة ماليّة يعاني من متطلّبات الحياة الضّروريّة، ويواجه متاعب أسرة وافرة العدد، كان مطالبا بإعالتها، وتوفير لقمة العيش لها… والمتأمّل في ظروف الحشايشي العائليّة والمهنيّة، يستطيع تصوّر الحياة التي كان يعيشها وقتئذ بدخل ضئيل تأتّى له ممّا كان يتقاضاه من مختلف الوظائف الصّغيرة التي تولاّها.
فأوّل خطّة شغلها الحشايشي هي الاشهاد (العدالة)، ولم يصل إليها كما ذكر إلاّ عند انتصاب جمعيّة الأوقاف سنة 1874. قال: “وقد اصطفاني رئيسها العلاّمة الشيخ سيّدي محمّد بيرم الخامس كاتبا محرّرا لمقالاته السّياسيّة والعلميّة، ولمّا رأى منّي الحزم والنّصيحة واللّياقة، سعى لصدور أمر عليّ بصفة كوني شاهد عدل أوقاف الأبراج والقشل (الثكنات) بالحاضرة، مع ما لي إذ ذاك من أمر الشّهادة العامّة، وأمر بشهادة المدارس الباشيّة….”. ولم يكن دخل هذه الوظيفة ليمكّن الحشايشي من مجابهة الانفاق على عائلته، فعمل كاتب سرّ للوزير مصطفى بن إسماعيل، فكافأه بإصدار أمر بشهادة القيس.
– وتاق إلى الاشتغال بما هو أهمّ، فقدّم طلبا للتّدريس بالمدرسة العلويّة فور تأسيسها، (مدرسة ترشيح المعلّمين) إلاّ أنّ مطلبه رفض، فآلمته الخيبة ومحاباة من هو دونه مكانة بالمنصب، فنزع إلى الانكباب على التّأليف والكتابة، وتسلّى عن فشله بالرّحلة إلى فرنسا، ثم إلى طرابلس الغرب.
– قضى الشّيخ محمّد الحشايشي الأديب والرّحّالة والعالم الاجتماعي حياته بين الكتابة والتّأليف والمطالعة، إلى أن توفيّ في 12 نوفمبر 1912 عن عمر يقارب ستّين سنة.
# أسامة الراعي #
متحصل على :
شهادة الأستاذية في التاريخ.